الملك عبد الله الثاني: نتنياهو هو المسؤول عن محاولة المساس بحق الفلسطينيين بالتعبّد في “الأقصى”

وديع عواودة
حجم الخط
0

الناصرة- “القدس العربي”: يعقد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، اليوم، اجتماعاً خاصاً مع أقطاب المؤسسة الأمنية للتداول في التقييدات المنوي فرضها على الفلسطينيين الراغبين بالصلاة والتعبّد داخل الحرم القدسي الشريف، خلال شهر رمضان الوشيك.

وفي التزامن يلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم، وفداً ثانياً من النواب العرب في الكنيست، أعضاء “القائمة العربية الموحدة”، برئاسة النائب منصور عباس، للتباحث في موضوع مخاطر الاعتداء على حق الفلسطينيين بالتعبّد والصلاة داخل المسجد الأقصى دون قيود.

كذلك تواصل جهات إسرائيلية غير رسمية وشبه رسمية التحذير من مآرب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (المدان بالإرهاب في محكمة إسرائيلية) ومن مساعيه الكيدية لإشعال حرب “يأجوج ومأجوج” بين اليهود والعرب، من خلال العبث بالمسجد الأقصى كونه “برميل بارود”،

تواصل جهات إسرائيلية التحذير من مآرب بن غفير ومساعيه الكيدية لإشعال حرب “يأجوج ومأجوج” بين اليهود والعرب، من خلال العبث بالمسجد الأقصى

 كما يقول عددٌ كبير من المراقبين والمحلّلين الإسرائيليين، ضمن تحذيراتهم من فرض قيود على الفلسطينيين في طرفي الخط الأخضر في موضوع الدخول للأقصى بذرائع الأمن.

وفي حال فرضت هذه التقييدات، ورافقتها استفزازات المستوطنين وقوات الاحتلال في القدس، خاصة داخل الحرم القدسي الشريف، فإن الأوضاع مرشحّة للانفجار خلال شهر رمضان.

نظرة واحدة للتاريخ القريب والبعيد تدلّل على مخاطر الاعتداء على  الحرم القدسي الشريف فهو بالنسبة للفلسطينيين والعرب والمسلمين في العالم مكانٌ في غاية الأهمية، بصفته أولى القبلتين وثالث الحرمين ومعراج الرسول الكريم. واليوم هو المعلم الحضاري الديني التاريخي الحضاري الجامع بالنسبة للفلسطينيين على طرفي الخط الخضر.

نار من الخليل إلى الجليل

هذا المعلم الجامع لعبَ دوراً هاماً في توحيد الفلسطينيين وحشدهم وتعبئتهم، حتى في فترات الجزر الوطني الفلسطيني، وسبق أن أدت محاولات العبث بالأقصى لانفجارات كبيرة. من أبرز هذه الانفجارات هبّة البراق عام 1929، حينما اشتعلت النار من القدس إلى الخليل والجليل، وعمّت الاشتباكات في المدن والبلدات الفلسطينيية بين السكان الأصليين والمستوطنين وقوات الاستعمار البريطاني، فاستشهد وقتل وأصيب المئات من الطرفين، خلال المواجهات التي نشبت عقب محاولات مستوطنين الصلاة في ساحة البراق، بحجة أن هذه الساحة تتبع لحائط المبكى.

 وقتها قدمت شرطة الاستعمار البريطاني للمحاكمة ما يزيد على ألف من العرب والفلسطينيين، وحُكم على 27 منهم بالإعدام، لينتهي الأمر بتخفيف العقوبة عن 23 منهم إلى السجن المؤبد، مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة محمد جمجوم، عطا الزير من الخليل، وفؤاد حجازي من صفد، وتمّ إعدامهم في عكا في يونيو/حزيران 1930. وخلّد الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، في قصيدته “الثلاثاء الحمراء”، الشهداء الثلاثة.

هبة القدس والأقصى

وتكررت مثل هذه الهبّات، التي كان الاعتداء على الأقصى شرارتها، في عدة مرات، من أبرزها هبّة القدس والأقصى والانتفاضة الثانية عام 2000، نتيجة اقتحام رئيس حكومة الاحتلال الراحل أرئيل شارون للحرم القدسي، في زيارة استفزازية تسبّبت بإشعال نيران وصدامات دامية بين البحر والنهر.

وهكذا عمّت البلاد المواجهات بين اليهود والعرب في كل المناطق الفلسطينية، خلال مايو/أيار 2021، وشهدت المدن الساحلية التاريخية مواجهات خطيرة دامية أدّت لمقتل وإصابة العشرات واعتقال المئات من الفلسطينيين، خاصة داخل أراضي 48، ضمن ما عرف بـ “هبة الكرامة”، رداً على تصعيد مساعي تهويد القدس، خاصة حي الشيخ جراح، ورداً على اقتحام المستوطنين الحرم القدسي الشريف بقيادة نواب متشددين غيبيين أمثال سموتريتش وبن غفير.

دوافع أيديولوجية لا أمنية

منذ بدء الصراع تواصلت محاولات صهيونية لتقاسُم الأقصى، تفاقمت في السنوات الأخيرة بعدما باتت تؤيّدها أوساط إسرائيلية واسعة، كما يتجلّى في اقتحامات وصلوات تلمودية تتم داخل الحرم القدسي، بدعم من حكومة الاحتلال، وسط تزايد عدد الفتاوى الصادرة عن حاخامات تبيح وتشجّع ذلك، بعدما كانت المؤسسة الحاخامية تعتبر ذلك أمراً محرّماً من ناحية الشريعة اليهودية، ومن ناحية الحسابات الأمنية.

على هذه الخلفية بادر بن غفير لفرض قيود على الفلسطينيين من طرفي الخط الأخضر، والاعتداء على حقّهم الأساس بالتعبّد والتواصل والحفاظ على مقدساتهم، بحجج أمنية، غير أن الدوافع أيديولوجية خطيرة، ترتبط بمآرب استبعادهم عن الحرم والعمل على تقاسمه، ولذا تتواصل، في التزامن، الاعتداءات على الرهبان داخل البلدة القديمة في القدس من قبل مستوطنين بشكل منهجي، وسط صمت الاحتلال الإسرائيلي.

اللقاء مع نواب كنيست عرب مع الملك ووزير الخارجية

 وعلى خلفية المخاوف من انفجار جديد تصل ألسنة لهبه للمنطقة كلّها، كان الملك عبد الله قد التقى، أمس، في عمان، بوفد من نواب عرب أعضاء تحالف “الجبهة /التغيير”، برئاسة النائب أيمن عودة، شمل النائبين أحمد الطيبي ويوسف العطاونة، وناقشوا معاً الأوضاع في القدس والأقصى قبيل رمضان.

سبق أن أدت محاولات العبث بالأقصى لانفجارات كبيرة. من أبرزها هبّة البراق عام 1929، حينما اشتعلت النار من القدس إلى الخليل والجليل

وحذّر العاهل الأردني، خلال لقائه بعودة والطيبي والعطاونة، من المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية الذين يحاولون إشعال المنطقة من خلال الاستفزازات في المسجد الأقصى المبارك. وأكد على حق المسلمين بالصلاة ودخول الأقصى دون تقييد.

وقال النائب أحمد الطيبي، في حديث هاتفي من عمان مع راديو “الناس”، الذي يبثّ من مدينة الناصرة، داخل أراضي 48، إن اللقاء تضمن أيضًا طلب تسهيلات للحجاج والمعتمرين من فلسطينيي الداخل من قبل المملكة الأردنية، وتحسين أحوال وظروف طلابهم في الجامعات الأردنية أيضاً، وموضوع المعابر الحدودية.

وتابع: “نعم اجتمعنا مع العاهل الأردني، ومع وزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي أعطى شرحاً عن مساعي الأردن مع عدة جهات، منها إسرائيلية وأمريكية وأوروبية لمنع الاحتلال من القيام بتقييد المسلمين.

في حال أقرّت حكومة الاحتلال ماذا سيكون موقفكم؟

رداً على هذا السؤال، يوضح الطيبي أن الوضع الراهن ما زال بين كرّ وفرّ حيال القرار الإسرائيلي الذي لم يتخذ بعد حول القيود على حركة الفلسطينيين.

 وتابع: “منذ أسابيع، يتحدثون عن السماح فقط لأبناء الفئة العمرية فوق عمر 40 سنة، وهذا مساس فظّ، فالناس تنتظر رمضان على مدار العام، وبن غفير يريد منع الجميع تقريباً، ليس بدوافع أمنية بل مبدئية. لا أعرف متى يتخذ القرار، لكننا نؤكد على الحق بالتواصل مع القدس والأقصى دون أي تقييد، فالحرم يتّسع لـ 250 ألف نسمة، والحديث عن السماح بربع هذه السعة هو اعتداء على المسلمين. لذا تحدّثنا مع سفراء أجانب في تل أبيب للتحرك، ومنع هذا المساس بالحق الأساسي، ونوّهنا لاستمرار الاعتداءات على المسلمين والمسيحيين في القدس”.

ورداً على سؤال حول اتصالات مع جهات إسرائيلية عقلانية، قال الطيبي: “نعم، أجرينا ونجري اتصالات مع جهات إسرائيلية، البعض أصغى ووافق، والبعض قال إن القرار لم يتخذ بعد، ولذلك نحن نبذل جهوداً في البلاد والخارج لمنع هذا التقييد الخطير”.

لماذا يتم لقاء النواب العرب مع العاهل الأردني في اجتماعين منفصلين، وهل هذا بطلب أو توصية منكم؟ لماذا لا توحّدون الجهود طالما يدور الحديث عن موضوع واحد مهم جداً؟

تحذير بركة

حول هذا السؤال اكتفى الطيبي بالقول: “نحن كنواب الجبهة /التغيير تلقينا دعوة من البلاط الملكي ولبينا الدعوة”.

يشار إلى أن هناك خلافات بين رؤساء المؤسسة الأمنية حول مقدار وملامح القيود التي يرغب بن غفير فرضها، لكنها في المجمل ترى بأن هذه القيود تنطوي على عبث ببرميل بارود، من شأنها صب الماء على طاحونة “حماس”، وتخدم رغبة قائدها يحيى السنوار بـ “وحدة الساحات”، كما حصل في 2021.

في المقابل سبق لرئيس “لجنة المتابعة العليا” داخل أراضي 48 محمد بركة أن حذّر، خلال مظاهرة احتجاج شهدتها بلدة كفر كنا ضد الحرب على غزة، يوم السبت الفائت، من أن المصادقة على هذه القيود استفزازٌ خطير، مشدداً على أن الفلسطينيين مصممون على التواصل مع الحرم القدسي الشريف، محمّلاً حكومة الاحتلال مسؤولية تبعات الاعتداء على هذا الحق الجوهري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية