حتى ساعة كتابة هذه السطور كانت سلسلة من المؤشرات، المنتظَرة والمتوقَعة والمتوافقة مع المنطق السليم، هي التي تصف نتائج الانتخابات التشريعية في العراق؛ مع تشديد، مؤسف ولكنه خلاصة واقعية، على أنها لن تكون في صالح سواد الشعب العراقي، ولن تسنّ جديداً بقدر ما تعيد تكريس القديم، وقد يصحّ الافتراض بأنها خطوة أخرى إلى وراء بدل أن تكون نقلة وإنْ بسيطة إلى أمام.
المؤشر الأوّل هو عزوف الشارع الشعبي عن المشاركة، ضمن خيار لا تكفي في توصيفه مفردة «المقاطعة» لأنه مزيج من الإحباط وانعدام الثقة والسخط واليقين بخيانة الآمال وتبديد دماء مئات الشهداء منذ انتفاضة تشرين الأول (أكتوبر) 2019. وليس أدعى إلى مرارة أكثر سوى أنّ الشرائح الأبرز في حال العزوف هذه تتصدرها فئات الشباب، ممّن يُفترض فيهم تربية الأمل في المستقبل بدل إشاعة اليأس.
المؤشر الثاني، المرتبط جدلياً بالمؤشر السابق والمنبثق عضوياً من عواقبه، هو أنّ الأحزاب التقليدية، المذهبية غالباً والميليشياتية سلوكاً والمرتهنة للسلّة الإيرانية من حيث الولاء والأجندات؛ هي المستفيدة الأولى من حال العزوف، لإنها إنْ لم تحافظ على مواقعها في البرلمان الراهن فإنها سوف تزيد من أعداد نوّابها، وتستحكم أكثر من ذي قبل بأجهزة الدولة المختلفة.
المؤشر الثالث هو أنّ انقسام الصفّ الشيعي، وتبعثر الأصوات بين التيار الصدري وتحالف الفتح وائتلاف عمار الحكيم/ حيدر العبادي، لن يخلّف أية نتيجة إيجابية لجهة التعدد والتنوّع؛ بل الأرجح أنه سوف يتابع أنماط التقاسم الوظيفي التي سادت خلال السنوات الماضية، وتجسدت عبر ثلاث تجارب انتخابية تشريعية حتى الساعة. وليس هذا، بدوره، في صالح العراق والعراقيين لأنه إنما يساهم في توطيد سلطة المؤشر الثاني سالف الذكر، مع إبقاء الهيمنة الإيرانية قاب قوسين أو أدنى من إحكام السيطرة على مقدّرات البلد في الميادين الكبرى الحيوية كافة.
المؤشر الرابع هو أنّ رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي يدين بوجوده في المنصب لانتفاضة خريف 2019، لكنه لم يكن وفياً لمطالبها وطموحاتها وأهدافها إلا في جانب واحد وحيد، هو تقديم موعد الانتخابات التشريعية. سوى ذلك فإنه لم يختلف كثيراً عن سلفه عادل عبد المهدي، والنوايا الحسنة التي أعرب عنها مراراً تكسرت على صخور «الحشد الشعبي»، وأحرقتها صواريخ الميليشيات واغتيال الناشطين وعجز الدولة الفاضح.
ويبقى المؤشر الخامس، الأطرف ربما، وهو أنّ ثماني سنوات أعقبت الاجتياح الأمريكي للعراق تنتهي اليوم إلى مآل عجيب: واشنطن تختار التيار الصدري، فلا ترى فيه أهون الشرور كما قد يقول المنطق الصوري، بل تعتبره أفضل الخيارات القائمة على الساحة. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما قد ساندت نوري المالكي، وشاء حَلَفه دونالد ترامب دعم العبادي، وأما جو بايدن فإنّ العباقرة من مستشاريه حول العراق استقروا على التيار الصدري؛ وكفى بهذا التخبّط دليلاً على «دينامية» القراءات الأمريكية للحال العراقية.
ومع ذلك فإنّ كلّ هذه المؤشرات لا تلغى احتمال انقلاب السحر على الساحر، كأن تقرر الفئات الشابة مواجهة الاستحقاق والتوجّه إلى صناديق الاقتراع بكثافة قصدية هادفة؛ ليس على مبدأ لعلّ وعسى فحسب، بل كذلك من ضمن منهجية كفاحية واعية ترى في الانتخابات فرصة عملية لإحداث التغيير، أياً كانت مساحاته وأحجامه. وقد يتلاقى هذا الخيار مع تخوّف أحزاب الأمر الواقع من انعكاس عزوف العراقيين عن التصويت، بحيث يبدو الشباب بمثابة الكفّة التي ترجّح ضآلة مصداقية تلك الأحزاب أو تفضح انعدامها؛ وهذه معادلة كفيلة بتوسيع الهوّة بين الشارع الشعبي والفئات التي تزعم تمثيله.
وعلى نقيض القاعدة التي تقول إنّ الغد لناظره قريب، يبدو سواد العراقيين أقرب إلى ترجيح أنه أكثر من قريب: واضح، مستعاد، مكرّر!
فإن يك صدر هذا اليوم ولى ..فإن غداً لناظره قريب
الانتخابات العربية لا تعدو كونها مزحة كبرى ومسرحية رديئة الغرض منها الاحتيال على الشعوب والهائها بشعارات براقة لن ترى النور ابدا.
لعل افضل وسيله للضحك واللعب على العقول هي الانتخابات خاصة إذا جرت في بلد تحكمه إيران وتتحكم فيه من البشره حتى النخاع.
الانتخابات ليست الطريقه المثالية للحكم،،،،ولكنها أفضل طريقه للحكم اكتشفها الانسان،،
و السبب أنها ليست مثاليه هو أن الانسان ينتخب بعاطفيته ،،ينتخب صديقه الذي يحبه او شيخ عشيرته او مرجعه الديني ،،،حتى لو كانوا أناس لا يستحقون المقعد النيابي،،،،شكرا