«الود» الأمريكي المتجدد: متى «يضغط» إصلاحياً على الأردن؟… الدولة العميقة تسأل وتبحث عن «إجابة»

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان – «القدس العربي» : يبدو، مجدداً، سؤالاً في مكانه الزمني على المستوى الأردني الداخلي قبل تحول اللحظة الراهنة إلى أجندة ضاغطة أو قسرية.
ما الذي يتعين علينا، كنخب وصناع قرار في الداخل الأردني، أن نفعله أو نستعد له إذا ما طرحت الإدارة الأمريكية الجديدة مجدداً سؤال الإصلاح والديمقراطية تحت أي لافتة؟
مجرد طرح السؤال في بعض الحلقات العميقة والسيادية الأردنية يعني ضمنياً الإقرار بوجود حالة خمول واقعية على مستوى ملف الإصلاح السياسي، كما يعني الانتقال إلى مستوى التوقع والتنبؤ، خصوصاً إذا ما عاد الأمريكيون للاهتمام بتفعيل وتنشيط الدور الإقليمي الأردني، وتحديداً في عملية السلام والقضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب. مثل تلك العودة للاهتمام بالأردن، قد تحمل في طياتها محطات أسئلة من الطاقم الأمريكي الجديد الذي يعرف الأردن جيداً بعض أركانه إجبارية ولا بد من العبور منها.
حصرياً، ليس سراً في عمان أن مجلس السياسات المركزي في الدولة ناقش جزئياً بعض تفصيلات ما يمكن أن يطلبه الطاقم الأمريكي الجديد في بعض الملفات والمسائل المعلّقة، مثل تجذير الديمقراطية والإصلاح السياسي وسياسات العدالة والإنصاف الاجتماعي.
ولم يعد سراً أيضاً أن المستوى الأمني السياسي العميق قد يطلب منه قريباً الاستعداد لمرحلة جديدة في التعاطي مع الإدارة الأمريكية الحالية في مسارين، يرجح محلل سياسي رفيع المستوى من وزن عدنان أبو عودة -كما فهمت منه «القدس العربي»- أن يصعدا ولو بالتدريج إلى الواجهة، وهما: ملف السؤال الديمقراطي نفسه والإصلاحي، أولاً.
وثانياً، ملف كيفية إنفاق المساعدات الأمريكية، خصوصاً أن المدير الجديد للاستخبارات الأمريكية السفير وليام بيرنز كان قد أصدر كتاباً العام الماضي يحتوي على عدة صفحات عن تجربته في الأردن ونظرته للدور الأردني.
في الكتاب تتداول بعض النخب الأسطر المخفية على أساس القناعة بأن الإدارة الأمريكية الحالية ستحافظ بالتأكيد على دعم الأردن ومساعدته، لا بل قد تزيد هذه المساعدات، وإن كان التحفظ على كيفية إنفاقها قد يزيد بالمقابل أيضاً؛ لأن بيرنز تحديداً، وحسب الشخصيات الأردنية المقربة منه التي تعرفه جيداً- يحتفظ وبتحفظ على إنفاق المساعدات الأمريكية ليس فقط في الأردن، ولكن في كل الدول الصديقة والحليفة، ضمن معطيات «الدولة الرعوية». وعليه، قد تجد عمان نفسها أمام حرص أمريكي على بقاء واستمرار المساعدات وتنشيط الدور الأردني بالإقليم مع نكهة جديدة تختلط بآلية مختلفة في الاتفاق على الإنفاق.
تلك مسألة ينبغي أن يتدرب عليها أو يتوقعها على الأقل، حتى يتدرب عليها الطاقم الذي يدير شؤون الحكومة الأردنية؛ لأن مصداقية الأداء المالي والاقتصادي الأردني كانت وستبقى هي الأساس في تلك المقاربات التي يقترحها وزير المالية الدكتور محمد العسعس وهو يجاهد منشغلاً في تثبيت خط رؤية إصلاحية اقتصادية مبنية، كما شرح لـ«القدس العربي» عدة مرات، على المصداقية والشفافية. تلك مسألة تخص الاقتصاد وإدارته، خصوصاً أن السياسة المالية قد تبدو في يد أمينة مرحلياً، مع أن الملف المرتبط بالإصلاح السياسي والديمقراطي في أحضان «كسولة» بالمقابل.
ويمكن القول بأن الوقوف على محطة المساعدات والصداقة والود الكبير مع 5 – 6 أشخاص على الأقل في طاقم الرئيس جو بايدن الجديد، قد لا يعفي حكومة الأردن من الإصغاء في المرحلة اللاحقة إلى مطالبات الإصلاح السياسي والتمكين الديمقراطي. لكن هذه المرة ليس على مستوى المسؤولين الأمريكيين والسفراء الأوروبيين فقط، بل على مستوى مجموعات الضغط المحلية أيضاً.
وطبيعي القول بوجود منظمات مدنية متعددة في الحالة الداخلية ستشعر، مع عودة الديمقراطيين للحكم، بتوفر فرصة إضافية للحركة والتفعيل أمامها في الساحة الأردنية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بنشاطات التنشيط الإصلاحي الممول من الخارج، حيث شرائح ينبغي أن تضع الحكومة خطة للتعامل معها من النشطين جداً في مجالي الحريات والحقوق، على مدار الأسابيع القليلة المقبلة.
أغلب التقدير أن الاستفسار في عمق غرفة السياسات، بعنوان ترسيم المساحات باتجاه «انفتاح ديمقراطي وإصلاحي» ولو بنسبة ضئيلة منضبطة، يوازيه الآن أو يرافقه -حسب الخبراء والمختصين- تحريك من جهة الدولة العميقة لمراقبة ما يمكن أن ينتج عن نشطاء المجتمع المدني الذين يعلم الجميع بأن بعضهم في عمان يستطيع التواصل أو الاتصال بديمقراطيين أساسيين في واشنطن، لديهم خبرة في الملف المحلي الأردني وشغف في المتابعة.
بمعنى آخر، «الود» الذي يحتفظ به بعض أركان الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الأردن يمكنه التعبير عن نفسه عبر ضغوط منهجية بين الحين والآخر، تطرح مجدداً بعض الأسئلة الإصلاحية، الأمر الذي يبرز إشارات مكثفة ومرجحة على أن الدولة العميقة ترصده وتحاول الاستعداد له، مع أن الحكومة كسلطة تنفيذية قد تكون آخر من يعلم في هذا المسار، أو آخر من يعتقد بأن عليه الاستعداد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية