الدار البيضاء- المغرب: غابت الابتسامة عن مشجّعي المنتخب المغربي الأربعاء بعد خروجه من نصف نهائي مونديال قطر على يد حامل اللقب فرنسا (2-0)، لكنّ هذه الخسارة لم تمنعهم من التنويه بمسيرة مشرّفة لفريق حظي بحبّ كبير تخطّى حدود المملكة.
ويلخص المشجع أسامة أبدوح هذا الشعور قائلاً: “لقد لعبوا مباراة جيّدة لكنّ الحظ خانهم، واجهنا بندّية حامل اللقب، هذا رائع”.
ويضيف الشاب الذي تابع المباراة بالدار البيضاء “هذا الفريق جعلنا نحلم حتى النهاية، أرفع لهم القبعة”.
في المقابل كانت مشاعر الشاب حكيم سلامة أكثر مرارة، إذ ظلّ يتمنّى أن تستمرّ المسيرة الرائعة لأسود الأطلس، “لكنّنا ضيعنا فرصة القرن، أنا محبط”.
في العاصمة الرباط وجّه بعض السائقين التحيّة إلى المنتخب بإطلاق العنان لمنبّهات سياراتهم، تحت السماء الماطرة، لكن بعيداً عن أجواء الفرح العارم التي كانت تغمر شوارع المدينة إثر كل انتصار كان أسود الأطلس يحقّقونه خلال الأسبوعين الأخيرين.
والحلم الذي عاشته كل أرجاء المملكة جرّ إليه أيضاً الأفارقة والعرب وكلّ دولة غير واثقة بنفسها في مقارعة الكبار، وذلك بعدما تخطّى الفريق المغربي منتخبات أوروبية قوية، وسجّل اسمه في تاريخ البطولة كأول منتخب عربي وإفريقي يبلغ نصف النهائي.
وحبست الموقعة الفرنسية-المغربية الأنفاس في المملكة طيلة الأيام الأخيرة، بين ترقب وتفاؤل، فيما بدا آخرون متحرّرين من ضغط النتيجة إعجاباً بما حقّقه منتخبهم حتى الآن.
وفي حيّ درب السلطان الشعبي بالدار البيضاء قال البائع الجوّال رشيد صديق قبيل ساعات من انطلاق المباراة إنّ “المنتخب الوطني حقّق معجزات منذ بدء المونديال… لذلك لست مهتماً كثيرا للربح أو الخسارة”.
وأضاف الرجل الذي استبدل بيع حلويات بالأعلام الوطنية “لقد ربحوا احترام وإعجاب كلّ المغاربة، وهذا لا يقدّر بثمن”.
“غذّوا أحلامنا”
وهذا الحي الشعبي الذي كان معقلاً لحركة المقاومة ضد الحماية الفرنسية في خمسينات القرن الماضي يعدّ أيضاً من معاقل الكرة المغربية إذ ولد فيه في 1949 نادي الرجاء البيضاوي، أحد أكبر ناديين مغربيين ومن بين الأشهر في إفريقيا.
وفي هذا الحيّ أيضاً ولد لاعبون من نجوم الكرة المغربية، مثل محمد جرير حمان صاحب أول هدف مغربي في تاريخ المونديال العام 1970 ضد ألمانيا الغربية في المكسيك.
ويقول اليافع محمد نظيفي، الذي يحلم أن يصير يوماً مثل قدوته سفيان بوفال، “نحن مولعون بالكرة في هذا الحيّ، من الطبيعي أنّ انتصارات المنتخب غذّت أحلامنا”.
ولا يكاد يخلو أيّ متجر في الحيّ من أقمصة المنتخب المغربي بأسعار زهيدة (بين 4,5 إلى 7 يورو فقط)، بل حتى سترات شتوية بألوان العلم الوطني.
ويضيف أحد تجار الحي خالد علوي “لقد أسعدَنا أسود الأطلس ولكنّهم أيضا نشّطوا تجارتنا”، وهي تباع “بسهولة منذ الانتصار على بلجيكا”، كما يضيف الشاب الذي يرتدي هو الآخر أحدها.
أما الخمسينية ثريا متروكي التي جاءت إلى سوق الحيّ لشراء ألبسة بألوان المنتخب لأربعة من صغار العائلة فتقول “لقد رفعوا العلم الوطني عالياً، لا يمكن أن نوفّيهم حقّهم مهما شكرناهم”.
فخر عربي أفريقي
ويتقاسم مشجعون أفارقة نفس مشاعر الفخر بأداء المنتخب الذي بقي الممثّل الوحيد للقارّة منذ دور الربع نهائي.
ويؤكّد الإيفواري المقيم بالمغرب سيديبي زومانا أنّ “المغرب جعل كلّ إفريقيا فخورة، لقد تابعت بحماس مسار هذا الفريق كما لو أنّه منتخب بلادي”.
أما المشجّع المغربي سعيد محسن فيواسي نفسه بعد الخروج من نصف النهائي بقوله إنّ “أسود الأطلس أعطوا جاذبية وتعاطفاً مع بلادنا، وأكدوا أيضاً أنه يمكنه أن يذهب بعيداً ويكون تنافسياً”.
(أ ف ب)