تونس ـ «القدس العربي»: نفى الناطق باسم حركة النهضة التونسية زياد العذاري إقصاء الحركة لأي من قياداتها في الانتخابات المقبلة، كما أشار إلى أن الحديث عن تلقي الحركة لأموال من الخارج لتمويل حملتها الانتخابية «مجرد شائعات» لا أساس لها من الصحة.
وقال في تصريح خاص لـ»القدس العربي»: «لم يتم استبعاد أي شخص بناء على قرار مسبق، ولكن هناك من دخل المنافسة من تلقاء نفسه وتمت تزكيته من داخل الحركة، وهناك من تم ترشيحه والتصويت عليه (بالموافقة أو الرفض)».
وكانت مصادر صحافية أشارت إلى استبعاد الحركة للنائبين الصادق شورو والحبيب اللوز المعروفين بمواقفهما المتشددة من القوائم الانتخابية، في محاولة لـ»ترجيح كفة القوى المعتدلة داخل الحركة الإسلامية».
غير أن شورو واللوز أعلنا في تصريحات صحافية عن نيتهما عدم الترشح للانتخابات التشريعية (البرلمانية) القادمة بهدف «التفرغ للبحث العلمي والديني وفسح المجال أمام الطاقات الشابة».
وكان العذاري نفى في تصريح سابق ما ذكرته بعض وسائل الإعلام حول مبايعة النائب الصادق شورو لزعيم تنظيم «داعش» المتطرف أبو بكر البغدادي، مشيرا إلى أن الحركة أعلنت في وقت سابق رفضها لـ»خلافة البغدادي».
من جانب آخر، استبعد قيام الحركة بأية تحالفات قبيل الانتخابات التشريعية، لكنه أشار إلى أن هذا الأمر ممكن بعد الانتخابات ويتوقف على نتائجها.
وأشار إلى أن الحركة ما زالت تتمتع بشعبية كبيرة داخل البلاد وتمتلك حظوظا كبيرا في الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن عدد المنخرطين في صفوف الحركة تزايد بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة.
وكانت مصادر إعلامية أشارت إلى احتمال تحالف حركة النهضة مع شركائها في الترويكا (حزبي المؤتمر والتكتل)، فيما استبعد بعض المحللين تكرار السيناريو الانتخابي في 2011، مشيرين إلى أن الإسلاميين لن يتمكنوا من حصد نتيجة ساحقة في الانتخابات البرلمانية، لكنهم أكدوا بالمقابل أنهم سيشكلون طرفا مهما وفاعلا في المعادلة السياسية المقبلة في تونس.
وحول تقديم النهضة لأسماء جديدة للترشح لمنصب رئيس الجمهورية في حال فشل مقترح «المرشح التوافقي»، قال العذاري إن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن هذا الأمر.
وكان القيادي في الحركة عبداللطيف المكي أكد في وقت سابق لـ»القدس العربي» أن مبادرة «المرشح التوافقي» التي تقدمت بها الحركة تهدف لـ»ترشيد عملية الترشيح لاختيار مرشح يعبر عن طيف واسع من القوى السياسية التي تقف على أرضية الثورة»، مشيرا إلى أنه في حال نجاح المبادرة سيتم التوافق حول عشرة أسماء يتنافسون لاحقا لمنصب رئيس الجمهورية.
وجدد التأكيد بأن هذه المبادرة لا تهدف لإلغاء صندوق الاقتراع، لكنه أشار إلى أن الأطراف التي تنتمي للنظام السابق (نظام بن علي) ليس معنية بها.
وتتداول وسائل الإعلام حاليا أربعة أسماء ترجح ترشيح النهصة لأحدها في حال فشل «المرشح التوافقي» وهي الأمين العام الحالي للحركة علي العريض والأمين العام السابق حمادي الجبالي ونائب رئيس الحركة الشيخ عبدالفتاح مورو ووزير العدل السابق نور الدين البحيري.
ويؤكد العذاري تعرض عدد كبير من قيادات النهضة وخاصة الأمين العام علي العريض لتهديدات متكررة بالاغتيال مؤخرا، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية خصصت حماية كبيرة لقيادات الحركة ومقراتها.
وحول موقف الحركة من فصل «رفع السر البنكي» داخل قانون المالية التكميلي، قال العذاري «عبرنا في وقت سابق عن دعمنا لهذا المقترح، ولكن مع وجود ضمانات تتعلق بضرورة وجود إذن قضائي للقيام بهذا الأمر، وهو ما تم اعتماده لاحقا ضمن القانون».
وكان الفصل 32 من قانون المالية التكميلي الذي تم إقراره مؤخرا أثار جدلا كبيرا بين القوى السياسية خلال مناقشته في المجلس التأسيسي، وهو ما أخر المصادقة على مشروع القانون لعدة أيام.
وينص الفصل على الزام المؤسسات المالية بالكشف عن حسابات عملائها الذين يخضعون لـ»مراجعة جبائية (ضريبية) معمّقة»، وكانت أحزاب النهضة ونداء تونس وآفاق تونس رفضت الموافقة على هذا الفصل إذا لم يتم اقتران المقترح المذكور بإذن قضائي.
في السياق، ينفي العذاري المعلومات التي تروج لها بعض وسائل الإعلام حول تلقي الحركة لأموال من الخارج بهدف استخدامها في تمويل حملتها الانتخابية، مشيرا إلى أنها «مجرد شائعات» لا أساس لها من الصحة.
ويضيف «سبق أن ربحنا قضية ضد صحفيين فرنسيين اتهمونا بالحصول على تمويل أجنبي بعدما أثبت القضاء الفرنسي عدم صحتها، وعموما من لديه معلومات جديدة أو أدلة في هذا الصدد فليقدمها (للقضاء)».
وفيما يتعلق بقانون الإرهاب الذي تتم مناقشته حاليا في المجلس التأسيسي، يقول «هذا القانون أعدته حركة النهضة عندما كانت في الحكومة ونحن حريصون على أن تتم المصادقة عليه قريبا، بقدر حرصنا على تعديله وتطويره بأسلوب توافقي والتسريع باعتمادة كمساهمة من المجلس ومن الحركة في مواجهة الظاهرة الإرهابية».
ويواجه القانون الحالي انتقادة كثيرة من بينها أنه يتعارض مع حرية التعبير، ويعلق العذاري بقوله «نحن نبحث عن التوازن بين الحريات والحقوق مع ضمان الأمن العام والاستقرار في البلاد».
ويؤكد أن الحركة تؤيد جميع الإجراءات التي تتخذتها الحكومة لمكافحة ظاهرة الإرهاب في البلاد «في إطار القانون واحترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور».
يذكر أن بعض السياسيين والحقوقيين انتقدودا مؤخرا إغلاق الحكومة لعدد من المساجد ووسائل الإعلام والجمعيات المتورطة في الإرهاب، حيث أشار بعضهم إلى أنها تتعارض مع القانون وحرية التعبير في البلاد، فيما ردت الحكومة بقولها إن هذه الإجراءات اتخذت في إطار القانون وتهدف للحفاظ على استقرار البلاد والحد من هذه الظاهرة المتفشية في البلاد.
حسن سلمان