تبين نتائج جدول الديمقراطية الإسرائيلية بأن تعززاً واضحاً طرأ طوال سنين في العلاقة التي بين المكان الذاتي السياسي (يمين، وسط، يسار) للمشاركين اليهود في الاستطلاع، وبين عموم مواقفهم في مسائل يعنى بها جدول الديمقراطية، والفوارق بين المعسكرات واضحة ومنهاجية. هكذا هي الحال في الجمهور العربي، وفي التوزيع حسب من صوت للأحزاب غير الصهيونية (العربية) أو للأحزاب الصهيونية.
التمييز بين يمين ويسار (يهود) يبتعد عن موضوع النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، وهو اليوم يتضمن كل المجالات الحزبية – الاجتماعية الداخلية السياسية والخارجية.
ثمة عامل مميز آخر يتعزز مع السنين، وهو التداخل بين المكان السياسي الذاتي والمكان الذاتي على مقطع الحريدي – العلماني؛ ففي أوساط الجمهور العلماني توزيع شبه متساوٍ بين من يعتبرون أنفسهم في اليسار، والوسط واليمين، لكن ثمة أغلبية واضحة في باقي الجماعات، وأساساً في أوساط المتدينين – الوطنيين والحريديم، لمن يعتبرون أنفسهم في اليمين.
قلق على المستقبل
بين جدول 2012 وجدول 2022 يتضح هبوط حاد في معدل المتفائلين بمستقبل إسرائيل (في عموم العينة من 76 في المئة إلى 49 في المئة).
الميل مشابه في أوساط اليهود والعرب، وإن بقيت لدى اليهود أغلبية متفائلة، بينما هي لدى العرب تعد أقلية (يهود 2012 – 79 في المئة، 2022 – 51 في المئة؛ عرب 2012 – 60 في المئة، 2022 – 37 في المئة).
بالنسبة لوضع إسرائيل الاقتصادي، من 2003 حتى 2018 كان هناك ارتفاع دائم في معدل المقدرين لوضع إسرائيل كجيد وجيد جداً (من 11 إلى 53 في المئة).
بالمقابل، من الذروة في 2018 وحتى حزيران 2022، طرأ انخفاض متواصل في هذا المعدل (من 53 إلى 25 في المئة). في القياس الأخير (تشرين الأول 2022) وُجد ارتفاع في معدل المعرفين لوضع إسرائيل كجيد أو جيد جداً، وانخفاض في معدل المعرفين لوضعها كـ “سيئ جداً وسيئ”. لا توجد فوارق واضحة في هذه المسألة بين اليهود والعرب.
في أوساط اليهود، فإن معدل المفتخرين في كونهم إسرائيليين مستقر (متوسط متعدد السنين 2003 – 2022 – 85.9 في المئة). وهذا المعدل في أوساط العرب أقل استقراراً وأدنى بكثير (معدل متعدد السنين 2003 – 2022 – 46 في المئة).
أغلبية كبيرة ومستقرة من اليهود والعرب، بفوارق صغيرة فقط بين الجماعات الفرعية، معنيون بالبقاء في البلاد، وهكذا هو الأمر لدى أوساط كبار السن بل وفي أوساط الشباب (18 – 24)؛ أقل من الربع يريدون العيش في مكان آخر (23 في المئة من اليهود و 22 في المئة من العرب).
يؤمنون بالجيش الإسرائيلي
من العام 2003 وجداول الديمقراطية تفحص ثقة الجمهور بثماني مؤسسات: الجيش، والشرطة، ورئيس الدولة، والمحكمة العليا، والحكومة، والكنيست، والأحزاب السياسية، والإعلام. في قياس 2022 وُجد انخفاض في ثقة الجمهور بكل المؤسسات مقارنة بالمتوسط متعدد السنين لكل واحدة منها. ولكن في قياس تشرين الأول 2022 ثمة ارتفاع في الثقة بمؤسستين مقارنة بالسنة الماضية – الجيش (اليهود من 78 في المئة إلى 85 في المئة)، ورئيس الدولة (عموم العينة من 55 إلى 62 في المئة).
بالنسبة لأربع مؤسسات، قياس تشرين الأول 2022 هو الأدنى في كل مرة: المحكمة العليا (42 في المئة)، الإعلام (23 في المئة)، الكنيست (18 في المئة) والأحزاب (9 في المئة).
في عموم العينة، من ذروة ثقة بعموم مؤسسات الدولة في 2012 (متوسط 61 في المئة) كان هناك انخفاض إلى درك أسفل غير مسبوق (33 في المئة) في قياس 2022.
يبحثون عن زعيم قوي
من العام 2014 وحتى 2022 طرأ ارتفاع كبير في معدل الموافقين على أنه “لمعالجة مشاكل إسرائيل، هناك حاجة إلى زعيم قوي لا يراعي الكنيست والإعلام والرأي العام” (من 41 في المئة إلى 61 في المئة). في هذا الموضوع شبه كبير بين اليهود والعرب. والتوزيع حسب المعسكر السياسي (اليهود) يبين أن نسبة من يؤيد ذلك من اليسار اليوم هم 38 في المئة، وفي الوسط 54، في المئة وفي اليمين 68 في المئة.
ضد فقرة التغلب
في عموم العينة، في القياسات الخمسة على مدى أكثر من عقد، فإن أغلبية متوسطة من 55.6 في المئة يؤيدون أن تكون للمحكمة العليا صلاحيات إلغاء قوانين يشرعها الكنيست إذا تبين أنها تتعارض ومبادئ الديمقراطية.
تأييد ذلك في أوساط العرب أعلى بكثير مما في أوساط اليهود (87 مقابل 51 في المئة). والتوزيع حسب المعسكرات السياسية (اليهود)، يظهر أغلبية مؤيدي اليسار، وفي الوسط (89 و 70 في المئة) مقابل أقلية في اليمين (37.5 في المئة).
مثلما في القياسين السابقين (2018 و 2020)، ففي قياس 2022 أيضاً أغلبية كبيرة في الجمهور اليهودي (69 في المئة) يعتقدون بأن النظام في إسرائيل ديمقراطي للمواطنين العرب أيضاً. لكن الفوارق بين المعسكرات السياسية كبيرة: في اليمين (74 في المئة) وفي الوسط (69 في المئة) يؤيدون هذا التعريف، مقابل أقل من النصف في اليسار (47 في المئة). ولكن مثلما في القياسين السابقين، ففي قياس 2022 أيضاً في أوساط العرب أقلية (31 في المئة) فقط يعتقدون أن النظام في إسرائيل ديمقراطي بالنسبة لهم أيضاً. بين 2019 و 2022 يتضح هبوط في معدل من يعتقدون بوجود توازن اليوم في دولة إسرائيل بين العنصر اليهودي والعنصر الديمقراطي) من 28 إلى 18 في المئة).
وذلك إلى جانب الارتفاع في معدل المشيرين إلى أن العنصر الديمقراطي أقوى مما ينبغي (من 18 إلى 25 في المئة).
“حقوق أكثر لليهود”
توزيع معطيات 2022 حسب الموقع في مقطع حريديم – علمانيين (اليهود) يظهر أن أغلبية كبيرة من الحريديم (85 في المئة) كان بودهم أن يكون العنصر اليهود أقوى، وكذلك أيضاً 77 في المئة من المتدينين الوطنيين و58.5 في المئة من التقليديين المتدينين. في أوساط العلمانيين يفضل 51 في المئة العنصر الديمقراطي.
في أوساط العلمانيين، تعتقد الأغلبية (متوسط متعدد السنين 66 في المئة) بأنه يجب العمل دوماً حسب مبادئ الديمقراطية؛ والجواب المتكرر في أوساط التقليديين هو “وفقاً للحالة” (42 في المئة)؛ وفي أوساط المتدينين الوطنيين والحريديم تعتقد الأغلبية أنه يجب العمل دوماً حسب فرائض الشريعة اليهودية (57 و 89 في المئة).
“التوتر في المجتمع”
طرأت على مدى سنين تغييرات مهمة في تقدير ما هو التوتر الأقوى في المجتمع. منذ صيف 2021 يتصدر التوتر بين اليهود والعرب القائمة. فقد طرأ ارتفاع كبير في معدل اليهود الذين يعرفون طبيعة العلاقات بين اليهود والعرب في إسرائيل كسيئة أو سيئة جداً. و4 في المئة فقط من اليهود يعرفون هذه العلاقات اليوم كجيدة أو جيدة جداً.
ثمة ميل مشابه، ولكن أكثر اعتدالاً وجد أيضاً في أوساط العرب. هنا معدل المعرفين للعلاقات كسيئة أو سيئة جداً من 26 في المئة في 2018 إلى 45 في المئة اليوم. 17 في المئة من العرب فقط يعرفون هذه العلاقات اليوم كجيدة.
يتضح ارتفاع حاد في الجمهور اليهودي في معدل من يعتقد أنه يجب أن يكون للمواطنين اليهود حقوق أكثر مما للمواطنين غير اليهود (2022 – 49 في المئة؛ متوسط متعدد السنين 36.6 في المئة).
بالتوازي، في الجمهور اليهودي، طرأ انخفاض حاد في معدل المقدرين بأن المواطنين العرب يريدون الاندماج في المجتمع الإسرائيلي (2018 – 67 في المئة؛ 2022 – 40 في المئة). وفي أوساط العرب أغلبية كبيرة وثابتة تقدر بأن المواطنين العرب معنيون بالاندماج (2022 – 75 في المئة، متوسط متعدد السنين – 76.6 في المئة).
لا توجد أغلبية للتغيير
الرئيس إسحق هرتسوغ: “أنا قلق جداً من المعطيات الثلاثة التي وجدت في التقرير الذي رفع لي اليوم: ضعف التضامن في إسرائيل، وتضعضع إحساس الانتماء للدولة، والانخفاض في مدى التفاؤل بالنسبة لوضعنا. هذه المعطيات صعبة تضاف إلى أجزاء أخرى في التقرير تعكس التوترات الداخلية في أوساطنا. تراص صفوفنا يضعف، ونحن ملزمون بعمل كل شيء لإعادة بنائه”.
يوحنان بلاسنر، رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، أفاد بأن “جدول الديمقراطية يفيد بوضوح: لا توجد أغلبية في الجمهور للتغييرات التي هدفها إضعاف المحكمة العليا وسحق جهاز القضاء. جملة المبادرات التي يعمل عليها وزير المالية ستؤدي بالتراكم إلى سحق مبدأ فصل السلطات، وسيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وخص قدرة المحكمة العليا بالدفاع عن الفرد في وجه تعسف الحكم.
“مواطنو إسرائيل وزعماء الجمهور من كل القطاعات ملزمون بعمل كل ما في وسعهم لمنع هذه المبادرات الخطيرة وأحادية الجانب. إلى جانب العمل بتصميم على وقف المبادرات، هذا هو وقت السير إلى خطوة تستند إلى تشكيلة واسعة من ممثلي الجمهور والخبراء، تبحث وتبلور الفصول الدستورية التي ترمم الاستقرار، وتقلص الاستقطاب وتشكل أساساً للنظام الإسرائيلي”.
بقلم: يوري يلون
إسرائيل اليوم 16/1/2023