في الذكرى الثانية لفض اعتصام القيادة العامة في السودان، الذي ضاع فيه كثير من الشباب الذين كانوا يحرسون ثورتهم من أن تتبدد، أو يستولي على عنفوانها أحد، حدثت تجاوزات جديدة، حيث سقط شهداء جدد في زمن ليس من المفروض أن يسقط فيه أحد برصاص أو عصا أو يد، أو حتى بكلمة جارحة، تخدش القلب، الزمن الجسر الذي تم تشييده لتعبر عليه الديمقراطية القادمة، المنشودة، التي تتيح للشعب أن يحيا بلا بطش أو إذلال.
الذي حدث أن الذكرى كانت مؤلمة، وآلاف من الشباب الذين نجوا من موت القيادة العامة ذلك، وانتظروا عامين من أجل أن يعرفوا ما حدث، ولماذا حدث، إضافة إلى أسر الضحايا الذين لن يصمتوا على موت أبنائهم أبدا، أرادوا أن يعيدوا إلى الأذهان ذلك الألم بإحياء ذكراه، ولكن يتجدد الألم بدم جديد سيظل يبحث عن من أراقه أيضا.
الثورة التي اندلعت في كانون الأول (ديسمبر) 2018، واستطاعت بالجهد والعرق وإصرار الشباب ودمائهم، أن تقتلع واحدة من أسوأ الديكتاتوريات في المنطقة، كانت ناجحة بكل المقاييس، وما زلنا نذكر كلمة: سلمية، التي ظلت تردد طيلة الوقت حتى سقط النظام. سلمية في كل شيء، وأظهرت تلك السلمية عادات المجتمع الرائعة التي ظللنا نحافظ عليها منذ عرفنا الوطن، عادات الشجاعة والكرم، والتآلف وأيضا أظهرت تلك البقع الهشة في جيلنا والجيل الذي سبقنا أو لحق بنا مباشرة، أننا ظللنا نتغطى بالصمت طيلة ثلاثين عاما، لم تكن هينة، وكانت عهد ظلام حقيقي، لم ينجز فيه أي شيء، بل اختفى المنجز أصلا بسبب أحاييل جديدة، دخلتنا في ذلك العهد ولم نكن ندري عنها شيئا.
وكنت تحدثت مرة عن فكرة البنية التحتية الراسخة في كل شيء، تلك التي قد تسمح للعواصف أن تمر بأي بلد من دون أن تخدش فيه شيئا، يفيض النيل أو لا يفيض، ولا تحدث مشكلة، مسألة الكهرباء التي من المفترض أنها حلت في الدنيا كلها ولم تحل عندنا، والماء الذي يصعب العثور عليه في بلد مليء بالأنهار وإمكانية حفر الآبار العذبة، ولن أتحدث عن البنية التحتية للعلم والثقافة، لأنها لن تكون أبدا في بلاد اتسمت بكل ذلك الضباب في حياة الناس.
الذي حدث أن الثورة نجحت، وثمة حكومة انتقالية، تمددت في المشهد واعدة بتفعيل حب الوطن، ودعم الوطن، وإرساء سياسات جديدة، للنهضة والتنمية، ومحاربة كل ما كان ضارا ومؤذيا وبلا جدوى، وكانت ثمة جهود نعرفها خاصة في السياسة الخارجية، حيث بذلت المساعي لإلغاء العقوبات المفروضة على السودان منذ زمن طويل، ثم لرفع اسمه من الدول الراعية للإرهاب. وكان الاسم موجودا بشدة، ولم يكن تجنيا، لأن أي حكومة تأتي لتحكم هكذا قسرا، لن تستشير أحدا في سياستها، ويمكن أن ترعى الإرهاب وغير الإرهاب، وترعى الجدب والحنظل وسوء التغذية، والهلاك، من دون أن يعترض أحد.
وأذكر أنني عملت منذ سنوات طويلة، أي في بداية حياتي المهنية، في منطقة طوكر التي أسميتها البلدة البعيدة، كناية عن بعدها المعنوي عن مشاعر السلطة التي لم تكن توليها أي اهتمام. كنا نمارس الرعاية الطبية للمواطنين بجهود فردية، وبدعم قليل من المنظمات العاملة في المناطق الوعرة، نلوي عنق الأدوية والمحاليل، لنوظفها في أمراض ربما لا تخصها، ونجري العمليات الجراحية، في غرفة عمليات بلا زجاج، لأن لا ميرانية لترقيع الزجاج المكسور، ويأتي أحد السلطويين ليسأل: من الذي يؤم الناس للصلاة في المستشفى؟
نرد: نصلي خلف من يتوفر في وقت الصلاة، وإن كنا بلا حالات طارئة.
ويصرخ: الصلاة قبل الحالات الطارئة.
إنها طريقة إلغاء سماحة الدين، وشحذ سلاح مظهري مغاير، التي كانت سائدة تلك الأيام.
أعود للموت الجديد للمدنيين العزل، الذي كان صراحة غير متوقع، ولا يرتقي لنسبته لأي مصطلح من المصطلحات التي يمكن تفعيلها هنا: لا هو صد لتخريب حدث أو قد يحدث، ولا هو دفاع عن النفس، ولا هو في زمن ديكتاتوري تحدث فيه الأشياء من دون تفسير. إنه بصراحة موت لا يمس من ماتوا وأسرهم فقط، لكن يمس كل من عاش ويعيش في الوطن، منتظرا نهاية الظلام وانبثاق الضوء، حتى لو من كوة صغيرة.
أظن ما دمنا نود أن نسلك طريقا جديدة بعيدة عن الظلم، وقريبة من العدالة والرفاهية التي ينتظرها الناس واستشهد الكثيرون من أجل تحقيقها، أن نبدأ بجدية في محو كل آثار الماضي بلا توقف لالتقاط الأنفاس. أن يحاكم كل من يثبت تورطهم في خلل قديم أو جديد، أن تظهر ثمار ما تفعله لجنة إلغاء التمكين وغيرها من الأدوات التي تحارب الفساد، في شيء يخص البنية التحتية، أن يحل كل خلل حلا جذريا، خلل الكهرباء مثلا، لماذا ليس هناك كهرباء؟ لماذا ليس ثمة وقود أو خبز أو أي شيء آخر يرمز للتحضر والرفاهية أو حتى الضرورات العادية؟
من حق الناس أن يعضوا على إنجازهم الثوري، ومن حقهم أن يسألوا ويسألوا حتى يحصلوا على إجابة، وأن يستعيدوا ذكرياتهم الأليمة والمفرحة، وأن يبكوا شهداءهم من دون أن يموت أحد.
وقد كتبت مرة: أننا لا نريد أن نفقد الأمل في أوطاننا، لكن كل المعطيات تسير بنا إلى فقدان الأمل.
كاتب من السودان
عقلية من أخبث مِن مَن، أساس المشاكل، وأي هدر للأموال، في دولة الحداثة بنسختها السودانية (يا أمير تاج السر)،
هو أول تعليق، عند رؤية عنوان مقالك (الموت أم التنمية؟) في جريدة القدس العربي، في سياق زمان ما يحدث في فلسطين منذ بداية رمضان عام 2021، أو السودان،
Subject, عبد
هو مفهوم، رعايا دولة الحداثة الأوربية،
بينما، في أميركا المفهوم مختلف تماماً، عن المفهوم الأوربي، ولذلك بعد بداية تنفيذ مشروع مارشال الأمريكي، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، عمل على نشر الثقافة الأمريكية، أو سوق العولمة، وبدأ ظهور مفهوم مواطن سوق العولمة،
الإشكالية، هو عقود الشفاعة والواسطة في دعم اقتصاد الكيان الصهيوني، كانت من خلال عقود التدريب، للأجهزة في الأمن الداخلي،
فبدأ التعامل مع الرعايا، في الدولة الأمريكية، على أنهم أعداء مثل أهل فلسطين في الكيان الصهيوني،
ومن هنا بدأ الشرخ، بين ممثلي سلطة الديمقراطية، مع أهل أي دولة، والسودان ليس استثناء، تحت الحكم الشيوعي والرأسمالي والإسلامي، الآن ما الحل، إذن؟!
يجب نقد الديمقراطية، ويجب نقد النظام البيروقراطي، ويجب نقد المال السياسي بواسطة الموظف الفضائي،
وكيف نستغل تكامل الأتمتة، مع الإدارة، مع الحوكمة، لحل ذلك، هو هدف سوق صالح (الحلال)، كمنافس لحكمة سوق الصين (علي بابا)، ومنافس لفلسفة سوق أميركا (أمازون)، لمن يبحث عن حلول في عام 2021.??
??????