تونس- “القدس العربي”: كشف النائب التونسي مجدي الكرباعي عن تعرّض المهاجرين السريين لانتهاكات جنسية فضلا عن استغلالهم في الجريمة المنظمة داخل إيطاليا، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن مقاربة جديدة لمعالجة هذه الظاهرة، تعتمد أساساً على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية وتستبعد الحلول الأمنية.
الكرباعي: يعيش المهاجرون ظروفاً صعبة وغير إنسانية في مراكز الإيواء والترحيل والاحتجاز في إيطاليا
وقال الكرباعي في حوار خاص مع “القدس العربي”: “يعيش المهاجرون التونسيون ظروفا صعبة وغير إنسانية في مراكز الإيواء وكذلك مراكز الاحتجاز والترحيل الإيطالية، وخاصة بين الأطفال والنساء”، موضحاً أن تواجدهم على الأراضي الإيطالية جاء لأسباب اقتصادية واجتماعية.
وأكد أن المهاجرين يتعرّضون إلى سوء معاملة. كما أن الحكومة الإيطالية في المدة الأخيرة بدأت التصعيد في عمليات الترحيل الجماعي والقسري الممنهج للمهاجرين التونسيين دون مراعاة حقوقهم الكونية والإنسانية المضمنة في المواثيق والمعاهدات الدولية.
وأضاف “هذا الترحيل القسري يأتي بعد تعرّض المهاجرين التونسيين غير النظاميين للاحتجاز المطوّل عند وصولهم إلى التراب الإيطالي بعد رحلة شاقة وخطيرة على قوارب الموت، وهو احتجاز جماعي عقابي لفئات اجتماعية وعمرية هشّة يتناقض مع قوانين الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان ومبدأ المعاملة الفردية (حالة بحالة)، ممّا يخلّف آثاراً سيكولوجية مدمّرة على الصحة العقلية والنفسية نتيجة صدمة ظروف الاستقبال والشعور بالحزن والاكتئاب والخوف من مصير مجهول ومعاملات قاسية تنتهك كرامتهم و آدميتهم (دورات مياه غير نظيفة وغير صحية، عدم توفّر الرعاية الصحية، عزل أفراد نفس العائلة المهاجرة، صعوبة التواصل مع عائلاتهم في تونس، إيواء القصّر العزّل مع الكهول). كما تثبته شهادات المهاجرين وتقارير المنظمات والجمعيات كمنظمة أطباء بلا حدود والائتلاف الإيطالي من أجل الحريات والحقوق المدنية وجمعية الدراسات القانونية حول الهجرة وغيرها”.
وحول الطرف الذي يتحمل المسؤولية عن ظاهرة قوارب الموت من تونس إلى إيطاليا، قال الكرباعي إنّ الطرفين يتحملان المسؤولية، أي تونس من جهة وإيطاليا وأوروبا عموما من جهة أخرى، لأن أوروبا تتعامل فقط وفق مقاربة أمنية مع مسألة الهجرة غير الشرعية، على اعتبار أنها مسألة أمن قومي وأن المهاجرين يهددون أمنها وهذا ما جعلنا اليوم ننظر، سواء من الجانب التونسي أو الأوروبي إلى أن مسألة الهجرة تهدد كيان الدول. وهذا أيضا جعل الجانبين ينتهجان منوالا يتعلق باتفاقيات سرية وترحيل قسري، وبالتالي هناك مقاربة أمنية فقط”.
الشباب التونسي فقد الأمل في بلاده ولا خيار له سوى الهجرة و”قوارب الموت”
وأضاف “في حين أن الأسباب تتعدد في مسألة الهجرة، وخاصة أن الشباب التونسي لا يجد اليوم سبلا أخرى لبناء مستقبله أو يرى خيارات بديلة سوى الهجرة، لأنه فقد أمله في البلاد وبالتالي اختار قوارب الموت كسبيل لخروجه من هذا الواقع. وهي مقاربة خاطئة، لأن هناك آلاف المفقودين في تونس، ومخاطر عديدة يتكبدها الشباب، وعندما يصلون لإيطاليا كأقرب بلد أوروبي هم عرضة للاستغلال وخاصة أنهم يجدون صعوبة للحصول على أوراق رسمية، وبالتالي يتم استغلالهم في عدة مجالات كالجريمة المنظمة والدعارة واستغلال اليد العاملة بالنسبة للقصر”.
من جانب آخر، كشف الكرباعي عن “اتفاقية سرية” بين تونس وإيطاليا، تعود أساسا إلى عام 1998 “حيث بدأ الحديث في إيطاليا عن مراكز حجز وترحيل وقانون جديد للهجرة، وتم إبرام اتفاق مع تونس يقضي بأن تقبل تونس بأن يتم التعرف على التونسيين من أجل ترحيلهم. وفي 2004، تم توسيع الاتفاق بما يتفق مع قانون الإرهاب، وبالتالي تبادل المعلومات، وخاصة بشأن الأشخاص الذين صدرت حقهم بطاقات جلب أو المفتش عنهم أو متعلق بهم قضايا إرهاب. وفي 2011 مع بدء تدفق المهاجرين بأعداد كبيرة تم إجراء تنقيحات جديدة على الاتفاق خلال حكومة الباجي قائد السبسي”.
وأضاف “في 2020 جاء وزيرا الداخلية والخارجية الإيطاليين إلى تونس، وتم إبرام اتفاق اطلعت عليه في مراسلة من وزارة الخارجية التونسية إلى سفارة إيطاليا في تونس ويؤكد أن تونس ملتزمة بقبولها للمهاجرين التونسيين المرحّلين، وكذلك تعاونها مع السلطات الإيطالية لحماية الحدود الجنوبية للبحر المتوسط، مقابل التزام إيطاليا بإعطاء تونس 8 مليون يورو سنويا، من أجل شراء معدات جديدة تتعلق بالإصلاح والصيانة. وكذلك هناك شراكة تتعهد فيها إيطاليا بدفع 30 مليون يورو من 2021 إلى 2023 من أجل حماية الحدود واستقبال المهاجرين السريين المرحلين”.
الكرباعي: هناك اتفاقية سرية بين تونس وإيطاليا بشأن الهجرة
وأضاف : ” الاتفاقية سرية على ما يبدو” وقال: ” لقد طلبت تزويدي بالوثيقة في 2021 بصفتي أحد نواب البرلمان التونسي، ولكن لم يتم تزويدي بها، واطلعت عليها لاحقا من خلال صحافي إيطالي طلبها من سلطات بلاده وتم مده بها، وهذا الأمر جعلني أستغرب رفض وزارة الخارجية التونسية تزويدي بتلك الوثيقة، في حين حصل عليها الصحافي الإيطالي من سلطات بلاده”.
وأشار إلى أنه يعمل حاليا مع العديد من النواب الإيطاليين ودول حوض البحر المتوسط على “تأسيس شبكة من أجل إعادة بلورة هذه الاتفاقية وفق مقاربة أخرى بعيدة عن الحل الأمني، عسى أن نجد حلا جماعيا ونكون كذلك فاعلا في هذه الاتفاقية وليس مفعولا به، يعني كي لا يكون علينا دوما أن نقبل بشروط أوروبا ونقوم بتنفيذها، وبالتالي نطلب إعداد رؤية جديدة للهجرة ذات طابع اجتماعي واقتصادي وإنساني”.
وكان الكرباعي كشف في وقت سابق عن وفاة المهاجر التونسي وسام عبد اللطيف بـ”شبهة تعذيب” في أحد مراكز الاحتجاز في إيطاليا، وهو ما أثار موجة استنكار في تونس.
للأسف الشديد حقيقة مرة مرة
ضاق الأوربيون ذرعاً بالمهاجرين المتلسللين إليها، وؤلاء أوّلاً ضحية مافيات محليّة وثانياً ضحيّة الحماقة، عندما يرحلون من بلد آمن مثل تونس، إلى بلاد لاتريدهم وتعتبرهم خطراً على أمنها القومي. أرني دولة واحدة تفتح ذراعيها للمجهول. هذا لايبرّر المعاملة اللاإنسانية التي وصفها كاتب المقال مع بعض المبالغات. ومع ذلك، نقول له : ياليتك حدثتنا عن معاملة المهاجرين الأفريقيين في الأراضي التونسية ! وياليتك وصفت لنا كيف يتعامل بوليس بلادك مع من يجتاز حدودكم عنوة ! وياليتك وصفت لنا كيف تعاملت تونس مع اللاجئين السوريين الذين لم يغادروا بلادهم إلا مرغمين، بسبب الحرب الطاحنة لا هروباً من التقشّف، وقد ظنّ السوريون بسذاجة حينها أن “مهد الربيع العربي”، لابدّ أون يستقبلهم بالحدّ الأدنى من الحفاوة –ولو أنها فعلت لاستفادت من خبراتهم كما استفادت تركيا… لو توفّرت في بلادكم الرغبة السياسية لمنع «الحرقة» ولما قتلت أمواج البحر إنساناً واحداً. فلاتلوموا الغرب ولكن لوموا أنفسكم.
أنظمة ظالمة تدعين الدفاع عن المظلومين أنا مواطن مقيم في إحدى الدول الأوروبية اكثر من عشرين سنة و ألله ثم والله لم أرى ظلما آكثر من ظلم الأنظمة العربية لشعوبها.