دخل وزير المالية يئير لبيد أمس الى جلسة كتلة ‘يوجد مستقبل’ في الكنيست بوجه متكدر، والى جانبه جلس الوزير يعقوب بيري (الذي شق له لبيد الطريق ولم يبدأ الى أن وصل) والنائب عوفر شيلح، رئيس الكتلة. واجتاز الثلاثة مغامرة غير سهلة، في الليلة التي بين الاحد والاثنين، حيث اداروا محادثة مؤتمر ليلية عن القانون للمساواة في العبء، في أعقاب المصاعب التي وضعها وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون من الليكود. وفي اعقاب الحديث قرر الثلاثة حل جلسة اللجنة والتوجه نحو أزمة ائتلافية. وتوجه لبيد الى الميكروفونات، وعلى الفور تبين ان هناك سببا للجدية الزائدة التي ألمت به، فقد هدد بحل حكومة نتنياهو اذا لم يجاز القانون بصيغته المتشددة، التي وضعها رئيس اللجنة بيري. كما كانت له رسالة تذمر تجاه نتنياهو ورفاقه في الحكومة، إذ قال: ‘لم آتِ الى هنا فقط كي أحل الكارثة الاقتصادية التي خلفتها الحكومة السابقة’. في الليكود وفي الكتل الاخرى ادعوا بان لبيد يقوم بجولته اليومية، هذه المرة على نتنياهو، وهكذا فانه يتملص ايضا من الهجمات التي لا تتوقف عليه في اعقاب الاجراءات المتشددة في الميزانية. ومرت الرسالة بسرعة، حيث امتص رئيس الوزراء التهديد وثنّى في الطريق وزير دفاعه يعلون. على المستوى الموضوعي كان هذا سهلا عليه. فموقف يعلون، كما تبين امس، فاجأ مرتين: لم يكن قابلا للتطبيق وكان يتعارض حتى مع رأي الجيش. لماذا غير قابل للتطبيق؟ يعلون طلب الاكتفاء بعقوبات اقتصادية تفرضها الدولة على الاصوليين الذين لا يذهبون الى الجيش. السؤال هو بالطبع ما هي العقوبات الاقتصادية؟ ولماذا ينبغي فرضها على الاصوليين وليس على العلمانيين، الذين هم ايضا مستعدون للتخلي عن دفع الارنونا كي يتحرروا من الخدمة العسكرية؟ ‘لا يوجد فداء للحياة بالمال’، قالت في اللجنة في احدى الفرص، ممثلة النيابة العامة العسكرية، المقدم عنبال دي باز. ‘اقتراحك لا يصمد’، قال ليعلون الوزير بيري، قبل أن يذهب الى رفع هاتف ليلي للبيد وشيلح. ثانيا، طلب يعلون ان يكون . ان يقرر وزير الدفاع أهداف التجنيد، وان يقرر عدد المتجندين، كمية تلاميذ المدرسة الدينية الذين يتبقون للتعلم في المدارس وما شابه. واعتقدوا في اللجنة أنه يحاول تفريغ القانون المقترح من كل مضمون وأخذ كل التفكر لنفسه. وفي جلسة كتلة الليكود ايضا طُلب اليه الشرح، فقال انه يسعى الى تطبيق القانون بشكل تدريجي ومعقول. ولم يكن يعلون مقنعا. فالعقوبات الجنائية على الاصوليين الذين لا يتجندون، انطلقت على الدرب. هكذا متبع منذ قيام الدولة تجاه الشباب العلمانيين ايضا. وتبين أمس مرة اخرى ان نتنياهو هو رئيس وزراء أسير في ايدي وزير المالية لبيد. قد يكون نتنياهو يؤيد قانون المساواة في العبء من كل قلبه؛ ولعله وجد الفرصة لعمل ما منعته منه التشكيلات الائتلافية في الماضي؛ وربما يعتقد حقا انه حان الوقت لدمج مئات الاف الاصوليين في دائرة الاقتصاد الانتاجي للدولة. الاسباب لا تهم، ليس لنتنياهو مفر، فهو لا يمكنه أن يحل الحكومة اليوم، فيدخل اليها الاصوليون ويلغي فكرة المساواة في العبء بعد كل ما مررنا به. فهكذا سيحكم على نفسه بالضياع السياسي. والمفاجئ جدا هو الصمت النسبي للسياسيين الاصوليين، فأمس لم ينطقوا بكلمة، فهم لم يرغبوا على ما يبدو في أن يضيفوا نقاطا لصراعهم ضد لبيد، بيري ورفاقهما في ‘يوجد مستقبل’ ليطووا في النسيان موضوع الاجراءات المتشددة. الحرب الاهلية بهذا الشكل او غيره لا بد ستندلع عندنا، والمقدمة حصلنا علينا في مظاهرة عشرات الالاف قبل اسبوعين في القدس. في هذه الاثناء يبقي الاصوليون بعناية على الهدوء قبل العاصفة. يمكن ان نسمي هذا تأهبا، تسلحا واجتماعا ارشاديا قبل المعركة.