المعارضة السودانية تقلل من أهمية دعوة البرهان للحوار وتتمسك بإسقاطه والآلاف يتظاهرون ضد الانقلاب

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم – «القدس العربي»: تظاهر آلاف السودانيين، أمس الأحد، في احتجاجات دعت إليها لجان المقاومة في الخرطوم تطالب بإسقاط الانقلاب العسكري وتسليم السلطة للمدنيين، في وقت تواصلت ردود الأفعال السياسية على دعوة القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان للحوار.
وأعلنت تنسيقيات لجان المقاومة في الخرطوم، رفضها التفاوض والحوار والشراكة مع العسكريين، مؤكدة رفضها الدخول في أي تسوية مع قادة الانقلاب. وأكدت لجان مقاومة أم درمان الكبرى تمسكها بالسعي لتحقيق أهداف الثورة السودانية “حرية، سلام، عدالة” حاملين راية اللاءات الثلاثة: “لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية”، وصولاً لحكومة مدنية خالصة ترضي طموحات الشعب السوداني.
وفي السياق، شدد عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير، رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، على أن الانقلاب الحالي سيزول بأمر الشعب – مثلما زالت الانقلابات التي سبقته – مشيراً إلى أن التحدي الراهن؛ هو الاعتبار من الدروس التاريخية بالخصوص حتى لا تتكرر خيبات العقود الماضية وفشلها في المستقبل.
ورأى أن الوعود التي أطلقها البرهان بخصوص قرب إطلاق سراح المعتقلين السياسيين لا تتسق مع حملة الاعتقالات المسعورة التي حدثت خلال اليومين الماضيين وطالت العشرات من لجان المقاومة والناشطين في مناهضة الانقلاب، مشيراً إلى استمرار الملاحقات.
وأكد الدقير، أن موقفهم من الانقلاب ثابت ولا تراجع عنه، وهو عدم الاعتراف بسلطته غير الشرعية أو القبول بها كأمرٍ واقع، تحت أية ذريعةٍ كانت.
وقال في بيان: “سنعمل على انتظام قوى الثورة في جبهة عريضة بقيادة تنسيقية موحدة – باعتبار أن ذلك هو الشرط الحاسم لإنهاء الانقلاب – مع التوافق على ترتيبات دستورية تنشأ بموجبها سلطة مدنية كاملة لتنفيذ مهام متفق عليها، خلال ما تبقى من عمر الفترة الانتقالية، انتهاءً بانتخابات عامة حرة ونزيهة تضع بلادنا على درب التداول السلمي للسلطة وفقاً لإرادة الناخبين”.
إلى ذلك، قطع القيادي في الحرية والتغيير، المتحدث الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، عادل خلف الله، على عدم وجود حل للأزمة الراهنة في البلاد إلا بإسقاط الانقلاب.
وقال في تغريدة على حسابه في تويتر: “يترنح الانقلاب بينما ينزاح الغطاء عن ارتباطه بمراكز العدو الصهيوني ومنظومة النظام السابق المالية والأمنية والسياسية”، مؤكداً أن قوى الحرية والتغيير ومكوناتها تمضي في تشكيل جبهة شعبية الواسعة لإسقاط الانقلاب عبر الإضراب السياسي”. وأضاف: “تنشط دوائر وسط اتباع النظام السابق وعملاء الموساد ودوائر استخباراتية أخرى وقوى سياسية محسوبة على الانتفاضة الثورية وآخرين في الترويج لتسوية مع الانقلابيين يقحمون فيها قوى الحرية والتغيير لإشاعة حالة من اليأس والبلبلة” .
ووجدت دعوات البرهان للحوار، ووعوده مساء الخميس بإطلاق سراح المعتقلين، ترحيباً مشروطاً من حزب الأمة القومي، الذي أكد أن المطلوب من أي تسوية هو إنهاء حالة الانقلاب، والعودة للشرعية الدستورية. واعتبر الوعود التي قدمها البرهان بخصوص إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ودعوة الجميع للحوار إعلاناً عن نوايا حسنة، لكنها غير كافية في حد ذاتها، ومتناقضة مع ممارسات السلطة المستمرة باعتقال شباب لجان المقاومة بكثافة عشية الدعوة وبعدها، حسب بيان لحزب الأمة القومي، مساء السبت.
ولفت إلى أن البلاد تعاني أزمة وجودية تتطلب من الجميع التنازل والعمل من أجل الوصول إلى حل يجنب البلاد الانهيار والفوضى الشاملة. ورأى حزب الأمة القومي، أنه لتجد أي دعوة للحوار استجابة من القوى السياسية السودانية، فمن الضروري أن تتبعها خطوات مهمة، تشمل إنهاء حالة الطوارئ، وقف العنف والقتل في مواجهة المتظاهرين ومساءلة المسؤولين، بالإضافة إلى وقف حملة الاعتقالات وسط لجان المقاومة، والتنفيذ الفوري للوعود بخصوص إطلاق سراح المعتقلين السياسيين من الأحزاب السياسية ولجان المقاومة وإلغاء كافة التهم الجنائية “الكيدية” الموجهة ضدهم بدلاً عن التحجج بها.
وأضاف: “في حال نفذت السلطة شروط تهيئة المناخ، فإن القوى السياسية والثورية سوف تحدد المبادئ التي ينبغي أن يحتكم إليها الحوار، على أن يتم التوافق حولها والمشاركة فيه بصورة جماعية، مشدداً على أن أي دعوة للحوار لا تفي باستحقاقاته لن تقدم وقد تؤخر”. وأعلن الحزب الشيوعي السوداني رفضه لأي تسوية تهدف لتصفية الثورة، داعياً لما أسماه أوسع نهوض جماهيري لوقف التسوية ومواصلة الثورة.
وقال في بيان: “لا تزال قوى الهبوط الناعم وحلفاؤها من اللجنة الأمنية وبعض القوى الإقليمية والدولية تواصل مخططاتها التي تهدف إلى قطع الطريق أمام الثورة وتصفيتها في نهاية المطاف، مؤكداً أنها مواصلة لمخططات قديمة ظهرت في الأيام الأخيرة من نظام عمر البشير في إطار ما عرف بـ (حوار الوثبة) الذي شاركت فيه قوى وصفها بـ”قوى الهبوط الناعم”.
وأضاف: “وافقت هذه القوى على المشاركة في انتخابات 2020، ولكن فوجئت باندلاع الثورة في ديسمبر/ كانون الأول 2018، فاضطرت للالتحاق بالثورة والتوقيع على مواثيقها، ولكنها تنكرت لهذه المواثيق مبكراً، عندما وقعت على الشراكة مع المجلس العسكري الانتقالي بموجب الوثيقة الدستورية”، مشيراً إلى أنها كرست لهيمنة العسكر على مفاصل السلطة وشاركت في حكومتي عبد الله حمدوك، ووافقت أن تكون واجهة مدنية زائفة لحكم العسكر.
رغم بيانه، إلا أن الحزب الشيوعي السوداني، كان ضمن ائتلاف قوى الحرية والتغيير، وشارك ضمن كتلة قوى الإجماع في عملية التفاوض مع المجلس العسكري، عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، لكنه لاحقاً انسحب من الائتلاف.
وتابع: “بعد الانقلاب ظلت قوى الهبوط الناعم تستعين بالقوى الإقليمية والدولية لمساعدتها للعودة إلى الشراكة مع العسكر ونتج عن تلك التفاهمات المساعي للتسوية يجري طبخها من خلف ظهر الشعب السوداني”.
وأشار إلى أن ما يربط بين قوى الهبوط الناعم والمكون العسكري هي المصالح الطبقية والاقتصادية التي تتمثل في نهب ثروات البلاد، مشيراً إلى تهريب الذهب والصمغ العربي والثروة الحيوانية.
واستنكر ما سماه التفريط في السيادة الوطنية من خلال تكريس التبعية للخارج، التي تعتمد عليه في بقائها في السلطة.
غير أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة النيلين، مصعب محمد علي، الذي تحدث لـ”القدس العربي”، توقع حدوث تسوية سياسية بين العسكريين الحاليين وبعض القوى السياسية، يقدم خلالها الطرفان تنازلات كبيرة، قد تساهم في حل الأزمة السياسية في البلاد.
وقال يمكن أن توافق على التسوية السياسية بعض الأطراف، لكن من المتوقع أن ترفضها وتعارضها قوى سياسية أخرى، بما فيها لجان المقاومة التي ترفض التسوية وأشارت بياناتها الأخيرة لذلك.
ولفت علي، إلى أن التسوية يمكن أن تضيف شروطاً جديدة بعمل تغيير في هياكل الحكم وإلغاء مجلس السيادة والاكتفاء بمجلس الأمن والدفاع ومنح صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء.
ورأى أن هناك حالة توزان تحتم على جميع الأطراف الوصول لتوافق لإدارة الحكم في السودان، مشيراً إلى اعتراف القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو في التصريحات الأخيرة، بصعوبة الأوضاع بعد 25 أكتوبر/تشرين الأول.
وأضاف: “يمكن القول إنهم وصلوا لضرورة التوافق والحوار مع مدنيين لإنهاء الأزمات والعودة لشراكة جديدة، ربما بضم قوى عديدة كانت غير موجودة قبل الانقلاب مثل الاتحاديين وربما بعض الإسلاميين، الأمر المرجح أن يُرفض من قبل أطراف في التحالفات السياسية الموجودة”. وتابع: “أعتقد أن هذه المعادلة هي ما سيتشكل عليها نظام التسوية”، متوقعاً أن تعمل التسوية على عودة مسار الانتقال المدني الديمقراطي لكن من خلال فترة انتقالية قصيرة مدتها عام ونصف تحدد بعدها الانتخابات العامة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية