القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرزت الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 18 مارس/آذار نبأ الاجتماع الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء، وعدد من الوزراء والمسؤولين وطالبهم بالإصلاح الفوري للمرافق والطرق التي تضررت من الأمطار والسيول، وحصر خسائرها ونشرت الصحف ما دار في الاجتماع: «صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الاجتماع تناول استعراض نتائج إدارة الحكومة لتداعيات موجة الطقس السيئ من سيول وأمطار غزيرة، التي شهدتها البلاد مؤخراً، قبل وأثناء وبعد الأزمة، بما في ذلك الإجراءات المتخذة والتنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة،
الحكومة مسؤولة عن صحة وسلامة موظفيها فقط والعاملون في القطاع الخاص تحت رحمة رب العمل
والتحديات التي واجهت عددا من القطاعات في هذا الإطار، كالإسكان والكهرباء والصرف والطرق. بالنسبة لقطاع الكهرباء، أوضح وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن خسائر القطاع جراء موجة الطقس السيئ الأخيرة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بلغت حوالي 400 مليون جنيه، مشيراً إلى أن التأثير الفعلي والتلفيات الملموسة كانت قد طالت قطاع المحولات والنقل وأبراج الكهرباء القديمة، بينما لم تتأثر تلك الحديثة، كذلك تحمل قطاع الإسكان حوالي 650 مليون جنيه لإعادة صياغة وتطوير منطقة «الزرايب» في حلوان التي تأثرت بشكل بالغ، نتيجة الهطول الشديد للأمطار، التي جاءت بمعدل ما يقرب من 5 أضعاف أكثر من معدلها الطبيعي. فيما عرض وزير النقل تعامل كافة هيئات الوزارة مع تداعيات الأزمة الأخيرة، موضحاً أن خسائر الوزارة بلغت حوالي 100 مليون جنيه معظمها في الطرق والمحاور القديمة، إلى جانب بعض التلفيات والخسائر في قطاعات السكك الحديدية والموانئ والنقل البحري».
كما لفتت انتباه رجال المال والأعمال وأصحاب المصانع سلسلة القرارات التي أصدرتها الحكومة والبنك المركزي لمساعدتهم في تخطي أزمة الكورونا، فقد أصدر رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قرارات، تضمنت خفض سعر الغاز الطبيعي للصناعة عند 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، كما تقرر خفض أسعار الكهرباء للصناعة للجهد الفائق والعالي والمتوسط بقيمة 10 قروش، مع الإعلان عن تثبيت وعدم زيادة أسعار الكهرباء لباقي الاستخدامات الصناعية لمدة من 3 ـ 5 سنوات مقبلة. وشملت القرارات التحفيزية أيضاً توفير مليار جنيه للمصدرين خلال شهري مارس/آذار وإبريل/نيسان 2020؛ لسداد جزء من مستحقاتهم، وفقاً للآليات المتفق عليها «مبادرة الاستثمار والسداد النقدي المعلن عنها للمصدرين»، مع سداد دفعة إضافية بقيمة 10 ٪ نقداً للمصدرين في يونيو/حزيران المقبل، بما يُسهم في استمرار التأكيدات حول جدية الحكومة لحل وسداد متأخرات المصدرين ومساندتهم، كما تضمنت تلك القرارات، تأجيل سداد الضريبة العقارية المستحقة على المصانع والمنشآت السياحية لمدة 3 أشهر والسماح بتقسيط الضريبة العقارية المستحقة على المصانع والمنشآت السياحية عن الفترات السابقة، من خلال أقساط شهرية لمدة 6 أشهر. وفي الوقت نفسه تضمنت القرارات رفع الحجوزات الإدارية على كافة الممولين الذين لديهم ضريبة واجبة السداد مقابل سداد 10٪ من الضريبة المستحقة عليهم وإعادة تسوية ملفات هؤلاء الممولين من خلال لجان فض المنازعات. أما محافظ البنك المركزي طارق عامر فقد أصدر القرارات الآتية: تأجيل سداد القروض لمدة 6 أشهر لدعمها في مواجهة تداعيات فيروس كورونا، يشمل كل قروض الشركات الحالية في كافة القطاعات والصناعات. وأضاف طارق عامر أن القرار يشمل كذلك جميع العملاء سواء المنتظمين أو المتأخرين في السداد أو المتعثرين، وفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط. وذكر البنك المركزي المصري أنه في ضوء متابعة أوضاع وتطورات السوق المصرفي، فقد تقرر قيام البنوك بتأجيل كافة الاستحقاقات الائتمانية للعملاء من المؤسسات والأفراد، تشمل القروض لأغراض استهلاكية والقروض العقارية والإسكان الشخصي مع عدم تطبيق عوائد، أو غرامات إضافية، على التأخر في السداد، على ألا يشمل القرار عملاء بطاقات الائتمان.
ورغم هذه الإجراءات التي سوف ترهق الميزانية العامة، في ما بعد فقد أحس النظام بارتياح كبـــــير، بعد أن تلقــــي الرئيـــس عبد الفتاح السيسي مكالمة هاتفية من رئيـــس كينيا وهوا كينياتا، عبّر فيها عن دعم بلاده لمطالب مصر العادلة، بخصوص موقفهـــا من مشروع سد النهضة. والمعروف أن أوهورا هو ابن بطل اســـتقلال كينيا جومو كينياتا، الذي تلقى مساعدات كبيرة من مصر أيام حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، للخـــلاص من الاحتلال البريطاني.
واهتمت الصحف أيضا، بالجولات التي بدأها وزير الخارجية سامح شكري في عدد من الدول الافريقـــية، وتشمل بــــوروندي وجنوب السودان والنيجـــر وروانـــدا وتنزانيا والكونغـــو الديمقـــراطية لشرح موقف مصر من تداعيات سد النهضة عليها، وحشد التأييد لها.
أما الاهتمام الأكبر جماهيريا وحكوميا أيضا فهو عن خطر كورونا، واستمرار النصائح للمواطنيين بالطرق التي تبعده عنهم، وتقيهم شر الإصابة به، من غسل اليدين باستمرار بعد ملامسة أو الإمساك بأي شئ والابتعاد عن التجمعات. لكنها نسيت وسيلة أخرى والغريب أن من توصل إليها حشاش رأه وسمعه الرسام عمرو فهمي في «الأخبار»، يقول لصاحبه الذي كان يدخن معه الحشيش: أنا غيرت كالون الباب الاحتياط واجب.
واستمرت الحكومة في مطالبة المواطنيين بعدم التكالب على شراء السلع وتخزينها، رغم طمأنة الحكومة لهم بأن الاحتياطي في المخازن يكفي لشهور مقبلة، وهذا التكالب أدى طبعا إلى قيام التجار برفع الأسعار، ولا تزال كل وسائل الإعلام تحذر المواطنين من الفيروس وتشرح لهم طرق الوقاية ونقل ما يدور في دول العالم، ومع ذلك الاستعدادات مستمرة للاحتفال بعيد الام يوم السبت المقبل، وإعلان أسماء الأمهات المثاليات، ولم يتبين حتى الآن إن كانت الاحتفالات في قاعات مغلقة؟ أم سيتم الإعلان فقط وتسليم الفائزات الجوائز بمفردهن؟
وإلى ما عندنا….
آثار كورونا
ونبدأ بأبرز ما نشر عن آثار كورونا، ومنها اختفاء المنظفات والمطهرات وزيادة أسعارها بسبب تصديرها للخارج، وكثرة الطلب عليها في الداخل وهو ما كتبت عنه في «الأهالي» شيماء محسن: «قال محمد فكري عبد الشافي رئيس شعبة المنظفات في غرفة الصناعات الكيميائية في اتحاد الصناعات، إن المصانع المحلية تلقت طلبات مكثفة من الدول الافريقية، رغم أن أغلب تلك الدول كانت تفرض رسوما حمائية على منتجات المنظفات، وأشار إلى أن المواد الخام الخاصة بتصنيع المنظفات بدأت تنقص، بسبب ارتفاع الطلب عليها مؤخرًا بالتوازي مع ضعف الوارد من الصين، مبينا أن الصين ليست المصدر الوحيد بالنسبة لمكونات المنظفات، بل إنها تنتج من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وتركيا، ولكن بسعر أغلى من النظير الصيني. وأكد أن المصانع لم ترفع أسعار منتجاتها، وأن الزيادة التي طرأت على السوق سببها الرئيسي زيادة الطلب مقارنة بالعرض، والتوزيع ومن المحتمل أن ترفع المصانع الأسعار خلال 3 أشهر، أو بعد نفاد مخزون الخامات المتوفر لديها حاليا. وأضاف أن الطلبيات ارتفعت بنسبة 300٪ منذ بداية فبراير/شباط الماضي، وتزداد حدتها مع التطورات السلبية للأزمة. كما تطلب المصانع أي كميات متوفرة في السوق، ومن جانبه قال حازم القماح نائب رئيس شعبة الصيدليات في غرفة القاهرة التجارية، إن منتجات المطهرات وتعقيم الأيدي أصبحت نادرة في الأسواق، خاصة منتجات الشركات الكبرى خلال الفترة الأخيرة، حيث تعاني الشركات من نقص المادة الخام. وأضاف أن زيادة الطلب في مقابل تراجع الكميات المعروضة تسبب في ظهور أنواع كثيرة من المطهرات وجيل تعقيم وتطهير الأيدي، لم تكن معروفة من قبل للصيدليات، كما توجد صعوبة في معرفة الأسعار الحقيقية لها».
إجراءات احترازية
لكن الحكومة تحركت بسرعة وأصدرت الدكتورة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة قرارين هما، كما نشرتهما أغلب الصحف المصرية مثل «الأهرام» والأخبار» واليوم السابع» وغيرها: أصدرت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة قرارين بوقف تصدير كل من الماسكات الجراحية «أقنعة الوجه «كمامات» ومستلزمات الوقاية من العدوى، والكحول بكافة أنواعه ومشتقاته، لمدة 3 أشهر تبدأ من تاريخ نشر القرارين في الوقائع المصرية. وقالت وزيرة الصناعة والتجارة إن هذين القرارين يستهدفان توفير احتياجات المواطن المصري من هذه المنتجات، خاصة في ظل الإجراءات الاحترازية التي تتبعها الحكومة المصرية لحماية المواطنين من أي تداعيات محتملة لانتشار فيروس كورونا المستجد. وأضافت في بيان لها أنه تم اتخاذ القرارين بعد التنسيق مع وزارة الصحة والشركات المصنعة لهذه المنتجات، حيث لوحظ أنه تم خلال الأيام القليلة الماضية تصدير كميات كبيرة من هذه المنتجات لأسواق الدول التي تفشي فيها الفيروس، وهو ما يؤثر سلباً على توافر الكميات اللازمة للسوق المحلي.
أما بالنسبة للأدوية فقد طمأنت وزارة الصحة الشعب في بيان لها قالت فيه: إن المستشفيات على مستوى الجمهورية تعمل بكامل طاقتها، ولم تتأثر بأي شيء، مؤكدة على أن الأطقم الطبية تعمل على مدار 24 ساعة لاستقبال المرضى، وتوفير الخدمة الطبية لهم، خاصة الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، مضيفة أن جميع الأدوية متوفرة ويوجد مخزون استراتيجي كبير في المستشفيات، خاصة مستشفيات الحميات والصدر، على مستوى الجمهورية. وأضافت وزارة الصحة والسكان أن آليات إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة مستمرة على مدار الساعة، من خلال اللجنة الثلاثية، مؤكدة على أن القرارات يتم إصدارها في 48 ساعة، خاصة لأصحاب الأمراض المزمنة مثل السكر والقلب والضغط والأورام والفشل الكلوي. وتابعت وزارة الصحة أن الوحدات الصحية والمستشفيات توفر الأدوية للمترددين لمدة 3 شهور. وتابعت وزارة الصحة والسكان أنه تم رفع معايير مكافحة العدوى في المستشفيات لأعلى درجة، مع تطبيق التقصي الوبائي في جميع المنشآت الصحية، للكشف عن أي حالات مشتبه في إصابتها، خاصة المناطق التي ثبتت فيها إصابات مرضية. وأوضحت وزارة الصحة والسكان أنه لم يتم رصد أي حالات مصابة أو مشتبه في إصابتها بفيروس كورونا المستجد في جميع محافظات الجمهورية، سوى ما تم الإعلان عنه، مشيرة إلى أنه فور الاشتباه في أي إصابة سيتم الإعلان عنها فورًا بكل شفافية، طبقًا للوائح الصحية الدولية وبالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية».
نقص في القرارات الداعمة للمواطنين
ورغم كل هذه المجهودات من الحكومة إلا أن منصور عبد الغني، رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «الأهالي» أشار إلى نقص في القرارات بقوله: «قرارات قاسية اتخذتها الحكومة لمنع تفشي فيروس كورونا، وأخرى أكثر قسوة منتظر صدورها خلال الساعات المقبلة، ستؤثر حتماً في حياة الناس، خاصة أنها لم تشمل توفير سبل الدعم والحماية للمضارين من تلك القرارات، وبما أن الوضع استثنائي، والأزمة استثنائية، فإن التعامل معها من جانب الدولة يجب أن يكون استثنائياً على كافة المستويات، بما في ذلك استخدام القانون لتفعيل قرارات منع التجمعات، وتخفيف الكثافات في الأماكن العامة، التي لم يتم تفعيلها حتى الآن، رغم إعلان الحكومة الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة المواجهة، بما فيها من فرض العزل المنزلي وإغلاق المطارات، وتعليق رحلات الطيران، والتطهير والفحص العشوائي، فإن المسؤولين مازالوا يستخدمون أدوات المرحلة الأولى من المطالبات والمناشدات، لتنفيذ القرارات، ولم تتخذ الحكومة خطوات عملية لطمأنة المواطنين في ما يخص توفير السلع الغذائية والأدوية ومستلزمات معيشتهم اليومية، في ظل تعرض تلك القطاعات للممارسات الاحتكارية، وحجب للمنتجات مع تكالب المواطنين على الشراء، الأمر الذي يخلق الأزمة ويعمقها بصرف النظر عن مراحل الخطة الحكومية لمواجهة الأزمة، وإذا كانت المؤشرات تتجه إلى زيادة معدلات الإصابة بالفيروس، فإن الأمر يتطلب التدخل السريع لطمأنة الناس، ومواجهة الحرب الإعلامية الموجهة إلى الداخل المصري، التي تستهدف نشر الخوف والهلع بين المواطنين. الإعلان الفوري عن منافذ القوات المسلحة لبيع السلع وأماكن تواجدها وفروع أمان التابعة للشرطة والمجمعات الاستهلاكية، واستخدام بطاقات التموين، وإضافة سلع ومنتجات جديدة إليها، استخدام المعلومات الخاصة ببرامج المسح الطبي، التي تم تنفيذها للاتصال بأصحاب الأمراض المزمنة، وإيجاد وسيلة لطمأنتهم على توفير العلاج اللازم لهم، التدخل السريع والمعلن لدى القطاع الخاص وأصحاب المنشآت التجارية والخدمية الصغيرة، لمنع تسريح العمالة وضمان استمرارها، مهما تكن الطريقة، العمالة المؤقتة في المقاهي والمطاعم والعاملون باليومية وأصحاب الحرف الحرة وغيرهم من المضارين، بسبب الإجراءات الضرورية لمواجهة الفيروس، يحتاجون إلى تدخل سريع لإعانتهم على الحياة ومنع تسرب الخوف والقلق إلى نفوسهم وأسرهم، صندوق يتم الإعلان عنه من قبل رجال المال وأصحاب الأعمال لدعم خطط الدولة في التصدي للأزمة، سواء بتوفير الدواء اللازم أو من خلال إنتاج أنواع معينة من الغذاء، وكذلك توفير الدعم المادي للمضارين خلال فترة المواجهة».
«درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»
وننتقل إلى مشكلة العمالة في القطاع الخاص، التي تناولها في «الوفد» مجدي سرحان وطالب الحكومة بإجبار أصحاب الأعمال على منح عمالهم وموظفيهم إجازات، بقوله تحت عنوان «عن أي جدية تتكلمون؟»: «لم يقنعنا قرار الحكومة بتطبيق إجراءات الطوارئ لمواجهة تفشي العدوى بفيروس كورونا على موظفيها فقط، بينما تترك للقطاع الخاص حرية أن يقرر تخفيض أعداد العاملين لديه في فترة الطوارئ من عدمه، وفقا لما أعلنه وزير الإعلام وما ورد في نص قرار رئيس مجلس الوزراء نفسه «رقم 719 لسنة 2020» ولا نتفهم، كيف يناشد رئيس الوزراء المواطنين البقاء في المنازل وأخذ الأمر على محمل الجدية، بينما يطبق إجراءات الطوارئ على العاملين في الجهاز الإداري للدولة البالغ عددهم نحو 56 مليون عامل حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2018، ويستثني منها نحو 22 مليون عامل في القطاع الخاص حسب المصدر نفسه؟ أين «الجدية» في ذلك؟ وكيف تصور لنا الحكومة بقرارها هذا أنها مسؤولة فقط عن صحة وسلامة موظفيها، أما من يعملون في القطاع الخاص وهم الأغلبية، كما أوضحنا، فتتركهم تحت رحمة رب العمل، حتى لا يتحمل خسائر مادية جراء تخفيض قوة العمل، بينما تتحمل الدولة نفسها خسائر بمليارات الجنيهات بسبب إجراءات الطوارئ؟ أليست هناك قاعدة تقول إن «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»؟ أليس التخلي عن العاملين في القطاع الخاص وتركهم أسرى إرادة رب العمل يمثل إخلالا صارخا بمبادئ حقوق الإنسان؟ أليست الدولة مسؤولة عن حماية هؤلاء وتأمينهم بقوة الدستور والقانون؟».
حملة «حماية»
لكن الذي لم يعلمه مجدي ما ذكرته به في «المساء» مي الشرقاوي: «وجه وزير القوى العاملة محمد سعفان، بصرف منحة استثنائية للعمالة غير المنتظمة المستفيدة والمسجلة بقواعد بيانات مديريات القوى العاملة في المحافظات قدرها 500 جنيه تصرف من خلال مكاتب البريد التابعة لمحل إقامة كل عامل، للمساهمة في رفع العبء عن كاهل هذه الفئة، في ضوء الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وما تعانيه العمالة غير المنتظمة، وفي إطار خطة الدولة الشاملة لحماية المواطنين من أي تداعيات لفيروس كورونا المستجد. كما وافق الوزير على صرف إعانة وفاة لصالح ورثة العمالة غير المنتظمة، المتضررين من جميع حالات حوادث الطرق، التي أدت إلى الوفاة، من وإلى العمل، فضلا عن شمول هذه الفئة المسجلة المستحقة، التي تم حصرها في حملة «حماية» وكذلك العمالة غير المنتظمة في القرى الأكثر احتياجا، ببوليصة التأمين على الحياة أمان».
عقاب إلهي!
وفي «البوابة» هاجم سامح قاسم رجال الدين والدعاة، الذين يدعون أن كورونا ابتلاء وعقاب من الله فقال ساخرا منهم: «هل كان يعلم الطاعون الذي اجتاح أوروبا في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، أن ملايين الضحايا الذين سقطوا على يديه كانوا يستحقون العقاب الإلهي؟ هل ما يزيد على خمسين مليون شخص، أودي بحياتهم مرض الإنفلونزا الإسبانية في بداية القرن العشرين كانوا من العصاة الآثمين، الذين يحق عليهم العذاب والألم حتى الموت؟ هل السرطان الذي أودى وما يزال، بحياة آلاف الأطفال مُكلف بمعاقبة هؤلاء الملائكة الصغار؟ الحق أقول لكم، لم أجد مبررًا واحد ليتفوه هؤلاء بمثل هذه الترهات، ويعملون على بثها هنا وهناك، وكأنهم لا يعرفون أن كثيرا من الأنبياء والرسل، ابتلاهم الله بشتى صنوف البلاء والشدائد، فقد عانى نبي الله أيوب سنوات طويلة من مرض عضال، وقد استقبله صابرا محتسبا حتى شفاه الله، كما سبقه أبوالأنبياء إبراهيم عليه السلام، حيث ابتلاه الله بالعقم، ولم يرزقه بولديه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، إلا عندما بلغ من الكبر عتيا، هل كان الله يعاقب نبيه يعقوب بفقده أعز أبنائه إلى قلبه نبي الله يوسف عليه السلام، عندما قام إخوته بإلقائه في غيابة الجب، حسدا من عند أنفسهم وغيرة منه، وعندما فقد الوالد بصره حزنا على ولده العزيز، هل كان ذلك إمعانا في معاقبته؟ هل كان الله يعاقب نبيه وخاتم المرسلين محمد عليه السلام عندما دخل عليه أحد أصحابه فوجده يتوعك فقال له يا رسول الله إنك تُوعك وعكا شديدا، فقال النبي الخاتم إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، فقال له الصحابي إن لك أجرين، فقال المصطفى عليه السلام أجل، ثم قال ما من مسلم يُصيبه أذى مرض، فما سواه، إلا حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها».
فوضى الأرقام
لا نبالغ إذا قلنا إن أسلوب توظيف الأرقام داخل وسائل الإعلام يمثل آفة ظاهرة من آفات المهنة. وليس عليك لكي تتأكد كما يرى محمود خليل في «الوطن»، من ذلك سوى أن تراجع التغطية الإعلامية للأرقام المتعلقة بفيروس كورونا. جرب أن تتجول بين مجموعة من القنوات والمواقع الإخبارية، وحدد موضوعاً واحداً وليكن الأرقام المتعلقة بالفيروس في إحدى الدول الأوروبية، سوف تجد أن أرقام الوفيات ومعدلات الإصابة والإجماليات الخاصة بكل بند من بنود الفيروس، تختلف من نافذة إعلامية إلى أخرى. وفي خضم التضارب ما بين الأرقام تتوه الحقيقة. قد يكون السبب في ذلك جنوح بعض الإعلاميين إلى الإثارة، فكلما كان الرقم كبيراً أدى ذلك إلى تعرض أكبر للقصة الخبرية، وقد يكون السبب الإهمال وعدم اهتمام الإعلامي بالعودة إلى المصادر التي تمتلك معلومات دقيقة، وقد يكون السبب عدم امتلاك المصادر نفسها، لرقم دقيق يمكن أن يعتمد عليه الإعلام. تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة، وتتمثل في تضليل الجمهور لأهداف وأغراض مختلفة. المسألة لا تتعلق بالإعلاميين وحدهم، بل قد تجد لها أصلاً في أداء الساسة والمسؤولين. راجع على سبيل المثال تصريحات المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي ذكرت أن ما بين 60 و70٪ من سكان ألمانيا سوف يصابون بكورونا، وقد ذكر ماكرون أن نسبة قريبة سوف تصاب بالفيروس في فرنسا، وفي إنكلترا خرج بوريس جونسون، رئيس الوزراء، يدعو البريطانيين إلى تبادل أنخاب الوداع قبل أن يفرق كورونا بينهم وبين أحبائهم، ثم انطلق عدد من المسؤولين البريطانيين يتحدثون عن نظرية «مناعة القطيع» وقالوا إنه إذا أصيب نحو 60٪ من سكان بريطانيا بالفيروس، فسوف يؤدي ذلك إلى خلق مناعة «قطيعية» ضد المرض. الأساس الذي تم الاستناد إليه في تحديد التقديرات الرقمية التي جاءت على ألسنة المسؤولين الغربيين غير واضح، وقد تثبت الأيام المقبلة أن هذه الأرقام خبط عشواء ليس أكثر، وأن السياسيين أحياناً ما يسقطون في فخ الإثارة مثلهم مثل الإعلاميين. في دول أخرى يتسبب التكتم – وليس الترخص في ضرب الأرقام كما يحدث في الغرب- في إحداث نوع من الفوضى على مستوى الأرقام. في دولة مثل إيران أدى التكتم على أرقام الإصابة بـ«كورونا» في بداية ظهوره إلى نوع من الفوضى في تقدير عدد الوفيات والمصابين، وعدد المدن التي ضربها الفيروس. وترتيباً على ذلك دخلت الأرقام الخاصة بأوضاع الفيروس في إيران سوق المزايدة الإعلامية والسياسية، والأمر نفسه ينطبق على دول أخرى عديدة. السياسيون ووسائل الإعلام التي تلعب لعبة «التوقع الرقمي» تلجأ إلى توظيف برامج إحصائية تقوم بتوقع أرقام الظواهر، بناء على معايير قد تكون مضللة، وقد تخرج منها بأرقام أشد تضليلاً. وما بُني على ضلال فهو ضلال. وليس في مقدور أحد أن يثق في هذه الأرقام، إلا بعد تحليل دقيق للمعايير التي بُنيت عليها، وإلا أصبح حاله من حال بطل النكتة الشهيرة، الذي سأل أحد أصدقائه عن سبب احمرار عينيه، فرد عليه: سهرت بالأمس أعد النجوم، فسأله: وطلع عددهم كام؟ فأجاب: «17 ألف». فتعجب السامع قائلاً: معقولة. فرد عليه ذو العينين الحمراوين: لو مش مصدقني عدّ».
شعب الدكاترة
أما محمد أمين في العدد نفسه من «المصري اليوم» فلم يبتعد عن موضوع الساعة ولكنه تناوله من جانب آخر، إذ يقول: «إن مصر بلد شهادات صحيح، وأصبحت بلد دكاترة بعد كورونا.. فبالتأكيد لاحظ الجميع أن مصر تحولت إلى بلد من الدكاترة المتخصصين في الفيروسات.. ليس هذا لأن الوعي واخد حقه في مصر، ولكنها وسائل التواصل التي ضاعفت الجرعة فأصبح الجميع أطباء وعلماء فيروسات.. ستات البيوت يتحدثن عن منظمة الصحة العالمية وتعليمات الوقاية.. وأطفال على فيسبوك يتكلمون عن الفيروسات، وهم لا يعرفون شيئاً عن دروسهم.. وكثيرون يردون على دكاترة ما يقولون، كأنهم أدرى بعلوم الطب، خاصة الفيروسات المشكلة أننا نتحدث في كل شيء وننقل كل شيء مهما كان خطأ.. ونتحدث بثقة مفرطة.. «ما هو مش معقول نقعد في القعدة زي كيس الجوافة، لازم كلمتين على الإنترنت تستر بهما جهلك. ومن ضمن الحكاية تصبح ناقلاً للشائعات التي يبثها أولاد الحرام على شاشاتهم، بدون أي تمييز، أول حاجة تعرف «الألف من كوز الذرة.. مش أول ما تشطح تنطح». وعلى فكرة هذا الكلام ليس مصادرة للرأي وحرية التعبير.. فالكتابة مسؤولية، وأول شيء أن تعرف حقيقة ما تنشره وتتحقق منه بكل الطرق، قبل أن تدوس لايك وتعمل شير. ولا أتحدث هنا عن مساوئ فيسبوك أو تويتر.. إنما أتحدث عن مناقشات المصريين في الأماكن العامة والمواصلات والصيدليات، تخيل أنهم يتحدثون أكثر من الأطباء والصيادلة أنفسهم عن الفيروسات، إنها فرصة لكي نترك الكلام والإفتاء للمتخصصين، ليس شرطًا أن تتكلم في أشياء لا تعرفها وعلوم لم تألفها، أقعد صامتاً فلا يضيرك أن تبقى صامتاً في موضع كلام علمي متخصص، يعني كما نقول: «إدوا العيش لخبازه»، ومن عجب أن الأطباء أو المتخصصين يصمتون في هذه المناسبات، بينما يتكلم الجهلاء، بدون حياء كانت الحكومة على حق عندما تعاملت بالتدريج مع الأزمة.. فقد رأينا هجومًا على سلاسل السوبر ماركت يأخذون كل شيء فيها، وكل الديتول الموجود.. مع العلم أن الديتول لا تأثير له على الفيروسات، وإن زجاجة كلور بسيطة يمكن أن تؤدي أضعاف ما يفعله الديتول في الجراثيم. هناك فرق يا سادة بين الجراثيم والفيروسات.. نحن أمام فيروس قاتل، وليس جرثومة يمكن أن يقتلها الديتول، أو يزيل 90٪ منها.. حتى الشركة المنتجة قالت غير ذلك. وقالت إنها تتعامل مع الجراثيم وليس الفيروسات أداء المصريين في الأزمات بشكل عام أداء متحضر وراق، وهي ميزة نعيد اكتشافها، وتؤكد أصالة المصريين، وحتى أداء الحكومة كان أداء متحضراً وراقياً.. فقد تعاملت بثقة وهدوء، وتم احتواء مشاعر الخوف، وإن كان هذا الكلام لا يعجب أهل الشر.. لعنهم الله باختصار.. ليس شرطًا أن نكون شعبًا من الدكاترة.. وليس شرطاً أن تفتي في أي شيء بدون علم، ليقال إنك فاهم».
ما سبب انقطاع المياه؟
أكثر من سبب في رأي عباس الطرابيلي في «الوفد»، دفع الدولة إلى قطع المياه عن الأحياء، بالتوالي.. أولها لأن محطات مياه الشرب تأخذ مياهها من نهر النيل، أو من الرياحات والترع الكبيرة.. ولما كنا قد أطلقنا مياه الأمطار والسيول إلى النيل، وهذه أصبحت محملة بالرمال والتراب وغيرها، وبالتالي أعتقد أن محطات معالجة هذه المياه لم تعد مهيأة للمعالجة، كما كانت قديماً.. بعد أن نسينا مياه الفيضان حمراء أو بنية اللون بما تحمله من طمي ورمال، وهذا هو سر تغير لون مياه النيل هذه الأيام، حتى إن فكرتنا بعصر كان عظيماً هو عصر فيضان النهر.. وأتذكر هنا مرة كنت فيها في الخرطوم، عاصمة السودان، وفتحت حنفية غرفتي وفوجئت بأن المياه تنزل من الحنفية بلون يميل إلى البني، والسبب هو أن مياه النيل مهما خضعت لعملية التنقية والترسيب، فإنها تحتفظ أيضاً بهذا اللون.. لذلك تعمد إدارة هذه المحطات إلى إطالة فترة الترسيب، إلى أن تنتهي هذه الظاهرة من النهر نفسه. وقديماً كان سكان القرى الذين يحصلون على المياه من النيل يعمدون إلى إضافة مادة «الشبة» التي تساعد على ترسيب الرمال المسببة للون في قاع أحواض الترسيب. أيضاً حبس مياه الشرب ومنعها عن المناطق – بالدور – يقلل من الاستهلاك لتخفيف الضغط على شبكة المجاري، إلى أن تتمكن السلطات من إعادة تسليك هذه الشبكة، حتى تستعيد كفاءتها القديمة.. تحسباً لأي موجة أمطار مقبلة. ولكن المشكلة: هل أطلقنا ما تجمع في شبكة المجاري إلى مجرى النيل، بكل ما فيها، وبذلك نكون قد قمنا بتلويث مياه النهر، وبالتالي زيادة أعباء تنقيتها.. ولكن «مكره أخاك لا بطل».. وإذا كانت عاصفة الأمطار قد تسببت في كثير من المشاكل، إلا أنها أعطتنا عدة ملايين من الأمطار المكعبة من المياه، بل هي خير وبركة لأبناء سيناء «شمالاً وجنوباً»، وأيضاً الواحات المنتشرة في الصحراء الغربية، إذ امتلأت الآبار ويطلقون عليها اسم «الهرابات» بالمياه، كما امتلأت الخزانات أمام السدود التي أنشأناها هناك.. ومن المؤكد أن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة مساحة الأراضي التي سينجح أبناء هذه الواحات، وعلى طول الساحل الشمالي الغربي في زراعتها بالشعير والقمح، وري أشجار التين والزيتون وغيرها. والأكثر أهمية أن هذه المياه وما تسرب منها إلى باطن الأرض تزيد من حجم المياه في الخزان الجوفي النوبي لتصبح رصيداً للزمن.. هي إذن تسبب أضراراً للبعض، ولكنها خير وبركة لأبناء هذه المناطق التي تنتظر هذه الأمطار لري ما نعرفه بالزرعة الواحدة.. اعتماداً على الأمطار، وسبحان موزع الأرزاق. نقول ذلك رغم ما نعانيه هذه الأزمان من نقص مياه النيل.. ونقص حصة المواطن الواحد مع التشدد الإثيوبي الذي يريد أن يحرمنا من مياه النيل».
الشيء ونقيضه
وإلى قضية سد النهضة وتعنت إثيوبيا في موقفها، وما أثير عن موقف السودان المؤيد لها على حساب مصر، والجولات التي يقوم بها في الدول الافريقية سامح فهمي وزير الخارجية، ولم يطمئن إلى نتائجها سليمان جودة في «المصري اليوم» ولذلك قال: «إن المتابع للجولات كلها سوف يلاحظ مسائل لافتة منها، أن استجابة بعض العواصم التي زارها شكري أظن أنها كانت دون مستوى طموحنا، وهذه قضية لا أريد أن أخوض فيها أكثر، لأن صانع القرار له فيها بالتأكيد تقديرات سوف يراها، وتقديري أن جولات الوزير الثلاث تواجه تحدياً أساسياً، هو قيام إثيوبيا بإرسال مسؤوليها في جولات موازية إلى العواصم نفسها تقريباً. إن جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي استقبل مسؤولاً إثيوبياً بعد استقباله شكري، وبالتالي فالدول التي خاطبناها في القضية سوف تسمع منا الشيءعن قضيتنا العادلة وسوف تسمع نقيضه من إثيوبيا، ومن قبل كان بوريل يلقي محاضرة في جامعة الخرطوم، ولا نعرف ماذا بالضبط سمع من الإخوة في السودان عن القضية ذاتها؟».