ليس مفاجئاً أن يعرض رئيس حكومة إسرائيل نفتالي بينيت على وليّ عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، ما سماه «المساعدة الأمنية والمخابراتية» وطلب منه توصيل تعازيه إلى عائلات الضحايا، وذلك بعد ما سماه «الهجوم الإرهابي» الذي تعرّض له مطار أبوظبي الدولي، وأسفر عن مقتل ثلاثة مواطنين وإحراق صهاريج للوقود.
لا شك في أن أي عمل عسكري ضد المدنيين، هو عمل إرهابي من أي طرف كان، والبادِئُ أظلم، وكان حرياً بالأطراف المتصارعة في اليمن، سواء حلف السعودية أو حلف إيران، أن يستثنوا المدنيين ومنشآتهم من هجماتهم على الأقل.
في رسالته التي أرسلها يوم الثلاثاء، أول من أمس، أكد نفتالي بينيت لمحمد بن زايد أن «إسرائيل ملتزمة بالعمل إلى جانبكم، في مواجهة المتطرفين في الشرق الأوسط، ونعمل على الوقوف إلى جانبكم في مواجهة أعدائنا المشتركين»! الدّعم الإسرائيلي في مجالات شتى لأنظمة عربية متعدِّدة ليس جديداً، سواء كان مباشرة أو غير مباشرة، فالخدمات متبادلة، أعطِ وخُذّ.
نفتالي بينيت يريدُ تثبيت وتعميق ما يسمى الحلف العربي الإسرائيلي، واتفاقات إبراهيم في مواجهة ملف إيران النووي، وهو الأهم والأكثر إلحاحاً في هذه المرحلة من الصراع في المنطقة. كذلك يريد أن يظهر للمطبّعين، أن إسرائيل دولة تهتم بأصدقائها، وأن التطبيع سيعود عليهم بالحماية، وكذلك إظهار تعاطفه مع أسر الضحايا، كي يكسب وُدّ الناس في الشارع الإماراتي إلى جانب حكومتهم.
يتعزز التحالف الصهيوني – العربي في الوقت الذي يعلن فيه نفتالي بينيت رفضه لأي إمكانية لقيام دولة فلسطينية بين النهر والبحر، في أية صيغة كانت
الحؤول دون توجّه الإمارات إلى طلب مساعدة من جهات أخرى قد لا تروق لإسرائيل، كذلك فإن التصعيد في حرب اليمن هو المفضّل، وعرقلة أي مسعى لوقف هذه الحرب الإجرامية، التي فُرضت على شعب اليمن وتستنزفه وتستنزف موارد عربية هائلة في القتل والتدمير، فشعوب إيران والسعودية والإمارات واليمن أولى بهذه الأموال، التي تهرق للدّمار، هذه الحرب تُذكِّر بالحرب العراقية الإيرانية، التي استنزفت موارد الشعبين لعدة سنوات من 1980-1988، وحظي الطرفان في حينه بدعم أطراف دولية كثيرة كان هدفها بيع السلاح وتجريبه ومنها إسرائيل، واستنزاف موارد الشّعبين، وما قاله مناحيم بيغن رئيس حكومة الاحتلال في حينه، عن تلك الحرب ينطبق على حالة اليمن «أغيار يقتلون أغياراً نتمنى النجاح لكليهما». ما يصفه نفتالي بينيت بالتّطرف والإرهاب، لن يتوقف عند مواجهة هجمات الحوثيين، ولا عند الموقف من النووي الإيراني، فكلمة التطرّف والإرهاب تشمل في الأساس كل شكل من أشكال المقاومة في فلسطين، حتى المقاومة السِّلمية منها، والمئات من شهداء المسيرات السّلمية يشهدون على ذلك، وكان الشهيدان الشيخ سليمان الهذولي ابن الـ63 عاماً، والمُسن عمر عبد المجيد أسعد ابن الـ78 عاماً، الفلسطيني الذي يحمل الجنسية الأمريكية، آخرهم.
يتعزز التحالف الصهيوني – العربي في الوقت الذي يعلن فيه نفتالي بينيت رفضه لأي إمكانية لقيام دولة فلسطينية بين النهر والبحر، في أية صيغة كانت، ويرفض حتى اللقاء مع أبو مازن، ويعلن عن مضاعفة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس والجولان السوري المحتل، وعملياً فهو يريد من هذا الحلف مع الدول المطبّعة أن يواجه إيران وأن يشكل غطاءً عربياً لدفن ملف القضية الفلسطينية نهائياً تحت عباءة محاربة التطرف والإرهاب، في الوقت الذي يمارس فيه الاحتلال أقذر أنواع الإرهاب وأبشع صوره تحت نظر وسمع العالم، إضافة إلى هذا، يريد نفتالي بينيت أن يُظهر أمام الجمهور الإسرائيلي، بأنه لا يقل مساهمة وحذاقة في عمليات التّطبيع وتعميقها من سلفه بنيامين نتنياهو. الحلف الإسرائيلي العربي يُظهر مدى الارتباط الأمني للدول المطبّعة بدولة الاحتلال، ولن تستطيع هذه الدول أن تمارس سوى الصَّمت أمام جرائم الاحتلال أو إطلاق تصريحات مثل مطالبة جميع الأطراف التّحليَ بالصبر ونبذ التطرّف والعنف والسّعي إلى السّلام.
من جهة أخرى فإن العلاقة بين الجزائر وإيران طيّبة، وهذا لا يعجب كثيرين على رأسهم إسرائيل، كذلك فللجزائر حكومةً وشعباً موقف مميّزٌ من قضية فلسطين وطبعاً هذا لا يعجب إسرائيل. قبل أيام أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون رفضه الحصول على قروض خارجية، كي لا تؤثر الجهات المانحة في قرار الجزائر السِّياسي، كذلك وفي منافسة للدور المصري، وبدعوة من الرئيس تبّون، وصلت وفود من الفصائل الفلسطينية لبحث إمكانية المصالحة، وهذا مستبعدٌ جداً، إلا أن هذا يعني أن الجزائر تطمح إلى استئناف دورها الإقليمي الذي تراجع كثيراً في العقود الثلاثة الأخيرة، وتسعى إلى إقامة تحالفات إقليمية في مواجهة الحلف العربي – الصهيوني الذي يتبلور ويتعمّق يوماً بعد يوم في تقاطع مصالح متعدِّد الرؤوس، وله أثره في دول المنطقة ومصالحها، فهل ستنجح الجزائر في التأسيس لمحور يعيد إلى الإقليم شيئا من التوازن، بين مختلف القوى المتصارعة ومصالحها وتحالفاتها المختلفة المعلنة والسرِّية؟
كاتب فلسطيني
كلمة السر لاانشاء تحالف عربي صهيوني , هي في تذويب الانظمة الرجعية العربية اقتصاديا واستراتيجيا , باستثناء بعض الدول العربية الافريقية كتونس والجزائر .فهل تعي او لا تعي ذلك قوى النخبة العربية المثقفة
مقاله رائعه تدل على أن إقليم الشرق الأوسط، وفى القلب منه النظام العربى وخاصة جزئه الخليجى، دون غيره من الأقاليم فى العالم، تجرى عسكرته على حساب تفاعلاته التنمويه والتكامليه، وتجرى عولمته على حساب تحويله إلى كتلة أو جماعة اقتصادية ـ سياسة قادرة على التفاعل الإيجابى مع المجتمع الدولى من المنطلق ذاته الذى أخذ يتعامل به النظام العالمى أى منطلق الأقاليم أو النظم الإقليمية.
ابتداءا من هذا التشخيص يجدر التساؤل عن تأثير هاتين الخاصيتين على الأمن القومى العربى وعلى أنماط التفاعل بين دول الإقليم وبالذات علاقات العرب بإيران، وهل توجد تحالفات إقليمية داخل إقليم الشرق الأوسط تقتصر على الدول أعضائه، أم أن تأثير هاتين الخاصيتين أضحى فاعلاً، وباتت تحالفات الإقليم هى الأخرى تحالفات متجهة نحو الخارج.
ربما تكشف حالة النظام العربى، باعتباره نظاماً فرعياً من النظام الإقليمى للشرق الأوسط، إن التحالف مع خارج النظام هو الأكثر رواجاً. فالنظام العربى جرى تفكيكه فعلياً منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل، حيث تراجعت مكانة القضية الفلسطينية كقضية مركزية لهذا النظام.( يتبع)
( تكمله ثانيه ) فهذه القضية لم تكن، كما يتصور البعض، مجرد قضية ذات أولوية طاغية على غيرها من القضايا العربية الأخرى الأولى بالاهتمام مثل قضايا التطور الديمقراطى والتقدم الاقتصادى والاندماج السياسى، بل كانت أيضاً “قضية جمعية” أى قضية قادرة، دون غيرها، على تجميع أشتات العرب فى أداء وعمل استراتيجى موحد، وعندما تراجعت مكانة هذه القضية انفرط العقد العربى تماماً، وجاءت حرب الخليج الثانية وتداعياتها، وخاصة التوجه نحو تطبيع العلاقات العربية ـ الإسرائيلية، والاختراق الأمريكى القوى للنظام العربى ليكمل انفراط هذا العقد الذى أضحى مبعثراً مع غزو العراق واحتلاله، ومن بعده الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف 2006 والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (ديسمبر 2008 ويناير 2009).
أن إسرائيل تحاول ترويج معادلة «المال الخليجي والتكنولوجيا والخبرة والإدارة الإسرائيلية»، لكن هذه المعادلة في جوهرها هي صورة للهيمنة التي تسعى إلى إبقاء البلاد العربية معتمدة على إنتاج المواد الخام وتصديرها فقط، وخاصة البترول، بينما تحتكر إسرائيل التكنولوجيا من خلال علاقتها العضوية بالولايات المتحدة، إلى جانب تفوقها في الصناعات العسكرية، التي ستعود عليها ( يتبع)
( تكمله ثالثه ) من جراء هذا التطبيع بفائدة اقتصادية كبيرة في حال شراء الإمارات والبحرين للأسلحة منها.
وسياسيًا، تطمح إسرائيل لبناء نظام شرق أوسطي جديد يستبدل عداء شعوب المنطقة لإسرائيل باعتبارها كيانًا عدوانيًا توسعيًا، من خلال افتعال عدو جديد هو إيران، وبالتالي بناء تحالف عربي إسرائيلي في مواجهة إيران، ليصل الأمر بإسرائيل إلى أنها لن تكتفي بكونها جزءًا طبيعيًا ومقبولًا في المنطقة، بل طرفًا رئيسيًا وقياديًا وضروريًا تعتمد عليه باقي الدول لتأمين أمنها واستقرارها».
إن المستهدف إسرائيلياً هو الجزائر، التي يُعتبر موقفها رافضاً لكل ما هو إسرائيلي، والتي تمثل أحد أهم التحديات التي تواجه المخططات الإسرائيلية في القارة الأفريقية بشكل عام، وشمال أفريقيا بشكل خاص، فما تملكه الجزائر من مقدّرات وإمكانات ودبلوماسية نشطة، إضافة إلى موقفها الأصيل من القضية الفلسطينية الذي خطّ أساساته الرئيس الجزائري الأسبق هواري بو مدين بمقولته: “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، يؤهّل الجزائر لقيادة محور المقاومة ضد المخططات الصهيونية في أفريقيا، وخاصة مع علاقاتها القوية مع كل من روسيا والصين.( يتبع)
( تكمله اخيره ) ولكن مسألة التطبيع تعتبر “فاحشة” وكبيرة من الكبائر في الجزائر على المستويين الرسمي والشعبي.
– موقف الجزائر (الرافض لتطبيع) كان منفردا بين الدول العربية، أما على المستوى الشعبي، فلا تجد جزائريا يفكر في قيام السلطة (الجزائرية) بخطوة نحو التطبيع ….لذلك نأمل كاتبنا ان تنجح الجزائر في التأسيس لمحور يعيد إلى الإقليم شيئا من التوازن.
ابدعت كاتبنا دام يراع قلمك نابضا بكل جميل.
كالعادة تحليلاتك منطقية و واقعية لا غبار عليها .