على غرار التوصيفات التي كانت قائمة قبل نيسان 2003، مثل المشكلة الشيعية والمشكلة الكردية، يشكل الاعتراف بمشكلة سنية في العراق بعد ذلك التاريخ، مدخلا ضروريا لمناقشة المسألة العراقية.
تنكر بعض أطراف الطبقة السنية هذه المشكلة أو تسكت عنها خشية التصنيف أو الإقصاء، أو ربما لعدم إدراكهم لها لضحالة وعيهم السياسي، أو لأن الاعتراف بها والتعاطي معها يمثل عقبة حقيقية أمام طموحاتهم الشخصية واستثماراتهم في المال العام، فقد أثبتت المعادلة التي حكمت الطبقة السياسية السنية منذ العام 2010، وتكرست بعد العام 2014، أنه كلما ازداد الانكار لهذه المشكلة، ارتفعت أسهم هذا الاستثمار بشكل منهجي، بسبب سياسة التدجين مقابل الفساد التي اعتمدها الفاعل السياسي الشيعي المحتكر للسلطة في العراق!
وقد أشرنا مرارا وتكرارا إلى أن الخيارات المتطرفة والعنيفة في المجتمع السني بعد العام 2003 ،هي نتاج حتمي لهذه المشكلة، بمعزل عن الحجج التي تُستخدم في هذا السياق، وبمعزل عن تمظهرات هذا التطرف والعنف. فالمجتمع السني في العراق لم يعرف الظاهرة السلفية إلا في حدود ضيقة جدا، وكانت حركة فردية لم تنتج حركة أو تيارا فكريا، إن كان دخول الفكر السلفي إلى العراق مبكرا (يعد الشيخ محمود شكري الآلوسي المتوفى سنة 1924 من أوائل من تبنى السلفية في العراق)؛ فالعراق لم يعرف السلفية الجهادية إلا في مرحلة متأخرة من ظهورها وانتشارها، وبقيت حالات فردية محدودة العدد والتأثير، وصولا إلى العام 2001 عندما أُعلن تنظيمُ «جند الإسلام» في كردستان العراق، والذي تحول اسمه إلى «أنصار الإسلام» بعد ذلك بأشهر (من المفارقات هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية في سياق تنفيذ قانون تحرير العراق الذي أقره الكونغرس في العام 1998 قد مولت «الحركة الإسلامية في كردستان» التي كان الملا كريكار زعيما لها وهو أحد مؤسسي أنصار الإسلام وأحد قيادييها قبل أن ينشق عنها في العام 2001!).
ومن ثم لم يكن انتشار الجماعات السلفية في العراق بعد العام 2003، سوى نتيجة مباشرة للمشكلة السنية في العراق، والتي نبهنا إليها مرارا وتحدثنا في هذا السياق، عن ضرورة التمييز بين الجماعات السلفية الجهادية بوصفها منظمات آيديولوجية، وبين ظاهرتي القاعدة وداعش، بوصفهما ظاهرة اجتماعية ـ سياسية نتيجة الصراع الذي حكم العراق بعد الاحتلال، وأن الغالبية العظمى ممن التحقوا بهذه التنظيمات لم يكونوا مؤدلجين بشكل حقيقي، ولكنهم أرادوا استخدام هذه التنظيمات كأداة في هذا الصراع.
وقلنا أيضا إن درس داعش لم يتعلمه أحد في العراق، بدليل أن كل المقدمات التي انتجت ظاهرة داعش في العام 2013 ـ 2014 ما زالت قائمة، بل أضيفت إليها عوامل أخرى في سياق «وهم القوة» الذي تشمل بعد طرد داعش من المدن التي سيطر عليها!
المجتمع السني في العراق لم يعرف الظاهرة السلفية إلا في حدود ضيقة جدا، وكانت حركة فردية لم تنتج حركة أو تيارا فكريا
بموازاة ذلك كان ثمة عمل منهجي لانتاج طبقة سياسية سنية غير معنية بطبيعة المشكلة القائمة، وتدجين ما تبقى من الطبقة التي تشكلت بين عامي 2003 و 2010. من خلال استخدام القانون من جهة (عبر استهداف أبرز ممثلي هذه الطبقة بداية من حارث الضاري (2007) وعدنان الدليمي (2010) مرورا بطارق الهاشمي (2011) ورافع العيساوي (2012) وليس انتهاء بأحمد العلواني (2013)) واستخدام السلطة والمال من جهة أخرى ليس لانتاجهم فقط، وانما لتمكينهم من استخدامهما لاحقا لضمان بقائهم!
في هذا السياق شهدنا تحولا كبيرا في النظر إلى موقع رئيس مجلس النواب، الذي يشغله عادة أحد النواب السنة الفائزين في الانتخابات؛ ففي أول انتخابات للجمعية الوطنية الانتقالية في كانون الثاني/ يناير 2005
تم انتخاب حاجم الحسني رئيسا للمجلس بسلاسة ودون منافس حتى داخل الحزب الإسلامي نفسه الذي ينتمي إليه الرجل. وبعد انتخابات أول مجلس للنواب بعد إقرار الدستور في كانون الأول من العام نفسه، اتفق تحالف التوافق السني بأن يكون طارق الهاشمي رئيسا لمجلس النواب، في مقابل أن يكون عدنان الدليمي عضوا في مجلس الرئاسة، لكن الأول كان أكثر حرصا على أن يكون عضوا في مجلس الرئاسة من أن يكون رئيسا لمجلس النواب، وهكذا ذهب المنصب بكل سلاسة إلى محمود المشهداني الذي استقال في نهاية العام 2008 مكرها، ليذهب بالسلاسة نفسها إلى إياد السامرائي بعد ان انقلب الحزب الإسلامي على حلفائه في جبهة التوافق، واحتكر المناصب السنية كلها!
في العام 2010 حصل السيد أسامة النجيفي على المنصب دون منافس أيضا، حين كان ضمن القائمة العراقية.
لكن الأمر تغير مع بداية من انتخابات عام 2014، فقد نجحت السياسة التي اعتمدها الفاعلون السياسيون الشيعة (ثلاثية القانون والسلطة والمال) في تحكم الفاعل السياسي الشيعي بتسمية رئيس مجلس النواب، وتفريغ فكرة الشراكة الحقيقية في السلطة، التي لا بديل عنها في دولة تعددية مثل العراق، من أي محتوى، ومن ثم تحويل منصب رئيس مجلس النواب الى مجرد أداة للمصالح الشخصية والاستثمار المالي! وكانت لحظة إقالة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري في نيسان 2016 اللحظة الأكثر رمزية في هذا السياق، صحيح أن المحكمة الاتحادية أفتت بعدم قانونية هذه الإقالة، إلا أن هذه اللحظة كانت كافية لإنهاء أي دور سياسي حقيقي لرئيس مجلس النواب خارج «اشتراطات» الفاعل السياسي الشيعي» الأقوى! هكذا وجدنا رئيس مجلس النواب السني الذي كتب مقالة في صحيفة النيويورك تايمز بعنوان: «ابقوا الميليشيات بعيدا عن الموصل في آذار 2016، ويصفها بأنها: ميليشيات طائفية قامت بأعمال قتل انتقامية وتطهير عرقي، يعود هو نفسه ليشرعن هذه الميليشيات عبر اذعانه لتمرير قانون هيئة الحشد الشعبي في نوفمبر من العام نفسه في مقابل المنصب!
عام 2018 تكرس مشهد 2016 أكثر حين تحول قرار تسمية رئيس مجلس النواب إلى قرار يحتكره الفاعل السياسي الشيعي بامتياز، وهو ما يفرض على أي طامح بهذا المنصب وما يوفره من قدرة كبيرة على الاستثمار المالي الشخصي، أن يتخلى عن أي «نزوة» في تمثيل حقيقي لمصالح جمهوره، أو محاولة إيجاد حلول حقيقية للمشكلة السنية في العراق، فهو مضطر لانكارها من الأصل في سبيل الوصول الى هذا المنصب لاسيما في ظل قانون يسمح لثلث أعضاء مجلس النواب بتقديم طلب مسبب بإقالة رئيس مجلس النواب، وبالتالي إمكانية إقالته بالأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء، الامر الذي سيجعل أي رئيس مجلس نواب مقبل، حريصا على البقاء «مطيعا» لضمان استمرار استثماراته!
كاتب عراقي
العراق ليس دوله تعدديه باي شكل بل دوله عصابات طائفيه تتبع الولي الفقيه وليس للعراق خلاص الا بحركه مقاومه لتحريره من احتلال اجزم انه أسوأ من الاحتلال الصهيوني .
العراق مقسم:
بين طائفي ولاؤه لإيران!
وبين فاسد ولاؤه للدولار!!
ولا حول ولا قوة الا بالله
لا رجال ولا نساء الشيعة السياسية ولا الكوردية السياسية ولا السنية السياسية يمثلون الفئات التي يدعون تمثيلها. هؤلاء ليس إلا عوائل وزمر وعصابات أستحوذت على السلطة والامتيازات فقط لصالح الحاشية والمقربين والتابعين والمصفقين و المتملقين. العراق في مأزق كبير. العراق مقزم كدولة وممزق كمجتع. هناك حاجة ملحة لمشروع ثقافي يحرر المجتمع من العقلية الطائفية والعشائرية والانعزا لية القومجية.
مقال ملئه الطائفية… وكل الذين ذكرهم صاحب المقال حفنه من الإرهابيين او داعمين للارهاب