انتخابات إيطاليا: أقصى اليمين أم أسرع الإخفاق؟

حجم الخط
7

أظهرت نتائج الانتخابات التشريعية في إيطاليا فوز تحالف الأحزاب اليمينية بنحو 44٪ من الأصوات، مما يؤهلها لضمان أغلبية في مجلسي النواب والشيوخ وتشكيل الحكومة المقبلة نهاية تشرين الأول/ أكتوبر المقبل. ويتألف هذا التكتل من حزب «الرابطة» بزعامة ماتيو سالفيني وحزب سيلفيو برلسكوني «فورزا إيطاليا» وحزب «إخوة إيطاليا» الذي تتزعمه جيورجيا ميلوني، إلا أن المؤشر الأهم هو فوز الحزب الأخير بـ26٪ من الأصوات، صاعداً من 4.3٪ في الانتخابات الأخيرة سنة 2018، وذلك للمرة الأولى لأي حزب يميني متشدد وقريب من الفكر الفاشي منذ عام 1946، ليس على نطاق إيطاليا وحدها بل على امتداد القارة الأوروبية.
ورغم أن نسبة الإقبال على التصويت تراجعت في هذه الدورة بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، وأن حزب «الرابطة» مُني بخسائر ملموسة بالقياس إلى نتائجه سنة 2018، فإن احتلال «إخوة إيطاليا» المركز الأول على جميع أحزاب إيطاليا في فئات اليمين والوسط واليسار يعتبر العلامة الأوضح حتى الساعة على مدّ متزايد أخذت تحققه أحزاب أقصى اليمين في أوروبا. وكانت السويد قد شهدت مؤخراً تقدم أحزاب يمينية متطرفة وذات ميول نازية جديدة، وقبل أشهر قليلة تمكن «التجمع الوطني» اليميني المتطرف في فرنسا من إيصال 89 نائباً إلى البرلمان في نقلة تاريخية أعقبت وصول رئيسته مارين لوبين إلى الدور الثاني للانتخابات الرئاسية وللمرة الثانية، وفي إسبانيا يتواصل صعود حزب «فوكس» اليميني المتشدد بدوره والأقرب إلى «إخوة إيطاليا».
لكن الفوز بنحو ربع أصوات الناخبين الإيطاليين أمر مختلف عن النجاح في تشكيل حكومة يمينية متعددة الأطراف والتيارات، ومختلف أكثر عن البقاء في السلطة فترة كافية لحكم بلد مثل إيطاليا شهد 67 حكومة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بينها 11 حكومة خلال العقدين الأخيرين فقط. وهذه معادلة سوف تتزايد وطأتها على أي حكومة يمكن أن تشكلها ميلوني خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لسبب جوهري أول هو التحديات الاقتصادية الهائلة التي سوف تلقي بأثقالها على أداء التحالف اليميني، الذي يعاني اصلاً من هشاشة سياساته واضطراب مواقفه من قضايا شائكة داخلية وأوروبية وعالمية.
ولم يكن غريباً أن تجنح ميلوني إلى نبرة اعتدال في خطبة إعلان الفوز بالانتخابات، خاصة في التأكيد على أنها ستقود حكومة من أجل كل الإيطاليين، متراجعة بذلك عن طروحاتها الشعبوية ضدّ دعاة الإجهاض والمثليين وجماعات اليسار، وكذلك تلميحها إلى انتماء إيطاليا الأوروبي في إشارة ضمنية إلى عدم قدرة أي حكومة إيطالية على مغادرة الاتحاد الأوروبي والتنازل الطوعي عن مليارات تحظى بها روما ضمن خطة الاتحاد الأوروبي للإنعاش الاقتصادي بعد جائحة كوفيد-19. كذلك لن يكون سهلاً على ميلوني أن تصالح بين العقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة على روسيا جراء غزو أوكرانيا، وبين مواقف شريكيها في التحالف سالفيني وبرلسكوني المتعاطفين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وصحيح أنها سوف تسجل سابقة تاريخية كأول امرأة تترأس حكومة إيطالية، ولكن الأصح في المقابل أنها قد تسجل رقماً قياسياً جديداً في الإخفاق السريع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكردي. اسكندنافيا:

    (وذلك للمرة الأولى لأي حزب يميني متشدد وقريب من الفكر الفاشي منذ عام 1946، ليس على نطاق إيطاليا وحدها بل على امتداد القارة الأوروبية…) إه‍ ، منذ بدأت بعض بلدان الجنوب تتخلص تدريجيا من التبعية واستنزاف ثرواتها من مستعمري الأمس، بدأت حقبة تناقص ثروات الاوروبيين الوفيرة و نضوب الموارد نسبيا مما يوحي بإمكانية تناقص الخدمات الاجتماعية السخية، ونظرا لانتشار الحرمان والبطالة أكثر بين صفوف المهاجرين بدول الشمال بدأت بعض التيارات اليمينية تلصق بالهجرة كل إخفاقات الدولة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وحتى الأمني.

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    ” أظهرت نتائج الانتخابات التشريعية في إيطاليا فوز تحالف الأحزاب اليمينية بنحو 44٪ من الأصوات، ” إهـ
    سبب فوز اليمين بإيطاليا هو الغلاء بسبب وقف إستيراد الغاز الروسي !
    الإيطاليين لا يريدون الخضوع لقرارات أمريكا !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول سامح //الأردن:

    *(يمين.. وسط.. يسار) والشعب يقرر.
    هذا هو حال الدول (الديمقراطية).
    *أما في دولنا العربية المنكوبة..
    الحال (كله صابون)؟؟؟!!!
    وفي رواية أخرى (كله بطيخ).
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد وظالم وقاتل.

  4. يقول خالد الداغستاني..ايطاليا:

    انا مواطن عربي احمل الجنسية الايطالية واريد ان أشير الي نقطة مهمة لم يذكرها التقرير وهي الهجرة الغير شرعية الي ايطاليا والتي وصلت الي مستويات لا تستطيع اي حكومة تحملها وكذلك تذمر الشعب الايطالي من التصرفات الغير مسئولة من بعض الأجانب منها السرقة وكسر الشقق المغلقة والسكن فيها وبل تأجيرها ايضا بدون إذن صاحب الشقة وعدم دفع الإيجارات رغم مقدره المستأجر ،غير التحرش وتجارة المخدرات وهذة عوامل كثيرة استغلتها الاحزاب اليمينية المتطرفة للتحريض ضد الأجانب

  5. يقول الغريب:

    الدولة ديمقراطية لا يمكن ان تسير في الخطأ اكثر من عهدة واحدة

  6. يقول عبد الرحمن:

    هذه الأحزاب تصل إلى السلطة عن طريق الانتخاب الديموقراطي، ولكن اداؤها هو الفيصل، ولا يجب الحكم عليها مسبقا.
    لكل شعوب الأرض ألحق ان تدافع عن وطنها واستقلاليته، هم واضحين بالقول انهم ضد الهجرة غير الشرعيه والمثلية والاجهاض وهذا يتماشى مع جميع الأديان.
    ألمهم في الأمر أن تنفذ ما وعدت به ناخبيها وان لا تكون دموية.

  7. يقول zerradabdellatif:

    لا داعي للتشاؤم قد تنجح في قيادة إيطاليا إلى الوجهة الصحيحة

إشترك في قائمتنا البريدية