الرباط ـ «القدس العربي»: أزمة «كورونا» في المغرب لا تنحصر في الإصابات والوفيات وفي مدى قدرة المستشفيات الإقليمية على استيعاب الأعداد المتزايدة من مرضى الفيروس، بل إن لها انعكاسات متفاقمة على عدد من القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، كما يسجل تأثير سلبي للأزمة على أوضاع الإعلام والإعلاميين، مثلما تورد بعض التقارير الدولية.
وفي هذا الصدد، ترى مؤسسة «بيت الحرية» الأمريكية (فريدم هاوس) أن حرية الإنترنت في المغرب ظلت ضعيفة خلال أزمة «كورونا» يضاف إليها استمرار حملة القمع ضد الصحافيين عبر الإنترنت ونشر المواقع الإخبارية الموالية للسلطة معلومات كاذبة عن النشطاء والصحافيين. وأشارت في تقريرها الخاص بحرية الإنترنت خلال سنة 2020 أنه بينما يرتفع عدد مستخدمي الإنترنت في المغرب، يُعتقد أن السلطات تحتفظ بأنظمة مراقبة متطورة على هذا الفضاء.
وأكدت أن العديد من الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي موجودة لغرض وحيد، هو مضايقة وترهيب وتهديد النشطاء الذين ينتقدون السلطات، موضحة أنه خلال جائحة «كوفيد 19» أصدرت الحكومة مرسوم حالة الطوارئ الصحية الذي تضمن عقوبات جنائية لمن نشر «معلومات كاذبة» حول الوباء عبر الإنترنت.
تقييد المحتوى
وأضافت أنه خلال فترة الحجر الصحي، وافقت الحكومة المغربية على مشروع القانون رقم 22.20 الذي شجبه المجتمع المدني إلى حد كبير وجرى تعليقه مؤقتاً في أيار/ مايو، مؤكدة أنه إذا أعيد العمل بالقانون، فسوف يكلّف مقدمو الخدمة بتقييد المحتوى وكذلك فرض عقوبات جنائية على المستخدمين الذين ينشرون «معلومات خاطئة» على الإنترنت.
وأعطت المنظمة أمثلة على الاعتقالات التي همت مجموعة من النشطاء والمدونين، وأبرزت أنه على الرغم من أنه نادراً ما تُحظر المواقع الإلكترونية بشكل مباشر في المغرب، فإن السلطات تحدّ من المحتوى عبر الإنترنت من خلال مجموعة متنوعة من الآليات الدقيقة، حيث إن قوانين الصحافة ومكافحة الإرهاب تحمل أعباء كثيرة بالنسبة للصحافيين والمدونين، بينما هناك منافذ عديدة للمواقع الإلكترونية الموالية للسلطة التي تنشر أخباراً كاذبة وتشهيرية عن المعارضين.
ووضعت «فريدم هاوس» المغرب ضمن البلدان الحرة جزئياً، معللة ذلك بعدة اعتبارات منها سجن ومتابعة الصحافيين والمدونين والنشطاء، والتجسس على المعارضين، واستخدام ما يصطلح عليه بـ«الذباب الإلكتروني» لمهاجمتهم والتشهير بهم، حسب المنظمة الأمريكية. كما صنفت المغرب في المركز 52 على 100 في مؤشر حرية الإنترنت في عام 2020 حيث تقهقر بمركزين مقارنة مع السنة الفارطة التي احتل فيها المركز 54.
الصناعة التقليدية
من جهة أخرى، تضرر قطاع الصناعة التقليدية في المغرب بشكل كبير من جائحة كورونا، وكشفت مصادر رسمية عن توقف هذا القطاع بنسبة 80 في المئة خلال فترة الحجر الصحي، كما هبطت المبيعات بنسبة 95 في المئة؛ وعرفت منتجات الصناعة التقليدية توقفاً شبه تام خلال هذه الفترة.
وفي مداخلة لوزيرة السياحة نادية فتاح العلوي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان المغربي) أول أمس الثلاثاء، قالت إن جائحة «كورونا» كشفت أن قطاع الصناعة التقليدية يعاني من مجموعة من المشكلات على رأسها الهشاشة وضعف الهيكلة، وهذا ما عجل بإصدار القانون الخاص بمزاولة أنشطة الصناعة التقليدية، وستخرج نصوصه التطبيقية قريباً.
ولفتت إلى أن 65 % من الصناع التقليدين استفادوا من الدعم المباشر للدولة، مشيرة أنه بعد رفع الحجر الصحي استؤنفت أنشطة القطاع بنسبة 66 %، وبنسب متفاوتة بين مختلف الجهات. وأبرزت أن 78 % من وحدات الصناعة التقليدية استرجعت العمال الذين جرى تسريحهم خلال فترة الحجر. ووعدت الوزيرة بتعميم التغطية الصحية على الصناع التقليديين، إلى جانب إعداد استراتيجية جديدة للنهوض بالقطاع.
على صعيد آخر، يشتكي 12 ألف طبيب في القطاع الحر من غياب التغطية الصحية والتقاعد، بالرغم من كل الأدوار الطلائعية التي يقومون بها؛ ودق «التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الحر» ناقوس الانتباه في هذا الصدد، مورداً أن الأطباء لا يتوفرون حالياً على الإطار الذي يمكنهم من الولوج السلس إلى العلاجات، والتخفيف من آلامهم، ويمنحهم الخدمات الطبية التي هم في حاجة إليها، وهو ما أكدته الجائحة الوبائية التي يوجد الأطباء في الصفّ الأول لمواجهتها، إلى حد أن عدداً منهم فارق الحياة بسببها، مخلّفين وراءهم أرامل ويتامى بدون معيل وبدون تقاعد.
الدكتور سعد أكومي، الرئيس المؤسس «للتجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الحر» أوضح في هذا الصدد أن الحكومة لم تقم بتطبيق مضامين القانون رقم 98.15 المتعلق بالتغطية الصحية لكل العاملين في القطاع الحر، والمنشور في الجريدة الرسمية منذ عامين، كما أن السلطات الحكومية لم تأخذ بعين الاعتبار وبجدية المقترحات التي تقدم بها أطباء القطاع الحر التي تخص تسعيرة انخراط العاملين في هذا القطاع للاستفادة من هذا النظام.
وشدّد في تصريح صحافي، على ضرورة منح الأطباء تمييزاً إيجابياً في علاقة بالأدوار المختلفة التي يقومون بها والخدمات التي يقدمونها، في حين أنهم يُحرمون منها، مشدداً على أن «تحفيز مهنيي الصحة يعتبر خطوة ضرورية لدعم جهودهم في ظل خصاص كبير يتجاوز 17 ألف طبيب وفي ظل اختيار البعض البقاء خارج أرض المغرب، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى كل أبنائها وبناتها وجميع طاقاتها وكفاءاتها للنهوض بها».
إلى ذلك، أفادت المعطيات الرسمية المتعلقة بالحالة الوبائية في المغرب، مساء الثلاثاء، عن تسجيل 3185 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، و1964 حالة شفاء، و49 حالة وفاة خلال 24 ساعة. وبذلك رفعت الحصيلة الجديدة العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة في المغرب إلى 156 ألفاً و946 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 آذار/ مارس الماضي، ومجموع حالات الشفاء التام إلى 131 ألفاً و462 حالة، فيما ارتفع عدد الوفيات إلى 2685 حالة.