لندن ـ «القدس العربي»: نشر «انترسبت» تقريرا أعده دانيال بوغوسلاف وكين كليبنشتاين قالا فيه إنه على الرغم من أن العراق والأردن والسعودية شاركت بشكل مباشر في الدفاع عن إسرائيل، واعترضت الصواريخ والمسيرات الإيرانية ودعمت العملية، فإن أيا من الدول العربية المشاركة ليست على استعداد للاعتراف علنا بمشاركتها، وتتماشى واشنطن مع هذا الخداع.
ويرى الكاتبان أنه أضيف الآن النطاق الكامل للعمليات الجوية «الشريكة» التي ترد على إيران، إلى شبكة القواعد العسكرية السرية والتحالفات العسكرية المخفية، والأسلحة المستورة التي تنتشر في المنطقة. والآن، بينما تجد المنطقة نفسها جاثمة على احتمال نشوب حرب أوسع نطاقا، فقد ترك الرأي العام مرة أخرى في الظلام.
ومع توجه الصواريخ والمسيّرات إيرانية الصنع نحو إسرائيل في العملية التي استمرت 12 ساعة يوم السبت الماضي، تمركز ضباط عسكريون أمريكيون في جميع أنحاء المنطقة لتنسيق الرد الموحد وتدريب الشركاء السريين، وفقا لمصادر عسكرية. وكانت دول مثل الإمارات والكويت والبحرين مرتبطة أيضا بشبكة الدفاع الجوي والصاروخي التي تقودها الولايات المتحدة، لكن هذه الدول أيضا ظلت هادئة.
والآن، يبذل الشركاء السريون قصارى جهدهم لإنكار أدوارهم، في حين يقومون في الوقت نفسه بتسليم رسالة خفية إلى إسرائيل (والولايات المتحدة) مفادها أنهم لن يكونوا متعاونين إلى هذا الحد في حالة قيام إسرائيل بالتصعيد أكثر.
ويشير الكاتبان إلى الأردن على سبيل المثال، الحليف القديم للولايات المتحدة وأحد أقوى شركاء أمريكا العسكريين في الحرب ضد داعش. وبينما اعترفت السلطات الأردنية في عمّان بأن الطائرات المقاتلة الأمريكية الصنع من طراز أف-16 التابعة للأردن انضمت إلى طائرات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل في إسقاط المسيرات والصواريخ الإيرانية، إلا أنها لم تكشف عن أي تفاصيل محددة حول الطائرات التي كانت تحلق فوق مجالها الجوي. أو عندما اشتبكوا مع الأهداف. (كما ذكر موقع إنترسبت سابقا، كانت الطائرات الهجومية الأمريكية من طراز أف-15 إي تعمل بشكل أساسي من قاعدة موفق السلطي الجوية في الأردن. وأسقطت المقاتلاتُ الإسرائيلية مسيراتٍ وصواريخ فوق الأراضي الأردنية). وعلى الرغم من مشاركتها كمحور مركزي، قدم وزير الخارجية الأردني تحذيرا صارخا وإن كان غامضا، ملمحا إلى أن الصبر الذي أظهره تجاه إسرائيل وأمريكا قد يتضاءل. وفي 14 نيسان/ابريل، قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي، إن مشاركة الأردن «هي سياسة ثابتة بمواجهة كل ما يشكل تهديدا للأردن، لأن أولويتنا هي حماية الأردن وحماية حياة الأردنيين». وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الثلاثاء، «إن أمن الأردن وسيادته فوق كل اعتبار».
وأضاف أنه سيتم اتخاذ إجراءات مماثلة للرد على أي هجمات تنطلق من إسرائيل تجاه إيران. وقال لقناة المملكة الإخبارية الرسمية: «سنعترض أي طائرة مسيرة أو صاروخ يخترق المجال الجوي الأردني لدرء أي خطر». وفي محاولته الخاصة لإبعاد بلاده عن الصراع المتصاعد، نفى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إطلاق أي أسلحة إيرانية الصنع من داخل حدود بلاده. وجاءت تصريحات رئيس الوزراء بعد أن حدد الجيش الإسرائيلي، إيران واليمن والعراق ولبنان كدول انطلقت منها المسيرات والصواريخ. وقال البنتاغون يوم الثلاثاء إن الأسلحة الإيرانية جاءت من إيران وسوريا واليمن.
وقالت الولايات المتحدة في الأمم المتحدة يوم الأربعاء: «إننا ندين حقيقة أن الأسلحة التي تم إطلاقها على إسرائيل انتهكت المجال الجوي لعدة دول في المنطقة، مما يعرض حياة الأبرياء في تلك الدول للخطر». ويستضيف العراق أيضا سرا بطاريات صواريخ أرض جو من طراز باتريوت تابعة للجيش الأمريكي، والتي أسقطت بعض الصواريخ الإيرانية، كما ذكر موقع انترسبت سابقا. ولم يكن وجود صواريخ باتريوت الأمريكية على الأراضي العراقية معروفا علنا قبل يوم السبت.
وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني :»إن العراق يرفض استخدام مجاله الجوي من جانب أي دولة، ولا نريد أن ينخرط العراق في منطقة الصراع». ولا تزال الخطوات التي قد تتخذها بغداد لحماية مجالها الجوي غير واضحة.
ولا تزال السعودية حالة غريبة. وذكرت الصحافة الإسرائيلية أن «السعودية اعترفت بأنها ساعدت التحالف العسكري الإقليمي الذي تم تشكيله حديثا» وفقا لتقرير نشرته إذاعة «كان نيوز» الإذاعة العامة الإسرائيلية الناطقة باللغة الإنكليزية. لكن الرياض رفضت ذلك، وذكرت صحيفة «سعودي غازيت» أن «السعودية لم تشارك في اعتراض الهجمات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل، حسب مصادر مطلعة تحدثت إلى قناة العربية». وشددت المصادر على عدم صدور أي تصريحات رسمية بشأن مشاركة السعودية في التصدي لهذه الهجمات. ويأتي هذا التوضيح بعد ما تداولته بعض المواقع الإخبارية الإسرائيلية حيث نسبت تصريحات إلى مصدر سعودي مسؤول، تحدث فيها عن مشاركة المملكة في التحالف الدفاعي الذي رد الهجمات الإيرانية.
تقول بعض التقارير أن طائرات التزود بالوقود الأمريكية من طراز كي سي ـ 135 كانت تحلق في الجو فوق المجال الجوي السعودي وقت حصول الضربة الإيرانية. ومن المعروف أن الولايات المتحدة تقيم محطات الوقود هذه على الأراضي السعودية في قاعدة الملك عبد العزيز الجوية في الظهران.
وتقول تقارير أخرى إن السعودية أغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات الأمريكية خلال العملية، مطالبة الولايات المتحدة بالامتناع عن شن أي هجوم مضاد على إيران من أراضيها. وباعت الولايات المتحدة بطاريات صواريخ باتريوت وأنظمة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية طويلة المدى أو ما يعرف بـ (ثاد) إلى المملكة العربية السعودية، ونصبت صواريخ باتريوت على الأراضي السعودية. كما تم بيع باتريوت إلى الكويت، والبحرين والإمارات. ويعمل نظام «ثاد» أيضا أو قيد التطوير في الإمارات وعمان وقطر.
وينشر الجيش الأمريكي بطاريات باتريوت الخاصة به في البحرين والعراق، وقطر والسعودية والإمارات.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، الميجور جنرال بات رايدر يوم الثلاثاء: «يواصل وزير الدفاع (لويد) أوستن التواصل مع القادة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وخارجها للتأكيد على أنه في حين أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى التصعيد، فإننا سنواصل الدفاع عن إسرائيل والأفراد الأمريكيين» رافضا تسمية القادة واكتفى بالإشارة إلى الدول العربية على أنها «شركاء في المنطقة». ولم تكن هناك أي تغطية إعلامية أمريكية تقريبا لدور هذه الدول العربية المختلفة في الدفاع عن إسرائيل، مما يزيد من السرية. لكن إذا قررت إسرائيل مهاجمة إيران، فإن تختاره هذه الدول «الشريكة» لحماية مجالها الجوي وسيادتها هو عامل مهم في أي قرار إسرائيلي.
وحسب ما ورد قال الرئيس جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد: «لقد انتصرت، فخذ النصر» وحث إسرائيل على الامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات.
وأيضا إن الولايات المتحدة لن تساعد إسرائيل في أي جهد للانتقام من إيران. ولكن كما هي الحال مع الحرب الحالية في غزة، والتقارير حول عدم رغبة إسرائيل في مشاركة الخطط حول الهجوم على سفارة إيران في سوريا حتى لحظات فقط قبل تنفيذها، وجدت إسرائيل في كثير من الأحيان أن الخطوط الحمراء الأمريكية لا تعني الكثير. وقريبا، قد تضطر الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرار بشأن الموقف الذي ستتخذه في حالة اعتراض تلك الدول العربية للطائرات أو المسيرات أو الصواريخ الإسرائيلية.