القاهرة ـ «القدس العربي»: استمرت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 9 يوليو/تموز في إبراز محادثات الرئيس السيسي في النيجر، مع زعماء الدول الافريقية المشاركة في القمة الاستثنائية التنسيقية الأولى على مستوى القارة، لبحث التكامل الاقتصادي في ما بينها، وتحرير التجارة بين التكتلات الاقتصادية الثمانية في القارة، وزيادة التبادل التجاري في ما بينها.
وركزت الصحف أيضا على خروج منتخب مصر من مسابقات كأس الأمم الافريقية، وكانت معظم المقالات والأعمدة عن الفضيحة من جانب الكتاب والصحافيين غير الرياضيين، بالإضافة إلى انشغال صفحات الرياضة في جميع الصحف بالمشكلة للدرجة التي أنست الناس الارتفاعات التي حدثت في أسعار السلع ووسائل المواصلات، بعد قرار الحكومة إلغاء الدعم نهائيا عن الوقود، بينما انشغلت الشرطة بمراقبة مواقف السيارات ومدى التزام سائقي الميكروباص والحافلات بالأسعار الجديدة بعد زيادتها، كما أخبرنا الرسام مصطفى سالم في «المصري اليوم» أنه شاهد لصا في الشارع يصوب مسدسه نحو شخص ويطلب منه إخراج محفظته ويقول له لإقناعه بقبول ذلك: مش أحسن ما التجار هم اللي ياخدوهم منك؟
الحكومة تعرض برنامجها على مجلس النواب في الخفاء والكرة والتعليم والاقتصاد والإعلام في حالة يرثى لها
ولا يزال الاهتمام متواصلا ترقبا لظهور نتيجة الثانوية العامة، وفي ما عدا ذلك فقد انشغلت كل محافظة وفئة بما يخصها، أصحاب شركات السياحة والعاملين فيها تفاءلوا بموافقة ألمانيا السماح لطائراتها بالطيران فوق جنوب سيناء، على اقل من ارتفاع ستة وعشرين ألف قدم، ما يعني تشجيع رحلات الشارتر إلى شرم الشيخ والغردقة، خاصة أن السائحين الألمان والبريطانيين يصرفون أموالا كثيرة. والمحامون اهتموا بموافقة مجلس النواب على قانون المحاماة الجديد، وإحالته إلى مجلس الدولة لمراجعته. وسكان سيناء يترقبون نتائج وصول مياه النيل لري ما لا يقل على أربعمئة ألف فدان، وخطط الحكومة في تأجيرها بحق الانتفاع لا التمليك. وقليلون اهتموا بما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بتراجع حالات الزواج وارتفاع حالات الطلاق، لان كثيرين كتبوا عنها من مدة سابقة. وإلى ما عندنا….
خروج المنتخب
ونبدأ بأبرز ردود الأفعال من الكتاب والصحافيين غير الرياضيين وأولهم في «المصري اليوم» الكاتب والسياسي وأستاذ الطب في جامعة القاهرة الدكتور محمد أبو الغار، الذي شن هجوما عنيفا على الاتحاد الفاسد وعلى الحكومة لصمتها عن تحول مصر إلى إحدى جمهوريات الموز، وهو تعبير ظهر في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وتم إطلاقه على عدد من بلدان أمريكا الجنوبية التي نصبت فيها المخابرات الأمريكية حكاما عملاء لها، واســــتند في ذلك إلى الرشاوى التي وزعها وزير الرياضة السعودي تركي أل الشيخ وكذلك لشرائه نادي بيراميدز وقال: «ما حدث في مصر خــــلال الموسم الكروي السابق أمر يشير إلى أن الفساد طال الكثيرين، فالجمـــيع يعلم أن ثريًّا عربيًّا جاء لمصر واشترى فريقًا لكرة القدم، بعد أن صرف مبالغ هائلة للسيطرة على فرق كرة القدم الكبرى في مصر، رائحـــة الفساد من توزيع الأموال طالت كل الأندية الكبيرة وبعض رجال اتحــــاد الكرة، وأصــــبح الأمر فضيحة بجلاجل، وللأسف لم يتعـــظ أحد ولم يُحاسب أحد بسبب بعض الفاسدين، حتى أصبح البعض يعتقد أن مصر أصبحت إحدى جمهوريات الموز، التي يستطيع أن يفعل بها من يشاء ما يريد، وقد كتب رئيس مجلس إدارة «المصرى اليوم» منذ فترة مقالًا عن خطورة ما يحدث، ولا حياة لمن تنادي، لم نر ولم نسمع في تاريخ الرياضة المصرية هذا الكم الهائل من البذاءات والألفاظ الخارجة علانية نهارًا جهارًا في وسائل الإعلام والصحف، وانعكس ذلك على اللعبة وعلى أخلاق اللاعبين، لم نسمع من قبل عن اتحاد لعبة رياضية يرضخ لفرد واحد مرة يكون غير مصري ومرة أخرى يكون مسؤولًا مصريًّا في أحد الأندية، معتمدًا على سلطته وعلاقاته أو على شعبيته أو شعبية ناديه، وكل ذلك بدون وجه حق.
طبعًا قد يقول قائل إن هذا اتحاد منتخب وإن من يحاسبه هو الجمعية العمومية للأندية، وإنه يتبع الاتحاد الدولي واللجنة الأولمبية وليس لأي دولة أن تتدخل في أعمال اتحاد رياضي، هذا الكلام صحيح نظريًّا وعمليًّا في دول العالم الأول، أما باقي دول العالم الثالث فالأمر مختلف تمامًا، بعض أعضاء الاتحادات والأندية يرددون طوال الوقت بصوت عال أنهم مؤيدون للنظام ويغالون في ذلك، ويعتقدون أنهم بذلك يستطيعون أن يفعلوا ما يحلو لهم مخالفة للقانون ويعتدون على الآخرين ويسبون من يريدون وهذا أمر أعتقد أن الدولة سوف تتخذ منه موقفًا للدفاع عن القانون واحترامه وكذلك للحفاظ على كرامتها».
مسرحية ديمقراطية
«ليست هزيمة مباراة هي نهاية الأخطاء والإخفاقات التي يمر بها المجتمع المصري في الوقت الراهن، وليست الإجراءات الاقتصادية التي تفرض على الشعب هي أيضاً نهاية مطاف الإخفاق والتخطيط الذي يصدر من الحكومة، لأن المعطيات، كما ترى ذلك عزة أحمد هيكل في «الوفد»، تؤدي إلى النتائج، هكذا تعلمنا في المنطق الذي خرس وسكت وانقطع نفسه بعدما أصبحنا نعيش مرحلة ضبابية، تعيد إلى ما كانت تفعلة حكومات سابقة من سوء إدارة وعدم تخطيط، على الرغم من وجود أكبر جامعات وشهادات عليا في الإدارة والاقتصاد، لأن أي حكومة أو مؤسسة أو وزارة لم تقدم للشعب الغلبان المسكين، الذي هو سبب تواجدها، والذي هو من يتكفل بنفاقاتها، لأنها في خدمته ومن أجل إدارة موارده وممتلكاته، تلك الحكومة أو المؤسسة أو الوزارة، لم تطرح برنامجها الزمني الإداري والاقتصادي، وخطتها المستقبلية على المدى القصير والبعيد، موثقة بالأرقام والبيانات، وأيضاً لم تطرح آليات التنفيذ مع معوقات عدم التنفيذ في الزمن والوقت المحدد، وما هي الموارد البشرية والاقتصادية والتقنية التي تطلبها خطة أي هيئة أو اتحاد أو وزارة، وإن كانت تلك الحكومة تعرض برنامجها على مجلس النواب في الخفاء، وفي الغرفة المغلقة فإن هذا يؤكد أن هذه السياسة غير صائبة ولا تصب في أي مصلحة، وإنما هي بروفة أو مسرحية ديمقراطية، لأن خطة كل وزارة وهيئة يجب أن تعلن سنوياً وتتم المحاسبة سنوياً بالأرقام والبيانات، وهو ما أتحدى أي هيئة حكومية أن تفعله، على الرغم من أن هيئة ضمان الجودة والمجلس الأعلى للجامعات، يصران على أن تقدم كل كلية وليس كل جامعة وكل قسم تعليمي خطة ورسالة وأهدافاً ونتائج وتقييماً، ولكن القضية ورق منضبط ولوائح معتمدة، بينما الواقع على الأرض لا يعبر ولا يدل على هذا.. وإذا كانت الحكومة تصدر قرارات اقتصادية وتطالب الشعب بالاستغناء والتحمل والتقشف، فإننا على استعداد لهذا إذا كان الجميع يحذو المنهج ذاته ويتبع الأسلوب نفسه والمنهج نفسه، فلا بذخ في الإعلانات، ومن البرامج الخاصة بالنجوم ولا استفزاز بما يُمنح للاعبي الكرة والمدربين الذين قادوا فريق المنتخب إلى فشل بعد فشل، وأن تكف الحكومة بكامل طاقمها عن الاستيراد وتتجه إلى المحلي، وأن توقف بناء الأبراج المكتبية الجديدة، وأن تعلن عن عدد المستشارين وما يتقاضونه من أموال ومكافآت، وأن ترشد الحكومة إنفاق مجلس النواب وبدلات الأعضاء هم والهيئة القضائية، وأن توضع خطة لضبط الإعلام الخاص والقنوات والاحتكار باسم الحماية والحفاظ والكلام غير المنضبط، وأن تعلن حكومتنا المصونة برنامجها الزمني، وأن تحاسب سنوياً، وإن أخفقت عامين متتالين يوضع قانون لسحب الثقة من أي هيئة ومؤسسة لا تقدم الخطة ولا تنجح في تنفيذها.. علينا أن نبدأ بأنفسنا، ولنا في ما حدث في التعليم والامتحانات، وكم الإحباط والفشل الذي أصاب الجيل القادم من جراء قرارات غير مدروسة على أرض الواقع وعناء وإصرار على فردية القرار، أن نتأكد أن الكرة والتعليم والاقتصاد والإعلام في حالة يرثى لها ولن تقوم لنا قائمة إلا إذا علمنا الداء لنعرف الدواء ولنبدأ بأنفسنا.
الشماعات الجاهزة
«هل كل ما قيل أثناء الغضب من هزيمتنا الكروية وفي فورة الثورة على خسارتنا الافريقية لا بد أن يكون صحيحاً؟ الإجابة، عند خالد منتصر في «الوطن» هي (لا)، فهناك الكثير من المغالطات تتسلل عبر زفرات الغضب ونمررها ونبررها ونصدقها، لأن الوقت لا يسمح بمناقشتها ومعارضتها، ولحظات التوتر دائماً لا تسمح بالمناقشة الموضوعية.
من ضمن ما ردده المصريون من أسباب الهزيمة هو الجمهور، الذي وصفه البعض تارة بأنه جمهور تنس، وتارة أخرى بأنه جمهور مرفه، اتهموه بأنه لا يمتلك روح الألتراس، ولم يحمس اللاعبين، وأنه جمهور كريمة القشدة التي تغطى البسبوسة الثرية الأرستقراطية، إلخ، وأنا أرى كل هذا الكلام مغالطات ومبالغات وتجنيات، كلام هروبي من نوع الشماعات الجاهزة، كلام هو خلط لمشاعر غضب طبقي على ثأر ألتراس، على عشوائية فكر على اعتياد قبح وتآلف مع التدني اللفظي.
الجمهور الذي حضر البطولة الافريقية «كان 2019» جمهور رائع ومحترم، وشجع بكل قوة ولم يبخل بهتاف أو جهد أو دعم لمنتخبه، هل يعيب هذا الجمهور أنه كان منظماً؟ هل أجرم هذا الجمهور لأنه لم يطلق سفالات أو شتائم قذرة؟ هل نهاجم ونسخر من هذا الجمهور لأنه احترم القواعد والـ«فان أي دي» وحجز التذاكر عبر الإنترنت، وكل معايير وخطوات تلك المنظومة الرائعة التي بدلاً من المناداة بتعميمها واستغلال نجاحها وصرامتها وانضباطها في تطبيقها على الدوري، نتفرغ للهجوم عليها والسخرية من جمهورنا الوفي الجميل، الجمهور لم يكن أبداً جمهور الأرستقراطية، بل معظمه كان من الطبقة المتوسطة التي دهسها الزمان، وجاءت لتبحث عن فتات متعة، وكان هناك أغنياء وبسطاء، والأب الذي لا يفهم في الإنترنت ساعده الابن الذي يفهم، وليست جريمة أن يجلس في الدرجة الثالثة أستاذ جامعة أو سفير، وليس عيباً أنه عندما يضيع لاعب هدفاً ألا يسبه ويشتمه بالأب والأم، لم يكن الجمهور كما قيل جمهور مارينا ومرسى الذين من حقهم الحضور بالطبع، لكن كان هناك إمبابة والسيدة زينب، هل معنى أن الجمهور شكله جميل ولابس شيك ومهتم بهندامه أنه جمهور غير كروي، هـــل لا بد أن يذهب إلى الماتش بأسمال بالية وجلاليب متسولين حتى نرضــــى عنه، ونعترف به جمهور كرة قدم، سمعت من يسخر من أنه شم رائحة بارفانات في المدرجات؟ هل الجالس في المدرج الذي يضع عطراً مجــــرم وآثم؟ هل لا بد أن نشم رائحة عفن في المدرجات حتى تصبح مدرجات كرة قدم؟ هل تصالحنا وتآلفنا مع شتائم الردح التي تنطلـــق لسب اللاعبين بأقذع وأحط الألفاظ، لذلك نحض على كراهية تلك النوعية التي زينت الاستاد ونصفها بأنها من الجمهور المزيف الذي يشجع بطريقة «فافي» أفخر بهذا الجمهور وأرفض أن نعلق له المشانق وأن نتهمه بأنه من أسباب الهزيمة، السبب هو فساد منظومة كروية هزيلة لم تكن على مستوى هذا الجمهور العظيم».
النيابة العامة
وإلى «الشروق» ورئيس تحريرها عماد الدين حسين ورفضه طلب التدخل للنيابة العامة للتحقيق مع اللاعبين وأعضاء الاتحاد بسبب الهزيمة، لأن ذلك ليس من مهامها، أما إذا كانت هناك وقائع فساد فلابد من تدخلها، وذلك تعليقا على البلاغ الذي قدمه المحامي سمير صبري للنيابة بدون أن يشير إليه عماد الذي قال: «النيابة العامة تنوب عن الشعب كله في حماية المجتمع يمكنها مثلا في عالم كرة القدم أن تحقق في إهدار أموال عامة داخل الاتحاد المصري لكرة القدم، وهل قام البعض فعلا بالاتجار في تذاكر مباريات البطولة، خصوصا التي كان طرفا فيها المنتخب المصري أم لا؟ وهل كانت هناك أخطاء إدارية ومالية، أم لا قادت إلى مخالفات قانونية محددة خلال الاستعداد للبطولة؟ ومدى صحة كل ما يتردد بشأن وقائع فساد داخل الاتحاد ومنظومته؟ كل هذه الأمور تخضع لولاية النيابة العامة، وينبغي التحقيق فيها فورا لكن المشكلة تبدأ حينما يتوسع البعض فى هذا المفهوم ويريد من النيابة العامة أن تحاسب الفريق ولاعبيه على سوء الأداء».
لم يكونوا في مستوى الحدث
أما دينا شرف الدين في «اليوم السابع» فترى أن: «صدمة كبيرة أصابت المصريين جميعًا على حدٍ سواء، من يشجع كرة القدم وتستهويه مشاهدة مبارياتها ومن لا يشجع بشكل معتاد ولكن: تلك الدورة تحديدًا كانت لها فرحة غير معتادة واهتمام غير مسبوق وحالة من التعطش الشديد للفوز، الذي فارق منتخبنا المصري لسنوات طويلة مليئة بالإحباطات والعثرات، التي كان آخرها الخروج المخزي من بطولة كأس العال، تلك التي انتظرناها سنوات وسنوات لم نكن نحلم أن نحصل فيها بالطبع على الكأس، ولكننا كنا ننتظر على الأقل مستوى معقول يتناسب وهذا الانتظار الطويل، وبكل أسف خذل المنتخب الجماهير خذلانًا كبيرًا ولم يكن على قدر تطلعات وآمال المصريين، ثم تجدد الأمل مرة أخرى بعد أن وقع الاختيار بشكل غير متوقع على مصر لتقوم بتنظيم واستضافة كأس الأمم الافريقية بعد 13 عامًا من آخر مرة تقام البطولة على أرضها، وعلى الرغم من ضيق الوقت الشديد قامت الدولة بتسخير كل إمكاناتها وتوفير كل مقومات وأسباب خروج الدورة على أكمل وجه، فاق كل التوقعات والأحلام، إذ أبهرتنا وأبهرت العالم بأسره دقة التنظيم وروعة حفل الافتتاح، وفوق هذا وذاك رأينا جماهير المصريين كما لم نرهم من قبل، في أجمل صورة للتحضر والرقي والدعم الحقيقي النابع من أعماق القلب، الذي كان وحده كفيلاً بدفع كل لاعب يرتدي قميص المنتخب الوطني أن يستميت في أرض الملعب ليقدم لهذا المصري الرائع ما يستحق، من شعور بالفخر والاعتزاز، لكنهم وبكل تهاون واستهتار لم يقدروا الجمهور المصري حق تقديره، ولم يكونوا على قدر هذا الحدث الكبير الذي استعدت له البلاد أتم استعداد، وقامت الدولة والمواطنون بكل ما ينبغي عليهم القيام به ويزيد، ليجدوا في المقابل ما لا يتناسب ولا يليق ولا يجوز أن يكون ! على من يقع اللوم ؟ ومن ذا الذي تتعلق برقبته تلك الغُصة التي امتلأت بها قلوب المصريين وتلك المرارة التي استقرت في حلوقهم؟ هل يقع اللوم على دويلة اتحاد الكرة المصرية التي أثبتت فشلاً يتبعه فشل بالأداء والقيادة على مدار سنوات، وبعد أن قتلوا القتيل سارع كل منهم بتقديم استقالته ليسيروا وسط جموع المصريين في تشييع جنازته هربًا من المساءلة؟ أم يقع اللوم على مجموعة من اللاعبين باستثناء قلة.
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أفلام مصورة لتجمعاتهم في معسكر المنتخب يرقصون ويمزحون بشكلٍ مقزز وفج خارج عن حدود الأدب واللياقة والترفيــه الطبيعي المسموح به؟ كنت أنتظر أن يشعر هؤلاء الراقصون ببعض المسؤولية ويدركون خطورة الموقف، ويتحسبون جيدًا لاسم مصر الذي يحمله كل منهم على صدره، ويشعر بحق أنه في ميدان لمعركة حقيقية إما النصر فيها أو الشهادة !ألم يكن من المنتظر أن نصل حتى إلى أدوار نهائية ذات قيمة وإن لم نحصل على الكأس؟ ألم يكن من حق هذا الجمهور العريض أن يبتل ريقه العطش بعدد أكبر من مباريات المنتخب الوطني، قبل أن ينفطر قلبه حزنًا على ضياع الحلم؟».
بأثر رجعي
وإلى محمد آخر هو محمد أمين الذي هاجم مجلس النواب ولجانه لعدم محاسبتهم الحكومة على أي قرار لها أو خطأ ترتكبه وقال ساخرا: « وقع المنتخب و«كثرت سكاكينه»، كما يقولون في مثل مشابه.. ورأينا هجومًا كاسحًا على المنتخب والاتحاد واللاعبين.. لم نترك منهم أحداً.. وأقول إن الشجاعة أن تنتقد في الوقت المناسب.. أي قبل وليس بعد.. ولا أعترف بالذين يكسرون القلل القناوي وراء الحكومة والمنتخب.. أين كنتم من قبل؟ الآن يتم استدعاء الوزير ومحاكمة اتحاد الكرة بتهمة الفساد! بد أن تكون هناك رقابة برلمانية حقيقية قبل المحاكمات.. ولابد أن تكون هناك رقابة صحافية وإعلامية قبل الهزيمة، هذا هو دور البرلمان والإعلام.. أحياناً يتم تشكيل الوزارة، ثم يوافق المجلس في الحال.. لم يعترض على وزير واحد في دورة كاملة.. اللهم إلا وزيراً ثبت في ما بعد «كيدية الهجوم»، فتم تدبير مهمة أخرى له.. فما معنى هذا؟ أرجو الإجابة! وللأسف، لم تعد الحكومة ترتعد من مجلس النواب، ولو حتى على سبيل التمثيل.. يدخل الوزراء ويخرجون بلا نقد، ولا طلب إحاطة، ولا استجواب.. حتى ولا توقيع طلبات.. أصبح المجلس «أحن على الحكومة من الأم بولدها». الحياة السياسية لا يمكن أن تستقيم بدون معارضة، والحياة الكروية أيضاً لا يمكن ان تستقيم بدون نقد رياضي.. فأين النقاد يا «ولاد الحلال»؟ المعارضة الوطنية ليست خيانة، والنقد الموضوعي ليس عيباً ولا حراماً.. فلا تستطيع أن تنتقد سلوكاً رياضياً، ولا فيلماً سينمائياً، ولا مسلسلاً درامياً، ولا وزيراً ولا محافظاً.. هناك من يمنح كل هؤلاء حصانة ضد النقد.. وهناك من يمنع النقد.. حتى أصبحت الحياة بلا طعم ولا روح.. حياتنا أصبحت مثل الطبيخ البايت.. وتحول الإعلام في نظر الناس إلى «طبالين»! الآن، تعلموا الدرس من «هزيمة المنتخب».. خذوا العبرة من هذا الفشل.. فلو كان عندنا إعلام ما ظهرت المناحات بعد الهزيمة.. ولو كان عندنا برلمان يمارس مهامه ما رأينا الهجوم المحموم بعد الفشل الذريع.. الحل في فتح الباب لبرلمان حر وإعلام حر.. هذا هو الحل.. وساعتها سنكون «شركاء».. هذه المبالغات في النقد والهجوم «شجاعة بأثر رجعي».. كأنها «مقصودة»! فماذا تفعل اللجان النوعية في البرلمان؟ وما هو دورها الآن؟ هل دورها تمرير كل القرارات بحجة «خلي المراكب تسير».. مثلاً هل حاسبت أحداً.. هل ناقشت وزيراً؟ هل قدمت استجواباً؟ ما هو الثمن الذي عطلنا من أجله الأدوات البرلمانية؟ وما هو الثمن الذي عطلنا لأجله التحقيقات الصحافية؟ ما الذي حققناه سياسياً واقتصادياً ورياضياً؟ هل ما فعلناه صحيح؟! وبعد، فإن تعطيل الأدوات البرلمانية وتعطيل النقد خطر على مستقبل الأمة.. فلا أحد فوق النقد.. ولا أحد فوق المحاسبة.. المهم أن تكون المعارضة وطنية، والنقد موضوعياً.. الإعلام الحر يبنى الوطن ولا يهدمه.. والبرلمان الحر مكوّن أساسي من مكونات الدولة العصرية».
نعيش بين حلال وحرام!
في كشف حساب العام المنصرم 2018 على بوابة دار الإفتاء المصرية رقم عجيب، فاجأ حمدي رزق في «المصري اليوم»، فعدد الفتاوى الصادرة عن الدار في عام مضى بلغ أكثر من مليون فتوى، شملت كل ما يهم المسلم في مناحي حياته المختلفة. في الحساب التقريبي وبقسمة المليون على 365 يومًا باعتبارها كانت سنة بسيطة وليست كبيسة، تلقى المصريون نحو 2739 فتوى يوميا، وبمعدل 114 فتوى في الساعة، وفتويين في الدقيقة. المصريون يطلبون الفتوى على مدار الساعة، استهلاك المصريين من الفتاوى استهلاك مفرط إذا جاز التوصيف. ماذا حدث للمصريين، هل هناك تفسير منطقي وواقعي لزيادة الطلب على الفتوى، هل هي نوبة تدين طارئة، وكأنهم يتعرفون مجدداً على الحلال والحرام، وما هو جديد الفتوى الذي تكالب عليه المصريون، هل فتاوى من عينة «حرمة الشطاف في الحمام»؟ ما الذي يقلق المصريين دينيًّا إلى هذا الحد لطلب مليون فتوى سنويًا، وما الترجمة الحرفية لزيادة معدلات طلب الفتوى؟ لم تقدم دار الإفتاء تفسيرًا، اكتفت بالتنويه إعلانًا عن جهدها في إنتاج الفتاوى الجاهزة، الفتاوى تصدر لأصحابها، وتنشر على العامة، فإذا صدر مليون فتوى، فهناك ملايين يستقبلونها على هواتفهم النقالة، تصدر الفتاوى لتشيع كالوصفات الطبية، التي يبخُّها نفر من الأطباء على وسائل التواصل الاجتماعي، وخطرها داهم. نزوع المصريين إلى طلب الفتوى بشراهة مفرطة يشي بأن كثيرين باتوا مقلقلين حلالًا وحرامًا، صار السؤال حلالًا أم حرامًا، السؤال الرئيس في حياة الناس، ويلغ السؤال أدق الخصوصيات، وحلّق في قضايا أبعد ما تكون عن الحلال والحرام، ومسّت الفتوى قرارات وسياسات خلوا من الحلال والحرام، عيشتنا أصبحت بين حلال وحرام. خطورة الأمر أن المفتي صار رقمًا صعبًا في حياة المصريين، وهذا يعطى رجال الدين سلطةً ليست لهم في تيسير الحياة، وباتوا هكذا يتحكمون في حياة البشر، وإذا استمر حال المصريين في رهن إرادتهم الحرة عند المفتي ستكون آثارها وخيمة، تديين الحياة على هذا النحو خطير جدًا، وتسييد المراجع الدينية سيخلّف آثاره الوخيمة في مقتبل الأيام. المفتون يحرثون الأرض لإقامة الدولة الدينية المزعومة، وبروز دور رجال الدين وتجسدهم هكذا في حياتنا مؤشر خطير على توارى الدولة المدنية، نفقد يوميًّا أرضًا يرثها رجال الدين على هوى الطيبين، ربنا يستر علينا وعلى السامعين».
مشهد واقعي
«حضانة باسم أجنبي، في أرقى حي على أطراف القاهرة، ديكورات فاخرة ومصاريف باهظة.. الأب يبحث عن لولي طفلته الصغيرة، ذات العامين ونصف العام، من خلال شاشات المراقبة الموجودة في الريسبشن، بعد أن أصبح متاحا للأهل رؤية الطفل داخل الفصل من خلال الموبايل، بينما أنت في عملك، أو في البيت باستخدام «أبلكيشن».. لكن الحضانة كما تقول سحر الجعارة في «المصري اليوم»، رفضت البث المباشر بزعم وجود مشكله فنية! لولي ليست في الفصل، بينما كل الأطفال من زملائها موجودون تقريبا و«الميس» أيضا موجودة، فأين ذهبت؟ بعيدا عن الشاشات: موظفة الاستقبال تحاول في توتر ملحوظ تهدئة الأب، وتقول: حضرتك هي مش في جونيور كلاس هتلاقيها في كلاس تانى في Pre-school class).. يرد الأب غاضبا: أزاي يا فندم لولي دي سنتين ونصف أزاي تكون في الفصل ده؟ ترد موظفة الاستقبال في تلعثم: هي مش هينفع تكون في فصلها.. أصلها «مسيحية»، لأن أولاد فصلها بيحفظوا قرآن وبياخدوا حصة دين إسلامي علشان كده خرجناها بره! يلاحظ الأب أن لولي تجلس وحيدة بعيدا، كمن تتلقى عقابا في «النوتي كورنر»، يهمس لنفسه، وكيف تدرك طفلتي أنها مضطهدة بسبب دينها؟ ومنذ متى بدأت الحضانة الأجنبية في تدريس حصة الدين للأطفال، ولماذا يلقون بالأطفال المسيحيين في «الغاردن» ألا يوجد بديل: تدريس حصة دين مسيحي مثلا.
تختلط الأصوات ويعلو ضجيج أولياء أمور يستنكرون ما يحدث لأطفالهم، والأب مصدوم ومندهش، موظفة الاستقبال تبر: أصل الإدارة رافضة تعيين حد مسيحي يشرح دين مسيحي. أم يرتفع صوتها: أنا ابنتي في حصة الدين وأرفض هذه العنصرية والتمييز. ثم تأتى لولي في عينيها نظرة انكسار، وإحساس بالغربة، إنها لا تحتاج إلى تفسير، ولا إلى شرح للقواعد واللوائح التي سنتها إدارة «الحضانة السلفية».. فقط تحتاج أن يضمها الأب إلى حضنه لتشعر بالأمان.. تحتاج منا جميعا أن نوقد شمعة للسيدة مريم العذراء البتول ليحفظ للطفلة براءة تلوثت بأيادي الجهل، وهي تزعم أنها ترضي الله وتكفر عن ذنوب لا تعرفها لولي.. ذنوب مخبأة في جدران الحضانة، مثل بركان يوشك أن يفجر في وجوهنا حمم «الفتنة الطائفية»، بركان يلتهم كل ما أنجزناه لنشر الاستنارة ومحاربة الأفكار المتطرفة التي تخصب تربة الإرهاب، وتهيئ حتى الأطفال للتجنيد في صفوف «داعش»، بعدما غرست فيهم الحضانة أن «المسيحية تهمة» لا يمحوها إلا الإقصاء، ومنع تدريسها، ونفي من يحمل تلك الديانة من خريطة الطفولة. (هاني طلع كوفتس): إنها أشهر جملة في فيلم «لا مؤاخذة» تكشف التمييز والعنصرية بين الطلاب في المدارس، و«التعصب بالفطرة» ضد المسيحيين لأنهم تربوا في منازل وحضانات ومدارس تغذي «كراهية الآخر» في نفوسهم، واستمعوا إلى منابر تطلق صيحات التكبير ثم تدعو على «النصارى واليهود».. وبينهم من تربوا على مناهج الأزهر، التي تعلمهم أن المسيحي «ذمي وكافر ويجب فرض الجزية عليه».. هؤلاء الأطفال لا يعلمون أن شرط الإيمان في الإسلام الذي يفرض على المسلم الإيمان بكل الرسل: «لا نُفَرِّق بَيْن أحــــدٍ من رُسُلِه»، البقرة- 285.. «هاني عبدالله»، بطل فيلم «لا مؤاخذة» موجود في كل مدرسة، ولولي بطلة الواقع موجــــودة في كل حضــــانة.. وهذا هو «التنمر» بعينه.. في مدارس تخشى الطالبة أن ترتدى صليبا يزين عنقها، أو أن تضع قلادة تحمل صورة السيدة العذراء.
إنها واقعة مهداة إلى السيد وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي: نحن نحارب الفتاوى الشاذة التي تكفر الأقباط وتحرم تهنئتهم في أعيادهم.. بينما بعض المؤسسات التعليمية تحولت إلى مصانع تفريخ للمتطرفين.. بل تؤسسها وتديرها «إدارة إرهاب معنوي».. تلقي بطفلة في «الغاردن» عقابا لها على ديانة ورثتها عن ذويها. لولي: لا تحزنى فثقافة المحبة التي تحملينها بقلبك سوف تهزم «حزب الكراهية» مهما كان يمتلك من سطوة أو ثروة أو غباء».
حكومة ووزراء
وإلى الحكومة وقرارها زيادة أسعار الوقود وإلغاء الدعم نهائيا عنها وتحقيق في مجلة «آخر ساعة» لمحمد التلاوي عن أسباب إلغاء الدعم جاء فيه: «حمدي عبد العزيز المتحدث الرسمي لوزارة البترول أكد أنه كانت هناك تشوهات سعرية في المنتج، لانه كان يباع بأقل من سعر التكلفة، وكان يصل لغير مستحقيه، لأن الأغنياء هم الذين كانوا يتمتعون بأكبر قدر من الدعم، وبالتالي كان لابد من إصلاح هيكل التسعير، وبالتالي كان هناك برنامج متدرج على مدار خمس سنوات، لكي نستطيع أن نصل إلى سعر التكلفة، وبالتالي المهم جدا في ظل الإصلاح الذي يتم لهيكل التسعير أن يتم ترشيد المنتجات البترولية، والآن أصبحت هناك بدائل وهو الغاز. بينما يقول السيد حجازي عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب أن الدولة كانت تدعم كل شيء، سواء الكهرباء أو الغاز أو المحروقات وغيرها من أشكال الدعم المختلفة في مجالات أخرى، وهذا يجعل ما الاقتصاد ينهار في الفترة الماضية، ونحن ورثنا تركة ثقيلة محملة بالأعباء عمرها ثلاثون عاما، وعندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادة مصر كان واضحا منذ البداية، وطلب من الشعب أن يصبر معه على الإصلاحات الاقتصادية التي سيجريها للعبور بمصر لبر الأمان».