المعجزة هي ما يمكن أن يمنع إغلاق عمل الوكالة اليهودية في روسيا. بخلاف تقديراتنا، فالخطوة الروسية لقطع تشجيع الهجرة من روسيا تنطلق الآن، وقد صدر أمر تنفيذها على أعلى المستويات. لا يدور الحديث عن نزوة مصادفة، بل عن مبادرة روسية تنشأ بشكل مباشر عن الفكر العام لقيادة الكرملين.
على مدى عقدين من حكمه، سعى الرئيس الروسي بوتين إلى هدف واحد – إعادة بلاده إلى مكانة القوة العظمى، وتحدي النظام العالمي الذي تبلور عقب هزيمة الاتحاد السوفياتي في الحرب الباردة. وكل شيء أخضع لهذا الهدف، وكل الوسائل وضعت في سبيل تحقيقه. مصادر الطاقة الغنية لروسيا صدّرت إلى الغرب هذا الأسبوع بهدف ربطه بقيود من التعلق. ووجهت المردودات السخية من بيع النفط والغاز لجمع القوة العسكرية، ونقل بعضها إلى السكان كي يمر الحرمان التدريجي من الحريات دون صدمات واعتراضات جماهيرية.
في ختام عشرين سنة من الاستعدادات المتشددة، قرر بوتين إنضاج ظروف الصدام الحضاري الكبير. فمع صعود زعماء بدوا في نظره ضعفاء ومنبطحين (وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن) إلى الحكم في الدول الغربية، ها هو الأمر يُحسم؛ فقد غزا الجيش الروسي أوكرانيا في محاولة لإخضاعها بسرعة، والتقدم غرباً.
مع كل وحشية هذه الحرب المستمرة في أوكرانيا، فإنها ليست سوى طرف الجبل الجليدي. تقع من تحته تغييرات هائلة أخرى لا تعني الجمهور في العالم الحر بعامة وفي إسرائيل بخاصة، ما لم تكن لها آثار مباشرة علينا، مثلما في مجال الهجرة. هذه التغييرات تجعل روسيا أكثر دكتاتورية مجندة تذكر بالاتحاد السوفياتي، وهبوط ستار حديدي جديد يحبس سكانها خلفه، هو مجرد مسألة وقت.
ببساطة لا يمكن أن تسمح الدكتاتورية لمنظمات مثل الوكالة اليهودية بالعمل في نطاقها بحرية. فمنطقها الداخلي يتطلب إفناء كل ما تبقى من حرية، فما بالك إذا كانت هذه حرية تصميم هوية يهودية أو مغادرة روسيا في صالح إسرائيل، لا سمح الله. ما يبدو في نظرنا كهجرة وعودة إلى الوطن، يتخذ في نظر بوتين صورة المؤامرة لانتزاع رأسمالها البشري من روسيا: المبرمجين، المستحدثين، وكذا – الجنود المحتملين.
وبالتالي، لن تكون الوكالة اليهودية هي المنظمة اليهودية الوحيدة التي ستكون مطالبة بوقف عملها في روسيا؛ فثمة منظمات أخرى ستغلق فورها، تتبعها مراكز ثقافية إسرائيلية تعنى بنشر المعلومات عن إسرائيل وتعليم العبرية.
وهذه ليست سوى مقدمة، فاختياره المواجهة مع العالم الحر، وجه بوتين دولته إلى مسار التصعيد مع إسرائيل، وفي الطريق إلى الصدام المحتم ستلغى تدريجياً معظم الإنجازات التي بنيت بعمل جم على مدى 30 سنة من العلاقات. المعجزة وحدها هي ما قد يوقف هذا: إذا اقتنع الروس وامتنعوا لاحقاً عن التصعيد حتى إقامة حكومة جديدة، فلعلها تتمكن من إلغاء شر القضاء.
بقلم: أرئيل وولشتاين
إسرائيل اليوم 26/7/2022
في انتظار معجزة الخراب التي ستحل بدويلة السراب إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين التي تقتل الفلسطينيين وتهدم منازلهم بغير وجه حق منذ 1948 وإلى يوم الناس هذا ???