المعركة الشديدة بين الساسة والعسكريين على السمعة الحلوة
23 - يونيو - 2013
حجم الخط
0
يتوقع ان تثير السطور التالية ابتساما واستهزاء على وجوه كثيرة: في أحد الايام إذ كان ايهود باراك رئيس اركان وتعبيرا عن شكر على شيء ما وضع ايهود باراك قطعة خشب على طاولتنا في وزارة الدفاع. وكانت قطعة مشابهة موضوعة على رف في مكتبه نقشت عليها جملة باللغة الانكليزية: ‘لا حد لقدرة الانسان وأين يستطيع الوصول اذا لم يهمه من يحصل على السمعة’. يُقرأ هذا القول ويُسمع مثل فكاهة في 2013 في دولة اسرائيل. ألا يهم من يحصل على السمعة؟ إن السمعة اليوم تعتبر في احيان كثيرة أهم من العمل نفسه، فهي كل شيء. أنتقل أكثر من مرة الى مناطق بعيدة واسأل نفسي أكان آباء الحركة الصهيونية، مثل قادة الدولة اليوم يحلمون ويقاتلون من اجل السمعة الشخصية، أم كان العمل ومصلحة الشعب اليهودي والدولة الآتية أهم عندهم؟ لست ساذجا بحيث اؤمن بأن الشأن الشخصي لم يكن يؤثر في التقديرات قبل القرار والفعل. لكنني أريد ان اؤمن بأن الفعل كان أهم عندهم من السمعة الشخصية بسببه. إن الظاهرة الأكثر رواجا في ايامنا هي ان كثيرين من العاملين، ولا سيما في السياسة والأمن تهمهم السمعة والشهرة والثناء أكثر، وأسوأ من ذلك أنهم مستعدون للشجار والقتل كي لا يحظى شريكهم في العمل، لا سمح الله، بأية سمعة حسنة (هل تذكرون الخصومة بين ايهود اولمرت وايهود باراك على قصف المفاعل الذري في سورية). لا توجد تنازلات في هذه المعركة ولا يوجد سخاء ولا توجد شفقة. فالسكاكين كلها تُستل وتُغرس في الظهر في الأساس. لقد انشأنا على مر السنين هنا جيلا من الناس ‘استولوا’ على السمعة على حساب آخرين، وهم أبطال اليوم وكأنهم أوجدوا الكهرباء في حين أنهم لا يكادون يعرفون توصيلها. إن عملية عنتيبة التي نحتفي هذا الاسبوع بمرور 37 سنة على تنفيذها، هي مثال لا مثيل له على هذا الشأن. حاول كثيرون ان ينسبوا الى أنفسهم السمعة الحسنة السياسية والعسكرية بسبب العملية التي وهبت لدولة اسرائيل وللجيش الاسرائيلي مجدا كبيرا. كان قائد العملية دان شومرون، دان شومرون، دان شومرون. وأنا اؤكد هذا مرة بعد اخرى، لأن قليلين في اسرائيل يعرفون هذا. وقد قُتل في المعركة وبعدها اربعة مدنيين من الرهائن: جان جاك ميموني، وفسكو كوهين وايدا بوروفيتش ودورا بلوخ. وقُتل ايضا ومن لا يعلم هذا بالطبع يوني نتنياهو. ومنذ ان كانت عنتيبة وقوي الامر في السنوات الاخيرة هاجت معركة شديدة لا رحمة فيها على السمعة العسكرية. إن التشهير يحطم ارقاما قياسية وتصدر كتب عملوا سنوات عليها كي تثبت من أين أُطلقت رصاصة وأين أصابت وهذه الحرب لا حدود لها. ونشأت معسكرات وولد غضب وخصام وجدل لم ينته. لا يوجد شركاء في السمعة. لكن الجرأة الحقيقية في عملية عنتيبة كانت للمستوى السياسي. ويقول هذا ايضا القادة والمحاربون. وكان هناك شريكان في القرار، هما رئيس الوزراء اسحق رابين ووزير الدفاع شمعون بيرس. وكانت المسؤولية كلها على كاهل رابين (الذي أعد حتى مسبقا رسالة استقالة في حال الفشل). بعد عنتيبة وجد مكان كبير واسع جدا للمجد للجميع: لرابين وبيرس ونتنياهو وآخرين وبقي مكان لكثيرين آخرين ايضا. لكن الحال في السياسة الاسرائيلية هي إما أنا وإما أنت، ومن المهم ان أكون أنا. وفي المعركة على حسن السمعة جلس أشياع رابين وبيرس وأحصوا بساعة ضبط عدد الثواني التي حصل عليها كل واحد منهما في الفيلم عن عنتيبة. الى هذا الحد. فالذين لا يحظون بحسن السمعة تكون أهميتهم كأهمية الأموات. من الملح هنا ان ننهي بكلمات مبتذلة نقول فيها انه في المعارك على حسن السمعة بين الساسة وناشطي القيادة العليا والعسكريين الكبار قد لا يُسفك دم، لكن من المؤكد أنه يوجد جرحى هم نحن والدولة ومواطنوها.