القاهرة-«القدس العربي»: تنطلق عمليات التصويت في الانتخابات الرئاسية المصرية اليوم الأحد وتستمر على مدار ثلاثة أيام، في وقت لا يتوقع مراقبون أن تشهد مفاجآت، خاصة مع إعلان معظم أحزاب المعارضة المصرية مقاطعتها للانتخابات احتجاجا على عدم توافر شروط نزاهتها.
ويتنافس في الانتخابات 4 مرشحين هم الرئيس المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، ورئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر.
وحسب مراقبين بات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أبواب حصد ولاية هي الثالثة منذ الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي عام 2013.
ويخوض السيسي هذه الانتخابات، بعد التعديلات التي أدخلت على الدستور المصري عام 2019 وسمحت له بالترشح لولاية ثالثة، وزادت مدة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات.
أحزاب تعلن المقاطعة
وتجري الانتخابات على واقع أزمة اقتصادية طاحنة أدت إلى انخفاض قيمة العملة المحلية وموجات متتالية من ارتفاع الأسعار أثرت على قدرة المصريين على توفير احتياجاتهم.
كما بدت الأجواء الانتخابية هادئة، سبب عدم وجود منافسة حقيقية بعد إعلان النائب السابق رئيس حزب الكرامة أحمد الطنطاوي توقف حملته الانتخابية بسبب التضييق الذي تعرضت له خلال مرحلة جمع توكيلات تأييد الترشح، وفي ظل العدوان التي يتعرض له قطاع غزة الذي استحوذ على اهتمام المصريين.
سخرية من حجم الدعاية
وانتشرت لافتات الدعاية الانتخابية للرئيس المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي، في وقت ظهرت لافتات المنافسين في شوارع القاهرة والمحافظات على استحياء، حتى أن المصريين سخروا من ضعف الدعاية الانتخابية لمنافسي السيسي، حيث تداول مصريون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لافتة صغيرة للمرشح فريد زهران وعلقوا عليها: كان عليك ان تكتفي بوضعها على قصة “الواتس اب”.
باسم كامل، مدير حملة المرشح الرئاسي فريد زهران، رد على التعليقات الساخرة عن ضعف الدعاية للحملة وحجم اللافتات الخاصة بمرشحه.
وقال في بيان له: تفاعلنا مع هذه التعليقات بكل ترحيب والتي تؤكد روح الدعابة التي يتميز بها الشعب المصري، كما نود الإشارة إلى أن حملتنا وإن لم تستطع منافسة بعض المرشحين الآخرين في حجم اللافتات وانتشارها نظرًا للفارق في الإمكانيات المادية، إلا أننا استطعنا بمواردنا المادية المحدودة الوصول لقطاعات كبيرة من المواطنين، معتمدين على ما نقدمه لهم من رؤية تحمل حلولًا واضحة وممكنة لقضايا ملحة.
وأضاف: فقد اعتمدنا منذ البداية على التواصل المباشر مع المواطنين في القرى والمراكز بالمحافطات المختلفة والاستماع إليهم والتحدث معهم واستطاعت الحملة في هذه الفترة القصيرة جدًا منذ فتح باب الدعاية حتى الآن تنظيم حوالي 16 لقاءً جماهيريًا بحضور المرشح، وعدد كبير من اللقاءات مع مجموعات من المواطنين، مثل الناشرين، المثقفين المصريين، قيادات نسائية، وقيادات سياسية ودينية.
وتابع: نحن إذ نتحدث عن قلة مواردنا مقارنة بحملات مرشحين آخرين إلا أننا نذكر بكل فخر ما تزخر به حملتنا من كوادر متنوعة في مجالات مختلفة، استطاعت صياغة برنامج متكامل يحتوي على رؤية المرشح التي يشاركه فيها الأحزاب المشاركة في الحملة والأحزاب الصديقة وكل من يهدف لإقامة دولة مدنية ديمقراطية ينعم فيها المواطن بالأمن والرخاء والاستقرار.
وفي الوقت الذي لم يستطع رئيس الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران إقناع المعارضة المصرية بدعمه، يواجه كل من رئيس حزب الوفد، ورئيس حزب الشعب الجمهوري انتقادات بسبب مواقفهما وتصريحاتهما السابقة المؤيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث سبق وطالبا بتعديل الدستور ووضع اسم السيسي بجانب محمد علي وسعد زغلول كأحد الزعماء التاريخيين للبلد، في وقت كان السيسي عيّن حازم عمر في مجلس الشيوخ.
المقاطعة
وتجرى الانتخابات في وقت أعلنت معظم معظم أحزاب المعارضة، مقاطعتها بسبب غياب ضمانات النزاهة، وبعد التضييق الذي مارسته السلطة على الحملة الانتخابية لرئيس حزب الكرامة السابق أحمد الطنطاوي خلال مرحلة جمع توكيلات التأييد للترشح في الانتخابات، التي وصلت حد إلقاء القبض على العشرات من أعضاء حملته، ومنع الحملة من جمع التوكيلات، وصولا إلى تقديم الطنطاوي ومدير حملته المحامي محمد أبو الديار و21 آخرين من أعضاء الحملة للمحاكمة بتهمة تداول أوراق انتخابية.
وكانت محكمة مصرية قررت تأجيل القضية المعروفة إعلاميا بقضية توكيلات الطنطاوي إلى جلسة 9 كانون الثاني/يناير المقبل.
ويواجه المتهمون في القضية طباعة وتداول إحدى أوراق العملية الانتخابية دون إذن السلطة المختصة.
فيما وجهت المحكمة لطنطاوي تهمة الاشتراك والاتفاق بتداول إحدى أوراق العملية الانتخابية، وإمداد باقي المتهمين بالنموذج وطباعته وتداوله دون إذن السلطة المختصة.
وكانت 9 أحزاب مصرية معارضة من بين 12 تشكل الحركة المدنية الديمقراطية التي تمثل جبهة المعارضة المصرية في الداخل، أعلنت مقاطعتها الانتخابات، فيما أعلنت 3 أحزاب هي: المصري الديمقراطي الذي يترأسه المرشح فريد زهران، وحزب العدل، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، دعمهم لزهران في الانتخابات.
وقالت الأحزاب في بيان نشرته في الثاني عشر من الشهر الماضي، إن مشهد الانتخابات قد تحددت ملامحه ونتائجه سلفا، وهو ما لا نقبله أو نرضاه لأنفسنا ولشعبنا.
وكانت آخر الحركات التي أعلنت مقاطعتها الانتخابات، هي حركة الاشتراكيين الثوريين، التي قالت، إن الانتخابات الرئاسية تأتي في ظل أوضاع إقليمية فرضت اهتمامًا محليًا وعالميًا بالأحداث الجارية في فلسطين مُنذ حرب السابع من أكتوبر توارى معه أي اهتمام بالانتخابات الرئاسية في مصر، خاصةً بعد أن تم تحويلها لعملية شكلية تهدف فقط إلى تدشين ولاية جديدة لتنصيب الديكتاتور.
وأضافت في بيان: بعد تمرير تعديلات دستورية تسمح لعبد الفتاح السيسي بالترشح لفترة رئاسية جديدة، بالتحايل على دستور 2014 الذي كتبته السلطة الحاكمة نفسها. فضلًا عن هذا استهلك السيسي المعارضة المصرية فيما اسماه “الحوار الوطني” لرسم صورة ديمقراطية زائفة. وكما هو متوقع لم تسفر جلسات الحوار ولجانه الفرعية إلا عن تبديد الوقت مع استمرار سياسات القمع وتكميم الأفواه من ناحية والإفقار المتعمد عبر استكمال سياساته النيوليبرالية من ناحية أخرى. نتج عن هذه أزمة اقتصادية عاصفة ونسب غير مسبوقة للتضخم والفقر.
وزادت: فضلًا عن هذا، قضت السلطة على كل مساحات الحركة التي انتزعتها حملة المرشح أحمد الطنطاوي من خلال معركة التوكيلات عبر التضييق والترهيب بل ووصل الأمر لاعتقال العشرات من أعضاء الحملة. كل هذا لا يدل إلا أننا لسنا مقبلون على انتخابات رئاسية بل احتفالية تنصيب بعد أن اختار النظام عددًا من المرشحين لاستكمال مسرحيته الهزلية.
وأكدت أن موقف الحركة هو مقاطعة هذه الانتخابات وفضح محاولة النظام البائسة في إخراج مسرحية أخرى.
ودعت الحركة كافة قوى المعارضة إلى بدء حوار حقيقي بينها وتشكيل جبهة معارضة لهذا النظام الذي أحال حياة الملايين في مصر إلى كابوس يومي.
وأكدت الحركة على أن مقاطعة الانتخابات الرئاسية لا تعني التسليم ببقاء الديكتاتور كقدر لا فكاك منه، وأن الانتخابات الرئاسية تأتي في ظل صمود ونضال مُلهم للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، هذا الأمل في المقاومة هو الذي يجب أن نتمسك به من أجل التغيير. إننا ندعو الجماهير من العمال والطلاب وغيرهم إلى الانخراط في كافة الأشكال التنظيمية والنقابية الممكنة من أجل الاستعداد لجولات مقبلة بلا شك.
ودعت حركة الاشتراكيين الثوريين في ختام بيانها، العمال والنساء وطلاب الجامعة لرفض تعبئتهم لتجميل وجه الديكتاتور.
العدوان على غزة
وسيطر العدوان على قطاع غزة على تصريحات المرشحين، وقال مرشح الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، إن إسرائيل ما كانت لتفعل ما فعلته في الأراضي الفلسطيني لولا ضعف الدولة المصرية واتجاهها للاستدانة من مؤسسات التمويل الدولية واعتمادها بشكل كبير على المساعدات الخارجية لسد العجز في موازنتها. فيما دعا مرشح حزب الوفد الجديد، عبد السند يمامة، لتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي وعلاقات التعاون الاقتصادي بين مصر وإسرائيل، ومراجعة اتفاقية السلام، ونظمت حملة السيسي والجهات الداعمة لها حملة إغاثة إنسانية وحملة أخرى للتبرع بالدم، ونظمت زيارات إلى معبر رفح البري وعقدت مؤتمرا صحافيا أمام بوابة المعبر للتأكيد على تأييد الحقوق الفلسطينية.
حملة السيسي
إلى ذلك قال المستشار محمود فوزي، رئيس حملة المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، إن مرشحه “قادر على استكمال الإنجازات التي بدأها، وحصد ثمار هذه المشاريع، والشعور بمزيد من التحسن في الأحوال الاجتماعية والاقتصادية خلال 6 سنوات مقبلة”.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية أن هذه المشروعات القومية التي جرى تنفيذها خلال السنوات الماضية، كانت سببا في تقليل نسبة البطالة، والتي بلغت في عام 2013 إلى 13في المئة، لتنخفض في عام 2023 إلى 7في المئة.
ورد فوزي على الانتقادات التي تواجهها المعارضة لنظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وتتعلق بالإنفاق على مشروعات ليست ذات جدوى خاصة ما يتعلق بالطرق والجسور، قائلا: لم يجر تنفيذ شيء ليس له أهمية، شبكة الطرق التي جرى تطويرها هي من نقلت مصر من المرتبة 148 تقريبا، إلى رقم 28 عالميا في جودة الطرق، هذا إلى جانب دورها في تقليل استهلاك السيارات ونظافة الجو، وزادت من دخول المواطنين التي تسير عليها.
وأكد متلاك السيسي لمشروع تنموي كبير، جرى تنفيذ جزء كبير منه وسوف يستكمل الإنجازات الفترة الرئاسية الجديدة، وهذا المشروع خرج من رحم ثورة 30 حزيران/يونيو 2013.
إلى ذلك قال المستشار أحمد بنداري مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، إن الهيئة انتهت من كافة الاستعدادات والتجهيزات اللوجيستية الخاصة بانتخابات الرئاسة في الداخل.
وبين بنداري أن عدد القضاة المشرفين على انتخابات الرئاسة بلغ نحو 26 ألف قاضٍ، وأنه سيجري البدء في نقل القضاة للجان بداية من الغد، من خلال وسائل النقل الحديثة.
ولفت إلى أن عدد المقرات الانتخابية على مستوى الجمهورية يبلغ 11631 لجنة فرعية، وأنه تم مراعاة توزيع اللجان بأنحاء الجمهورية للتسهيل على الناخبين.
وأكد أن الهيئة وافقت على طلبات 24 سفارة و67 دبلوماسيا متابعا للعملية و68 منظمة محلية و22340 متابعا محليا و220 متابعا دوليا و115 وسيلة إعلامية ما بين وكالات وصحف وقنوات بعدد 4218 متابعا إعلاميا و72 وسيلة محلية و428 متابعا للتغطية الإعلامية.