المصريون أضاعوا ثوراتهم!

حجم الخط
0

مصر والنفق المظلم التحديث والحداثة وما بعد الحداثة مصطلحات لامعة وبراقة، أعتقد أننا دخلنا في النفق المظلم الذي حذر منه كثيرون، والمشكلة الأساسية في هذا النفق أنه عادة ما يكون السير فيه باتجاه واحد لا رجوع فيه، قد يصادف السائر في طريقه نفقا مظلما لا يستطيع أن يميز فيه طريقة من الطرق الأخرى، ما لم تكن أضواء اليقين كاشفة، ومسالك الطريق معروفة، كيلا يضيع السائر مساره، أو يتناثر أشلاء تحت وقع الكارثة، أو يسرف في التفاؤل، عندما يبصر نورا في أخر النفق قد يكون وهم سراب.
بهذه المجازر تفتح أبواب النفق المظلم أمام مصر، بهذا تهيئ المنطقة كلها للعنف والإرهاب، المسألة ليست اختياراً أو تهديداً، بل قراءة للواقع المادي الملموس، فعندما تستهين بحق الناس في الحياة، وتقصف أعمارهم بدم بارد فأنت تزرع الأرض بالكراهية والحقد والانتقام.
بهذا يرى المحللون السياسيون أن مصر قد دخلت نفقاً سياسياً مظلماً، من الصعب الخروج منه بعد، والأمور تتجه نحو انفلات يستحيل السيطرة عليه من أي طرف حتى لو أراد بعد ذلك، ولن يفيد كثيرًا الجدل العقيم عن الطرف الذي تسبب في ذلك أو من بدأ الأزمة أو من يتحمل المسؤولية أكثر من الآخر، وسيتحول مثل هذا السؤال الآن وفي المرحلة المقبلة لمجرد كلام لا قيمة له في الواقع العملي، لن توقف دماً، ولن تنقذ بلداً من الضياع، ولكن الحقيقة الوحيدة أو المشهد الوحيد الذي سيعلق في أذهان العالم، أن المصريين أضاعوا ثوراتهم، وهاهي الأيام تتوالى والأحداث تتسارع ودقات ناقوس الخطر تشتد طرقاً، أن الطريق موحش، والمقدمات سيئة، والنتيجة صعبة فعليهم الأخذ بزمام المبادرة، وإعادة برمجة العقل، لاستيعاب ما يجري على أرض الواقع، وما يكتنفه ويحيط به من أعمال وتصرفات، قد تُحطم كل ما بُني وشيد، وتعيد الحياة المدنية في الوطن المغلوب على أمره إلى حافة الهاوية السحيقة.
ما يجري في مصر اليوم، هو تشويه للديمقراطية، وما يسمى بإدارة الشعب لحياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إن مصر هي احدى – البؤر – ذات التأثير والتأثر الإقليمي والعالمي المميز، لذلك نجد أن انعكاس ما حدث بها كان له صدى عالمي، كما عشقنا مصر الشهامة؛ الأحب على قلوبنا، كيف لا يا مصر الحبيبة؛ كيف لا نبكي أول وآخر قلاع عروبتنا، التي تتعرض لأبشع مؤامرة يتكالب ويتداعى عليها الأشرار، من كل حدب وصوب؛ كما تتداعى الأكلة على قصعتها، بقدر ما احترقت قلوبنا على كل قطرة دم مصرية طاهرة أريقت، بقدر ما نصرخ مناشدين متوسلين لشعب مصر وقيادتها؛ أن يتداركوا المؤامرة.
فلا تصدقوا من يؤيد هذا الفريق أو ذاك بشعارات شيطانية زائفة، هدفها الإطاحة بمصر الكرامة، عندها سيضرب كل فريق كف على كف، ويقولوا يا ليتنا ما قمعنا أهلنا، استفيقوا يا أهل مصر الحبيبة، وأنقذوا ما يمكن إنقاذه، قبل أن يصل بكم الأشرار إلى خطوط اللارجعة، وتبكون مصر العزيزة على قلوب امتنا العربية والإسلامية، ليتكم تستفيقوا ولا تنجروا خلف أوهام الديمقراطية، وتربص الأكذوبة.
فيوما بعد يوم، سيعترف كثيرون أنهم أخطأوا بحق أوطانهم تحت تأثير خديعة الثورات العربية. محطات تذكرنا بالقول ان الله انزل 125 ألف نبي ورسول، لكن تبين انه في العام 2013 ميلادي، يشدّ المتطرفون إلى زمن الجاهلية، فمن يستطيع أن يهدي هؤلاء بعد عجز الرسالات والأديان عن إقناعهم بإنسانية البشر؟ إنها بداية الزمن الصعب، قد تكون دورة الجاهلية طويلة هذه المرة.

أيمن هشام عزريل – فلسطين
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية