لن تكون الدراما تاريخاً بديلاً ولن تكون مخبَراً. الدراما، وليدة التراجيدية التي بدورها كانت وليدة الملحمة.
عندما تكلم أرسطو عن أهمية التراجيديا من حيث هي فعل تطهيري وفسّر هذا التطهير على أنّه معادل موضوعي يرى فيه المشاهد ذاته سواء الخيّرة أو الشريرة وهي تتصارع مع الأقدار وعندما يتمثل ذلك يعايش التجربة ويتحصل على النتائج وهو جالس في مقعده ومما يزيد تأثير التراجيديا أنّها تتناول شخصيات هامة، فتصبح كالشيخ والمتفرج كالمريد الذي ينسخ حياة الشيخ ويعيشها، فينال ما نال الشيخ من رفعة وعلو مقام أو العكس. التفسير السابق لتطهيرية أرسطو تكاد تكون في الأغلب الأعم هي المحرك الداخلي لكل عمل درامي قد تم تقديمه عبر الميديا.
في الدراما السورية يبقى مسلسل الولادة من الخاصرة بجزئه الثالث ‘منبر الموتى’ الأكثر ضجيجاً بين المسلسلات السورية سواء التي قاربت الوضع في سوريا ويبدو أنّ الكاتب سامر رضوان والمخرج سيف الدين السبيعي قد أرادوا من التطهير أن يكون العامل الجوهري مع رؤية تؤكد أنّ الدراما قادرة على لعب دور التاريخ وأنْ تكون مخبَراً للتجارب حيث يتم استخلاص النتائج منها وتطبيقها على الواقع أو العكس اعتباراً نتائجها محصلة لأسباب الواقع.
التراجيديات التي كتبها كلّ من عباقرة التراجيديا اليونانية كسوفوكليس وأرويبيدس وخرج منها محلّلي النفس بعقدة أوديب والكترا وتمّ اعتبارها نموذجاً صارخاً عن عبثية القدر واستحالة التحكم بالتاريخ، فهل هي كذلك وهل تلك القياسات عليها الدرامية صحيحة في زمننا!؟.
من يقرأ كتابي رينيه جيرار ‘الكذبة الرومانسية والحقيقة الروائية وكتاب العنف والمقدس’ ويتابع جيرار باستقراءاته واستنتاجاته المدعمة بالحقائق الإنسانية كاعتبار التوأم حالة من العنف المستتر والاستحضار الدائم للفارماكوس والذي يصرف عليه من خزينة المجتمع اليوناني ليُضحى به عندما يهدد المجتمع سببٌ كالحرب أو الطاعون أو تفسخ التنظيم الاجتماعي ومن جهة التوأم يفرض على العائلة أن تمارس التطهير ويتم إبعاد أحد التوأمين أو نفيهما معاً تجنباً للتماثل والتشابه الذي يعتبر برأي هذه المجتمعات التي تفتقد للمؤسسات قضائية عليا مستقلة، سبباً بنمو كرة العنف وبالتالي انتشاره، ففي العنف المتميز بخاصية التشابه حيث الناس تصبح متشابهة كأنّها توائم، يسهل انتقال العنف وانتشاره هكذا نرى التشابه الضدي بين أوديب وكريون وتيرزياس وحتى التشابه بين أوديب وأبيه إذ كل منهما كان تحت تأثير ألهامات، فيما فعل الأول في قتله أبيه والثاني في إبعاد ابنه الذي سيغتصب عرشه.
المجتمعات القديمة كانت ترى الاختلاف هو قمة الأمان والتشابه والتماثل الفخ الذي سوف يدمر المجتمع.
إنّ التراجيديا التي قدمتها اليونان كانت تبغي إعادة حدثاً أولياً سبب تدمير المجتمع وبالتالي لم تكن تهدف إلى إحداث حالة التطهير كما فُسرت حالياً بل كل مافي الأمر هو إعادة التاريخ ولنضيف المخبَر، لترى الناس بعينها الذي حدث، فهي لم تكن تقدم محايثة ولا تحيين أبداً، فالهدف هو دفع درهم الوقاية بدلاً من قنطار العلاج.
بالعودة لمسلسل الولادة من الخاصرة الذي قسم المجتمع السوري في داخل المسلسل وخارجه وعمل على إيجاد التشابه والتماثل بحيث استوى الكل أمام الواقع العنفي وبالتالي ضخ المزيد من العنف في الكرة المتدحرجة على مساحة الملعب العنفي، ليصبح كأنّه مقطع من اليوتوب متشابهاً مع تلك المقاطع التي فعلت فعلها بتأجيج العنف سواء كانت هذه المقاطع حقيقة أو مزيفة إذ أن تأثيرها قد انطلق وعملية المراجعة للمقطع لن تجدي نفعاً وهذا ما فعله المسلسل.
ليست القضية في محاسبة المسلسل على ما قدمه من حقائق أو عدمها بل المحاسبة تتصل بالنتائج المتحصلة التي زادت الطين بللاً، فالتراجيديا اليونانية قُدمت في الزمن الصحيح حيث كان المجتمع اليوناني في قمة صحته وبعيداً عن العنف وبالتالي يصحّ التذكير أمّا ما فعله مسلسل الولادة من الخاصرة هو الصراخ في زمن الكل يصرخ والكل يمارس العنف وبالتالي تماثل مع كل مسببات العنف ليكاد يصبح أحدها وهذا ليس مدحاً للمسلسل بحكم أهميته أو جودته بل أنّ تماثله مع أصغر مقطع على اليوتوب من حيث تزويده العنف بالطاقة دلالة على خسّة الصنعة وضحالة الرؤية والرؤيا.
بين درهم الوقاية وقنطار العلاج سقط المسلسل رغم الشهرة والنقاش والمؤيد له والمعارض له، إذ أصبح أحد الوسائل التي تزيد الانقسام العامودي في المجتمع وتعمل على تغذية كرة العنف ومن سيسخف هذا الكلام لينظر قليلاً لصورة أو مقطع فيديو وماذا يفعله في الناس. المبدع الحقيقي هو الذي يعمل على سحب فتيل العنف لا تأجيجها وهذا ما فعلته التراجيديا اليونانية ومبدأ التطهير الذي تكلم به أرسطو أمّا ما نراه على شاشاتنا ليس إلا مجرد تجارة تصب في جيوب أولاد الميديا الذين يزدادون تغولاً وفحشاً.
[email protected]
مقدمة طويلة وعريضة.بلاش لف و دوران .قل أن المسلسل لم يعجبك وأن تقف مع النظام أو تخشى على حياتك؟.وهل النمسلسل هو من أشعل فتيل الثورة السورية المباركة أم أن نظام البعث الدموي هو من يقاوم التيار ويسبح ضده؟.حدث العاقل بما يعقل ياباسم سليمان.
مسلسل فاشل وأبدا مش مناسب لرمضان أحلى مسلسل كان سنعود بعد قليل كتير كان حلو بدون عنف وموت وقتل يعنى انا فى أمريكا والله صعقت عندما سألتنا بنتى عمرها ست سنوات ليش الناس اللى بتحكى عربى فى التلفزيون يا ماما دائماً بتصرخ وتتخانق طول الوقت وبيضربوا بعض لان كل المسلسلات فى رمضان كانت صراخ وعنف وموت والله ماعرفت شو احكيلها
لم أرى ما هو منطقي في كلامك. كل الذي هو واضح أنك معارض لفكرة المسلسل و معظم الكلمات كانت زيادة حجم.