الرباط ـ ‘القدس العربي’: افتتح برنامج تلفزيوني للكاميرا الخفية في المغرب حلقته الأولى خلال رمضان الحالي بمقلب وقع ضحيته الكوميدي المصري علاء مرسي. ربما كان الأمر صدفة. ولكن اسم مصر ومرسي يترددان هذا الأيام بكثرة على لسان المغاربة وفي المنتديات السياسية والإعلامية، حيث تنعكس تداعيات الانقلاب الذي أطاح بالرئيس مصري على طبيعة الصراع السياسي الموجود حاليا في المغرب، لدرجة أن البعض أصبح يتحدث عن ‘تمصير المغرب’.
المعارضون وجدوا في مستجدات المشهد المصري مادة للمز والغمز حول ما ينتظر ـ برأيهم ـ الحكومة التي يقودها حزب ذو مرجعية إسلامية، والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار بعد إعلان وزراء حزب الاستقلال استقالتهم منها. بل أكثر من ذلك، أن حركة شبابية انتشرت عبر الشبكة الاجتماعية الافتراضية استعارت اسمها من حركة ‘تمرد’ المصرية، وحددت تاريخ 17 تموز (يوليو) لإسقاط حكومة ‘الإخوان’ المغربية. ولكن مسؤولا سياسيا من الأغلبية الحكومية يرفض هذه المقاربة ويقول إن للمغرب مؤسسات سياسية وتراكمات تختلف كلياً عن مصر.
والملاحظ أن التضارب في تقييم الواقع المغربي عند مقارنته بما يجري في مصر، راجع بالأساس إلى الاختلاف الحاصل في المواقف من تطورات الأحداث الجارية بين ‘ميدان التحرير’ وساحة ‘رابعة العدوية’. بعض الكتابات الصحافية والتعليقات الإلكترونية ترى أن الموضوع شأن مصري خالص ولا مجال لأن يحشر المغاربة أنوفهم فيه. فيما يتحدث آخرون عن الارتباط التاريخي والروحي ما بين المغرب ومصر، ويستشهد أحد المعلقين بعدد من أعلام الفكر والفكر والتصوف من المغرب الأقصى الذين كانوا قد استقروا في أرض الكنانة ودفنوا فيها كأبي الحسن الشاذلي و’المرسي’ أبي العباس والسيد بدوي ومن التاريخ الحديث الزعيم عبد الكريم الخطابي.
افتتاحيات الصحف المغربية وأعمدتها جسدت هذا الاختلاف في التقييم، فصحيفة ‘المساء’ وصفت ما وقع في مصر بـ’الربيع العسكري’، وكتب مديرها عبد الله الدامون قائلا إن عربة ‘البوعزيزي’ كانت مصدر إلهام لشعوب عربية كثيرة لكي تبصق في وجوه طغاتها، والآن عندما خرجت دبابات العسكر في مصر، فإن ذلك سيكون مصدر إلهام لكل الأنظمة الديكتاتورية لكي تنتفض ضد شعوبها، صانعة بذلك ‘ربيعا عسكريا’. وفي الاتجاه نفسه، ارتأى توفيق بوعشرين مدير صحيفة ‘أخبار اليوم المغربية’ وصف ما وقع في مصر بالمؤامرة، معتبرا أن أطرافا عديدة ـ وضمنها بلدان عربية ثرية ـ كانت منزعجة ليس فقط من صعود ‘الإخوان’، بل أيضا من العملية الديمقراطية وحكم صناديق الاقتراع… أما عبد الحميد جماهري رئيس تحرير صحيفة ‘الاتحاد الاشتراكي’ فكان له رأي آخر، حيث تهكم على الصندوق الذي يوصل الإسلامي إلى الحكم، فيصير بمثابة ‘صندوق إلهي، بمنزلة الوحي والملائكة’.
كتابات الصحف المغربية ولاسيما التي تحدثت عن ‘الانقلاب العسكري’ في مصر جعلت سفير القاهرة الجديد بالرباط يسارع (والعهدة على ‘أخبار اليوم’) إلى الاتصال هاتفياً ببعض الصحف، معيباً عليها استعمال تعبير ‘الانقلاب’، متحمسا للعملية الحسم العسكري التي قام بها الجنرال السيسي ضد الرئيس المعزول مرسي، معتبرا ذلك استجابة لإرادة الشعبي المصري.
غير أن مواقف المغاربة مما يقع في مصر لم تقتصر عند الكتابات وبعض الدعوات إلى المظاهرات السلمية (نفذت إحداها قبل أسبوع في الرباط)، وإنما وصلت إلى درجة المشاركة الفعلية الميدانية، حسب ما أورده موقع ‘هسبريس’ نقلا عن نشطاء سياسيين مصريين، فبحسب هؤلاء إن بعض الطلاب المغاربة الوافدين للدراسة بالأزهر، وأغلبهم يتبعون جماعة ‘العدل والإحسان’ (الإسلامية المحظورة) ينخرطون في الشأن المصري، ويتواجدون في محيط رابعة العدوية، حيث يعتصم مؤيدو الرئيس المعزول.
غير أن متحدثا باسم الطلبة المشار إليهم كتب تعليقاً نفى فيه نفيا قاطعا هذا الخبر، مؤكدا أن الطلبة المغاربة في القاهرة لا يتدخلون في الشأن المصري من قريب أو من بعيد، كما أنهم ليست لديهم انتماءات لفصائل دينية أو سياسية سواء داخل المغرب أو خارجه.
عسكر مصر قلد عسكر الجزائر تقليدا أعمى….والشعوب العربية تأخرت في تقليد ثورتي الجزائر في أكتوبر88 وماي 91 .