لندن ـ “القدس العربي”:
نشر موقع “المونيتور” تحليلا تحت عنوان “هل سيتوصل بايدن ونتنياهو إلى أرضية مشتركة بشأن إيران في عام 2023؟”، أكد فيه أنه إذا كانت الاتفاقية النووية الإيرانية “ميتة” كما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في تصريح مرتجل الشهر الماضي، فإن هذا سيصب في مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكن أمامه تحديات كبيرة تتعلق بمخاوف واشنطن والمنطقة بشأن حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة الجديدة.
ويشير إلى أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان سيسافر إلى إسرائيل في الأسابيع المقبلة لكي يستبق الاحتكاك المحتمل مع واشنطن بشأن نهج الحكومة الجديدة تجاه الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات وحقوق العرب في إسرائيل ومجتمع الميم، حسبما ذكر موقع “أكسيوس”، ومن المتوقع أن تكون زيارة نتنياهو إلى واشنطن في أوائل هذا العام.
ولكنه يلفت إلى أنه مع ذلك، فإن إيران ليست واحدة من نقاط الاحتكاك هذه، وليس من المرجح أن تكون كذلك طالما أن الولايات المتحدة لا تضغط من أجل حل وسط بشأن البرنامج النووي الإيراني، وطالما أن نتنياهو لا يضغط بشدة من أجل عمل عسكري لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي.
جيك سوليفان سيسافر إلى إسرائيل في الأسابيع المقبلة لكي يستبق الاحتكاك المحتمل مع واشنطن بشأن نهج الحكومة الجديدة تجاه الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات وحقوق العرب في إسرائيل
وبحسب التحليل فباعتباره ناقدًا قويًا للاتفاق النووي، فقد حصل نتنياهو على مكسب مفاجئ فيما يتعلق بإيران، على الأقل في الوقت الحالي. فقد أصبحت إدارة بايدن تميل إلى تنحية الاتفاقية النووية عن الأجندة، واستبدالها بـ “جولات متعددة من العقوبات” التي تستهدف القيادات الإيرانية المسؤولة عن حملة القمع الوحشية تجاه الاحتجاجات المستمرة منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
وتبدو خطة بايدن الاحتياطية (مواصلة العقوبات والضغط على إيران بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان وتنسيقها مع روسيا في الحرب على أوكرانيا) مثل حملة دونالد ترامب المعروفة بـ”أقصى ضغط”، وهو أمر يروق لنتنياهو.
ويزعم التحليل أن زيادة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران تقدم أيضا فرصًا أخرى لـنتنياهو، فمن المتوقع أن يشجع بايدن على تعزيز ردع إقليمي تجاه إيران، مما يدفع إسرائيل والسعودية للتقارب في خضم هذه العملية. وينقل عن الكاتب الصحفي جاريد سزوبا قوله إن المسؤولين العسكريين في القيادة المركزية الأمريكية كانوا يؤيدون إقامة تحالف دفاعي إقليمي غير رسمي ضد إيران.
وبحسب التحليل فبالنسبة لبايدن، فإن فكرة إحياء الاتفاقية النووية التي كانت جذابة أصبحت ذات عوائد سياسية متناقصة بسرعة، مهما كانت الفوائد التي قد تقدمها للأمن القومي.
ويلفت إلى أن الاتفاقية كانت هي الإنجاز الخارجي البارز للرئيس باراك أوباما وليس بايدن، ومع أن الأخير دعم العودة إلى الاتفاقية النووية منذ توليه منصبه، إلا أنه نادراً ما جعلها من أولوياته أو محط نقاشاته. كما أن الأمريكيين لا يطالبون بالاتفاقية، خاصة مع حملة إيران القمعية ضد المتظاهرين ودعمها لروسيا.
ومن شأن مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون أن يهاجم أي اتفاق بضراوة، ويعني ذلك أنه لن يكون هناك دعم من الحزبين، فضلا عن معارضة عدد من الديمقراطيين للاتفاق.
ويؤكد التحليل أنه لدى نتنياهو العديد من الأصدقاء في الكونجرس، وخاصة الجمهوريين، وسيستغل صداقته التي دامت لمدة 40 عامًا مع بايدن لإبقاء الاتفاقية النووية خارج الأجندة. ويزعم أنه “لا يمكن الاستهانة بعمق هذه العلاقة، فكلا الرجلين من السياسيين المتمرسين الذين يقدرون الكيمياء الشخصية في الدبلوماسية”.
الاتفاقية النووية كانت هي الإنجاز الخارجي البارز للرئيس باراك أوباما وليس بايدن، ومع أن الأخير دعم العودة إلى الاتفاقية النووية منذ توليه منصبه، إلا أنه نادراً ما جعلها من أولوياته أو محط نقاشاته
ويلفت إلى أنه خلال زيارة بايدن لإسرائيل في يوليو/تموز من هذا العام، حيا بايدن نتنياهو (الذي كان بين المسؤولين الإسرائيليين في الوفد الترحيبي بالمطار) بمصافحة دافئة بشكل لافت قائلا: “أنت تعرف أنني أحبك”.
وبالنسبة لـنتنياهو، فإن بايدن لم يجعل علاقات الولايات المتحدة بإسرائيل أفضل من أيام ترامب، لكن علاقة نتنياهو مع بايدن قد تتمكن في نهاية المطاف من أن تصل لمستوى ترامب.
ويشير إلى أن بايدن لم يكن يعرف سلفي نتنياهو (نافتالي بينيت ويائير لابيد) لذلك لم يكن هناك كيمياء شخصية مع أي منهما.
وقد حارب نتنياهو الاتفاقية النووية مع إيران في عام 2015؛ مما وتر العلاقة المتوترة بالفعل مع أوباما، وألقت هذه التوترات بظلالها على بايدن، وستكون هناك نقاط احتكاك أخرى مع واشنطن في العام المقبل، لكن “بايدن ونتنياهو قد يجدان أرضهما المشتركة في صداقة عمرها عقود والقلق المشترك بشأن إيران”، حسب التحليل.
وكانت الاتفاقية النووية ستفرض قيودا وتفتيشا على البرنامج النووي الإيراني (لمنع تطوير قنبلة) مقابل تخفيف العقوبات وإلغاء تجميد الأصول الإيرانية.
من جهة أخرى يذكر التحليل أن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، كتب في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أنه لا يوجد بديل عن الاتفاقية النووية، مضيفًا: “أولئك الذين يفكرون في خلاف ذلك يخدعون أنفسهم”.
ويلفت إلى انه لدى الاتحاد الأوروبي سياسة تجاه إيران تتضمن مسارين متوازيين. فمن ناحية، هناك العقوبات والضغط المتعلق بالاحتجاجات وروسيا، وعلى الجانب الآخر، هناك الدبلوماسية المتعلقة بالاتفاقية النووية. وقد التقى “بوريل” ووزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان” بقمة بغداد 2 التي عقدت في عمّان يوم 20 ديسمبر/كانون الأول لمحاولة إعادة ضبط المحادثات النووية المتوقفة.
ولا يزال المسؤولون الإيرانيون يشيرون إلى أنهم يريدون إبرام اتفاق، بالرغم أنهم يماطلون في المحادثات منذ عدة أشهر عبر إضافة مطالب تتجاوز نطاق الاتفاقية النووية.
لكن، بحسب التحليل، فربما ترغب طهران في أخذ الاتفاقية إلى طاولة المفاوضات ليس لشيء إلا لاختبار إدارة “بايدن” ووحدة أوروبا والولايات المتحدة في الوقت الذي يركز فيه الغرب على الاحتجاجات في إيران، أما إذا لم تتم الاتفاقية النووية وبالتالي تخفيف العقوبات عن الشعب الإيراني، فإن الخطأ سيكون من طهران.
وبالنسبة لإيران فعام 2023، حسب التحليل، قد تكون هناك تداعيات لعدم إبرام الاتفاقية النووية وشعور إيران بالحصار من الاحتجاجات، والتي تلقي باللوم فيها على الأعداء في الخارج.
قد تتقدم إيران في مستوى التخصيب لتقترب من السلاح النووي، مما قد يحفز سباق تسلح نووي أو صاروخي في المنطقة
أولاً، قد تتقدم إيران في مستوى التخصيب لتقترب من السلاح النووي، مما قد يحفز سباق تسلح نووي أو صاروخي في المنطقة، وقد وصلت إيران بالفعل في تخصيب اليورانيوم إلى 60%، ولا يفصلها إلا خطوة تقنية واحدة عن مستوى تخصيب 90% اللازم للأسلحة النووية.
وقد يجبر هذا التقدم المحتمل إسرائيل على التفكير في ضربة عسكرية، سيكون لها تداعيات على الاستقرار الإقليمي، بالنظر إلى وكلاء وشبكات إيران في الخليج ولبنان واليمن والعراق والضفة الغربية وغزة وأماكن أخرى.
ثانياً، من المحتمل أن تثبط العقوبات والحصار إيران عن دعم عملية السلام في اليمن (برعاية الأمم المتحدة) أو المحادثات مع السعودية؛ حيث تتهم إيران المملكة بدعم الاحتجاجات من خلال قناة “إيران إنترناشونال”، وهي وسيلة إعلامية مدعومة من السعودية.
وثالثًا، رغم الضغط المتزايد من الغرب، من غير المرجح أن تتراجع إيران عن دعمها لروسيا في حرب أوكرانيا.
ورابعًا، بالنسبة للعراق، حيث يقود حلفاء إيران ووكلاؤها الائتلاف الحاكم، فإن التصعيد في الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن يعيد العراق إلى ساحة المعركة.
ويشير إلى أن إيران تجبر الحكومة العراقية على استيراد غازها الإيراني لدعم شبكة الكهرباء، وبالتالي من المحتمل أن تكون خطوات العراق نحو التكامل الإقليمي -وخاصة مع الخليج- في خطر؛ وليس من المتوقع حدوث تقدم في الاتفاق المتعلق بمشروع الكهرباء العراقي الخليجي الذي تم توقيعه في وقت سابق من عام 2022.
خامسًا، على الرغم من عاصفة العقوبات وشجاعة ومرونة المتظاهرين، من غير المرجح أن تخفف الحكومة الإيرانية الحصار؛ فتغيير النظام هدف مبالغ فيه، والدول الاستبدادية الهشة سياسيا نادراً ما تخفف قبضتها، أو تنتهي إلى تحول ديمقراطي، وهناك العديد من الحالات المشابهة مثل العراق وسوريا، وأفغانستان وليبيا ومصر.
ويختتم التحليل بأن السيناريو المحتمل يبقى -إن لم يكن الأكثر ترجيحًا- لعام 2023 هو حكومة إيرانية أكثر قمعية، بلا قيود على برنامجها النووي، تتجه نحو امتلاك ونشر مزيد من الأسلحة.
الولايات المتحدة هي قوة عالمية مهيمنة، لا تنظر الى دول الاقاليم كما تنظر الاخيرة الى بعضها البعض,,,
طبول الحرب تقرع في جميع انحاء العالم وأصبحت إيران برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة مع وجود قوى ذات مصالح متضاربة بالإضافة إلى إسرائيل التي تشعر بخطر وجودي جراء ازدياد سيطرة إيران على مقاليد الأمور في العراق وسوريا ولبنان.