“النووي مقابل التطبيع”.. ومصدر إسرائيلي: طرح السعودية للقضية الفلسطينية “لا يعدو كونه رمزاً”

حجم الخط
0

حاولت مجموعة من الخبراء في الأسابيع الأخيرة أن تلقي بعض الضوء على أحد الألغاز الكبرى في تاريخ السلاح النووي. وقد فعلت هذا بالتوازي، وبصلة، مع تيار الأنباء المتصاعد بأن ما يبدو سطحياً متعذراً ً في هذا الوقت، أي التطبيع في العلاقات بين إسرائيل والسعودية والذي سيغير وجه الشرق الأوسط، بات ممكناً. يتعلق هذا اللغز بعدد غير قليل من الأنباء، بعضها من مصدر غير واضح، وبعضها قد يكون خيالاً شرق أوسطي، جاءت بأن مشروع النووي الباكستاني لم ينشأ هكذا من العدم، بل نبت على خلفية تعاون بين إسلام أباد والبلاط الملكي في الرياض. وحسب الأنباء، فالسعودية هي التي مولت كلفة المشروع النووي الباكستاني السري، وهذا التمويل أنقذ المشروع وقبع في نجاحه. لكن لا توجد هدايا بالمجان؛ فقد فعل السعوديون هذا مقابل وعد باكستاني بنقل قسم على الأقل من ترسانتهم إليهم وقت الحاجة. هذه المسألة تتعلق بمسألة المسائل بالنسبة لصفقة محتملة مع الرياض، فلماذا تصر هذه على إدراج تخصيب نووي فيها على الأراضي السعودية. يدعي السعوديون بأنهم يريدون تحقيق الطاقة الكامنة في كمية اليورانيوم الهائلة تحت الأرض في بلادهم أو بكلمات أخرى – جنيهم المال من هذا ويصبحون عنصراً مؤثراً في العالم. إضافة إلى ذلك، يقول السعوديون إنهم يسعون للبدء في إنتاج الطاقة من مصادر نووية، إعداداً لليوم الذي ينتهي فيه النفط. بشكل جزئي على الأقل، كانت هذه معاذير إيران حين بدأت بتطوير النووي، وثمة خبراء كبار في إسرائيل اقتنعوا من التعليلات السعودية مثلما اقتنعوا بتعليلات إيران في حينه.

في السطر الأخير – ليس للسعودية سلاح نووي أو مشروع نووي مستقل، لكن ثمة أدلة أنها تفكر وتعمل بشكل مصمم وسري في هذا المجال، وربما يكون هذا خوفاً من النووي الإيراني.

وأعربت محافل رفيعة المستوى في جهاز الأمن عن مخاوفها من موافقة نتنياهو، المعني بمعاهدة سلام مع الرياض، على دائرة الوقود النووي في الأراضي السعودية رغم أن سياسة إسرائيل تعترض على ذلك، بل هو اعتراض كان مركزيا لسنوات طويلة.

إن التوقيع على اتفاق سلام مع السعودية سيساعد الأمن القومي في الصراع ضد إيران، لكنه سيضر بالأمن القومي الإسرائيلي. أحد المحافل العليا في جهاز الأمن قال أمس إن توقيع اتفاق سلام مع السعودية برعاية الولايات المتحدة هو التفافة حدوة حصان يمكنها أن تغير الواقع السياسي في إسرائيل. “أخشى أن نتنياهو سيستعد للقاء مثل هذا الإنجاز لدفعه بأي ثمن فيولي أهمية أقل للمخاطر الجسيمة التي تنشأ عن التخصيب. صحيح أنهم يقولون إنه تخصيب برقابة أمريكية، ولكن من يضمن لنا عدم تغيير النظام هناك، أو أن يقرر الحاكم المتقلب طرد الأمريكيين؟”.

إن موافقة إسرائيلية على التخصيب في السعودية ستكون هي النقيض لسياسة إسرائيل طويلة السنين، وبموجبها يجب عمل كل شيء لمنع كل دولة في الشرق الأوسط من أن تكون ذات قدرات تخصيب. بعض من هذه الدول غير مستقرة والحكم فيها قد ينتقل إلى محافل متطرفة، كما كان مسؤولون إسرائيليون كبار يدعون منذ عقود.

الموافقة للسعودية ستفتح الباب لدول أخرى، مثل مصر، فتبدأ بالسير في المسار إياه. لقد أقام نتنياهو فريقاً صغيراً وسرياً يعالج الموضوع، وهم: الوزير رون ديرمر، ورئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي؛ وجيل رايخ نائب هنغبي، كبير سابق في منظومة النووي الإسرائيلي. وهو فريق يعمل مع نتنياهو، بينما أجزاء كبيرة جداً من أسرة الاستخبارات وجهاز الأمن غير مطلعين على ما يجري. موظفان كبيران يدعيان بأن نتنياهو يبعد باقي جهاز الأمن وبعضاً من الوزراء في الكابينت عن هذا الموضوع.

ووفق مصدر أمني يعرف المؤسسة النووية في الدولة، سئل هو ونظراء له عن رأيهم في إمكانية التخصيب في السعودية، فكان جوابهم مثلما هو دوماً، اعتراض شديد – تسريع لسباق سلاح نووي في الشرق الأوسط، وكذا خطر أن تقع عناصر نووية في أياد معادية في حالة تغيير سياسي في السعودية.

وقال محفل إسرائيلي رفيع المستوى مطلع على تفاصيل المحادثات التي تجريها إسرائيل والولايات المتحدة في الموضوع، إن إسرائيل حالياً لا تجري مفاوضات على شروط الصفقة، بل تعتمد فقط على وعد أمريكي بشفافية كاملة واطلاعات جارية عما يجري في المحادثات. يقول الموظف إن إسرائيل لم تغير سياستها إزاء التخصيب في دول الشرق الأوسط كلها، مثل سياستها تجاه إيران. من جهة أخرى، قال الموظف إن إسرائيل تنتظر التسوية التي تتوصل إليها الولايات المتحدة مع السعودية، انطلاقاً من معرفة بأن الولايات المتحدة تأخذ بالحسبان أمن دولة إسرائيل، وعندها تفحص التسوية. إذا توفر ما يكفي من الثقة في عدم تحويل المشروع النووي إلى عسكري، فلن تكون إسرائيل حجر عثرة أمامه.

مع سماع ذلك، يقول أحد المسؤولين في جهاز الأمن إنها وضعية خطيرة حتى في هذه المرحلة يجب أن ينطلق صوت رؤساء لجنة الطاقة الذرية والجيش الإسرائيل، ويجب نقل رسالتهم القلقة إلى الأمريكيين.

وتعقد الأمر أكثر في ضوء عودة المسألة الفلسطينية إلى الساحة. ووفقاً لما نشرته “نيويورك تايمز” أمس، فإن موظفين إسرائيليين التقوا مؤخراً نظراءهم الأمريكيين، فتلقوا انطباعاً بأن واشنطن والرياض تعتقدان بعدم إمكانية بلورة للصفقة دون تقدم ذي مغزى في الموضوع الفلسطيني. في محيط نتنياهو يدعون أنهم لم يسمعوا عن مطلب سعودي في الموضوع الفلسطيني. وقال موظف إسرائيلي مطلع على المحادثات الإسرائيلية الأمريكية في هذا الموضوع إن إسرائيل لا تجري حالياً مفاوضات على شروط الصفقة، بل تعتمد على وعد أمريكي بشفافية كاملة واطلاعات جارية عما يجري في المحادثات. وأضاف بأن الولايات المتحدة لم تعكس أي مطلب سعودي في الموضوع الفلسطيني، وإنه إذا ما جاء مطلب كهذا، فسيأتي من جانب الولايات المتحدة. وبرأيه، سيكون رمزياً فقط.

مشكوك أن يقر ائتلاف نتنياهو والحكومة بتركيبتها الحالية تنازلات ذات مغزى للفلسطينيين. وثمة أحزاب تعارض بشدة كل تنازل كهذا، باحتمالية عالية، وهي قادرة على تفكيك الحكومة إذا ما وصل اقتراح كهذا إلى البحث. الفحص الذي أجرته محافل أمريكية حول حكومة وحدة في وضعية كهذه بين أن لبيد وغانتس لن يدخلا إلى الحكومة مع نتنياهو، لكنهما كفيلان بدعم الاتفاق من الخارج. وكما أسلفنا، يرفض قادة المعارضة بكل حزم الانضمام إلى أي حكومة يقودها نتنياهو، لكن في المحادثات التي أجرتها محافل في المعارضة طرح السؤال: هل سيواظبون على رفضهم حتى مع إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية مع المملكة وربما حتى طلب صريح من الرئيس بايدن للانضمام إلى حكومة نتنياهو لأجل السماح بالصفقة؟ الجواب الذي أعطي للمحافل الأمريكية كان مشابهاً: المعارضة كفيلة بدعم الاتفاق من الخارج، لكنها لن تنضم إلى نتنياهو بأي حال.

رونين بيرغمان

 يديعوت أحرونوت 31/7/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية