المقاومة ابتكرت أساليب قتال غير مسبوقة… وأفرادها اقتفوا أثر الهدي النبوي في حسن التعامل مع الأسرى

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : وإن تأجل الحلم الكبير الذي انتظرته الأجيال المتعاقبة منذ النكبة، إلا أن ما حققه الفلسطينيون منذ بزوغ شمس السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لا يمكن نكرانه، بدءاً بابتكار خطط فريدة في فنون القتال لم تعهدها اعتى الجيوش في العالم منذ نشأة الدولة الحديثة، كالتعامل مع صواريخ القسام وشقيقاتها باعتبارها طائرات هجومية تنطلق عبر كتف المقاتل، وكالهجوم من المسافة صفر، وبراعة القتال في أسوأ الظروف، وبأدنى الإمكانات، فضلا عن تحقيق ما عجز العالمان العربي والإسلامي عن تحقيقه منذ عقود، باستعادة التعاطف الواسع مع القضية الفلسطينية، وهزيمة الجيش الذي لا يقهر، وإذلال الآلة العسكرية الصهيونية، وإلحاق أكبر الضرر بصورة أمريكا حول العالم. وناشدت إيمان البرغوثي زوجة أقدم أسير فلسطيني هو نائل البرغوثي، الذي قضى 43 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي، السلطات المصرية بالتوسط لدى الاحتلال للإفراج عن زوجها في إطار مفاوضتها للإفراج عن مزيد من الأسرى. وأوضحت البرغوثي في مداخلة تليفونية: «نعتمد على مصر في دعم القضية الفلسطينية ونحبها ونقدر مجهودها، وزوجي نائل البرغوثي أقدم أسير في العالم ومعتقل منذ 43 سنة، وتزوجته فقط وعاش معي عامين ونصف وقضى بقية عمره في السجون الإسرائيلية وبلغ الآن من العمر 66 سنة”. لافتة إلى أن الاحتلال يمنعها من زيارة زوجها منذ ستة أشهر، قائلة: «الاحتلال يمنعنا من زيارة زوجي، ومنذ 6 أشهر لم أره». وقال ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، “إن مصر استقبلت 575 مصابا من أبناء غزة لعلاجهم في المستشفيات المصرية ومعهم نحو 320 مرافقا”.
ومن جديد الأزمة العاتية التي يواجهها المواطنون: دعا الإعلامي أحمد موسى، النيابة العامة والنائب العام المستشار محمد شوقي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة حيال جرائم احتكار السكر، وإحالة مرتكبيها إلى المحاكمة والقضاء، مستنكرا الانفلات الذي تشهده الأسواق في أسعار السكر مؤخرا؛ نتيجة احتكار وتخزين السلع في المخازن وحجبها عن التداول. وكشف عن تمكن الأجهزة الرقابية من ضبط 38 طنا من السكر في المخازن، فضلا عن الأرز والسجائر وغيرها من السلع. ومن تداعيات الماراثون الرئاسي: بدأت أمس الأربعاء فترة الصمت الانتخابي للمرشحين خارج البلاد، حيث يتوقف المرشح عن الدعاية الانتخابية بالنسبة للمصريين في الخارج في الثانية عشرة من صباح اليوم الخميس، وذلك قبل يومين من تاريخ الاقتراع بالتوقيت المحلي لكل دولة. وتبدأ عملية التصويت في الخارج يوم الجمعة الموافق 1 ديسمبر/كانون الأول، وتستمر لمدة ثلاثة أيام متتالية تنتهي يوم الأحد 3 ديسمبر المقبل، في عدد 137 لجنة فرعية موزعة في مقر البعثات الدبلوماسية في دول العالم، ويكون تصويت المصريين في الخارج عن طريق الحضور الشخصي إلى مقر السفارة أو القنصلية المصرية التي يوجد فيها الناخب في الأيام المحددة للتصويت، واختيار المرشح الذي يرغب فيه، ووضع بطاقة الاقتراع في الصندوق المخصص لذلك. وتضم قائمة المرشحين النهائية كلا من: المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي رمز النجمة، والمرشح الرئاسي فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي رمز الشمس، والمرشح الرئاسي عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد رمز النخلة، والمرشح الرئاسي حازم عمر رمز السلم.
استقبل البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في مصر، وعدد من الآباء المطارنة، أعضاء مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في مصر، وفد الحملة الرسمية للمرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي، بقيادة المستشار محمود فوزي رئيس الحملة الانتخابية، والعميد وسام صبري المدير التنفيذي للحملة، في الكلية الإكليريكية في المعادي.. ومن المحاكمات التي ينتظرها الشارع السياسي: قررت محكمة جنح المطرية تأجيل محاكمة أحمد الطنطاوي ومدير مكتبه و21 آخرين من أعضاء حملته، لاتهامهم بتداول أوراق تخص الانتخابات، دون إذن السلطات المختصة بالمخالفة للقانون عبر دعوة المواطنين لتوقيع توكيلات شعبية لتأييد الطنطاوي، وذلك لجلسة 5 ديسمبر/كانون الأول للاطلاع على أوراق القضية.
بعد الهدنة

عقب اندلاع المعارك في 7 أكتوبر/تشرين الأول، تمسكت الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بشعارات تحرير الرهائن واجتثاث حماس والقضاء عليها، وهو ما لم تستطع القيام به وقبلت، وفق ما قاله عمرو الشوبكي في “المصري اليوم” بالتفاوض غير المباشر مع حماس وعملية تبادل للأسرى. وقد جرى تمديد الهدنة الإنسانية ليومين إضافيين، مقابل الإفراج عن 20 أسيرا إسرائيليا، كما أفرج الاحتلال عن 50 أسيرة من الجانب الفلسطيني. والحقيقة أن هذه المعركة وصلت إلى نقطة مفصلية بنجاح الهدنة الإنسانية، وأصبح السؤال المطروح: هل يمكن أن تتراجع إسرائيل عن خوض جولة ثانية من المواجهات، وتقبل الانتقال من الهدنة إلى وقف إطلاق النار، أم أنها ستستكمل عدوانها على قطاع غزة؟ الإجابة ستكون الثانية، لأن الدولة العبرية بنت استراتيجيتها على استكمال المعارك واستهداف المدنيين. والحقيقة أن النقطة الحالية تمثل صراعا بين إرادتين مختلفتين في الموقف والتوجه: الأولى إرادة الرأي العالم العالمي والضغوط الشعبية والمواقف الجديدة لقادة عدد من الدول الأوروبية الداعية لوقف إطلاق النار، إلى جانب التحركات الوزارية العربية لمصر والسعودية والأردن وفلسطين، الداعية أيضا لوقف إطلاق النار، إلى جانب مواقف عدد من الدول الإسلامية الكبرى، مثل تركيا وماليزيا وإندونيسيا، التي تطالب أيضا بوقف إطلاق النار. أما الإرادة الأخرى فهى إرادة آلة الحرب الإسرائيلية التي تنوى استكمال المعارك واستهداف المدنيين من أجل الضغط عليهم لتهجيرهم من شمال غزة إلى جنوبها، ثم ستحاول تكرار ذلك من جنوب غزة إلى سيناء، وهو ما لم تنجح فيه، لأن هناك 700 ألف فلسطيني ما زالوا يعيشون في شمال غزة رغم القصف.

المطلوب ما يلي

إن مسألة التطهير العرقي والتهجير خيار استراتيجي إسرائيلي من هذه الحرب، فهي ليست كما أخبرنا عمرو الشوبكي حربا بين جيشين نظاميين، يُقتل فيها عرضا المدنيون، كما يحدث تقريبا في كل الحروب، إنما هي حرب بغرض قتل المدنيين، واستهداف المستشفيات ومراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة، ومراكز منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). هذه الإرادة الإسرائيلية جعلت الولايات المتحدة في موقف متناقض، فهي تدعم ما تصفه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها واستكمال أهدافها من الحرب، وإعلان الرئيس بايدن مؤخرا أنه لا يرغب في رؤية مزيد من الضحايا المدنيين الفلسطينيين، رغم أنه يعلم أن الهدف الإسرائيلي من الحرب هو قتل المدنيين. الموقف الإسرائيلي الذي ينوى استكمال الحرب والمدعوم مع بعض التحفظات (من نوع الحفاظ على المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية) من الجانب الأمريكي والبريطاني يقابله موقف عالمي وشعبي ضاغط يطالب بوقف الحرب. إن ما نرجحه هو أن إسرائيل ستستكمل عدوانها على قطاع غزة، ولكنه عدوان لن يستمر شهرين، كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إنما يجب على كل القوى الرافضة للحرب في العالم أن تستعد لجولة جديدة، لأن ضغوطها هي التي ستوقف الحرب وتنقذ أرواح الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني.

بلا إنسانية

هناك سؤال يتردد في أوساط كثيرة: ماذا بعد الهدنة وتوقف القتال؟ وماذا جنت الأطراف المتصارعة؟ وماذا بعد أن تهدمت غزة؟ وماذا بعد أن ظهرت وحشية إسرائيل أمام شعوب العالم؟ وهل كان ذلك شيئا جديدا على هذا الكيان الذي افتقد الإنسانية؟ أجاب فاروق جويدة في “الأهرام”: إن إسرائيل كانت دائما تفضل أسلوب المفاجآت في كل حروبها، لكن حماس كانت صاحبة المبادرة وغيرت كل الحسابات واستطاعت أن توجه الضربة الأولى ونجحت في أن تهز أركان العدو الصهيوني.. ولا أعتقد أن الهدنة ووقف المعارك بضعة أيام سوف يوصلان إلى نتائج أفضل في تحقيق مستقبل آمن للشعب الفلسطيني، لأن إسرائيل لا توافق على إنشاء دولة فلسطينية.. والقوة الوحيدة التي تستطيع فرض قرارات الأمم المتحدة هي أمريكا، لأن إسرائيل كانت تراهن على الزمن وتضييع الوقت، حتى لو خاضت من وقت لآخر حروبا قصيرة في غزة، أو مع حزب الله أو سوريا.. إن أمام المقاومة الفلسطينية فرصة التدخل الأمريكي السافر في الحرب الأخيرة.. فقد وضعت الإدارة الأمريكية كل ثقلها في هذه الحرب وتستطيع الدول العربية أن تمارس ضغوطها على أمريكا، لكي تفرض على إسرائيل مبدأ قبول الدولتين.. لا شك في أن غزة غيرت حسابات كثيرة.. حشود المتظاهرين في عواصم العالم، كانت إنجازا، وصمود المقاومة ما يقرب من خمسين يوما كان إنجازا، والهدنة بكل شروطها كانت إنجازا، ووقف القتال والمقاومة تهين جيش إسرائيل الذي لا يقهر كان إنجازا، ونبل الأخلاق في معاملة أسرى إسرائيل كان إنجازا، وقبل ذلك كله فإن شعب غزة الذي قاتل وحده كان أسطورة في التضحية والدفاع عن الأرض.. أمام الشعب الفلسطيني أوراق كثيرة يمكن أن تمهد الطريق لإقامة دولته، خاصة أن العالم غير حساباته وشهد نوبة صحيان الضمير والرجوع إلى الحق.
سيدفنون هنا

السوفييت في الحرب العالمية الثانية وفق ما لفت انتباهنا خالد حمزة في “المشهد” كانت لهم أغنية شهيرة تقول: إذا فقد الجندي قدميه في الحرب، فإنه ما زال يستطيع معانقة أحبابه. وإذا فقد ذراعيه، فإنه يستطيع الرقص معهم. وإذا فقد عينيه، فإنه يستطيع سماع موسيقى وطنه. وإذا فقد سمعه.. فإنه يستطيع التمتع برؤية أحبابه دون ضجة؟ وإذا فقد كل جزء من جسده.. فإنه يستطيع أن يستلقي على أرض وطنه الغالية، ولكنه إذا فقد أرضه، فماذا باستطاعته أن يفعل؟ أجاب الكاتب، كما أعاد الروس للحياة أغنية شعبية ذائعة الصيت، لُحنت لأول مرة عام 1938، كانت تغنى أيام الحرب العالمية الثانية، وتحكى عن فتاة تنتظر حبيبها، الذي يخدم بلاده في الجيش ضد الألمان. وكاتيوشا.. تصغير لاسم الفتاة كاترينا. وقد سُميت قاذفات صواريخ كاتيوشا، التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية على اسم الأغنية. وكُتبت كلمات أغنية إيطالية على لحن كاتيوشا، أيام مقاومة الإيطاليين للفاشية. واقتبسها الأخوان الرحبانى في موسيقى إحدى أغنيات مسرحية «لولو» الشهيرة لفيروز عام 1974، والغزيون على المنوال نفسه.. ماضون. يفقد الواحد منهم قدمه، فيقول لم أفقد ذراعي بعد. ويفقد ذراعه، فيقول لديّ عينيّ وسمعي، أتابع بهما العالم من حولي. ويفقد سمعه، فيقول لم أفقد رؤيتي بعد. ويفقد كل أجزاء جسده، فيقول سأستلقي على أرض غزة، فهي عندي بالدنيا كلها. ولكنه أبدا لم ولن يفقد أرضه، فعليها ولد وعليها يعيش.. وعليها سيموت.

فاشل من يومه

كانت خطة نتنياهو لتهجير الفلسطينيين القسري إلى سيناء على ثلاث مراحل رصدها كرم جبر في “الأخبار”: أولا: تدمير شمال غزة بحيث تصبح الحياة مستحيلة، ودفع السكان للهجرة القسرية إلى الجنوب، وحدد الجيش الإسرائيلي ما سماه الممرات الآمنة للهروب من الجحيم، وحملهم مسؤولية البقاء في الشمال. ثانيا: ضرب جنوب غزة على غرار ما حدث في الشمال ودفع السكان للهجرة إلى الحدود المصرية، والتكدس أمام معبر رفح، وتوجيه المساعدات لهذه المنطقة، لجذب مزيد من المهجرين، وامتدت الغارات الوحشية إلى خان يونس. ثالثا: قذف المنطقة الحدودية مع مصر، على غرار ما حدث عام 2008، وهدم أجزاء من السور العازل، ودفع الأهالي للعبور العشوائي والدخول إلى سيناء هربا من الغارات التي تشمل كل غزة. وتضمنت خطة نتنياهو عدة توقعات: فإما: أن تتصدى القوات المصرية للفلسطينيين لمنع تدفقهم إلى سيناء، وتنقل إسرائيل الحرب إلى مصر، بدلا منها، فتصبح حربا مصرية فلسطينية، أو أن تسمح مصر بدخول الفلسطينيين، وينفذ نتنياهو خطته بنجاح في التهجير القسري. وابتلع زعماء الغرب وأمريكا الطعم، وجاء بعضهم إلى مصر للترويج لخطة التهجير، وتقديم إغراءات مالية، فكان رد الرئيس السيسي حازما وقاطعا: «سيناء خط أحمر، لن نسمح أبدا بذلك، سنتخذ الإجراءات مهما بلغت لوقف التهجير». وتغيرت المواقف، واتفقت رؤى أمريكا وزعماء الغرب على رفض التهجير القسري، ووقف قتل المدنيين، كرد فعل للموقف المصري الصلب، وبدأ التفكير في خيارات أخرى أهمها حل الدولتين. الخيال المريض لنتنياهو صور له إمكانية تكرار ما حدث عام 2008، وتطوير السيناريو الفاشل بمكونات جديدة. فقد ارتكبت إسرائيل في ذلك الوقت مجزرة على غرار ما يحدث الآن في غزة راح ضحيتها حوالي ألف قتيل وخمسة آلاف جريح، واندفع السكان بمئات الآلاف إلى المعبر. الجديد في سيناريو نتنياهو 2023 هو أن يكون تدمير غزة شاملا، وتخيير السكان بين الموت أو التهجير القسري، واستغلال حادث 7 أكتوبر/تشرين الأول في خلق تعاطف دولي يساعد في تمرير مؤامرة التهجير، وجاء زعماء الغرب إلى مصر يتحدثون بلسان إسرائيل ويدافعون عنها.

بايدن مذيعا

هل تصدق أنه سوف يأتي اليوم الذي يتحول فيه رئيس أقوى دولة في العالم الولايات المتحدة الأمريكية إلى مراسل نشرات إخبارية.. هذا ما فعلته المقاومة الإسلامية في غزة، وفق ما يراه خالد حسن في “الوفد”، حيث تحول بايدن إلى مراسل إعلام، وظيفته تتضمن في المقام الأول الخروج يوميا على الشاشات أمام شعبه، يرصد تقريره اليومي حول حرب طوفان الأقصى، وما توصلت إليه حماس، من السماح بإطلاق الأسرى.. هل تصدق أن أقوى دولة في العالم أصبح رئيسها يتفاخر بإطلاق سراح أسيرة أمريكية، ويجعلها أهم دعاياته الانتخابية.. أشياء كثيرة لا تصدق وجاء طوفان الأقصى ليحول العالم، ويكشف لنا الكثير أهمها أنه لا يوجد في قاموس العالم الواقعي ما يسمى بالقانون الدولي أو الإنسانية، وأن أهم درس يجب أن نتعلمه هو أن القوة فقط هي السيد والمتحكم، والذي يجبر من أمامه على احترامه وعدم الجور على حقوق الضعفاء، ومن لاسند لهم وأن القوي هو من يسمح له أن يتكلم ويملي شروطه وتطاع أوامره.. ربما لم يلاحظ البعض الرسالة التي مررتها حماس خلال الهدنة وتبادل الأسرى عندما أوقفت التبادل فجأة بحجة ضعف المساعدات الإنسانية المقدمة للفلسطينيين، ما دفع الولايات المتحدة إلى التحرك بسرعة لإرضاء المقاومة وإتمام التبادل.. والحقيقة أن ما فعلته حماس لم يكن سوى كشف للعالم أنها فقط صاحبة المبادرة والقرار، وليس انتصارا أمريكيا كما يدعى بايدن.

سنن مهجورة

لقد كشفت الحرب كما أوضح خالد حسن، من معنا ومن ضدنا، وكشفت أيضا المرجفين والمنافقين، وشاهدنا من يقدم الدعم للصهاينة من جلدتنا، وخرج علينا في فيديوهات السوشيال ميديا شيوخ سلفيون يدعون أنها فتنة، ومنهم من سخر من المجاهد أبوعبيدة ينصحه بالجهاد بالسنن وليس بالحرب والقوة، وهم يتناسون أنهم على منبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويدعون الانتساب إليه وهم أبعد ما يكونون من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم المجاهد.. ربما يتعجب البعض من قيام المجاهدين من المقاومة بالسير حفاة أثناء الجهاد وقيامهم بإخفاء الوجه وهي من سنن الجهاد التي لم يعرفها الكثير ربما، لأننا تنازلنا عن الجهاد وأعادته إلينا المقاومة الفلسطينية.. من يصدق أن القناع كان رمز البطولة في الحروب الإسلامية، وعاد من جديد فقد كان أغلب الصحابة مقنعين وقت الحروب ويعرفون بعلامات، حتى إن حمزة رضي الله عنه يوم بدر كان معلما بريشة نعامة حمراء، وكان الرسول لا يكاد يرى إلا مقنعا وهو لباس المجاهدين المسلمين على مرّ العصور. أما عن سير المجاهدين حفاة الأقدام فيعود إلى ذكر تحريم الله جل وعلا على النار الأقدام التي اغبرت في سبيله.. ربما هي أشياء قد يجدها البعض بسيطة لا تستحق التفكير، ولكنها في الواقع ثقافة جديدة غابت أو غيبت عنا بالإكراه، ثقافة إعادة الحق بالقوة أو الجهاد.

خاسرون ورابحون

لكل حرب خاسرون ورابحون. يتربع اثنان من الخاسرين على رأس قائمة حرب حماس وإسرائيل الدائرة رحاها الآن، من وجهة نظر الدكتور مصطفى جودة في “الأهرام” هما نتنياهو وثانيهما الرئيس الأمريكي بايدن. كلاهما سيدفع فاتورة أخطائه بسببها. في إسرائيل كل الشواهد تدل على أن نتنياهو انتهى، سواء بإجراء انتخابات أو بإجباره على الاستقالة. كل المؤشرات تدل على أن العملية وضعت آخر مسمار في نعشه، وأن آخر يوم في الحرب سيكون أول يوم في تقاعده. إنه الآن يبدو ممسوخا مهزوزا وفاقدا الثقة في نفسه، وهو الذي كان يظن أنه أسطورة إسرائيلية تشبه الأساطير اليونانية، وأن إسرائيل ستختاره للأبد إذا كان راغبا في حكمها. لقد أسقطته العملية مثلما تسقط العاصفة العاتية نخلة عجوزا خاوية. الرجل الذي كان قبل العملية بأيام يخطب ويختال في خطابه بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول في الأمم المتحدة، والذي ذكر فيه رؤاه للسلام في الشرق الأوسط وأن التطبيع مع المملكة العربية السعودية سيشجع على استتباب السلام في الشرق الأوسط، ممسكا بقلم فلوماستر في يده ليرسم على خريطة للشرق الأوسط ممرا يمر عبر آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، مضيفا أن إسرائيل ستصبح ممرا للسلام بين القارات. كان يملؤه الإحساس بأنه مثلما عودته الميديا الغربية دائما أنه فوق البشر، وأنه مثل قياصرة الروم والإسكندر الأكبر وأنه يملك تغيير تضاريس الكرة الأرضية. ظن أن الخلق ينظرون جميعا إليه وهو يبني المجد الإسرائيلي الجديد وحده.

أيام معدودة

تابع الدكتور مصطفى جودة، تغيرت الأمور بين عشية وضحاها فأصبح نتنياهو كأن لم يغن بالأمس، وغيرت عملية طوفان الأقصى أحلامه في أيام معدودة فأصبح ينكمش كل يوم بمعدل لم تعرفه زعامات التاريخ كلها. لقد تدنت شعبيته لتصل إلى 26% وهي نسبة لم تحدث من قبل، وتدل على أن الرجل انتهى بالكامل. أما الرئيس بايدن، الذي ظن أن شعبيته العارمة في إسرائيل، التي لم يتمتع بها أي رئيس أمريكي من قبل، ستزيده قربى وزلفى من اللوبي الصهيوني في أمريكا، فراهن على دوره المشين منذ اليوم الأول للعملية، فشد الرحال إلى إسرائيل بطريقة لم تعهدها الرئاسة الأمريكية من قبل، ثم أصبح يبرر كل ما تفعله إسرائيل في قصفها الجوي لغزة وحرقها وتدميرها بقسوة على رؤوس سكانها ثم عقب كل فجيعة تفعلها يخرج ويبرر ويقول: إسرائيل دائما على حق ولديها الحق في أن تدافع عن نفسها ولديها أمريكا تحمي لها الظهر وتعطيها كل الأسلحة الأمريكية، التي لم يستخدم بعضها من قبل ليجرب في قتل أهل غزة، رجالا ونساء وأطفالا، ولتقذف طائراته عليهم قنابل فاقت في قدراتها التدميرية أضعاف القنبلة الذرية، التي ألقيت على هيروشيما، والتي ما زالت البشرية تستنكر أسباب إلقائها. كل الشواهد تدل على أنه سيخسر الانتخابات المقبلة. في استطلاع للرأي نشرته وكالة رويترز بتاريخ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أظهر أن 56% من الشعب الأمريكي يعارضون سياسة الرئيس بايدن وهى أكبر معارضة منذ شهر أبريل/نيسان وأن شعبيته تدنت لتصل إلى 40%، وهي نسبة حضيض لم يصلها أحد من قبل عدا الرئيس جيمى كارتر، إبان أزمة الرهائن الأمريكيين الذين احتجزتهم حينها إيران، ما أدى إلى سخط الشعب الأمريكي كله عليه.

بريء منهم

يتخيل خالد وجيه في “الوفد”: صعد الشهداء لبارئهم فاستقبلتهم ملائكة الرحمة بترحاب: “مَرْحَبا بالنفسِ الطيبةِ كانت في الجسدِ الطيبِ ادخلي حَمِيدَة وأبْشِري بروحٍ وريحانٍ وربٍّ غيرِ غضبانٍ”.. بادروهم بالسؤال، لنا حاجة عند نبي الله موسى نريد أن نعلمها منه، تعجبوا من طلبهم.. ولكن الصبية الصغار سرعان ما وجدوا أنفسهم أمام موسى عليه السلام، فبادروا بالسلام والتحية مصحوبة بأنين وبكاء.. تمالكوا أنفسهم وتحدثوا واحد تلو الآخر: يا نبي الله.. جئنا إليك شاكين مظلومين من قوم يدعون أنهم من قومك فقلنا علينا أن نسألك.. يا نبي الله.. يدعون أنهم شعب الله المختار وهم يستخدمون كل ما هو محرم للقتل والدمار وحرق أجساد الصغار.. يا نبي الله.. هدموا بيتي ودمروا مدرستي وقتلوا أبي وحرقوا جسد أختي ومزقوا جسم أمي بقنابل حارقة وصواريخ مدمرة أطلقوها علينا ونحن عزلا لا حول لنا ولا قوة.. يا نبي الله.. كنت أعالج في المستشفى راقدا على سريري أدعو ربي بالشفاء حتى سمعت صوتا هز الأركان ودمر المكان ولم أشعر بشيء حتى وجدت نفسي مع أصحابي صاعدين إلى رب كريم.. يا نبي الله.. كنت ألهو بدراجتي مع أخواتي وأصدقائي شاهدنا بعدها صاروخا يمر فوق رؤوسنا، تخطانا ولما نظرنا إليه لم يمهلنا القدر لنعرف أين سقط.. فقط انفجر آخر كان خلفه فأتينا للسماء شهداء كما وعدنا الرحمن.. يا نبي الله.. قومك يكذبون ويخادعون وصاحبوا الشيطان الذي أحل لهم قتلنا ونهب أرضنا وتدمير بيوتنا وسرقة أموالنا.. يانبي الله.. لقد غدروا بالعهود وخانوا الاتفاقات ونقضوا الوعود.. قتلوني أنا وأمي وأختي ليلا، ضربوا منزلنا الآمن بصاروخ لم نصح منه.. يا نبي الله.. قتلوا آلاف الأطفال والنساء والعجائز.. لم تعد لنا بيوتا وأرضا حرمونا منها، وها هم يتأهبون للقضاء على من تبقى منا حيا مشردا كان أو مصابا. يا نبي الله.. ما فعلوه يتنافى مع كل الأعراف وكل المبادئ والرسالات السماوية، ولكنهم يغلفون أفعالهم بنصوص يدعون أنها من التوراة وهي بريئة منهم.. يا نبي الله.. أيرضيك ما يحدث من قوم يدعون أنهم من أتباعك وينفذون كل هذه المجازر؟

اتحدوا تنتصروا

عاش ياسر عرفات حياته كلها يدافع عن استقلال القرار الوطني الفلسطيني، قاوم ما استطاع إلى ذلك سبيلا محاولات الكثير من الأنظمة العربية احتكار الورقة الفلسطينية، والتحكم في خيارات الشعب الفلسطيني بما يخدم المصالح المباشرة لهذه الأنظمة، تابع خالد أبوبكر في “الشروق”، ويذكر في ذلك أنظمة سوريا حافظ الأسد، وعراق صدام حسين، وليبيا القذافي، وأردن الملك حسين.. وقد تلوثت أيادي الكثير منها بالدماء الفلسطينية عندما حاول أبوعمار النأي بالنفس عن مشاريعها والتمسك بالثوابت الفلسطينية. لاحقت عقدة استقلال القرار الفلسطيني عرفات في صحوه ومنامه، للدرجة التي جعلته ينخرط في مفاوضات أوسلو سنة 1993، دون استشارة أي من الدول العربية، اللهم إلا وضع مصر في الصورة مما يجري، وتحديدا من خلال الحديث المباشر بينه وبين الرئيس مبارك، من باب ذر الرماد في العيون، أو للاستفادة من الرئاسة المصرية في عبور بعض المنحنيات على الطريق. الآن صارت كل هذه الأنظمة والزعامات العربية تقريبا في ذمة التاريخ.. لكن هل تحرر القرار الفلسطيني كما كان يحلم أبو عمار؟ الحقيقة أنه لم يتحرر.. فما حدث هو أن اللاعبين الذين يريدون احتكار الورقة الفلسطينية جرى استبدالهم بلاعبين إقليميين وعرب آخرين، وتوزعت بينهم القوى والحركات الفلسطينية خصوصا فتح وحماس.. فصار الانقسام الفلسطيني منذ انقلاب حماس على السلطة في غزة سنة 2007 تحت عناوين «الممانعة» و«الاعتدال»، وصار سلوك كل فصيل فلسطيني مرهونا بمصالح رعاته الرسميين باختلاف مشاريعهم ومشاربهم ومواقعهم على الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط. تعزز الانقسام الفلسطيني، الذي صار له نحو 16 عاما، بأن صار له أنصاره في كلا المعسكرين الفلسطينيين والمستفيدين والمتربحين منه، وهم الذين قاوموا باستماتة كل المحاولات المصرية، خصوصا والعربية عموما لإنهائه وتوحيد الصف الفلسطيني في أوقات خطر محدقة بالقضية الفلسطينية، التي تزيد حدتها في اللحظة الراهنة، بعد أن كشف الاحتلال وحلفائه عن نواياهم بالإجهاز على القضية الفلسطينية بضربة واحدة هي التهجير القسري للسكان الفلسطينيين خارج الأراضى الفلسطينية.

الحل بينكم

انتهى خالد أبوبكر لعدد من الحقائق الصادمة: لقد أضعف الانقسام الفلسطيني القضية الفلسطينية وأضرها بالدرجة نفسها التي يضر بها الاحتلال الإسرائيلي، في ظل عدم وجود قيادات تقدم العام على الخاص والمصلحة الوطنية الفلسطينية على المصالح الحزبية والفئوية الضيقة. ماذا لو سكتت المدافع في غزة وصارت هناك تحركات دولية جادة وصادقة للوصول لحل الدولتين، كأن يدعى على سبيل المثال إلى «مؤتمر مدريد 2» الذي أعلنت إسبانيا عن استعدادها لتنظيمه خلال مؤتمر القاهرة الذي انعقد في أعقاب عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول؟ من سيتحدث باسم الشعب الفلسطيني وقتها؟ علما بأن الدخول في عملية سلام جادة لن يكون نزهة للمفاوض الفلسطيني، بل سيحتاج إلى مفاوضات مضنية على شكل الدولة الفلسطينية المنشودة وحدودها وعاصمتها ومساحة هذه العاصمة في القدس الشرقية، ولمن تكون السيادة على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، مع ملف تفكيك وإخلاء المستوطنات، وما سيطرح حتما في هذا الملف من مشروعات لتبادل أراضٍ بأراضٍ.. من بإمكانه التحدث باسم الشعب الفلسطيني في هذه العملية برمتها؟ في الإجابة على هذا السؤال المفصلي يستطيع المراقب أن يقول وفق معطيات اللحظة الراهنة إنه: لا فتح محمود عباس ـ الرجل الذي شارف على التسعين، ولم تعد له أي قاعدة شعبية حتى بين من يلتفون حوله ويستفيدون منه في المقاطعة في رام الله ـ بإمكانها الادعاء أنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. ولا حماس مشعل وهنية أو حماس السنوار والضيف، بإمكانها رغم الحرب التي تخوضها الادعاء بأنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. وبالطبع لا يمكن اعتبار ذلك الكيان الهلامي الذي صار جزءا من تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية المسمى «منظمة التحرير» ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني، بمواتها الحالي. ما الحل إذن في قضية تمثيل الشعب الفلسطيني؟ الحل في اللجوء للشعب الفلسطيني ليقول كلمته عبر صناديق الاقتراع خلال انتخابات عامة.

موعد مع المجد

شروق دويات إحدى الأسيرات المحررات وقد قضت، كما أخبرتنا أميرة خواسك في “الوطن”، ثماني سنوات في سجن شديد القسوة، بعد أن أصيبت بثلاث رصاصات على يد أحد المستوطنين، لكن رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها، كان أول تصريح لها عقب خروجها دعوتها لأسرتها وأهلها وللشعب الفلسطيني بالصمود والصبر، ثم قالت عبارة رائعة وجهتها لأهل وطنها: «المجد ثمنه غالٍ». هذا حقيقي، فالمجد والحرية ثمنهما غالٍ، وتهون الروح والحياة والدم من أجلهما، وهذا ما يعرفه أصغر طفل في فلسطين حتى أكبر كهل، وعلى مدى خمسة وسبعين عاما ظل الشعب الفلسطيني، الذي رفض الرحيل وتمسك بالوطن والأرض، يناضل من أجل بقاء قضيته حية، وتوريث مثل هذه القيم والمبادئ، رغم كل محاولات قتلها والقضاء عليها، وربما لو كان هؤلاء الفلسطينيون قد فعلوا كغيرهم وتركوا الأرض ورحلوا عنها في بقاع الأرض، لكانت القضية الفلسطينية قد طواها النسيان، وكانت الدولة العبرية تنعم بالهدوء والاستقرار على أنقاض الدولة الفلسطينية، التي ظلت ضحية المؤامرات والمزايدات والخلافات، منذ النكبة وحتى يومنا هذا، لكنهم صمدوا وناضلوا من أجل البقاء، هؤلاء المناضلون من أبناء الشعب الفلسطيني هم القوة الحقيقية التي ظلت تُبقي على حياة قضيتهم حتى الآن، أيضا الدولة المصرية على اختلاف أزمانها وحكامها ظلت تضع حل القضية الفلسطينية في المقام الأول من اهتمامها وعطائها، وأريقت دماء مصرية كثيرة في حرب 1948، ثم دخلت مصر بعدها ثلاث حروب لتحرير أرضها التي احتلت بسبب موقفها الحاسم من رفض الوجود الإسرائيلى، ومن أجل مسئوليتها عن قضية فلسطين، وحين اتخذت قرار السلام كانت القضية الفلسطينية هي واحدة من أهم محاور التفاوض مع الجانب الإسرائيلي، وربما لو كان قادة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني في ذلك الوقت، قد تجاوبوا مع الرئيس السادات لكانت أمور كثيرة قد تغيرت.

ثمن غال

انتهت أميرة خواسك عند عدد من القناعات التي يتفق الكثير معها، إذ شددت على أن مصر قامت وما زالت تقوم بواجبها الوطني والقومي تجاه فلسطين، لكن ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما تلاه من أحداث أحيا القضية الفلسطينية، وأعادها للحياة مرة أخرى، بعد أن غابت في زحام الصراعات والحروب الدولية والإقليمية، وانفراد الولايات المتحدة بتحديد مصائر الدول والشعوب بصلف لا مثيل له، مع تبني وجهة النظر الإسرائيلية على الدوام، وعادت مصر لمساندة القضية بعد أن استعادت مكانتها الدولية التي اهتزت عقب أحداث يناير/كانون الثاني وانشغالها في استعادة قوة ودور الدولة من جديد. لهذا فإن العبارة التلقائية التي أطلقتها شروق دويات معبرة بصدق عما يجب أن تكون عليه القضية في المرحلة المقبلة، وهى أن تكون بين يدى الشعب الفلسطيني، وأن تجدد نفسها بقيادات وطنية واعية، ممن تمسكوا بالأرض وعاشوا عليها، رغم كل الممارسات الإسرائيلية الإجرامية في حقهم وحق أبناء شعبهم، ورغم أجيال متلاحقة عانت الظلم والهوان وتحملت من أجل البقاء، وزرعوا في أبنائهم الثبات على مبدأ الوطن وحقيقة الأرض.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية