هي الإسرائيلية الأجمل التي يمكن تخيلها. أرض إسرائيل الجميلة والجيدة اجتمعت في شخصية واحدة. لقد ترعرعت في “مكابيم” لأب طيار وأم عالمة نفس، وهي طيارة لطائرة مروحية حربية. تعلمت في جامعة أكسفورد، وهي مديرة في صندوق “فنتج”. ترأست الكلية التمهيدية العسكرية “بني تسيون” بعد الكارثة التي حدثت في “ناحل تسفيت”، وكانت مستشارة استراتيجية في “مكنزي”.
غير صهيونية، لكنها الأكثر صهينة. عمرها 36 سنة، متزوجة من امرأة وأم لبنت. إذا طلب أحد ما من الذكاء الاصطناعي صورة لإسرائيلية جميلة ونوعية، فسيحصل على شيرا ايتنغ. هي الآن الوجه الجميل للاحتجاج، جذبت الجماهير هي طيارة ومديرة أيضاً.
الجماهير إلى كابلان. “في اللحظة التي حاولوا أن يسرقوا منا القيم الأهم لنا، خرجنا لنحارب من أجل الحياة. عربتنا مليئة بقيم الحرية والمساواة في الحقوق”، قالت على صوت الهتافات. كم يحب هذا الجمهور أن يسمع أقوال جميلة كهذه عن نفسه، من محاربي الحرية والمساواة، بل من فم طيارة حربية.
في الأسبوع الماضي، تم الكشف عن كل هذا الجمال للعالم أيضاً. بقميص خاكي اللون شبه عسكري لـ “أخوة وأخوات في السلاح”، وهي جمعية تناضل من أجل الديمقراطية في إسرائيل. الرائد احتياط “ايتنغ” شرحت لليزلي ستوهل في برنامج “60 دقيقة” لماذا نقوم بكل هذا الاحتجاج: “إذا أردتم أن يتمكن الطيارون من الطيران، وقذف القنابل والصواريخ على البيوت، مع إدراكهم أنهم قد يقتلون الأطفال، فإنهم بحاجة إلى إيمان قوي جداً بالأشخاص الذين يتخذون هذه القرارات”، قالت بلغة إنجليزية طليقة وهي تحسب كلامها.
لم تكن لدينا لحظة نقية مثل هذه منذ فترة طويلة؛ جوهر اليسار الصهيوني كله بجملة واحدة. سنواصل قتل الأطفال، لكن تحت حكم رجالنا فقط. لن نستمر في قتل الأطفال إلا بأمر من مثل بني غانتس ويئير لبيد. هؤلاء هم الذين نؤمن بهم. وسيكون قتل الأطفال أخلاقياً وقيمياً تحتهم. قتل الأطفال في ظل بنيامين نتنياهو لا يخطر بالبال، فهو ضد عربتنا المليئة بالقيم. إذا أمر غانتس أو لبيد مرة أخرى بقتل الأطفال كما فعلا من قبل، عندها يمتثل الطيارون وسننسى رفضنا الشجاع والقيمي لذريعة المعقولية وكأنها لم تكن.
الرائد اتينغ سترتدي ملابس الطيران والخوذة وستصعد إلى طائرتها المروحية المتقدمة، التي يمكنها توجيه قذيفة نحو سرير في غرفة أطفال، ثم تقصف غزة أو رفح. هذه ليست صهيونية فقط، إنما هي النسوية الإسرائيلية. وفي القريب سيكون هذا أيضاً في دورية هيئة الأركان.
الأطفال القادمون ستقتلهم ايتنغ بدون قصد بالطبع؛ فهي طيارة ذات ضمير. بعضهم سيقتلون بالخطأ، وبعضهم لأنه لم يكن أمامها أي خيار. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي سينشر فيلماً يظهر كيف امتنعت ايتنغ عن قصف بيت بسبب وجود أطفال فيه.
في نهاية الحرب القادمة، ستأتي الميجر ايتنغ مرة أخرى إلى ميدان المدينة وستلقي خطاباً حماسياً عن القيم والحرية والمساواة. ثم ستجري مقابلة مع ستوهل، التي تأثرت بالطيارة القيمية وذرفت الدموع، وستخبرها كم هو سهل قتل الأطفال في ظل حكومة وسط – يسار. عندما يأتي دور الطيارين للقصف، سيفعلون ذلك دون أن يرف لهم جفن، كما فعلوا في عملية “الرصاص المصبوب” حين قتلوا 344 طفلاً وفتى. وقتلوا 548 طفلاً في عملية “الجرف الصامد”، من بينهم 180 طفلاً ورضيعاً دون سن 5 سنوات.
من الذي قتل الـ 180 طفلة؟ ايتنغ وأصدقاؤها. فعلوا ذلك في “الجرف الصامد” في ظل حكومة نتنياهو، وموشيه يعلون، وغانتس. في “الرصاص المصبوب” فعلوا ذلك في ظل حكومة إيهود أولمرت، وإيهود باراك، وغابي أشكنازي. خمسة من العسكريين الستة الكبار في هاتين العمليتين، ومن الهجمات الأكثر وحشية التي نفذتها إسرائيل، هم الآن رؤساء الاحتجاج الديمقراطي لـ ايتنغ. بأمر منهم، فقط بأمر منهم، ستعود لقتل الأطفال. هذا ما قالته لمشاهدي “60 دقيقة”. كم هي جميلة إسرائيل!
جدعون ليفي
هآرتس 21/9/2023