أنطاكيا – «القدس العربي» : يتطلع النظام السوري إلى استثمار مخاوف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من التهديدات التركية باجتياح مناطقها، ويعقد لهذا الغرض اجتماعات محمومة مع «قسد» برعاية روسية. وحسب مصادر تابعة للنظام، أجرى الأخير أكثر من اجتماع مع «قسد» بعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن بلاده بصدد تحركات عسكرية عند حدودها الجنوبية لاستكمال إنشاء المناطق الآمنة.
وذكر المتحدث باسم «المصالحة الوطنية» التابعة للنظام عمر رحمون، أن الاتفاق الشامل مع «قسد» بات قاب قوسين، موضحاً على حسابه في «تويتر» أن «الاتفاق يبحث منع العملية التركية مقابل تسليم المنطقة للجيش العربي السوري مع دخول كافة مؤسسات الدولة والشق الأكبر من «قسد» مع المصالحة مع الدولة باستثناء بعض القيادات المخترقة لصالح تركيا» حسب تعبيره.
وعند كل تهديد أو تصعيد من تركيا، تحاول «قسد» الاستنجاد بالنظام السوري، كما يؤكد المتحدث باسم «مجلس القبائل والعشائر السورية» الشيخ مضر حماد الأسعد. ويضيف الاسعد لـ«القدس العربي»، أن النظام كعادته يستغل هذا الوضع لزيادة مكاسبه في شرق سوريا، موضحاً أن «النظام يخطط لاستثمار الضغط التركي بتحسين شروطه الاقتصادية مع «قسد»، أي من خلال زيادة حصته من النفط والغاز والحبوب». وكذلك ينطبق الحال على حصة النظام من الكهرباء التي ينتجها سد الفرات الخاضع لسيطرة «قسد»، حسب حماد الأسعد، الذي أشار إلى المكسب الأهم، وهو زيادة الانتشار العسكري من جانب النظام في المزيد من المناطق التي كانت خارج سيطرته، وتحديداً في المناطق الحدودية مع تركيا في الحسكة التي تعد مركز ثقل «قسد»، مثل عامودا والمالكية.
وتابع حماد الأسعد، بأن النظام يتطلع كذلك للخزان البشري لمد قواته بالمقاتلين من أبناء المحافظات الشرقية، مبيناً أن «المحافظات الشرقية السورية تضم أعداداً كبيرة من الشباب المطلوبين للخدمة الإلزامية في جيش النظام». وكان نائب الرئاسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية» التابعة لـ»قسد» فنر الكعيط، قد أعلن قبل يومين أن إدارته جزء لا يتجزأ من سوريا، مؤكداً أن «الباب مفتوح للحوار مع دمشق، والإدارة تؤمن بالحل والحوار السوري السوري». وأضاف أن «التهديدات التركية الأخيرة هي خطر على السلم والأمان وتبعاتها كارثية على المنطقة، وأي اجتياح تركي جديد سيؤدي لموجات كبيرة من النازحين ومزيد من الضحايا».
وفي العام 2019 عندما أطلقت تركيا معركة «نبع السلام» شرقي نهر الفرات، توصل النظام إلى اتفاق مع «قسد» على نشر قواته في مناطق مهددة بالتقدم التركي، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى توقف العملية دون استكمالها من جانب تركيا، التي تطالب بإبعاد التنظيمات الكردية التي تتهمها بـ»الإرهاب» عن حدودها بمسافة لا تقل عن 30 كيلومتراً في العمق السوري وهو لم تتمكن تركيا ايضا من تحقيقه رغم اتفاقين مع واشنطن ثم موسكو.
وقال المحلل والكاتب الصحافي أسامة آغي، إن الاجتماعات بين «قسد» والنظام السوري لم تنقطع، مبيناً أن «لدى منظومة «العمال» الكردستاني» حلم بتأسيس دولة على أسس قومية عرقية، وهو ما يتعارض مع هدف ومصلحة النظام».
والأحد اتهمت «الإدارة الذاتية» تركيا بالسعي إلى «خلق المزيد من الفوضى في سوريا، وفي المنطقة عموماً، من خلال خططها إلى توسيع رقعة احتلالها، من خلال التهديد المباشر بالهجوم والتوغّل مسافة 30 كيلومتراً على الحدود السورية الشمالية في مناطق الإدارة الذاتية». في المقابل جددت تركيا تمسكها بإقامة مناطق آمنة عند حدودها مع سوريا، وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الأحد إن بلاده «ستستكمل الحزام الأمني البالغ عمقه 30 كيلومتراً، والذي نعمل على إقامته خطوة بخطوة على طول حدودنا مع سوريا، في أسرع وقت ممكن».
عندما يشعر الاخوة بالخطر تتكاتف الجهود للوقوف معا.