المصريون يستعدون لعام دراسي جديد بمزيد من الاستدانة… واللجوء لليونسكو حلم البعض لإنقاذ الشواهد التاريخية

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: مع قرب حلول العام الدراسي الجديد الذي ينطلق رسميا في الثلاثين من سبتمبر/أيلول الجاري سيطر على غالبية المصريين “همٌّ” احتل مكان الصدارة في جدول همومهم المزدحم بالأعباء، متجسدا في مصاريف المدارس وسائر المستلزمات، من كتب وأدوات مكتبية، فضلا عن الزي المدرسي، وكل ما له علاقة بالعملية التعليمية، ولم يجد كثير من أولياء الأمور سبيلا أمامهم سوى الاستدانة، سواء من الأقارب أو الجيران أو من خلال اللجوء لشركات تنشط في مجال إقراض المواطنين بفوائد يحرمها معظم رجال الدين. وقد بدأت الأسر في تدبير التجهيزات من زي وأدوات مدرسية وأحذية وحقائب مدرسية، حيث تزدحم الأسواق وتنشط المحلات، رغم ارتفاع أسعار جميع المستلزمات.. من جانبها رصدت صحيفة “الأهالي” محاولات الأسر تدبير المصاريف، التي تشمل الاستعداد لموسم الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى أن معظم المدارس خلال السنوات الأخيرة بدأت تثقل كاهل الأسر، سواء بزيادة مصروفات الدراسية أو تغيير الزي المدرسي دون داع، الأمر الذي تعالت معه صرخات أولياء الأمور، مطالبين الحكومة، وفي القلب منها وزارة التعليم، بالتصدي لمافيا التعليم الخاص، خاصة الأسر التي تضم عددا من الأبناء في مراحل عمرية وتعليمية مختلفة. كما سيطرت حالة من الاستياء على أولياء الأمور بعد قيام المدارس الخاصة بزيادة المصروفات الدراسية، للعام الدراسي الجديد، ضاربين القوانين والقرارات الوزارية المحددة لنسبة الزيادة السنوية بعرض الحائط، حيث اشتكى أولياء الأمور من زيادة المصروفات في إحدى المدارس الخاصة التابعة لإدارة عين شمس التعليمية للعام الدراسي الجديد 2023/2024 إذ وصلت نسبة الزيادة إلى 37%، وطالب أولياء الأمور وزارة التربية والتعليم، بالتدخل لرفع المعاناة عن عاتقهم.
وتوجه الرئيس السيسي إلى الهند للمشاركة في قمة مجموعة العشرين G20، التي ستعقد في مدينة نيودلهي. وصرح المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن مشاركة الرئيس السيسي في قمة مجموعة العشرين تأتي تلبية لدعوة من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للمجموعة، في ضوء أهمية مشاركة مصر في القمة التي تُعقد في ظرف دولي دقيق، وكذا العلاقات الوثيقة التي تربط بين مصر والهند.. ومن الأخبار الاقتصادية: أعلن البنك المركزي ارتفاع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية للشهر الثاني عشر على التوالي ليبلغ في أغسطس/آب الماضي نحو 34.928 مليار دولار، مقارنة بنحو 34.878 مليار دولار في يوليو/تموز السابق له بزيادة بلغت نحو 50 مليون دولار وفقا لـ”الشروق”.
سمك لبن

شيء يدعو للعجب ذلك الذي اكتشفه الدكتور حماد عبد الله في “الفجر”، نحن ننادي بمجتمع ليبرالي مجتمع حر يعتمد على آليات السوق ينهي عصرا من الشمولية ومن الاقتصاد الموجه والاعتماد في كل شيء على الدولة، فهي المسؤولة عن الولادة والنشأة والصحة، والتعليم والتوظيف، وتوفير الطعام والمسكن، والملبس، حتى الزواج وعودة دورة الحياة، هكذا كنا ولكن كيف أصبحنا. وبعد انتهاء إعلاننا عن النظام الاشتراكي الشمولي والانفتاح على العالم، تحولنا إلى أحزاب كثيرة جدا، لا أذكر منها إلا ثلاثة أحزاب بعد أكثر من 40 عاما تقريبا أصبحنا عبارة عن “طبق” من السلطة الخضراء المدعمة بالطماطم والبصل والثوم، طبق وضع فيه من كل لون ومن كل صنف وبالتالي فلا طعم يمكن أن نستسيغه (ونستطعمه) فالعملية (سمك ـ لبن ـ تمر هندي) سواء كان ذلك في خليط الاقتصاد ما بين حر ومدعم، وبين أبيض وأسود (إشارة إلى الأسواق السوداء) وبين مستورد ومحلي، وكذلك صناعات ووحدات إنتاجية بعضها (عام) وبعضها (أعمال عام)، والآخر خاص والخاص أيضا انقسم حسب نشأته مرة في منطقة صناعية حرة، ومرة في منطقة اقتصادية، ومرة في منطقة استثمارية ومرة في منطقة مطورة ومرة في مدينة صناعية، وكل شيء يمكن أن نسمع عنه في طبق السلطة (إياه) سنجده في مجال الخدمات أيضا، هناك ما هو خاص وعام ولكن أيضا هناك قوانين منظمة لتلك الخدمات وتجلب الأجنبي منه على حساب الوطني، وعلى سبيل المثال مهنة الهندسة الاستشارية نجد كل من هب ودب جاء للبلاد بمهندسيه ومكاتبه الأجنبية، دون تطبيق للقانون المصري الذي ينص على أنه لا عمل لمهندس أو مكتب هندسي أجنبي إلا من خلال مكتب هندسي مصري، وليس عن طريق أي محاسب أو كيميائي أو رجل أعمال فاتح شركة تنمية عقارية، بالتالي من السهل عليه فتح مكتب فني (استشاري) لصالحه ” بتاعه” ملكه وهو حر يجيب اللي هو عايزه إن شاء الله من (بنغلاديش) شيء ضد القانون وضد العرف وضد الليبرالية التي ننشدها وننادي بها، ونعلق عليها لافتات واجهات محلاتنا وبلادنا نحن نعيش عصر (السلطة البلدي) والله أعلم.

اليونسكو ملاذنا

السؤال الذي يشغل بال كارم يحيى في “درب” هل يمكن إنقاذ ما تبقى أو ما يمكن إنقاذه من تراث القاهرة التاريخية؟ وفيما البلدوز لا يتوقف عن الهدم والتخريب والتدمير، يقول الكاتب، ليس عندي إجابة، وربما هو حال غيري، وحتى أصحاب البيانات الثلاثة، وأخشى أن تكون بمثابة “إبراء ذمة مغلوب على أمره”. لكن الأرجح أن العنوان الأهم الذي يحق التوجه إليه دون مزيد إهدار للوقت هو منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وبما لها من مسؤوليات وصلاحيات ووزن معنوي في حماية التراث الإنساني العالمي وفي كل مكان. ونحن نتوجه بنداء استغاثة لليونسكو، لنأخذ الاعتبارات التالية: مصر بلد مؤسس بين أول عشرين دولة أعضاء في هذه المنظمة الدولية، ومنذ عام 1942. لليونسكو إسهامات تاريخية كبرى بحق في مساعدة مصر على الحفاظ على تراثها، كنقل معابد “فيلة” لإنقاذها من الغرق عند تنفيذ السد العالي. وهي حملة وعملية ضخمة استمرت لنحو عشرين سنة ويزيد انطلاقا من عام 1968. تتمتع المنظمة بسمعة ممتازة بين المصريين، ولها مشاريعها لتطوير وتحديث التعليم، وحتى في العديد من قرى الريف. لها إسهامات مقدرة في تطوير التعليم الجامعي، بما في ذلك تأسيس معهد إعلام القاهرة في عقد السبعينيات، الذي تحول إلى كلية إعلام جامعة القاهرة. كما أن لليونسكو اتفاقات مع السلطات في مصر لحماية القاهرة التاريخية، ويتعين استدعاء هذه الاتفاقات وتطويرها وتوسعة نطاقها.

بؤس وعبث

حرص كارم يحيى إلى أن يذكرنا بأن لليونسكو مقر ومكاتب في القاهرة لأجل ذلك يقترح مدير تحرير “الأهرام” عبر “درب” بأنه يمكن الاتفاق بين عدد من الشخصيات ذات الحضور الثقافي والفني المميز مصريا ثم عربيا ودوليا ومن ذوي التخصصات الوثيقة الصلة بالعمارة والآثار والعمران على توجيه نداء استغاثة عاجل لليونسكو لمطالبة الحكومة المصرية بالوقف الفوري لهدم مقابر القاهرة التاريخية، واستقبال لجنة تحقيق من المنظمة في ما جرى لها، وبهدف أن تضع تقريرا يصبح ملزما في المستقبل. بالفعل نحن في حال شديد البؤس والعبثية، ونحن كمصريين نشهد عاجزين عجز من وقعوا تحت تأثير وتخدير وخور لدغات العقارب والثعابين، قتل القاهرة أو تحويلها لمسخ مشوه من مدن مصنوعة كدبي، بلد يشهد ما تزعم السلطة بأنه “حوار وطني”، في حين الحوار مفتقد غائب في شأن ما يجري لعاصمتها من حرب وخراب وتدمير ومحو للحجر والبشر والذاكرة.. وللعقل. والحوار أصلا غير قائم وغير متصور بشأن مصير القاهرة التاريخية وجباناتها ومعالمها المعمارية الفريدة لا داخل “الحوار الوطني” ولا خارجه… ومن جانب آخر، تتوحش ثقافة أو لا ثقافة بيع وتدمير المزيد من كل غال ونفيس ومفيد وعزيز من أجل “الفلوس.. الفلوس”. وكأنه لم يعد أمام مجتمع فيه طاقات بشرية وإمكانات طبيعية هائلة إلا شعار: “بيع.. بيع”. وهكذا في محاولة لمعالجة عبثية هزلية لاتساع خروق استدانة حمقاء لا تتوقف من الخارج على الراتق.
سبحان الباقي

تتجول داليا شمس في “الشروق”، حزينة في طرقات المدينة، بينما كان الغراب يتابعها بإصرار، كما أوضحت بشأن المأساة التي نعيشها: قادتني قدماي نحو القرافة، بعد أن شاهدت صور جرافة المقابر وهي تضرب أحد المباني القديمة بحركة حاقدة. أعرف أننا بشر وسنهلك كغيرنا عما قريب، لذا وقفت أتأمل مصير الأموات قبل الصامدين في هذه الحياة، التي أذاقتنا المرار. ألا يكفي أن ارتفعت تكاليفها وصرنا نشعر يوميا لأسباب مختلفة أننا عزيز قوم ذل؟ لماذا هذا الحرص على إعادة قتل الموتى؟ وقفت على الأطلال أراقب ما تبقى من لوحة رخامية صغيرة كتب عليها «هو الحي الباقي»، وأخرى كانت تحمل اسم المرحوم فلان، وأحاول الفهم أو الوصول لتشخيص أعراض ما يحدث في ظل الإصرار على الهدم من ناحية، وصراخ من يعرفون قيمة ما يتم تدميره، دافعين بأنها لا تقدر بمال من ناحية أخرى. البعض قام باقتراح مسارات بديلة وعملية منذ عام أو أكثر لتنفيذ المشروعات الجديدة، لكن لا فائدة، الجرافة ماضية في عملها والغراب ينعب. تابعت العديد من التعليقات والتحليلات لما نحن بصدده من «نزوات تدميرية»، أو رغبة عارمة في محو رموز بصرية تنتمي لعصور مضت أو تشويه أماكن تاريخية وتغيير معالمها ونقوشها وكتاباتها تحت مسمى «التطوير» و«الترميم»، وكان من أبرز ما قرأت حول تفسير الوضع الحالي هو أنه شكل من أشكال «الأيقنوكلازم» أي محو معالم وتواريخ لتحل محلها أخرى، ويكون ذلك غالبا لتكريس شرعية صور ورمزيات جديدة. ظهر هذا المصطلح المشتق من اللغة اليونانية القديمة (eikônoklastês) في القرن الثامن الميلادي في زمن الإمبراطورية البيزنطية، إذ كان الصراع على أشده وقتها بين طرفين، أحدهما يقدس الرموز والصور الخاصة برأس الدولة والدين والعبادات، والآخر ثائر عليها ويسعى لتدميرها وهو ما يطلق عليه حرفيا «أيقونوكلازت». وفي أعقاب الثورة الفرنسية، خاصة خلال القرن التاسع عشر، اتخذت هذه الظاهرة منحى أوسع وأصبحت لها أبعاد سياسية مختلفة.

ينعق الغراب

جميعنا يتذكر كما تذكرت داليا شمس مشاهد الناس بعد الثورات والحروب، وهي تندفع نحو تمثال حاكم أو شخص قريب من السلطة ليطرحوه أرضا رفضا لما كان يمثله، كما رأينا كيف تحولت قصور سابقة إلى مدارس ومصالح حكومية بعد تأميمها أو كيف تبدلت إراديا ملامح حي راق من عهد لعهد، أو كيف مسح أحد الفراعين خرطوش ملك سابق لينسب هذا المعبد أو ذاك لنفسه، وأحيانا يمحو آثار إله لم يعد مرغوبا فيه، أو كيف يمكن لأحد الغزاة تغيير ما نقش على الجدران ليحسم نتائج معركة لصالحه. وكل ما يمضي بنا الزمن تتنوع قراءات المتخصصين لمحاولات الطمس والإحلال والتبديل التي شهدتها الدول عبر العصور. يشرح البعض مثلا كيف للبعد البصري داخل مدينة ما أن يعكس صراعات اجتماعية وسياسية لا تظهر بوضوح على السطح، وكيف يمكن لمبنى تاريخي أن يصبح رمزا لمواجهات عنيفة حول من ستكون له الغلبة، ومن سيسجل نقطة الحسم. يربط هؤلاء بين هذه الصراعات، والرغبة في إعادة تخطيط وتشكيل الفضاء العام بطريقة تحدد من له الحق في المدينة، ومن هو صاحب السيادة والآمر الناهي فيها. ويقرأ آخرون ما يحدث على أنه مظهر من مظاهر الفوضى، ويقارنون بين فترات الثورات والثورات المضادة ولحظات الانكسار، أو المراحل التي تمثل قطيعة سياسية. وتتوالى التحليلات لتكشف أهمية المباني القديمة ورمزيتها التذكارية، فهدم أثر أو إلباسه ثوبا جديدا في وسعه أن يساهم في إعادة كتابة التاريخ وفقا لأهواء النخب الحاكمة وأصحاب النفوذ والسلطان.. تترك ما تريد، وتمحو ما تريد، وتعزز ما تريد، وتشوه ما تريد. حروب الرموز البصرية تهدأ وتستعر تبعا للمرحلة السياسية، تشتد أحيانا في فترات الثورات المجهضة أو التي لم تكتمل دورتها، فالهدم يتغير معناه وتتغير ضحاياه من وقت لوقت، وبالتالي مراقبة ما الذي يتم استهدافه ولأي غرض قد يكون مفيدا لتوضيح الصورة، وإن كان مؤلما، أتلمس طريقي محاولة الفهم أو بحثا عن تفسير منطقي أو شبه منطقي لما نعيشه. أمشي يدفعني حنين جارف إلى الصمت. ينعق الغراب مجددا وأحس بالخوف وكأنني تحولت إلى خشب ضمن ناس من خشب.

الخطر من الخائن

تجاوز حسين حلمي كل الخطوط الحمر، ولا يحتاج من يتأمل كلماته كثير جهد ليعرف لمن يتوجه بكلماته التي أطلقها في “الوفد”: فاشل ولا يملك حلولا لأي مشكلة ومنتهى تفكيره البحث عن شماعة أكبر ليعلق عليها أخطاءه المستمرة.. وهو غير قاصد الوقوع في الخطأ ولكنها قلة خبرته وعدم معرفته. وكل أسلحته من الذباب الطائر ويطلب منه أن يأكل الغزال. ينتقل من فشل لآخر كالطفل الصغير الذي يجري في متحف، لا يفعل غير تكسير التحف الثمينة، ويحارب طواحين الهواء، ولكن هذه المرة ليست حروب دون كيشوت من أجل الخير، التي قام بها دون كيشوت على حصانه الأعجف وسيفه المثلوم ورمحه «الخرع» ومهارته المعدومة «صفر»، انطلق دون كيشوت في رحلة طويلة طاف فيها إسبانيا، يبحث عن المظلومين والضعفاء فكان على هذه الحالة يحارب «طواحين الهواء»، ولكن صاحبنا «الفاشل» هذا يحارب الخير ويدافع عن الشر. وطول الوقت يحاول أن يصدر لك أنه في مطاردته دفاعا عن الكيان الذي يعمل فيه، والمطاردة الحقيقية التي يقوم بها هي مطاردة لقطة، سواء في غرفة مظلمة فتسمع ضجيجا دون أن ترى شيئا، ودائما الضعيف هو الذي يدفع الثمن من فصل أو تهديد بالفصل. ونصيحة لله لك احذر من يحيطون بك لأن الخطر لا يأتي ممن تصورت أنهم أعداؤك، ولكن الخطر دائما يأتي من الخائن.

إنها لكبيرة

قضية «جبّانات الموتى»، التي تشغل الفضاء العام وتثير صخبا، تحتاج من وجهة نظر حمدي رزق في “المصري اليوم” إلى وقفة حكومية رشيدة تعقل اعتراضات المثقفين ورفض المفكرين وحيرة الطيبين.. وعليها (على الحكومة) مراجعة المختصين وتحكيم الرأي العاقل السديد. استمرارية عمليات الهدم التي لا تبقي ولا تذر من تراث روحي يتعيش عليه عموم المصريين، إنها لكبيرة.. نحن شعب يبني لآخرته مقبرة وهو يسكن شقة العمر المديد.. سلو بلدنا من أيام الفراعين، المقبرة مفخرة. لا أحد ضد البناء والتعمير، فقه العمران أسسه الفراعين، ولا ضد العصرنة والتحديث والتطوير، ولا حتى إخراج المقابر خارج الكتلة السكانية باتجاه الصحراء كما كان يفعل الأجداد من آلاف السنين، الصحراء فيها متسع.. فقط، يمكن تخطيط مسبق لمقابر محترمة، بديل معتبر وتعويض لأصحاب المقابر القديمة. معلوم نقل المقابر مخطط قديم عطّلته طويلا اعتراضات دينية متحفظة وأخرى نخبوية واجفة، ومن ملاك المقابر أنفسهم، عظم التربة ما يربطنا بالآخرة.. الثابت أن الجبانات وتراثها ومعمارها من ثوابت الحالة المصرية، مدن الموتى لها قدسية روحية، فإذا ما دهمها بلدوزر بلا قلب، كأنه يدوس في قلوبنا.. يقينا، هناك طرائق أكثر حضارية من الطرق المتبعة وتثير صخبا. نعود سريعا لمقترح تبناه الرئيس السيسي بإقامة «مقبرة الخالدين»، أو حسب التسمية التي تروق للمثقفين، توفر حلا، مقبرة حديثة، مزار محترم، تُنقل إليها المقابر ذات الحيثية الوطنية والدينية والحضارية، مقبرة تخطَّط على مستوى يليق بوطن عظيم الحضارة، تحافظ على رفات الأجداد ممن سبقونا إلى الدار الآخرة، بعد أن تركوا فينا إرثا مقدرا لا تذروه رياح التطوير.

المثقفون على حق

صحيح والكلام لا يزال لحمدي رزق الحي أبقى من الميت، والجبانات تحتل مساحات ضخمة في قلب العاصمة القديمة التي ضاقت بسكانها.. ولا تثريب عليهم.. ولكن هناك طرائق متبعة عالميّا في نقل مثل هذا التراث الروحي مع الحفاظ على الطابع التراثي. عملية تخصصية يقوم عليها مختصون، ويقف عليها متخصصون، وتتابعها نخب من التي تقدِّر التراث الروحي حق قدره. القضية ليست مزايدة سياسية في الفضاء الإلكتروني، ولكنها ضرورة مجتمعية مستوجبة، وشراكة المجتمع المدني مع الحكومة في رسم مستقبليات التراث الروحي والحضاري للمصريين توفر قدرا من الرضا العام، وهو ما ينقص النقلة الحضارية المخططة. إن استمرارية تنفيذ مخطط الهدم يورثنا حسرة ما ضاع من تراث حضاري لا يعوض، والحفاظ على ما تبقى نعض عليه بالنواجذ.. صحيح أهملنا طويلا العناية بهذا التراث الحضاري، ولكن الإهمال لا يبرر الهدم، وحالة المقابر الآيلة للسقوط لا تبرر إزالتها هكذا عنوة بالبلدوزر. المثقفون عندهم حق، لا يمارون في مخطط التطوير، ولكنهم واجفون على البقية الباقية من تراث الأجداد الحضاري، والنِّقاش الجمعي دليلٌ على موقع هذا التراث من المخزون الحضاري الوطني. «احتراز وجوبي.. وصيتي لولدى أن يسلم الأمانة إلى أهلها، وأدفن في مقبرة الأسرة في بلدتنا الوادعة منوف وسط الدلتا، حتى أأتنس بالأحباب في الرحلة الأخروية.. خلاصته لا ناقة ولا جمل ولا مقبرة تخصني في جبانات القاهرة القديمة».

يمني شمال

أشار الدكتور جودة عبد الخالق، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، وزير التموين الأسبق، إلى أن التحدث عن ملف دور الأحزاب وقانونها وما يخصها، هي قضية نشاط سياسي، يجب إحالتها إلى الدستور وعدد من القوانين منها قانون مباشرة الحقوق السياسية وتنظيم الحياة العامة المعروف بقانون التظاهر وقانون المحليات كأرضية تنشأ في شأنها الكوادر السياسية. ونقلت “الأهالي” عن عبد الخالق تأكيده على أن قانون مباشرة الحقوق السياسية يحتاج إلى مراجعة بالنظر إلى الأحزاب وفكرة الوصول للسلطة، كما أن السلطة نفسها لا تتمنى تغير حال الأحزاب وهذه بيئة غير صالحة للأحزاب. وأضاف، قانون تنظيم الاجتماعات يحتاج إلي مراجعة جذرية لأنه يكبل عمل الأحزاب في التواصل مع الجمهور حتى إذا كان اجتماعا عاما، ولا توجد قواعد اجتماعية واضحة تميز بين الأحزاب وهذا ليس صحيحا بالمطلق، فمثلا حزب التجمع له هوية واضحة وهم العمال والفلاحون، ولكن للأسف تم تأميم الحركة العمالية، لذلك ليست كل الأحزاب دون هوية ولكن الحزب قد يكون لم يبذل الجهد الكافي في هذا القطاع، مستطردا: “أنا كعضو مؤسس في حزب التجمع من سنة 1976 مش قادر أعد المرات اللي نقدر نخرج من باب التجمع في شارع كريم الدولة للناصية بره نشم نفسنا”. تابع: هناك اختلاف في وجهات النظر حول قانون الانتخابات النيابية بين مؤيدي الدائرة المطلقة ومناصري القائمة النسبية، وأرى ضرورة تعديل قانون تقسيم الدوائر لا معنى لتقسيم الجمهورية 4 دوائر فقط في القوائم، لأنه يعجز أي قوى سياسية عن التواصل مع الناخبين، مشيرا إلى أن الإعلام يرى في الأحزاب أنها الآخر وليست جزءا من الجماعة المصرية وهذه قضية مهمة جدا، وبكل صراحة الإعلام في مصر هو إعلام حكومي من الدرجة الأولى، “الحكومة تقول يمين يمين شمال شمال” وهذا شديد الخطورة كيف للأحزاب أن تتواصل دون مساحة إعلامية..

مرفوعة من الخدمة

بمحاولة الاتصال برقم النجدة «122» تتلقى كما يشير ياسر إبراهيم في “الوفد” رسالة صوتية جميع الخطوط تتعامل مع بلاغات أخرى، أو تلقى رسالة صوتية أن المكالمة مسجلة، وينتهي الاتصال بالتواصل من قبل شرطة النجدة لإخطار قسم الشرطة التابع له الواقعة التي خرجت منها الاستغاثة، دون متابعة مع المستغيث أو من يقع عليه الضرر، حتى لو بتحريك دورية سريعا، على الرغم من توفير وزارة الداخلية لدوريات متحركة باستمرار على الطرق السريعة والداخلية المهمة لملاحظة الحالة الأمنية. بالعودة إلى اللائحة التنظيمية لوزارة الداخلية، نجد المادة 17 نصت على أن الإدارة العامة لشرطة النجدة لها 6 مهام واختصاصات نذكر منها: «تقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية لأفراد المجتمع بصـورة مشـرفة تجسد شعار (الشرطة في خدمة الشعب)- وتوجيه وتنسيق ومراقبة جهود شرطة النجدة والإشراف الفني علـى فروعها في المحافظات – والمشاركة في أعمال الدوريات في نطاق المدن الرئيسـية مع قـوات الشرطة في نطاق الخطة المرسومة والمساعدة في ضبط الجرائم التي تتكشف لها وتسليم المضبوطات والمتهمين للأجهزة الأمنية – وتقديم العون بصورة وثيقة لإدارات وأقسام وأجهزة الشـرطة المختلفـة على نحو يمكنها من تنفيذ مهامها العملية على الوجه الأكمل». بقراءة الجزء الذي سبق من لائحة تنظيم وزارة الداخلية، نجد أن أهم مهام إدارة نجدة الشرطة هو المتابعة وتقديم العون الاجتماعي والإنساني للمواطن. رسالتي: لائحة الداخلية حددت العلاقة والنظام والمنهج للتعامل مع التواصل بين رجل الشرطة والجمهور، وأظن أنها يجب أن تعمم على كل رجال الشرطة ضباطا وأفرادا، لقراءتها جيدا، ليعلم رجل النجدة أن صاحب الاتصال أو البلاغ يستغيث به لأنه بين الحياة والموت في بعض الأحيان.

لا أحد يقدّره

أعرب عبد المحسن سلامة في “الأهرام” عن أمله في أن يتحول يوم الاحتفال بـ«عيد الفلاح»، الذي يوافق يوم 9 سبتمبر/أيلول، إلى يوم وطني تحتفل فيه الدولة المصرية بكامل أجهزتها بالفلاح المصري، والإنتاج الزراعي، واستعراض موقف الحاصلات الزراعية، ومدى كفايتها، والموقف التصديري لها، وإقامة مهرجانات لمحاصيل المواسم الزراعية، مثل التمور، والأرز، والذرة، والمانجو والقمح والفراولة وغيرها من المحاصيل الزراعية، والفواكه، بحيث يخصص معرض ضخم في كل محافظة طبقا للمحاصيل التي تشتهر بها تلك المحافظة. في الوقت نفسه، يقوم المحافظون بعقد مؤتمرات للمزارعين في كل محافظة للاستماع إلى مشكلاتهم، وهمومهم، بحضور السادة المعنيين من مسؤولي الري، والزراعة، والخدمات المحلية، لتذليل كل العقبات، والمشكلات التي تواجه عملهم. مصر تشهد نهضة زراعية عظيمة ربما لم تشهدها منذ عصر محمد علي، حيث تمت إضافة أكثر من مليوني فدان للرقعة الزراعية، التي من المقرر أن تصل إلى 4 ملايين فدان خلال السنوات الأربع المقبلة ليكون ذلك بمثابة أكثر من 50% من الرقعة المزروعة حاليا. هذا الإنجاز الضخم يحتاج إلى رؤية، واستراتيجية مستقبلية، وأتمنى أن يتحول «عيد الفلاح» إلى يوم وطني حافل يتم من خلاله إطلاق المبادرات الزراعية، وتقييم أداء عام مضى، ووضع رؤية سنة مقبلة، خاصة ما يتعلق بالتركيب المحصولي، وأولوياته، طبقا لاحتياجات الأسواق المحلية، والتصديرية. الرئيس السيسي أعاد الاهتمام بالزراعة بعد أن أثبتت الأحداث أهميتها، واستراتيجيتها، والخطأ الفادح في إهمالها، ومن المهم ترجمة كل ذلك إلى خطط، ورؤى طويلة المدى، وفي القلب منها الاهتمام بالمزارعين، والاحتفال بهم في عيدهم بشكل خاص، وكل أيام السنة بشكل عام، بما يليق بهم، ودورهم الرائع، والعظيم.

فساد مستشر

لا يمكن على حد رأي صفية مصطفى أمين في “الأخبار” أن ننشر الأخلاق الحميدة بقرار جمهوري أو بأمر ملكي، الوسيلة الوحيدة لاكتساب الأخلاق الحسنة هي نشر القدوة في كل مجال من مجالات الحياة على سبيل المثال وليس الحصر، يمكن أن نضع على رأس كل مؤسسة أو شركة أو إدارة مثلا يحتذى به، يحظى باحترام الجميع، نشر الأخلاق الحسنة ليس بالأمر الهيْن، فمن المستحيل تهذيب الأخلاق وتغيير التصرفات في 24 ساعة حتى لو سخرنا لهذه المهمة كل أجناد الأرض. ما نستطيع أن نفعله هو أن نبدأ ونستمر ولا نتوقف أبدا، نبدأ بالقريب قبل البعيد، بالكبير قبل الصغير، بالقوى قبل الضعيف. المهم أن ينصح الواحد منا نفسه قبل أن يفكر في نصح غيره. يقوْم أهل بيته قبل أن يعترض على أفعال الآخرين. كثير من بلادنا العربية أصيبت بمرض فساد الأخلاق، لكن نحمد الله أن البعض منا استطاعوا أن يقاوموا إعصار الفساد، بسبب إيمانهم وقوة شخصيتهم ونشأتهم السليمة منذ الصغر. كان من الممكن أن نقاوم جميعا فساد الأخلاق لولا المثل السيئة التي حرصت على إغراء الضعفاء.. عندما وجدوا المنافق الكاذب يرتفع إلى أعلى، والأمين الصادق يهوى إلى الحضيض، عندما رأوا الانتهازي يدوس فوق جثث زملائه ليرتفع إلى الطوابق العليا، عندما أصبح الأخ يأكل مال أولاد أخيه الأيتام، ولا يجد كبيرا في العائلة يردعه.. عندما يطرد الابن أمه من بيته إرضاء لزوجته، ولا يجد من يلومه على فعلته المشينة، عندما يرأس الجاهل علماء، ويقرر المجنون مصير العقلاء. للأسف، أصبح الرجل الشريف يضطر لأن يبرر لأسرته أنه ليس غبيا لأنه لا يسرق ولا يرتشى كما يفعل غيره.. وللأسف أيضا أصبحت المحسوبية والشللية هي القاعدة في الترقي، والاستثناء هو الكفاءة والجدية. الفساد مثل وباء كورونا الذي انتشر بسرعة مذهلة. لو وضعنا شخصا ليس فوق مستوى الشبهات على رأس إدارة، سيصبح مرؤوسوه مثله، ولو وضعت قدوة محترمة في موقع ما سوف يتضاءل عدد المخالفين والفاسدين. إن حملة نظافة الأخلاق هي بداية حملة البناء، وإعادة بناء الإنسان المصري يجب أن تسبق أي تنمية. لا ينفع أن نبنى ناطحات سحاب قبل أن نزيل الأنقاض.. كل الأنقاض.

فلنحذر من العواقب

خبر كارثي.. أذاعته وكالات الأنباء واهتمت به أمل رزق في “الأهرام” عنوانه: «الجفاف يُصيب نصف بحيرات وسدود العالم».. الخبر لم يتوقف أمامه أحد.. فالناس لا يشغل بالهم سوى الغلاء والأزمة الاقتصادية التي اكتسحت العالم كله.. وقادة الدول الكبرى والغنية لا يشغل بالهم سوى المناورات والأطماع والصراعات.. الخبر الكارثي تذكره الذين يتابعون ما حدث في قناة بنما منذ أسابيع، الذي انتهى بإغلاقها.. أو بتقييد حركة الملاحة فيها لمدة عام، كما قالت نائبة رئيس القناة التي أغضبها أن رئيس كولومبيا.. الدولة المجاورة لبنما.. قال إن القناة أُغلقت بالكامل. المصير البائس الذي وصلت إليه قناة بنما، التي تربط بين المحيطين الهادئ والأطلسي.. ويرجع إلى انخفاض منسوب المياه فيها بسبب الارتفاع الرهيب في درجات الحرارة.. ما دفع المسؤولين عنها إلى منع مرور السفن الكبيرة التي تحمل كميات ضخمة من البضائع.. وأيضا الشاحنات التي يتجاوز عمق هيكلها تحت سطح المياه 13 مترا.. وهكذا وبعد نحو 120 سنة على إنشائها توقفت الحركة في القناة التي يمر عبرها 6% من حركة التجارة البحرية العالمية. والسؤال الآن: ماذا ستفعل السفن التي كانت تمر عبرها؟ الإجابة لا تحتاج إلى تفكير.. فلا يوجد أمام هذه السفن سوى طرق بوابة قناة السويس.. التي باتت أهم ممر مائي في العالم.. والتي كان من الممكن أن تلقى مصير قناة بنما لو كانت تُركت دون تطوير.. ودون تنفيذ مشروعات شملت توسيع وتعميق القناة.. بالإضافة إلى حفر قناة موازية من الكيلو 122 إلى الكيلو 132.. وقد أدت هذه المشروعات واهتمام القيادة السياسية بتنمية هذا الممر إلى زيادة إيرادات القناة زيادة غير مسبوقة.. حيث بلغت 9.4 مليار دولار هذا العام.. وهو الرقم الأعلى في تاريخها. من يتأمل ما حدث لأهم قناتين في العالم.. قناة السويس وقناة بنما.. سيدرك لماذا أصبحت الأولى الأكثر استخداما، كما جاء في تقرير نُشر أخيرا.. ولماذا أصبحت الثانية شبه مغلقة.. وسيدرك أيضا أن الغيظ والحقد يملآن الآن قلب كل من قال كلمات مسعورة عن مشروعات القناة.. وكل من شكك في جدواها.

من حق ترامب

هل يمكن أن يخرج ترامب على الأمريكيين مطالبا بضرورة توفير ضمانات لنزاهة الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ هذا سؤال بات مطروحا على حد رأي عبد القدر شهيب في “فيتو” بعد أن انخرطت مؤسسات أمريكية في ملاحقة ترامب بالقضايا والمحاكمات لإبعاده عن حلبة الانتخابات الرئاسيةَ المقبلة، خشية أن يخسر هذه الانتخابات بايدن، بما يعنى أن حالته الصحية والذهنية مسار شكوك. فقد علم ترامب أن هناك حالة احتشاد رسمية ضده لمنعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو يمكن أن يفعل أي شيء لخوض السباق الانتخابي والعودة إلى البيت الأبيض مجددا.. فضلا عن أنه سبق أن طعن في نتائج الانتخابات السابقة التي جاءت ببايدن رئيسا لأمريكا. ما يحدث الآن في أمريكا، لإزاحة ترامب عن السباق الانتخابي ولعزل الرئيس الحالي هو أمر كاشف لما ظل الأمريكيين يروجونه عن أن أمريكا هي واحة الديمقراطية في العالم، وجنة حقوق الإنسان والنموذج الذي يجب أن يحتذى من قبل كل بلاد العالم، حتى تحظى بوصف ديمقراطية. يا سادة نحن لا نعيش في المدينة الفاضلة بما فينا الأمريكيون أيضا.. فإن السلطة التنفيذية تتدخل في الانتخابات، والسلطة القضائية تستخدم في ملاحقة الخصوم السياسيين، والإعلام يستخدم هو الآخر في النيل من المنافسين، بل معه أيضا شبكات التواصل الاجتماعي، وتداول السلطة ليس مطلقا وإنما مقيد ومحصور في إطار حزبين فقط، بل في نطاق عدد محدود من أعضاء الحزبين، يملكون المال والقدرة على جمعه لتمويل حملاتهم الانتخابية المكلفة كثيرا. وبالطبع هذا ليس معناه أن نتطلع للديمقراطية ونسعى لاحترام حقوق الإنسان، ولكن ما أريد قوله إن أمريكا ليست جنة الديمقراطية في الأرض، وهذا ما يقوله أبناؤها الآن، وقاله أيضا رئيسها السابق ترامب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية