الولدُ الوطنيُ جدا.
اشترى قاموسا للموردِ، ومُعجما للصحاحِ،
وكتاباً في الفقهِ الطبقي،
وأطلقَ لعقيرتِهِ الغناءَ والسكرةَ،
ياحماماتِ البابِ الشرقي،
واصلي الطيرانَ عند الجداريةِ،
كي نتوهم أنَّ السماءَ قريبةٌ جدا،
وأنَّ العمالَ مازالوا في المسطر
يرددون النشيد الأممي دون فخاخ..
الولدُ الوطني جدا
تركَ القاموسَ والمُعجمَ والكتابَ الأحمر،
واشترى غليونا، وقميصا مقدودا،
وأشرطةَ للجنس.
عاقر المقهى والحانةَ والعاهراتِ الرخيصات،
وأدرك أنّ المنفى صار بلادا للإيجار،
وخريطة للقطارات السريعة،
وأن الجدارية صارت جدارا،
ورأسه الطبقي صار مزبلة برجوازية
الولد الوطني جدا.
لم يعدْ يعرفُ فائق حسن، ولا حسن سريع،
ولا جواد سليم..
اطلقَ على ذاكرتِه السهوَ، فباتتْ القصيدةُ باردةً
كالشمالِ الكندي،
وضيقةً مثل بنطالِ مراهقةٍ لندنية..
الطيورُ هبطتْ من الجدارية،
والعمالُ أخذوا مطارقَهم للنعاسِ،
والفقه الطبقي صار أغاني للراب،
الولدُ الوطني جدا!!! شاخ من البرد والمحو،
فظل وحيدا، عاطلا بدون أكاذيب باذخة..
٭ كاتب عراقي