«اليوم الوطني لنصرة غزة والأسرى» استجابة خالفت التوقعات

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

رام الله ـ «القدس العربي»: رغم حجم الحشد الكبير الذي عملت عليه اللجنة التحضيرية لليوم الوطني لنصرة غزة والأسرى، ورغم دعوة طرفي الانقسام الفلسطيني للفعالية والحشد لها، ورغم أن اليوم الوطني وضع نصب عينيه أبرز قضيتين مركزيتين فلسطينيتين في المرحلة الحالية إلا أن حجم المشاركة والتفاعل الجماهيري لم يكن كما هو متوقع في ظل حجم الجريمة التي ترتكب بحق الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم.

فما جرى يوم السبت الماضي الذي وافق 3 آب/اغسطس يعجل بطرح مجموعة من الأسئلة على نشطاء وإعلاميين وسياسيين بهدف الوقوف على أبعاد الفعالية المهمة واكتشاف خلاصاتها وما تؤشر وتدلل عليه في المشهد الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة والتهجير وذلك في لحظة تعتبر من أبرز اللحظات في تاريخ الشعب الفلسطيني.
عبد الفتاح دولة، المتحدث باسم حركة فتح، يعتبر اليوم الوطني لنصرة غزة والأسرى رسالة جماعية موحدة من كل قطاعات الشعب الفلسطيني وعلى مستوى محافظات الوطن والداخل الفلسطيني المحتل، في وحدة ميدانية وجغرافية في وجه المحتل الذي يسعى إلى تعزيز التفكير بالهم الذاتي على حساب القضايا الوطنية المركزية.

هناك من لم يحشد

ويضيف دولة، وهو من القائمين على اليوم الوطني: «أردنا إعادة الاعتبار للفعل الشعبي الجامع على قضايا توحد الكل الفلسطيني وهي جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة وجرائم التعذيب بحق الأسرى ليتحدث الشعب الفلسطيني بلغة واحدة ليصرخ في وجه المجرم والجريمة وفي وجه الصمت والعجز الدولي».
يقر هنا دولة في حديثه مع «القدس العربي» أن الفعالية «لم تكن بالقدر الذي كنا نطمح له، إذ عملنا على أن يكون حشدا أكبر مما كان ليرتقي إلى حجم الجريمة من خلال التنسيق مع كل القوى الوطنية والإسلامية وكل قطاعات شعبنا متجاوزين حدود الفصائلية إلى مربع الفعل الشعبي الجامع، ولنجعل من هذا اليوم انطلاقة لفعل شعبي متواصل نأمل أن نصل له في الفعاليات القادمة. بالتوازي مع المسيرات التي تخرج في عديد دول العالم والتي استجابت لدعوة اليوم العالمي لنصرة غزة والأسرى إذ كانت المشاركة الدولية واسعة وذات ثقل مهم يشكل دعما شعبيا حقيقيا إلى جانب الحق الفلسطيني».
ويزيد الناطق باسم حركة فتح في حديثه حول حجم الاستجابة التي لم تكن بقدر التوقعات إلى أن ذلك يعود إلى حجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني والاغلاقات والبوابات والحواجز، وضعف قدرة الفصائل على الحشد الجماهيري. ويشدد على أن القائمين على الفعالية أردوا ألا تحول الفصائل دون أوسع مشاركة جماهيرية، «لكن كان واضحا أن الفصائل والاتحادات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني لم تحشد كما يجب، إذ كان أغلب الحشد هو أبناء حركة فتح أكثر من القوى الأخرى، وهو ما يستدعي إلى عمل فصائلي أكثر لإعادة الاعتبار على قدرتها على الحشد الذي نرى فيه أهم مقومات المواجهة الفاعلة والمجدية في وجه الاحتلال والصمت الدولي وهو ما يجب تداركه في الفعاليات المقبلة».

غياب المنافسة

ويشدد الباحث في شؤون الأسرى فؤاد الخفش، مسلمة مفادها ألا شيء يمكن فعله يوازي ما يعانيه الأسرى في السجون الإسرائيلية والأهل في قطاع غزة.
ويرى في حديث لـ«القدس العربي» أن حجم المشاركة في الفعالية كان ضعيفا، فيما هناك من يبرر ذلك باستشهاد اسماعيل هنية على أنه الحدث الكبير الذي حال دون مشاركة الجماهير، وهو ما يعتبره «تبريرا غير صحيح بالمطلق».
ويشدد الخفش على أنه من دون فصائل لا يمكن لأي عمل وطني أن ينجح، فالساحة الفلسطينية لا يمكنها أن تدعم شيئا بشكل كبير وجماهيري من دون دعم الفصائل، ويؤكد ان الفصائل ذاتها تعتبر سببا رئيسيا في ضعف التعاطي مع أي قضية فلسطينية.
ويرى أنه غياب حركة حماس عن الساحة في الضفة الغربية عام 2007 أضعف الفعل السياسي الفصائلي، ويعود السبب إلى غياب التنافس السياسي بين حركتي فتح وحماس، فـ»التنافس السياسي كان أداة مهمة في التفاعل مع القضايا الوطنية».
ويشدد على حركات وفصائل المقاومة هي الأكثر قدرة على الحشد، كما أن الجماهير تستجيب لدعواتها بشكل كبير وهو ما ينعكس على الميدان، وهو ما يمنح كل الزخم الجماهيري للتفاعل مع القضايا الوطنية.

فعالية فصائلية ومشروعان

بدورها ترى الباحثة في العلوم الاجتماعية والسياسية رولا سرحان أنه لا يمكن استثناء الفصائل الفلسطينية من دعوات التظاهر والتعاطي مع الفعالية الوطنية، «فبعد إعلان اسماعيل هنية (قبل اغتياله) ودعوته للمشاركة، كانت دعوته تحمل في جوهرها دعوة للوحدة الوطنية ودعوة الجماهير للنفير من أجل الأسرى وقضية غزة وكلا القضيتين تتجاوزان أي تفكير فصائلي ولا خلاف عليهما فلسطينياً».
وتضيف: «إلا أن حالة الشرذمة والانقسام الفلسطيني بين مشروعين: مشروع المقاومة ومن يواليه ويؤمن به، ومشروع السلطة الفلسطينية الذي لا يريد سوى بقاء الوضع الحالي كما هو ويرفض أي مواجهة مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، ومع حالة التداخل بين تنظيم حركة فتح الذي التهمته السلطة والسيطرة من قبل السلطة على مؤسسات الأسرى، كانت الدعوات لنصرة الأسرى وغزة تتم من عدة اتجاهات: الأولى: دعوات رسمية من قبل مؤسسات الأسرى التابعة للسلطة، الثانية: من قبل حركة حماس بشكل مباشر ودعوة لتنفيذ وصية اسماعيل هنية الأخيرة بأن يهب الجميع لنصرة غزة، والدعوة الثالثة من قبل المجموعات الشبابية واليسار الفلسطيني المحصور في منطقة رام الله».
وتتابع سرحان حديثها لـ«القدس العربي»: «رغم أهمية الدعوات والحشد إلا أن حالة الشرذمة المتمثلة باختلاف جذري بين مشاريع من قدموا الدعوات: أي الطرف الأول في جهة وهي السلطة ودعوات حماس والحراكات الشبابية في طرف ثان، أدى إلى توزيع وتفتيت عملية الحشد الشعبية واقتصارها على نطاق السلطة من ناحية وما استطاع الطرفان الآخران حشده، إلا أن ذلك لم يكن كافيا ولا يرتقي لما يحدث من جرائم في السجون ضد الأسرى وإبادة في قطاع غزة، وذلك يعود لغياب التعبئة والحشد الفاعل في باقي التنظيمات الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية من ناحية وعدم مركزية المظاهرات، بالإضافة لحالات الملاحقة والاعتقال من قبل السلطة والجيش الإسرائيلي لكل الناشطين والناشطات».
وتخلص الباحثة أنه «عندما خرجت الدعوة انقسم الشارع إلى خطين، الأول خط السلطة والثاني خط المقاومة، وهو ما أدى إلى تشتيت الفعالية وحرف بوصلتها عن هدفها بسبب غياب مشروع واحد يصطف خلفه الفلسطينيون».
وتحدد سرحان سبعة عوامل قادت إلى تراجع الحشد وهي على النحو التالي: غياب الإرادة الجماعية والقناعة بجدوى المظاهرات وقدرتها على الضغط والتأثير، وغياب فاعلية وجود تنظيم مشترك ومركزي يعمل على توحيد الطاقات في الشارع ويقود إلى تعبئة من أجل حشد جامع ومؤثر، ووجود ممارسات سلبية مثل الاعتقالات وملاحقات لكل الناشطين في المظاهرات واستهدافهم، فمن كانوا يحركون الشارع أصبحوا اليوم داخل السجون وهذا شكل رادعا لمن فكر بالخروج وتجاوز حالة الخوف من الملاحقة أو الاعتقال، وغياب عنصر مركزي يتمثل بمعنى التعبئة وأهميتها عند كل مجموعة سواء ناشطة بشكل مستقل أو تتبع لفصيل سياسي وغياب ذلك انعكس على شكل حالة الترهل في الشارع، ومركزية المظاهرات في مراكز مدن الضفة كمكان لم تعد بنظر الأغلب هي المكان القادر على التغيير، وبالتالي أدى ذلك لإضعاف حجم المشاركة، وغياب دور الأكاديميين في الجامعات الفلسطينية ودورهم في حشد الطلبة كمحرك أساسي للشارع في الضفة الغربية، وملاحقة واعتقال كوادر الحركات الطلابية في مختلف جامعات الضفة الغربية منذ بداية الحرب حتى اليوم أدى إلى غياب الكفاءات والقدرات القادرة على التنظيم والحشد بسبب الاعتقال وغياب البديل بوقت قصير.
وشهدت عدة محافظات في الضفة الغربية، يوم السبت الماضي، سلسلة من الوقفات والمسيرات ضمن فعاليات «اليوم الوطني والعالمي لنصرة غزة والأسرى» وهو الحدث الوطني الذي حدد بتاريخ 26 تموز/يوليو الماضي، حيث أعلنت مؤسسات فلسطينية معنية بالأسرى وقوى وطنية وإسلامية، في مؤتمر صحافي، بمشاركة نقابات واتحادات وأطر شعبية ووطنية، يوم 3 آب/أغسطس 2024 «يوما وطنيا وعالميا لنصرة غزة والأسرى».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية