القاهرة ـ «القدس العربي»: انتقلت انتخابات اتحاد طلاب جامعات مصر، من مرحلة استبعاد المرشحين بعد تقديم أوراقهم في انتخابات الأعوام الماضية، إلى مرحلة منعهم من تقديم أوراقهم بالأساس في الانتخابات المزمع تنظيمها خلال الأيام المقبلة.
وبعد أن أعلنت الجامعات فتح باب الترشح لانتخابات الاتحادات الطلابية يوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، نشرت الكشوف المبدئية أول أمس الأحد، لتفتح الجامعات أمس الإثنين الباب لتلقي طعون المرشحين.
وكان الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، اعتمد الجدول الزمني لإجراء انتخابات الاتحادات الطلابية في الجامعات للعام الدراسي 2024/2025.
ووفقا للجدول الزمني، سيتم فحص الطعون اليوم الثلاثاء، على أن يتم إعلان الكشوف النهائية غدا الأربعاء، وتبدأ الدعاية الانتخابية بعد غدٍ الخميس، وتقام انتخابات الجولة الأولى في الكليات والفرز وإعلان النتائج يوم 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وتعقد جولة الإعادة في اليوم التالي. وقال طالب في جامعة القاهرة، لـ” القدس العربي” اشترط عدم ذكر اسمه خشية الملاحقات الأمنية، إن كافة الطلاب المستقلين في جامعات مصر منعوا من الترشح في الانتخابات، لصالح أسرة “طلاب من أجل مصر” المعروفة بولائها للنظام الحاكم في البلاد. وبين أن الانتهاكات بدأت مع استلام “طلاب من أجل مصر” الجدول الزمني للانتخابات يوم الأحد قبل الماضي، في حين أن الإعلان الرسمي على الصفحات الخاصة بالكليات جاء مساء الثلاثاء، إضافة إلى فتح باب الترشح لمدة 5 ساعات فقط، أثناء امتحانات الطلاب. وتابع: امتنع عدد من مكاتب رعاية الشباب بالكليات عن الابلاغ بمتطلبات الترشح، كما تضاربت التصريحات من بعض مكاتب الشباب حول متطلبات أوراق الترشح وسط عدم وجود قائمة واضحة ومعلنه بالمتطلبات. وواصل: جاء منع الطلاب المستقلين من الترشح بطرق غير رسمية، فكانت مكاتب رعاية الشباب تتحجج بتعطل سيستم دفع رسوم الترشح، أو الامتناع عن تسليم الطلاب أوراق الترشح من البداية، لافتا إلى أن المنع هذه المرة جاء مختلفا ففي الانتخابات السابقة كان يسمح بالترشح قبل أن يتم الاستبعاد من القائمة النهائية للمرشحين أم في هذه المرة فقد منع الطلابي من الترشح من البداية. وكشف عن أن أحد الطلاب الراغبين في الترشح في جامعة الزقازيق، أبلغ بعدم وجود انتخابات، وإن الكلية اختارت قائمة طلاب من أجل مصر وتم إرسالها إلى الجامعة ليتم نجاحها بالتزكية، وإنه حال صمم على الترشح سيتعرض لمخاطر مع الإدارة وأجهزة الأمن. ولفت إلى أن أحد الأمور التي تحججت بها مكاتب رعاية الشباب في بعض الجامعات لمنع تسلم أوراق الترشح، تمثلت في عدم سداد المصروفات الدراسية.
وحول التحرك القانوني لمواجهة المنع من الترشح، قال إن المحامين أخبروهم أن اللجوء إلى رفع دعاوى قضائية لن يكون مجديا، لأن الطبيعي أن الدعوى تكون على الاستبعاد من الترشيح، وأن الطلاب المستبعدين يحصلوا على صفة مرشح مستبعد.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أنه لا يحق لأي طالب الإدلاء بصوته إلا إذا كان مسدداً للرسوم الدراسية، لافتة إلى أنه لا يجوز استخدام الشعارات الدينية أو الحزبية أو الفئوية في انتخابات أو أنشطة اتحادات الطلاب، مع التأكيد على عدم التفرقة بين الطلاب بسبب الجنس أو الدين أو اللون.
وفي مشهد أثار غضب الطلاب، اصطف طلاب “أسرة من أجل مصر” في جامعة القاهرة أمام مبنى قبة جامعة القاهرة، صباح الخميس الماضي، بالتزامن مع أول أيام فتح باب الترشح لانتخابات الاتحادات الطلابية بحضور الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس الجامعة والدكتور أحمد رجب نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، والدكتورة جيهان المنياوي منسق الأسرة في الجامعة. ورغم الزخم الذي شهدته الانتخابات الطلابية بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس المصري محمد حسني مبارك، فإن السلطة في مصر عمدت بعد عام 2013، إلى تضييق الخناق على الحركات الطلابية، فعطلت الانتخابات الطلابية لعامين متتاليين، وحاولت خلال تلك الفترة، التمهيد لإجراء انتخابات مضمونة النتائج، من خلال إدخال تعديلات على اللائحة المالية والإدارية للاتحادات الطلابية تهدف بشكل واضح إلى التحكم في الانتخابات الطلابية.
وكان على رأس تلك التعديلات إضافة بعض الشروط الواجب توافرها في المرشحين لانتخابات الاتحادات الطلابية والتي كان أهمها: عدم انتماء المرشح إلى جماعة “إرهابية” ووجوب أن يكون للمرشح نشاط طلابي سابق.
وفي 19 أغسطس/ آب 2017، أعلن المجلس الأعلى للجامعات، اعتماده اللائحة الطلابية الجديدة، القائمة حتى الآن، وألغت اللائحة اتحاد الطلاب على المستوى القومي تماماً واكتفت باتحادات الكليات والجامعات على غرار لائحة 1979 والمعدلة في عام 2007. واشتملت شروط الترشح في اللائحة الجديدة على بنود، بينها: أن “يكون الطالب مستجداً في فرقته، أن يكون له نشاط طلابي موثق، أن يكون محمود السيرة حسن السمعة، ألَّا يكون قد وقع عليه جزاء تأديبي، ألَّا يكون قد حكم عليه في عقوبة جنائية مخلة بالشرف والأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وألا يكون منتمياً إلى أي تنظيم أو كيان أو جماعة إرهابية مؤسسة على خلاف القانون”.
وفي حفل جامعة القاهرة في ذكرى نصر أكتوبر عام 2017، أعلنت إدارة الجامعة تدشين مبادرة أسرة “طلاب من أجل مصر”، التي لم تشارك في الانتخابات التي نظمت بعد أسبوعين، لكنها عادت وسيطرت على انتخابات الجامعة في السنوات اللاحقة.
ولعب التنظيم الطلابي الذي عرف بارتباطه بحزب “مستقبل وطن” الذي يمثل الغالبية في البرلمان، رغم أنه رفع شعار لا مكان للسياسة في الجامعة، دورا في حشد الطلاب لموقف السلطة في الأحداث السياسية، مثل تنظيمه ندوات وفاعليات لحث الطلاب على التصويت بنعم على التعديلات الدستورية التي منحت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحق في الاستمرار في منصبه حتى عام 2038.