لندن ـ “القدس العربي”:
“الجزائريون ليسوا راضين عن تنازلات بوتفليقة الأخيرة” تقرير أعده سايمون سبيكمان كوردال في موقع “المونيتور” وعلق فيه على إعلان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن سحب ترشحه لعهدة خامسة وتأجيل الإنتخابات لحين تحقيق الإصلاحات السياسية المرجوة وكتابة دستور للبلاد. وقال بوتفليقة أن ولاية خامسة التي لم يكن يفكر بها نظرا لصحته وعمره مؤكدا على واجبه تجاه الشعب الجزائري والمساهمة في بناء أسس جمهورية جديدة. وقال الكاتب إن الأخبار عن تمديد مدة حكم بوتفليقة لكي يشرف على الإصلاحات والتي اعتبرها الكثيرون تعديلا لعرضه الذي تقدم به في 3 آذار (مارس). وانشغلت منابر التواصل الإجتماعي بمناقشة العرض الأخير فيما عبر المطالبون برحيله عن غضبهم. واشتعلت المنابر خاصة هاشتاغ “الرحيل يعني الرحيل” بالنقاشات. وتواجه البلاد حالة من الإحتجاجات التي شلت عددا كبيرا من المدن الجزائرية منذ إعلان بوتفليقة في الشهر الماضي عن نيته الترشح لولاية خامسة. واتسمت الإحتجاجات بالسلمية باستثناء بعض المواجهات مع الشرطة التي اندلعت لخلافات تتعلق بالتحكم بالمحتجين. ومع زيادة زخم الإحتجاجات لم يظهر أي من الطرفين، الحكومة أو المتظاهرين استعدادا للتنازل أبعد مما تحدث عنه بوتفليقة في رسالته بداية الشهر الحالي. في وقت قرر فيه ألف قاض يوم 11 أذار (مارس) عدم مشاركتهم في الإنتخابات والرقابة عليها بالإضافة للحديث عن إضراب عام يستمر اسبوعا إن اقتضى الأمر فيما دعت نقابة شركة الغاز والكهرباء الحكومية “سونلغاز” العمال للمشاركة ودعم المحتجين. وكان الرئيس قد حذر في بيان نسب له الأسبوع الماضي من الأطراف التي قد تستغل التظاهرات التي أثنى على سلميتها قبل أن يحذر من العودة إلى الأيام السود التي شهدتها البلاد في التسعينات من القرن الماضي. إلا أن التظاهرات استمرت حيث امتدت صفوف المحتجين الذين أحاطت بهم شرطة الشغب المسلحة بخراطيم المياه والمروحيات التي حلقت فوقهم.
وطالب المحتجون بوتفليقة الوفاء بروح الدستور إن لم تكن بنوده والتي تنص على مدتين للرئيس والتي ألغاها في عام 2008 بشكل سمح له بمدة ثالثة قبل أن يعود ويحدد المدة عام 2016 بشكل عبد الطريق له للبقاء في قصر المرادية حتى عام 2024. وشك الكثيرون في قدرة الرئيس المريض على البقاء في الحكم لمدة خامسة، فلم يظهر في العلن إلا نادرا منذ أن أصيب بجلطة دماغية أقعدته عن الحركة عام 2013. ويعتقد الكثيرون أنه يمارس السلطة من خلال شقيقه سعيد الذي يتعاون مع نخبة في الظل تتكون من جنرالات في الجيش والأمن ورجال الأعمال ونقابيين. وفي الجزائر العاصمة كانت هناك قلة مستعدة للتفكير بمنح الرئيس عهدة خامسة. وبحسب المتحدث باسم حركة “لا للعهدة الخامسة” الذي علق على التنازلات التي قدمها الرئيس بداية الشهر “المقترح سخيف لأنه محاولة لشراء الوقت والبحث عن بديل مناسب”.
وقال المتحدث إن العقدين اللذان قضاهما بوتفليقة مع النخبة المقربة منه “لم ينجح النظام إلا في ملء جيوب أفراده”. وعليه فبقاء بوتفليقة في القصر الرئاسي يعني تحويله مهام الرئاسة المشربة بسلطة كافية تعطي خليفته القوة الكافية لتحدي الشبكة التقليدية الداعمة له. وقالت جيسكا نورثي من جامعة كافنتري “هناك الكثيرون من الساسة الكبار يواجهون اتهامات الفساد والفضائح. وأضافت قائلة: “لا يوجد إجماع كبير، ومن الصعب رؤية أحد يتقدم للقيادة، وهذه فترة صعبة لهم ولجبهة التحرير الوطني”. وتقول “حسب تجربتي هناك جيل جديد كامل من الساسة وناشطي المجتمع المدني الذين يتقدمون للقيادة. في وقت لا يتحرك في أحد على القمة، التي لا يزال يقف عليها هذا الجيل من مقاتلي الحرية، من حرب التحرير عام 1962”. وفي 8 أذار (مارس) استقال عدد من أعضاء جبهة التحرير الوطني تعاطفا مع المحتجين، فيما نظر إليه كصدع داخل جبهة التحرير التي ظلت على السطح غير معنية بموجات الإحتجاج الشعبي. وتزامن هذا مع قرار عدد من المرشحين لانتخابات نيسان (إبريل) المؤجلة الآن سحب أوراقهم ومنهم رئيس الوزراء السابق علي بن فليس والإسلامي عبد الرزاق مقري واليسارية لويزة حنون. وكتب المحامي مقران آيت العربي “شهدت الجزائر ولأيام وضعا ثوريا سلميا قاده الشعب”.
وأضاف ” من المستحيل تحقيق إنجاز في هذا المنعطف التاريخي عبر الإنتخابات”. ولكن المحتجين لم يكن يهمهم هذا الكلام بقدر ما طالبوا حسب نورثي من جامعة كوفنتري الحكومة احترام الدستور “وليس مستغربا أنهم فقدوا الثقة ببوتفليقة. ليس لأن مريض أو لغيابه عنهم، بل ولاستمرار تغيير الدستور لإبقائه في الحكم”. وأضافت:” تستطيع الجزائر أن تفعل أشياء لا تصدق، أنظر إلى التظاهرات الحالية، لا فصائلية فيها ولا حضور إسلامي ولا تنافس جهوي، والنساء في مقدمة الإحتجاجات. وكل ما يطالبون به هو حكم القانون واحترامهم والدستور”.