المستوطنون يسعون للسيطرة الكاملة على الحرم الإبراهيمي بهدف تحويله إلى كنيس

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

الخليل ـ «القدس العربي»: مع صلاة الجمعة غدا تكون أعمال التجريف والحفر التي تقوم بها جرافات قوات جيش الاحتلال في ساحات المسجد الإبراهيمي، في مدينة الخليل، بهدف تركيب مصعد كهربائي وإنشاء ممر/ طريق سياحي يوصل المستوطنين للمسجد قد أكملت عشرة أيام متواصلة دون أن تكون هناك جهود مقاومة شعبية لها.
وبرأي مراقبين ومتابعين فإن الجهود الشعبية التي تقاوم محاولات تهويد المسجد وتغيير معالمه ما زالت محصورة ومحدودة في يوم الجمعة الماضي، حيث شهدت المدينة إغلاقا لستة مساجد وتوجه المصلون للصلاة في المسجد الإبراهيمي. وهو ما يطرح سؤال ما الذي يعيق جهود الحد الأدنى من المقاومة متمثلة بالمقاومة الشعبية السلمية؟

سحب الصلاحيات الإدارية

ويتعمق هذا السؤال في ظل عدم ملائمة التحركات الشعبية والاحتجاجية مع رؤية المسؤولين لطبيعة هذا الاعتداء.
وحسب عماد حمدان، مدير عام لجنة إعمار الخليل، فإن المستوطنين يسعون للسيطرة الكاملة على الحرم بكامل أقسامه وأروقته وساحاته، ليتسنى لهم تنفيذ مخططاتهم التهويدية في تحويله لكنيس يهودي.
وكان المستوطنون قد حصلوا مؤخرًا على موافقة ودعم حكومة الاحتلال لإقامة المصعد متذرعين بأنه لخدمة العجزة وكبار السن.
ويضيف حمدان في تصريحات صحافية «هم يخططون لإنشاء مسالك تربط بين المصعد ومواقف السيارات داخل ساحة الحرم الجنوبية، وذلك عقب مصادرة الأرض وسحب الصلاحيات الإدارية والقانونية من بلدية الخليل ومديرية الأوقاف الإسلامية».
مهند الجعبري، عضو إقليم حركة فتح وسط الخليل والبلدة القديمة، قال في تصريح لـ «القدس العربي» إن جهود المقاومة الشعبية حاليا تستهدف بالدرجة الأولى تعزيز التواجد في المسجد بكل الأوقات وتحديدا أيام الجمع، وهو أمر تعمل على تحقيقه كل المؤسسات الرسمية والأهلية. وأضاف: «تكثيف التواجد يهدف لإحياء المسجد والمنطقة المحيطة به».
وأوضح أن الهدف الثاني يتمثل في تعزيز العمل الشعبي المتواصل لتثبيت عدد السكان في البلدة القديمة ومحيط المسجد، فهناك 61 عائلة تسكن في المنازل المحيطة، ولا نريد العدد أن يقل بل نريد العكس ونعمل على ذلك.
ويقول: «ما نريد تحقيقه هو ملء المنازل الفارغة، وهي كثيرة في مناطق مثل: منطقة السهلة، وشارع الشهداء، أما في البلدة القديمة ومنطقة السلايمة ومنطقة جابر وتل الرميدة فهي جيدة من حيث عدد العائلات.
أما عن صعوبات المقاومة في منطقة المسجد فيؤكد الجعبري أن الكاميرات الموجودة على البوابات في محيط المسجد دقيقة وعالية الجودة وتكشف هوية الشخص قبل أن يصل البوابة الالكترونية، وهو ما يجعل البلدة القديمة في الخليل تختلف عن غيرها من المناطق في عموم الضفة الغربية من ناحية حجم وكيفية السيطرة الإسرائيلية عليها، وهو ما يعيق خروج مظاهر اشتباك دائمة في المنطقة.
ولا يدعم جهود المقاومة التي يصفها «بالاستعراضية» معتبرا أن الفعل المقاوم الحقيقي هو في جعل الناس يحمون المنطقة عبر السكن فيها.
ويختم قائلا إن العمل الشعبي على مداخل البلدة القديمة ما زال محدودا للغاية، لكن الفعاليات آتية وستكون ضاغطة على الاحتلال، ليس من خلال الرباط فقط، على أهميته، بل من خلال تحويل محيط الحرم إلى ساحة اشتباك دائم مع العدو سواء في شارع الشهداء أو مداخل البلدة القديمة.

حصلوا على دعم حكومة الاحتلال لتركيب مصعد بذريعة خدمة كبار السن

يذكر أنه نشطت في السنوات الماضية لجنة حماية الحرم الإبراهيمي في تكريس تقاليد من أجل حماية الحرم مثل: صلاة الفجر في كل جمعة، وانطلاق الأعراس من داخل الحرم بعد صلاة الفجر لكنها توقفت بفعل جائحة كورونا. كما تنشط في الخليل كل من لجنة إعمار البلدة القديمة ومديرية الأوقاف اللتين تديران جهودا كبيرة في الترميم والإعمار وتسكين المواطنين في البيوت المهجورة. بالإضافة إلى الحملة الوطنية لرفع الإغلاق عن البلدة القديمة في الخليل التي تتكون من كل القوى الوطنية والإسلامية.
وقال عيسى عمرو، من مجموعة شباب ضد الاستيطان التي تنشط في مدينة الخليل إن الجهود المرتبطة بالمقاومة الشعبية غائبة ومسيطر عليها، وهناك تقصير من الأحزاب والفصائل الفلسطينية وتحديدا فصائل منظمة التحرير التي تحصل على مخصصات مالية من أجل الدفاع عن الشعب الفلسطيني. وأكد أن العمل المقاوم في طبيعته تطوعي وشعبي، والحقيقة أن المؤسسة الرسمية في الخليل لا تريد تفعيل المقاومة الشعبية، ويحق لنا أن نسأل: أين هو جهدها وماذا تفعل حتى اللحظة ليس منذ 10 أيام بل منذ عام 2010 ومنذ ما قبل هذا التاريخ أي عام 1994.
وكانت سلطات الاحتلال عام 2010 قد ضمت المسجد الإبراهيمي لقائمة التراث اليهودي، وشملت موقع المسجد في الخطة الوطنية لحماية وإعادة تأهيل مواقع التراث اليهودي.
وأكد عمرو في تصريح لـ «القدس العربي» أنهم كمبادرة شبابية تمنع من القيام بأي نشاط ميداني، وتحارَب من جهات رسمية وأجهزة أمنية التي تعتبر صاحبة اليد الطويلة هناك.
وتابع : «من يحتكر المقاومة الشعبية يمنع كل شخص من خارج دائرته، يريدون أن يبقوا بالصورة ولا يسمح بدخول فاعلين جدد، لكنهم في الجوهر لا يفعلون شيئا ولا يقومون بمتطلبات الموقف الجديد».
ويرى عمرو أن الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية تمنع إجراء حالة نضالية كبيرة، فيما تقف الأجهزة الأمنية كخط دفاع أول عن المستوطنين بحيث لا تريد أي محاولة استفزاز لهم.
وضرب مثالا بمجموعة «شباب ضد الاستيطان» التي تعتبر مجموعة من المتطوعين المستقلين «التي لا تتلقى أموالا من أحد ولا نحمل أسلحة ومع ذلك تجري مقاطعتنا من الجهات الرسمية والفصائلية وذلك منذ عام 2019 حيث تتم ملاحقة النشطاء الذين ينتمون لمجموعتنا. هذا سلوك جهات لا تريد أن تكون حالة وطنية فلسطينية».
وختم عمرو من دون وحدة وطنية، وإفساح المجال قولا وفعلا للعمل الشعبي بكل فئاته ومجالاته وفصائله لن يتم تفعيل العمل السياسي ولن يتم إنجاز حالة من مقاومة الاحتلال واعتداءات مستوطنيه.
وكانت مديرية أوقاف الخليل قالت في بيان صحافي إن الاحتلال يشدد من إجراءاته على البوابات المؤدية إلى الحرم، ويمنع عمال الإعمار والإطفاء من العمل.
وقبل أيام منعت سلطات الاحتلال عمال لجنة إعمار الخليل من استئناف عملهم داخل أروقة الإبراهيمي، وتم إجبارهم على مغادرته فورًا، والتوقف عن العمل داخله. كما تم منعم من الدخول عبر الحاجز العسكري المقام على مدخل الحرم، وفوجئوا بوجود قائمة بأسمائهم يُحظر عليهم بموجبها دخول الحرم.
واعتبر مدير عام لجنة إعمار الخليل عماد حمدان أن إجراءات الاحتلال تهدف لعرقلة الأعمال التي تنفذها اللجنة وتحجيمها وشل مسؤوليات المؤسسات الفلسطينية الإدارية على الحرم، تزامنًا مع المشروع التهويدي الجديد.

جهود قليلة

وتقتصر الجهود الرسمية على رصد الاعتداءات الاحتلالية وتوثيقها، ومناشدة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» للتدخل السريع لمنع الإجراءات الإسرائيلية أمام جهود الحفاظ على الموروث الثقافي الفلسطيني، وذلك بعد إدراج الحرم الإبراهيمي على لائحة التراث العالمي من قبل اليونسكو عام 2017.
واعتبر مدير الحرم الإبراهيمي، رئيس سدنته حفظي أبو سنينة، الحرم الإبراهيمي خطا أحمر، ومكانا تاريخيا يجب أن لا تتغير معالمه.
وتابع: «اعتداءات مستمرة على حرية العبادة ومنع الأذان في يوم الجمعة والسبت بشكل نهائي لعدم ازعاج المستوطنين، هؤلاء الذين يستبيحون المسجد ويعيثون فيه فسادا».
وأكد أبو سنينة: «على صعيد المحاكم الإسرائيلية سنستمر في الحراك القانوني، ونأمل في حراك سياسي محلي وعربي».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية