لا تنفي مصادر الثنائي الإحراج الذي يشعر به كل من حزب الله وحركة أمل اللذين يتحمّلان مسؤولية تعطيل جلسات مجلس الوزراء في ظرف يتطلّب الانكباب على معالجة الأزمات.
بيروت ـ «القدس العربي»: تمر العلاقة بين قطبي «تفاهم مار مخايل» التيار الوطني الحر وحزب الله ببرودة سياسية على خلفية تعطيل الثنائي الشيعي جلسات مجلس الوزراء في السنة الأخيرة من ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يجهد لئلا تنتهي هذه السنة إلى مأساة إذا استمر التدهور الاقتصادي والمالي والحياتي. وقد عبّر الرئيس عون صراحة عما يختلج في صدره تجاه حزب الله عندما تحدث أمام وفد نقابة المحررين عن «أمور يجب أن تُقال بين الأصدقاء».
لكن في ظل التأويلات حول ما قصده رئيس الجمهورية يعتبر عضو «تكتل لبنان القوي» النائب آلان عون في حديث إلى «القدس العربي» أن «ما قصده الرئيس عون هو أن الاختلاف وارد بين الأصدقاء، ويجب أن تُستثمر تلك الصداقة لكي تحصل مصارحة حول الملفات الخلافية وعلى رأسها موقف الثنائي بتعطيل الحكومة وربطها بمعالجة مآخذهم على التحقيق في انفجار مرفأ بيروت».
وعن تأثير تعطيل جلسات مجلس الوزراء على شلّ العهد في سنته الأخيرة يقول عون «لا شك أن تعطيل الحكومة شكّل ضربة موجعة لحكومة ولدت بعد مخاض طويل من التجاذبات وإضاعة الوقت، وكان الرئيس عون متفائلاً بإعادة تصويب المسار ووقف الانهيار وبدء مسيرة التعافي في السنة الأخيرة من عهده، ولكن هذه الآمال تتضاءل فرصها تدريجياً طالما بقي التعطيل قائماً».
وعن محاولة الرئيس نجيب ميقاتي تدوير الزوايا بين رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي بحيث يتريث بدعوة مجلس الوزراء كي لا يزيد التشنج؟ يجيب النائب عون: «ليس مفاجئاً أن يأخذ الرئيس ميقاتي هذا الموقف، فهو يعتمد سياسة وسطية بين الرئيس عون والرئيس نبيه بري، وهو مقتنع أنه لا يمكن أن يقوم بمهمته إلا في جو من التوافق وأنه لن يأخذ موقف مواجهة مع أي من الفريقين. ورغم أن هذا الموقف يشكّل خسارة له بحكم شلّ عمل حكومته وإظهاره بموقع العاجز، الا أنه يعتبر أن كلفة ذلك تبقى أقل من مواجهة شاملة مع الثنائي الشيعي في حال رفع التحدّي بعقد جلسة لمجلس الوزراء من دون حضورهم».
وعما يُحكى عن ربط العودة إلى مجلس الوزراء بتسوية مع التيار الوطني الحر لحضور جلسة مجلس النواب لإحالة الوزراء المدعى عليهم إلى المجلس الأعلى، يؤكد عون «لسنا بصدد أي صفقات أو مقايضات، والشرط الذي يضعه الثنائي للعودة إلى الحكومة مفتاحه في يد القضاء أو الدستور، ولسنا عقبة أمام أي منهما. فليتحمّل مجلس القضاء الأعلى مسؤوليته بحسم الجدل حول الاختصاص بما يخصّ محاكمة الرؤساء والوزراء، وليحترم الجميع ما سيخلص إليه من قرار».
حول ما يُثار حول طبخة التمديد للمجلس النيابي في مقابل التمديد للرئيس عون، يجزم نائب بعبدا «لا طبخات تمديد إلا في مخيّلات البعض. الاستحقاقات ستجري تباعاً إبتداءً من الانتخابات النيابية التي لا يمكن تأجيلها تحت أي ذريعة. لبنان ليس بحاجة لتعقيدات ومشاكل إضافية بل يحتاج إلى مسارات تعيده إلى الاستقرار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وهذا لا يكون من خلال التفكير بأي تمديد بل بإعادة تكوين السلطة واستعادة الثقة في الداخل والخارج كمفتاح لكل المعالجات الأخرى».
ويأتي تأكيد النائب آلان عون وهو إبن شقيقة رئيس الجمهورية وعضو هيئة مكتب المجلس النيابي لينسف ما يُحكى عن مقايضات بين التيار والثنائي الشيعي قبل أيام على صدور قرار المجلس الدستوري المرتقب يوم الثلاثاء في 21 كانون الأول/ديسمبر في نهاية مهلة الشهر على مراجعة الطعن التي قدّمها نواب التيار في تعديلات قانون الانتخاب، حيث سيحدّد هذا القرار مصير انتخابات المغتربين. وحسب بعض التسريبات، تقوم المقايضة الانتخابية والتشريعية والقضائية على إبطال تصويت المغتربين للمقاعد الـ 128 مقابل وضع المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء يده على ملف الادعاء على الرئيس حسان دياب والوزراء المدّعى عليهم علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس ونهاد المشنوق، على أن يشارك نواب التيار في الجلسة النيابية وتأمين نصابها. ويلي ذلك عودة وزراء الثنائي الشيعي للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء.
ولكن مجرد طرح مثل هذا السيناريو يعني التشكيك بما سيصدر عن المجلس الدستوري وإدخاله في اللعبة السياسية والقضائية وتعزيز الاعتقاد بأن الأعضاء العشرة الموزعين طائفياً وسياسياً يتأثرون بآراء القيادات التي اختارتهم ولا يتخذون القرارات وفق ما يمليه عليهم ضميرهم ودستورية القوانين، ولاسيما أن الرئيس عون سبق له أن اعتبر «أن الحكم بالطعن سيصدر لمصلحة الجهة الطاعنة» في وقت تردّد في المقابل أن المجلس الدستوري قد لا يتخذ قراراً في هذا الطعن.
وكانت مصادر الثنائي تمسّكت بضرورة اعتماد الواقعية في التعاطي مع ملاحقة الوزراء السابقين، مستهجنة إصرار المحقق العدلي القاضي طارق البيطار على تنفيذ مذكرة توقيف المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل وما يمكن أن تستتبعه من تداعيات ومن تحركات في الشارع قد يقوم بها مناصرو «حركة أمل» ولا يمكن ضبطها.
وكان الرئيس بري لفت إلى أن الثنائي لا يريد تطيير البيطار، لكنه يريد تطبيق القانون والدستور الذي يتحدث عن ملاحقة الرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى. ولا تنفي مصادر الثنائي الإحراج الذي يشعر به كل من حزب الله وحركة أمل اللذين يتحمّلان أمام الرأي العام مسؤولية تعطيل جلسات مجلس الوزراء في ظرف اقتصادي ومعيشي صعب يتطلّب الانكباب على معالجة الأزمات ووضع الحلول وإقرار الموازنات الضرورية لانتظام الأمور، ولكنهما يعتقدان أنه لم تبق لهما وسيلة للضغط إلا هذه الطريقة التي ليست شعبية بنتائجها.
فعلا فالطبخة إذا مددت احترقت