كان متوقعا أن يحصل عبد الفتاح البرهان، رئيس «المجلس السيادي» السوداني الانتقالي، على تأييد سريع من قبل الجيش السوداني الذي يقوده، فهذا ما يحصل عادة في الجيوش العربية، إضافة إلى أن «القوات المسلحة السودانية» تحاول أن تجد موطئ قدم لها بين الأطراف المدنية في منظومة الحكم والتي جاءت إثر ثورة شعبية عارمة، و«قوات الدعم السريع» التي يقودها الجنرال محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي).
ما كان غير متوقع هو الكشف عن أن رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، كان على علم بهدف البرهان من زيارته إلى أوغندا، وهو اللقاء برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما أكده بيان صادر عن حمدوك يرحب بتبريرات البرهان للقائه بنتنياهو، وباستثناء إعلان مدير السياسة الخارجية في المجلس السيادي، رشاد فراج الطيب السراج، استقالته من منصبه احتجاجا على الزيارة، والبيانات الصادرة عن «قوى الحرية والتغيير» و«تجمع المهنيين السودانيين» (وهما الطرفان اللذان يمثلهما حمدوك)، والصادق المهدي وبعض الأحزاب، كالحزب الشيوعي وحزب المؤتمر الشعبي، فإن الخلاصة المستنتجة أن خطوة البرهان لم تلق رفضا من المنظومة الحاكمة، مدنية كانت أم عسكرية.
تثير هذه المواقف إحساسا بالخيبة من النخبة السياسية السودانية المدنية التي وصلت إلى السلطة نتيجة كفاح مئات الآلاف من السودانيين الحالمين بوطن تحكمه بوصلة سياسية أخلاقية ترفض الفساد بأشكاله، وتعمل على إنجاز تنمية اقتصادية حقيقية تقوم على أسس العدالة الاجتماعية ولا تقامر بمستقبل البلاد وتاريخها وهويتها ليستعملها رئيس حكومة دولة احتلال يواجه هو نفسه تهما بالفساد، ويقود حملة شرسة لتجريد شعب عربيّ من أرضه ومقدساته.
تثير، من جهة أخرى، كلمات رشاد السراج، المسؤول السوداني المستقيل، التفكّر بقدرتها على قراءة الصورة الحقيقية للمهانة التي تتعرض لها منظومة الحكم السودانية الآن، بقوله إن عمله صار مستحيلا في منصبه إذ يتعين عليه أن يخدم في حكومة «يسعى رأسها للتطبيع والتعاون مع الكيان الصهيوني الذي يحتل القدس الشريف ويقتل أهلنا في فلسطين».
كما كان عميقا ربطه بين تاريخ السودان ضد الاحتلال الإنكليزي وتاريخ فلسطين بتقديم استقالته قبل أن يرى «أعلام الكيان الصهيوني ترفرف على القصر الذي قُتل فيه غوردون من قبل المجاهدين من أبناء السودان الذين قاتلوا وكلاء الاحتلال وبذلوا دماءهم مهرا للحرية» معلنا براءته لله ورسوله والمؤمنين من لقاء البرهان ونتنياهو.
ما تأمله المنظومة السودانية الحاكمة من التطبيع هو رفع السودان من لائحة الإرهاب الأمريكية، وهو مطلب محقّ غير أن استخدامه من قبل الإسرائيليين يعني ببساطة أن مفاتيح السياسة الخارجية الأمريكية صارت تمشي على وقع مصالح نتنياهو، وأن «لائحة الإرهاب» تستخدم عمليا لإرهاب الدول التي لا تنتظم في هذا السياق.
إضافة إلى توظيفه في حملته الانتخابية، فإن نتنياهو يسعى أيضا، حسب ما قالت صحف إسرائيلية، بتأمين مقار للمخابرات الأمريكية في السودان بسبب عدم الاستقرار الحاصل في جنوب السودان، وكذلك في توظيف الوزن الجديد لإسرائيل ضمن الحكام السودانيين لدعم الجنرال الليبي المتمرد خليفة حفتر في إسقاط حكومة طرابلس الشرعية وإلغاء الاتفاق التركي ـ الليبي الذي يهدد قدرة إسرائيل على تصدير الغاز.
التطبيع إذن هو مقدّمة لنقلة كبيرة من المرحلة الإماراتية ـ السعودية في السياسة السودانية إلى المرحلة الإسرائيلية، وإذا كانت مطامح المدنيين من تأييد الخطوة تسيير شؤون الاقتصاد السوداني، فعليهم أيضاً أن يتحسبوا لما يكمن خلفها، لأنه إذا قبلوا بنفوذ إسرائيلي داخل بلادهم فإن أمر الحكم سيصبح عندها للأقوى وليس لمن جاء به الشعب.
*بما أن (السودان) محكوم من قبل
(الامارات والسعودية ومصر )
فأين الغرابة في لقاء البرهان مع النتن..؟؟؟
حسبنا الله في كل حاكم فاسد مستبد.
اعتقد ان هؤلاء يهمهم فقط الكرسي الذي يجلسون عليه ليس الا
رجاء من الأخ الذي يوقع باسمي أن يختار لقبا مميزا حتى لا يظن الناس أن تعليقاته هي تعليقاتي.
مسلكية الثورات المضادة تلقي بظلالها القاتمه على مسلكية ” الانقلابيون” الجدد والمنافقون في الحكومة الانتقالية السودانية..واضح ان البرهان ليست وحدة لابل الامر اصبح اكثر وضوحا وهو ان البرهان تابع لمنظومة “المضادات العربية” التي تقف وراء التوليفة التي قامت بالالتفاف على مطالب الثورة السودانية والشعب السوداني والواضح ان سيسي اخر في طريقة الى الحكم في السودان.*حمدوك والبرهان وحميدتي وجوة متعددة لعملة واحدة :
عليهم أن يتذكروا حاليا يتم محاسبة البشير على أفعاله منذ 1989 وسوف يأتي يوم بعد إسقاط الحكومة الانتقالية بمحاسبتها لماذا فعلت التطبيع مع إسرائيل وشرا وزارة المالية الدولارات من شركة الفاخر وفض الاعتصام وغيرها من الفساد.
الحساب ولد يا البرهان وحمد ك وحمدتي وجميع من في الحكومة الانتقالية
المبررات التي يسوقها الساقطون في الحضن اليهودي الصهيوني دائماً متهافتة وبلا وزن وقد نجح الأعداء في فك الارتباط بين الدول العربية فصارت كل دولة تعمل لوحدها في ما تراه مصلحة وللأسف فقد العرب البعد الاستراتيجي فهم يعملون ليومهم تاركين العدو ليشكل غدهم بحسب ما يرى.