من الممكن تقسيم النشاط السياسي للبشرية، من حيث المحتوى، الى ما قبل وما بعد هيغل فهو الذي صاغ قانون تحول الكمية الى نوعية وبالعكس القانون الذي حدد النشاط البشري ككل خصوصا في مراحل الرأسمالية المتقدمة.. كان محتوى النشاط السياسي يتلخص في الخوف من الآخر والنزوع الى أضعاف الآخر وأخضاعه، ولكن الرأسمالية كان لها رأي آخر فقد اعتمد تطورها اللاحق على خلق مجتمعات كبيرة العدد تمثل بيئة أمثل لتلبية حاجات التطور الأسمالي. ويوضح التأريخ كيف استطاعت الولايات المتحدة صهر اعداد كبيرة من البشر (مئات الملايين) في مجتمع واحد ووضحت ما يستطيع مثل هذا المجتمع الوصول اليه من خلال تبنيه بنجاح للاسلوب الرأسمالي وتوفر فائض من ألأستثمارات (الكمبيوتر، هابل …).). وحتى بدون تبني ألأسلوب الرأسمالي وحتى اذا لم ينصهر المجتمع الكبير في أمة واحدة وحتى أذا لم يتوفر فائض من الأستثمارات فأن المجتمعات ألأكبر أقدر على حل مشاكل التطور ليس لنفسها فحسب وأنما لليشرية ككل وهذا ما أكدته تجربة ألأتحاد السوفيتي (تحطيم النازية، غزو الفضاء). وكان لينين قد أكد على أفضلية المجتمعات ألأكبر (البروليتاريا دوما مع دولة أكبر.( بعد الحرب العالمية الثانية جرى في أوروبا حيث الرأسمالية أخذت مداها تحول في محتوى النشاط السياسي أي استبدال الخوف من الآخر ومحاولة أخضاعه بتوحيد العديد من النشاطات والقناعة بأن ما هو جيد للآخر جيد لي. وقاد هذا الى القناعة بضرورة خلق مجتمع أوروبي واحد، أي أيجاد وحدة نقدية ذلك أن النقود هي التي تحول المجموعات الكبيرة من البشر الى مجتمع ( بدون نقود لا يوجد مجتمع). المهم أن نجاح اليورو مؤشر الى أين يسير النشاط السياسي في القرن الواحد والعشرين، حيث ستظهر عدة وحدات نقدية أخرى توحد أعدادا أكبر من البشر في مجتمعات أكبر. انه الخيار الأمثل لتلبية حاجات التطور اللاحق للبشرية. فاما مجتمعات أكبر تؤمن الرفاهية والتمتع بالحياة وأما مجتمعات صغيرة تكرس الفقر والتعاسة . محمد المصري