الرباط-«القدس العربي»: يشارف المغاربة على الاستئناس بالأسعار الجديدة المرتفعة لعدد من المواد الاستهلاكية، والتأقلم مع الزيادات التي لم تعد تفاجئ “قفة” المواطن وهو يتجول في الأسواق لاقتناء حاجياته الأساسية.
طيلة هذا الوقت، ما زالت مجموعة العمل الموضوعاتية البرلمانية تتدارس موضوع ضبط الأسعار والمضاربات التي باتت واضحة للجميع، من خلال الحديث عنها كما لو كانت أمر واقع يجب التكيف معه، في حين كان بإمكان المجموعة البرلمانية ومعها الحكومة الإسراع في التداول والدراسة والخروج بما يفيد المواطن في يومياته.
قد تكون العطلة الصيفية هي السبب، وقد تكون صعوبة الموضوع، فالأسعار والشركات المنتجة والسوق بحر عميق يلزمه بحّار جيد ليسبر أغواره، وقد يكون هذا البحار الغواص هو فريق من القبة التشريعية تشكل من رؤساء أو أعضاء الفرق النيابية معارضة وأغلبية.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة أشار مراراً إلى أن من عوامل ارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية هي المضاربات غير المشروعة في الأثمان، مما ألهب جيوب المواطنين بزيادات غير متوقعة.
وطالبت هيئة رئاسة أحزاب الأغلبية في مجلس النواب المغربي بضرورة الإسراع في إنجاز تقارير مجموعات العمل الموضوعاتية والمهام الاستطلاعية المؤقتة الجارية، وإخراجها إلى حيز الوجود، وفق ما جاء في بيان تلقت “القدس العربي” أول أمس نسخة منه.
الجميع يستحضر الظرفية الدولية التي أدت إلى الارتباك الحاصل في ضبط أسعار المواد الاستهلاكية على الصعيد العالمي، لكن اللجنة أو مجموعة العمل الموضوعاتية التي تم التأشير لها بالعمل منذ شهر أيار/ مايو المنصرم، ما زالت نتائج استطلاعها قيد الترقب.
هذا الترقب كان سبباً في كثير من الحبر الذي سال على ورق بعض المنابر الإعلامية، وآخرها موقع “الجريدة 24” الذي أشار إلى أن هناك ترقباً كبيراً لنتائج عمل مجموعة العمل الموضوعاتية البرلمانية، وحالة انتظار لتقريرها الذي من المفترض أن يكون كاشفاً لمجموعة من الاختلالات التي تعتري أسواق الجملة وخطوط التوزيع وكبار التجار، أما صغار الباعة من “حوانيت” الحي أو الشوارع فهم مجرد مستهلك مثلها مثل المواطن العادي، إذ تنعكس عليهم نتائج المضاربات.
حسب الموقع نفسه، فإن رئيس فريق حزب “الحركة الشعبية” إدريس السنتيسي الذي يترأس مجموعة العمل البرلمانية، يتجه نحو تقديم تقرير مفصل حول التدابير الكفيلة بضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في السوق. هذا الترقب لن يطول، إذ من المتوقع أن يتم تقديم التقرير في غضون الأيام القليلة المقبلة. وبالتالي، الكشف عن كل تفاصيل عمل يهم المواطن قبل المشرع، لأن الأول يكتوي بشكل مباشر بتداعيات هذه المضاربات، بينما أهمية الثاني أساسية في ضبط هذه المسألة واقتراح الإجراءات القانونية الكفيلة بوضع حد لذلك.
السؤال الذي يطرحه المواطن: هل سيكون مصير تقرير هذه المجموعة مثل مصير تقارير لجان سابقة، صبت نتائجها في رمل اللامبالاة والانتظار الذي ما زال قائماً إلى يومنا هذا؟
المواطن لا يهمه ما ستكشفه اللجنة البرلمانية، لأنه يعرفه جيداً ويعيش لهيب نتائجه من خلال “قفته” ويومياته، كل ما ينتظره هو وقف هذا الهجوم على قدرته الشرائية وضبط الأسعار بما يتوافق وإمكاناته.
تساؤل الرأي العام عن مصير تقرير مجموعة العمل البرلمانية بخصوص ضبط الأسعار والذي كان موضوع تدوينات متفرقة لمغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي، يجد مبرره في تقارير سابقة، مثل ما قدمته لجنة حول سوق المحروقات، وكانت النتائج محل جدل وتراشق، وأثارت الكثير من النقع ما زال غباره يعلو المشهد السياسي كلما أثير حديث عن البنزين والغازوال والأسعار، وهي محط تجادب دائم بين حزب “العدالة والتنمية” الذي كان يرأس الحكومة السابقة وحزب “التجمع الوطني للأحرار” الذي يرأس الحكومة الحالية.
نعود إلى تقرير مجموعة العمل البرلمانية حول موضوع ضبط الأسعار، حيث أكد المصدر السابق أنه وصل إلى مراحله الحاسمة، وتم تجويده على جميع الأمور التي تهم تفادي الاحتكار والمضاربة، وكيفية إنهاء كثرة الوسطاء الذين لا يؤدون الضرائب.
الخلاصة أن شهور الانتظار ما زالت في جعبتها بضعة أيام وفق ما تم تداوله، فقد اشتغلت المجموعة بعد أن أخبر رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، رؤساء الفرق النيابية بموافقة مكتب المجلس على إحداث مجموعة عمل موضوعاتية حول التدابير الكفيلة بضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في السوق المغربية.
وجاءت موافقة رئيس مجلس النواب على طلب تقدمت به فرق ومجموعة المعارضة طالبت فيه بإحداث مجموعة عمل موضوعاتية تتعلق بالتدابير الكفيلة بضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في السوق، لكن طيلة الفترة الفاصلة بين إحداث المجموعة وعملها، حرص مكتب مجلس النواب على إحاطة أشغالها وتداولاتها ونقاشها بالسرية التامة، كما أفاد موقع “هسبريس”، حيث أوضح أن السبب في إصرار مكتب مجلس النواب على سرية عمل المجموعة يرجع إلى أهميتها القصوى، وأن “العمل الذي ستقوم به قد يفرز مقترحات أو تعديلات على مستوى بعض القوانين أو قرارات جديدة لن يكون لها تأثير في حال تم تسريبها بشكل مسبق”، وفق ما نقل عن رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي.
اللافت للانتباه أن الحكومة الحالية على غرار سابقتها، توحدت في الحديث عن وجود مضاربات في أسعار بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، وبالنظر إلى انتهاء ولاية الحكومة السابقة فقد فشلت في وضع حد لذلك، وهو السؤال ذاته يطرح على حكومة أخنوش: هل ستتمكن من إنهاء معاناة المواطن المغربي مع شركات الإنتاج والتوزيع وأسواق الجملة ومجموع المتدخلين في عملية تزويد المغاربة بالسلع اللازمة لمعيشهم اليومي، والتي تتوفر بكثرة ولا ينقص منها شيء سوى بعض الخجل في الأثمان التي أصبحت جريئة إلى درجة إحراج جيب المواطن؟