بغداد ـ «القدس العربي»: كشف نائب عن محافظة ديالى العراقية (نحو 60 كم) شمال العاصمة العراقية بغداد، عن «تهديد» ميليشيات مسلّحة، للأهالي، وإجبارهم على انتخاب مرشحين مقربين منها دون غيرهم، وفيما دعا، الحكومة واللجنة الأمنية إلى حماية «الديمقراطية» ومنع استغلال نفوذ تلك الميليشيات في المدينة، حذّر من خطورة مصادرة حرية الناخبين وضرب الأمن الانتخابي.
ووجّه النائب رياض التميمي، الجمعة، رسالة إلى رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، واللجنة الأمنية العليا للانتخابات، جاء فيها: «أبلغكم أن هناك ميليشيات مسلحة تعمل على التهديد والضغط على المواطنين في قضاء الخالص وناحية العظيم ومحيطهما».
وأضاف: «هذه الميليشيات تسعى لفرض الأمر الواقع على المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب، لاختيار شخصيات معينة، تدعمها تلك الميليشيات» محمّلاً، الحكومة العراقية، مسؤولية «حماية المواطنين الناخبين، ومسؤولية حماية التجربة الديمقراطية، وكذلك، مسؤولية فشلها لا سامح الله، أو مصادر حق الناخبين في الإدلاء بصوتهم بحرية ودون تدخل أي جهة غير قانونية».
وأشار إلى أن «تلك المحاولات، التي لا تمت للديمقراطية والنزاهة وتضرب الأمن الانتخابي وتؤثر على حياة الناس واختياراتهم، ما هي إلا محاولات بائسة، الغاية منها التأثير على سير اليوم الأهم وهو يوم الانتخابات» داعياً في الوقت عيّنه رئيس الوزراء واللجنة الامنية لـ«اتخاذ كامل الخطوات التي تبعد هذه الميليشيات، وتمنع استغلال الانتخابات لتحقيق الأمور الشخصية والحزبية» حسب قوله.
وختم بالقول: «يتطلع أهالي الخالص والعظيم، لاستقرار مناطقهم وأمنها والمشاركة الفعالة والحقيقة، وعلى الجميع، فهم أن من حق الناس اختيار ماذا يريدون وأن لا يتم إجبارهم بأي شكل من الأشكال».
ومن المقرر أن تجري الانتخابات التشريعية المبكّرة في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وسط مخاوف من تأثير «السلاح المُنفلت» و«استغلال النفوذ» على نزاهة عملية الاقتراع.
«عادلة ونزيهة»
وتعهدت الحكومة العراقية، بضمان إجراء «انتخابات عادلة ونزيهة» في أكثر من مناسبة، فضلاً عن إشراك الرقابة الدولية عليها قد يعطي تطمينات بنزاهتها أيضاً.
وتدعم القوى السياسية العراقية وجود «رقابة دولية» على العملية الانتخابية، من بينها تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري.
رئيس كتلة «سنّد» والمتحدث باسم تحالف «الفتح» أحمد الأسدي، عبّر عن دعم التحالف وجود مراقبين دوليين للاستحقاق الانتخابي المقبل، جاء ذلك خلال استقباله في مكتبه في بغداد، وفد بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، برئاسة ريكاردو مارليج – مراقب دائم للانتخابات، وريبيكا بالمر – مراقب دائم، والمساعد المحلي للبعثة في العراق هشام سلمان، وبحث معهم «السبل اللازمة من أجل إنجاح العملية الانتخابية» حسب بيان صحافي.
وأكد الأسدي أن «تحالف الفتح يدعم وجود مراقبين دوليين للاستحقاق الانتخابي المقبل، الذي يمثل إضافة نوعية لنزاهة وشفافية الانتخابات».
ونوه إلى أن «الفتح يتواصل بشكل دائم مع مفوضية الانتخابات واللجنة الأمنية للانتخابات من أجل ضمان عملية اقتراع شفافة ونزيهة يطمئن المواطن لنتائجها».
في الموازاة، أكد رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، «ضرورة تحصين العراق من تأثير التدخلات الخارجية على الانتخابات المقبلة، وضرورة منعها ليكون القرار للناخب العراقي بشكل مستقل عن تأثير هذه التدخلات وبما يخدم مصلحة العراق والعراقيين».
المالكي يدعو لضرورة تحصين البلاد من تأثير التدخلات الخارجية على الاقتراع
تصريحات المالكي جاءت خلال لقائه سفير روسيا الاتحادية لدى العراق ايلبروس كوتراشيف.
وشدد رئيس ائتلاف دولة القانون على «ضرورة تحصين العراق من تأثير التدخلات الخارجية على الانتخابات المقبلة وضرورة منعها ليكون القرار للناخب العراقي بشكل مستقل عن تأثير هذه التدخلات وبما يخدم مصلحة العراق والعراقيين» مشددا على «توفير البيئة الأمنية اللازمة لإنجاح العملية الانتخابية».
وضمن الخطوات الرامية لضمان نزاهة الانتخابات أيضاً، أشار «المجمع الفقهي العراقي» وهو مؤسسة ديّنية سنّية، إلى عدم جواز بيع أو شراء بطاقة الناخب، معتبراً ثمن هذا الأمر يندرج ضمن «السحت الحرام».
وقال المجمع، في بيان، إن «حيازة بطاقة الناخب تضمن عدم استغلالها وتحفظ حق صاحبها مهما كان موقفه من العملية السياسية، ولذا، ينبغي الحرص على حيازتها».
وأضاف: «لا يجوز بيع أو شراء بطاقة الناخب وثمنها من السحت الحرام؛ لأنها تفضي إلى استحواذ الفاسدين من ذوي المال السياسي والنفوذ على الأصوات الكثيرة وفيه إعانة على الإثم والعدوان، وتهاون في أداء الشهادة وإضاعة للأمانة وتفريط بالمسؤولية، ويفتح باباً للرشوة والغش والتزوير، وكل ذلك مُجمع على حرمته، وفيه زيادة في الفساد وتقوية للمفسدين، وإن الحرص على حيازتها وسيلة تمنع من استغلال الفاسدين لها».
وتابع البيان: «كل مرشح يثبت بيقين قيامه بشراء بطاقات الناخبين ينبغي إسقاط حقه في الترشيح والتشهير به؛ لأنه عنصر فساد يقوض مقصد التغيير المرجو من عملية الانتخابات، وهذا من باب الأخذ بالإجراءات الاحترازية لضمان نزاهة عملية الانتخابات وتحجيم منافذ الفساد والتلاعب بها».
إجراءات أمنية
وتتابع حكومة الكاظمي، الإجراءات الأمنية المتعلقة بسير عملية الاقتراع من دون خروقات.
وترأس الكاظمي اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني، وجه خلاله بضرورة التواصل ما بين الأجهزة الأمنية ومفوضية الانتخابات.
بيان حكومي ذكر أن الاجتماع، انعقد مساء أول أمس، ناقش «توفير كل السبل اللازمة (لتطبيق الخطة الأمنية الخاصة بالانتخابات) وبما يؤمن الأجواء الأمنية اللازمة لإجراء العملية الانتخابية».
وأكد رئيس مجلس الوزراء، ضرورة أن «يكون هناك تواصل ما بين الأجهزة الأمنية مع مفوضية الانتخابات، عبر قنوات الاتصال المعتمدة، وتبليغها بأي تجاوزات وخروقات تحصل في الحملات الدعائية من قبل المرشحين» وفق البيان.
ودعا الكاظمي، إلى «تحقيق أقصى درجات الإنسيابية للممارسة الانتخابية، وبما يشجع على المشاركة الفاعلة فيها» وشدد على ضرورة «وقوف الأجهزة الأمنية على الحياد، وأن يقتصر واجبها على حماية العملية الانتخابية، ووأد أي محاولة لإفشالها».
في السياق أيضاً، أطلع رئيس الجمهورية برهم صالح، المجتمع الدولي، على تطورات الملف الانتخابي في العراق، خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف: «في الشهر المقبل ينتظر العراق استحقاق وطني مفصّلي يتمثل في الانتخابات المبكرة، استجابة لحراك شعبي وإجماع وطني واسع على الحاجة لإصلاحات جذرية وعقد سياسي واجتماعي جديد يُعالج مكامن الخلل في منظومة الحكم، ويضمن الحكم الرشيد، فهي انتخابات مصيرية ستكون لها تبعات على العراق وربما المنطقة برمتها».
ومضى صالح قائلاً: «تجري هذه الانتخابات وشعبنا يُحيي مسيرة راجلة نحو كربلاء الحسين عليه السلام، تتجسد فيها أروع القيم الإنسانية النبيلة في الإصلاح والسلام ورفض الظلم والاستبداد وطلب العيش بكرامة، ويحدوهم الأمل متمسكين بالإرادة الصلبة في الحفاظ على الوطن والمضي في طريق الإصلاح ومكافحة الفساد والحق في حياة حرة كريمة».
لتحقيق هذه الأهداف، رأى رئيس الجمهورية، أن «إعادة ثقة العراقيين في الانتخابات وضمان المشاركة الواسعة بالنسبة لنا الآن يُمثل أولوية قصوى، فقد تم إقرار قانون انتخابي جديد أكثر تمثيلاً وانصافاً من سابقاته، ومفوضية انتخابات جديدة، ووفرت الحكومة لها احتياجاتها لتنظيم الاقتراع، وتم تبنّي (مدونة السلوك الانتخابي) من اجل إنجاح الانتخابات لتكون المسار السلمي للإصلاح عبر برلمان وحكومة يستندان بحق الى حكم الشعب بدون قيمومة او تلاعب، إذ أن أحد أسباب الاحتقان السياسي في البلد يعود إلى مكامن الخلل وغياب الثقة الشعبية في العمليات الانتخابية السابقة».
وشكر صالح، الدول التي ساهمت باعتماد قرار مجلس الأمن 2576 الخاص بدعم العملية الانتخابية في العراق، وإلى الأمانة العامة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، «لدورهما في تسهيل إرسال المراقبين الدوليين لضمان أعلى مستويات الشفافية» ولبعثة الأمم المتحدة في العراق لما بذلته من جهود في تقديم الدعم الانتخابي.