انتشار ظاهرة التنمر وترويع المارة باستخدام الكلاب ومسلمون في المنيا يمنعون الأقباط من الجلوس خارج بيوتهم

حسنين كروم
حجم الخط
4

القاهرة ـ «القدس العربي»: سيطرت اجتماعات منتدى الاستثمار في افريقيا، الذي افتتح الرئيس السيسي أعماله في العاصمة الإدارية الجديدة، على الاهتمام الأكبر للصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد 23 و24 نوفمبر/تشرين الثاني، وما دار فيه من مناقشات.

كما احتل فوز المنتخب الأوليمبي ببطولة كأس افريقيا اهتماما موازيا، إلى درجة أن معظم كتّاب الأعمدة والمقالات نافسوا المحررين الرياضيين في الكتابة عنه، ومهاجمة المنتخب المصري لتعثره في مباراته. كما أبرزت الصحف أعمال مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الواحد والأربعين. أما الإعجاب الأكبر فقد اتجه إلى وزارة الداخلية وجهاز أمن الدولة والأمن العام والجنائي، ونجاحها المبهر في تأمين كل هذه الاحتفالات، خاصة حضور عشرات الآلاف من المتفرجين لمباريات كرة القدم، بدون وقوع أي حادث إرهابي، أو حتى عمل من أعمال البلطجة للالتراس، مع ملاحظة أن الأمن واصل في الوقت نفسه توفير الحماية لأجهزة المحليات، وهي تزيل المزيد من الاعتداءات على أراضي الدولة، بدون أي اعتراض، لأن الجميع أصبح بعد عدة تجارب موقنا بأن الرصاص ولا شيء غيره في انتظار من سيتصدى للدولة.. وإلى ما عندنا…

تحذير للنظام من استمراره في تفريغ البلاد من السياسة وسيطرة الصوت الواحد واستخدام النهج الأمني

منتدى الاستثمار في افريقيا

ونبدأ بكلمة الرئيس السيسي في اجتماعات منتدى الاستثمار في افريقيا، التي نقلتها معظم الصحف المصرية ومنها «اليوم السابع» و«الوفد» و«الأهرام» والتي قال فيها: «عملت مصر خلال رئاستها للاتحاد الافريقي على تجاوز الصعوبات، عن طريق استمرار التنسيق والتعاون والبناء مع أشقائها الأفارقة لتنفيذ طموحاتنا نحو التكامل الافريقي، وكان دخول اتفاقية التجارة الحرة القارة الافريقية حيز التنفيذ في 30 مايو/أيار 2019 علامة فارقة على طريق التكامل القاري، وهي إحدى أكبر مناطق التجارة في العالم، حيث تضم ما يقرب من 12 مليار نسمة، وناتجا محليا إجماليا يقدر بنحو 25 تريليون دولار. وأوضح الرئيس أن الاتفاقية تمثل فرصة حقيقية لبلدان القارة لتحرير أكثر من 90٪ من التعريفات الجمركية، بما يثمر في تحقيق نمو أعلى ودخل أفضل للمواطن الافريقي، وهو إنجاز يتطلب البناء عليه لزيادة معدل التجارة الافريقية البينية التي لا تتجاوز 15٪ في الوقت الحالي. إن إنجاز وتفعيل منطقة التجارة الحرة الافريقية يساهم في زيادة تدفقات التجارة والاستثمار بين دول القارة، ويساعد الدول الافريقية على تجاوز صعوبات الاقتصاد العالمي. «هذه الظروف وتلك التوقعات تحتم علينا إيجاد حلول تبنى على التكامل الإقليمي بهدف تحويل القارة إلى مركز تصنيع عالمي يساعد على توفير ملايين فرص العمل الجديدة وجذب مزيد من الاستثمارات المباشرة وزيادة الإنتاجية ورفع معدلات النمو ما يساهم في تحقيق الازدهار لشعوبنا». «نؤكد مجددا على أن التنمية في افريقيا ليست مسؤولية الحكومات وحدها، ولكنها تتطلب مشاركة واسعة مع القطاع الخاص، على أن تستمر الحكومات في دورها في توفير المناخ الاستثماري الجيد عن طريق إصلاح التشريعات القانونية والإدارية، وتهيئة البيئة الاستثمارية، مما يساعد المستثمرين على العمل وضخ استثماراتهم. وفي هذا الإطار تتزامن الإصلاحات الاقتصادية في مصر مع تبني العديد من الدول الافريقية الشقيقة لبرامج إصلاحية تتشابه في هدفها لتحقيق التنمية الشاملة ورخاء الشعوب، وهو ما يدعونا إلى المزيد من التنسيق والتعاون كي تؤتي هذه الإصلاحات ثمارها على كل مواطني القارة الافريقية. إن نجاح افريقيا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب تسريع وتيرة العمل لإنجاز مشروعات تطوير البنية التحتية من خلال المشروعات العابرة للحدود، وهي مشروعات مدرجة ضمن أولويات الاتحاد الافريقي، ومنها مشروعات ربط القاهرة بريا بكيب تاون، ومشروع الربط الكهربائي بين الشمال والجنوب وربط البحر المتوسط ببحيرة فكتوريا». وخلال لقاء الرئيس السيسي بالمستثمرين قال لهم: «ضعف الإدارة فساد، وعدم القدرة على العمل الجيد فساد، وضعف التعليم فساد ،والإرادة السياسية الضعيفة أو المترددة فساد». مضيفا: «الفساد هو تخريب للقدرات فلو الإرادة السياسية الموجودة في الدولة فعلا لديها قناعة حقيقية بأنها تواجهه، ستقوم ببذل كل الجهد المؤسسي لمحاربة الفساد».

الأمن والأمان

تلقت الحكومة ووزراؤها التهنئة من الدكتور أسامة الغزالي حرب في «الأهرام» بسبب الأمن والأمان الذي حققته في البلاد وقال عنه: «المؤشرات التي نشرت عن الدول الأكثر آمانا في العالم، وفقا للتقرير الأخير لمؤسسة جالوب، تحمل أخبارا طيبة عن مصر، رغم مشكلات المواجهة مع القوى الإرهابية، وابتداء فإن جالوب هي مؤسسة أمريكية، والبحوث الإحصائية لها ما يزيد على أربعين فرعا حول العالم، واعتادت أن تقوم باستطلاعات الرأي في العديد من المجالات. ووفقا للتقرير السنوي للمؤسسة عن عام 2019 حول الدول الأكثر أمانا في العالم، قفزت مصر إلى المركز الثامن عالميا، بعد أن كانت تحتل المركز رقم 16 العام الماضي، كما احتلت مصر هذا العام المركز الثاني عربيا بعد الإمارات العربية المتحدة، ويقصد بالأمان في هذا المؤشر ثقة الناس في قوى الأمن الداخلي وشعورهم بالأمان الشخصي، إنه ببساطة الشعور الذي يسود لدى المواطن المصري العادي بالامان، وهو يعيش ويبيت في بيته أو وهو يسير في النهار والليل في مدينة أو قرية مصرية».

نجاحات

أما زميله في «الجمهورية» السيد البابلي فيقول: «لا حديث في الدوائر السياسية والبرلمانية والحزبية الآن إلا عن التغيير الوزاري المتوقع حدوثه قريبا، وبعيدا عمن سيأتي ومن سيذهب فإن الحكومة الحالية أدت ما عليها، ولم يبخل أي من وزرائها في تقديم أفضل ما لديه من جهد وأفكار. وهي وزارة تستحق التقدير والاحترام، ولكننا نأمل في مزيد من التواصل والاندماج المجتمعي، ما بين الحكومة والمواطنين حتى يمكن أن تكون الصورة واضحة في مختلف أبعادها، لتعكس وتبرز ما تم إنجازه من مشروعات تنموية عملاقة، لم تحدث طوال عدة عقود ماضية، فما شهدته مصر من خطوات غير مسبوقة في مجال الإسكان والصحة والطرق والتأمينات، يمثل نجاحات هائلة في مفهوم الدولة المصرية وقدراتها، ويعكس ذلك نجاحات سياساتها الاقتصادية التي بدأت تؤتي ثمارها ويلمسها المواطن بشكل خاص في انخفاض الأسعار من السلع المعمرة والسلع التموينية وفي تحسن قيمة وقوة الجنيه».

العملية السياسية

«يبدو أننا مقبلون على عملية سياسية كبيرة، كما يرى الدكتور ياسر عبد العزيز في «المصري اليوم»، تتضمن تغييراً وزارياً واسعاً، فضلاً عن إعادة تشكيل عدد من الهيئات والمجالس المنصوص عليها في الدستور، وهو أمر لا يمكن اعتباره إيجابياً إلا بتوافر ثلاثة عناصر ضرورية. أول هذه العناصر أن يكون هذا التغيير منطلقاً من استراتيجية جديدة، تشخص مناطق العوار والخلل في أداء هذه الوزارات والهيئات، وتضع رؤية جديدة لعملها، مشفوعة باستراتيجية وأهداف ذكية محددة بدقة وقابلة للتحقق والقياس، وفق توقيتات ملزمة. أما ثاني هذه العناصر فيتعلق بعملية الاختيار ذاتها، وما إذا كانت تلك العملية تستند إلى معايير منطقية ومعلومات وافية، بحيث تفضي إلى اختيار أفضل العناصر للقيام بالمهام المحددة سلفاً، وفق الاستراتيجية الجديدة. ويتصل العنصر الثالث في هذه العملية بالإجابة عن السؤال الحيوي: هل سيتم إطلاق طاقات العناصر الجديدة من أجل أن تعمل في بيئة فعالة ومبدعة ومنتجة، أم أنها ستكون مكبلة باعتبارات وقيود وأنماط عمل شكلية وتقليدية، بحيث لا ينتج عن التغيير أي تغيير؟ فإذا تحدثنا عن تغيير يمكن أن يطال المجال الإعلامي ضمن هذه العملية السياسية الواسعة، فما الذي يتوجب فعله لكي يؤتي هذا التغيير ثماره المرجوة؟ أولاً: يجب أن يبدأ التغيير بعملية إرساء الاستراتيجية، لا أن يبدأ بالتفكير في أسماء مرشحين للمناصب. ولتقريب المسألة، فعملية التغيير في مجال قيادة الإعلام يجب أن تبدأ بالسؤالين: ماذا نريد من الإعلام؟ وكيف نحصل على ما نريده؟ وعند محاولة الإجابة، يجدر بنا أن نتذكر أن منظومتنا الإعلامية باتت عاطلة وبائسة، وأنها تفقد ثقة جمهورها باطراد، وتحفل بأنماط الأداء الرديئة، ما أدى إلى انكشاف مصر إعلامياً، وتبديد قدرتها على مخاطبة الإقليم أو العالم، كما أن تلك المنظومة أخفقت أيضاً في الحصول على الحد الأدنى من الاعتبار والاحترام اللازمين. لا تحتاج قيادة التغيير إلى التذكير بأن الإعلام أمن قومي، فلطالما تم ترديد هذه العبارة على المستويات كافة، ومع ذلك فإن ما تحتاجه قيادة التغيير هو إيجاد الإجابة عن السؤال: كيف يخدم الإعلام الأمن القومي؟ من جانبي، سأقترح إجابة: «إعلام مصر حر، ومتنوع، ومتعدد، ومتقدم فنياً وتقنياً، ويقوم عليه محترفون متخصصون، ويخضع أداؤه لتقييم مهني رشيد وعادل، بشكل يرقي مردوده، ويعزز تنافسيته، ويزيد درجة اعتماد الجمهور عليه، ويحد من أثر الاستهدافات الإعلامية المسيئة والضارة، ويحظى بالثقة وبدرجة مناسبة من الاحترام والاعتبار، ويستطيع مخاطبة الإقليم والعالم بقدر من التأثير يتناسب مع كتلة مصر الحيوية». ثانياً: الالتزام بالإطار الذي أرساه الدستور للإعلام الوطني، كما يظهر في المواد 65 و68 و70 و71 و72 و211 و212 و213، وهو إطار رشيد ومدروس، ويمكن من خلال العمل على الوفاء به إدراك الاستراتيجية. وكما هو معروف فإن هذا الإطار لا يوفر دوراً لوزير إعلام، ولكنه ينيط قيادة المشهد الإعلامي المصري بهيئات مستقلة ذات تمثيل عريض ومتوازن. ثالثاً: لقد تم تشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث المنصوص عليها في الدستور سابقاً، ويبدو أنها أخفقت تماماً في إحداث الإصلاح المأمول. وهنا يبرز عدد من الأسئلة: هل كان تشكيل هذه الهيئات جيداً ومدروساً؟ أم كان منطلقاً من قاعدة أهل الثقة وليس أهل الخبرة؟ وهل فهم أعضاء هذه الهيئات دورهم المنصوص عليه في الدستور والقوانين؟ وهل امتلكوا القدر المناسب من الإدراك والكفاءة والهمة لتنفيذ المهمة؟ وهل أتيحت لهم الفرصة لتنفيذ خططهم؟ أم أنهم تحولوا إلى موظفين تنفيذيين؟ يمكن لعملية تغيير قيادة الإعلام أن تثمر فقط إذا انطلقت من استراتيجية، واتسقت مع الاستحقاقات الدستورية، وتمتعت باختيارات رشيدة».

مقاعد المشاهدين

وإلى المشاكل والانتقادات ومنها مشكلة الشاب جون من جنوب السودان الذي تعرض إلى السخرية من شبان مصريين، ومسارعة وزارة الداخلية إلى القبض عليهم، وهو ما دعا أمينة خيري في «المصري اليوم»، لان تتهم المصريين بالعنصرية قائلة تحت عنوان « شعب متنمر بالفطرة»: «علينا الإمساك بتلابيب فيديو التنمر الأحدث، وينبغي أن لا نترك هذه الفرصة الذهبية تتسرب من بين أيادينا، حيث تقوم قومتنا ونكتب كلماتنا المعبأة بمشاعر الإنسانية، ونثبت حضوراً في دفتر الوعي والمسؤولية، ثم نوقع انصرافاً، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، وكأن التنمر في مجتمعنا حالة فردية، أو واقعة قلما تتكرر وعلينا أن نقر ونعترف أمام أنفسنا قبل كل شيء، بأن التنمر جزء أصيل منا، وأن المزعج في الواقعة الأخيرة أن البعض ترك البلاتوه وجلس ضمن مقاعد المشاهدين، فشعر للمرة الأولى في حياته أن التنمر انحطاط وقبح وبشاعة. بشاعة ما جرى للفتى المهذب القادم من جنوب السودان، لا تكمن في ما تعرض له نهاراً جهاراً في الشارع، لكنها تكمن في أن المشهد يجري يومياً في الشارع والمدرسة والجامعة وعربات المترو والنادي والسوق وفي البيت».

قلة الوعي

أما الكاتب علي عبد الرحمن في «اليوم السابع» فـ: «تابع قصة الطالب الجنوب سوداني، جون مانوث، الذي تعرض للتنمر على يد 3 شباب مصريين، وهو في طريقه إلى المدرسة بشكل فج، من صبية أقل ما يمكن وصفهم بأنهم قليلو الوعي. ومن قبل قصة الطالب جون مانوث، واقعة تنمر أخرى ضد طالبة مصرية في إحدى مدارس الإسكندرية، بعد «معايرة» زميلتها ونعتها بـ«بنت البواب»، الأمر الذي تطور إلى إصابة الطفلة ذات العشر سنوات بمرض العصب السابع. ليس هذا حسب، وإنما كٌثرت أيضًا في الفترة الأخيرة وقائع الاعتداء وترويع المارة باستخدام الكلاب ، ووقائع التنمر والاعتداء الجسدي واللفظي وإهانة ذوي الاحتياجات الخاصة، التي كان آخرها ما شهدته محافظة الإسماعيلية من اعتداء 4 شباب على شاب من ذوى الاحتياجات الخاصة وتجريده من ملابسه. الكارثة أن معظم هؤلاء المعتدين لا يكتفون بجريمتهم حسب، وإنما يحرصون كل الحرص على توثيقها وتسجيلها بالفيديو ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، لمزيد من السخرية والتنمر. كل الأديان السماوية حرّمت ونهت عن إيذاء النفس البشرية وإيذاء الآخرين، أو ترويعهم والسخرية منهم، والأدلة كثيرة فعلى سبيل المثال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أن يُرَوِّعَ مُسْلِمًا»، كما قال :»مَا مِنْ شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وإِنَّ اللَّه يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ». لا شك في أن للأسرة دور كبير في التربية السليمة للنشء فهي الأساس قبل المدرسة والمسجد والكنيسة، انحسار دور الأب في دور الممول المادي للأسرة فقط، وانحسار الأم في دور المدير المالي فقط وغياب الدور الرقابي والتربوي، هو الكارثة الكبرى وبداية التفكك والانهيار. دعوة إلى كل أب وكل أم أن يٌعيدوا لم شتات أبنائهم وليٌحسنوا تربيتهم، فما أحوجنا إلى جيل ناضج متزن أخلاقيًا وعلميًا، جيل يقدر قيمة نفسه ومن ثم يقدر قيمة الغير، ودعوة أيضًا إلى المؤسسات الدينية والتعليمية أن تخصص مساحة كبيرة مما تقدمه للتربية الأخلاقية للشباب والأطفال وحثهم على احترام الآخر».

انتقاص من تاريخ مصر ووجودها

وننتقل إلى «الدستور» ومقال الدكتور أحمد الخميسي الذي قص علينا قصة تعرفه إلى المايسترو سليم سحاب أثناء سنوات الدراسة في موسكو، وكان يدرس قيادة أوركسترا في الكونسرفتوار، يقول الكاتب: «انعقدت بيننا صداقة استمرت من دون انقطاع، وتوطدت بعد استقراره في القاهرة. وذات يوم هاتفني المايسترو وقال لي: «أحمد أنت عندك سيارة، ماتيجي معي نقابل أخي في المطار؟». قلت: «طبعا، بكل سرور». وأردفت: «أخوك من؟». قال: «جورج» وتوقفت بدهشة أمام الاسم وقلت له: «وأنت إيه علاقتك بجورج؟». قال مدهوشًا: «أنت بعد عشرين سنة صداقة لا تعرف أني مسيحي؟». قلت له صادقا: الحقيقة عمري ما فكرت في هذا الموضوع. أنا أنظر إلى الإنسان طيب، صادق، ولا أفتش في عقيدته أو أفكاره. ضحكنا، وذهبنا عصر اليوم ذاته إلى المطار نستقبل جورج. أتذكر هذه الواقعة لأعبر ليس فقط عن دهشتي، بل عن تألمي الشديد بسبب ما جرى مؤخرًا في قرية الناصرية مركز بنى مزار في محافظة المنيا، حين اعتدى متطرف من المسلمين اسمه محمد عيد مرسي على أسرة قبطية لمجرد جلوسها في الشمس أمام بيتهم! شاهدهم فصرخ فيهم: «مش قلنا ما فيش نصارى يقعدوا قدام البيوت؟». وهرول إلى بيته وجلب سنجة وضرب الأم على رأسها فأحدث لها جرحًا استلزم عشرين غرزة، وحينما هب شنودة لحماية والدته طعنه المجرم في رقبته وبطنه لدرجة أنه يرقد الآن في مستشفى في حالة حرجة، بعد عملية استئصل فيها جزء من الأمعاء. هي محافظة المنيا ذاتها التي سبق للمتطرفين فيها أن اتهموا أربعة أطفال مسيحيين بازدراء الدين الإسلامي، وهي المنيا ذاتها التي خرج فيها المتطرفون في مطلع مارس/آذار 1990 بعد صلاة الجمعة في أبوقرقاص واعتدوا على الأقباط ونهبوا بيوتهم وأتلفوا الكنيسة القائمة في قرية بني عبيد، وحطموا كنيسة مار جرجس وأحرقوا صور السيدة العذراء، كما أشعلوا النيران في صيدلية الدكتور حنا كيرلس، وصيدلية الدكتور ممدوح فرج، ودمروا أجزاء من مستشفى الطبيب مراد دانيال، ودار حضانة قبطية، ودمروا كل المحال الخاصة بالأقباط، بما في ذلك مصنع للحلوى ملك القبطي أشرف سعد. وحسب مجلة «المصور» فقد قدرت النيابة العامة في حينه خسائر الأقباط بنحو ثلاثة ملايين جنيه! سبق تلك الأحداث بشهر إعلان شيوخ الجوامع في المنيا الجهاد «ضد الكفار»! هي المنيا ذاتها التي تم فيها عام 2016 تعرية امرأة قبطية عجوز، هي سعاد ثابت، وإجبارها على السير عارية في القرية! والآن بعد عامين من تعرية امرأة، وبعد عشر سنوات من غزوة 1990 أصبح المطلوب من المواطن القبطي ألا يجلس أمام بيته ليتشمس! هل يمكن النظر إلى جريمة محمد عيد مرسي وأمثاله من الأوباش على أنها جريمة جنائية وحادثة عدوان فردي؟ أم أنها جريمة طائفية وثقافية وحضارية ووطنية شارك في تمهيد الأرض لها شيوخ مثل الشعراوي، الذي يفتي في فيديوهات مسجلة بصوته قائلًا بالحرف الواحد: «إما الإسلام أو الجزية.. احنا عملنا فيكم جميل وكنا نقدر نموتكم»، وغير ذلك كثير مما قاله الشعراوي والكثيرون من أمثاله ممن يتعمدون نسيان الكثير، ومن ذلك أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، استقبل وفدًا مسيحيًا من نجران، وعندما حان وقت صلاتهم دعاهم الرسول إلى أدائها في بيته، ثم استأنف اللقاء. لقد أصبحت المنيا بحاجة إلى نظرة خاصة من الدولة بعد كل تلك الأحداث التي تؤكد أن هناك بؤرة إجرامية لا تكف عن العدوان، وبعد أن صار محرمًا على المواطن القبطي أن يتشمس فيها! ليس للمرار المنبعث من بنى مزار حدود، وعندما تنتقص حقوق أخي القبطي فإن الشعور بالمرارة يجتاحني، لأن في ذلك انتقاص من تاريخ مصر ووجودها، وانتقاص للضفيرة التي أبدعت مصر على كل المستويات والتي تألفت من عبدالمنعم رياض واللواء زكي باقي يوسف، ومن طه حسين وسلامة موسى، ويوسف إدريس ويوسف الشاروني، ومحمد مندور ولويس عوض، ومن إسماعيل ياسين ومارى منيب، ومن بهاء طاهر وإدوار الخراط. ما جرى هو إهانة عميقة للمحبة، وللمواطنة، وللدولة، ولم يعد يكفي هنا الإجراء الأمني، إذ لا بد من زيارة المسؤولين لتلك القرى، وزيارة الوفود الثقافية لها، والنظر إلى ما حدث بصفته تهديدًا لوحدة مصر ومستقبلها بالخناجر والمطاوي والكلمات والفتاوى».

موظفون مدمنون

وإلى المدمنين من موظفي الحكومة الذين يتم الكشف الدوري عليهم، وقال عنهم في «الأخبار» جون سامي: «أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي عن نتائج لجنة الكشف عن تعاطى المخدرات بين العاملين من موظفين وعمال وسائقين في المؤسسات والهيئات والمديريات التابعة للوزارات والمصالح الحكومية، في المحافظات المختلفة، حيث كشفت اللجنة على 36067 موظف في 20 وزارة، وكذلك في المؤسسات والمديريات التابعة لها، في الفترة من شهر مارس/آذار الماضي وحتى الان، وتبين تعاطي 2040 حالة للمواد المخدرة بنسبة 2٪ بعدما كانت 8٪ في بداية حملات الكشف، وأشارت إلى أن الموظف الذي يثبت تعاطيه للمواد المخدرة يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وإيقافه عن العمل، حيث تصل العقوبات إلى الفصل من العمل. وأوضحت أن الحشيش والترامادول هما أبرز مواد التعاطي».

«هزل في موضع الجد»

وإلى المعارك والردود وأولها الهجوم العنيف الذي شنه في «الشروق» خالد سيد أحمد ضد النظام بسبب تغييبه للسياسة، خاصة بعد ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران والسيطرة على الإعلام، الذي أصبح تعبيرا عن الصوت الواحد، وقال: «يستطيع أي نظام سياسي في العالم وليس في مصر فقط أن يشعر براحة البال، وينام قرير العين مطمئنا غير قلق من مقبل الأيام حينما يعرف أن شخصية مثل محمد علي المقاول، والممثل المغمور هي من تتصدر المشهد ضده وتعمل على تقديم ما يسميه مشروعا لتوحيد القوى الوطنية، وطرح بديل له على الشعب. مبعث هذا الاطمئنان أن هذا الشخص لا يمكن أن يكون مؤهلا لجمع القوى الوطنية الحقيقية التي تضع نصب أعينها المصلحة العليا للبلاد، فتاريخه لا يسمح له بذلك وإمكانياته وقدراته محدودة وخبراته وتجاربه السياسية تكاد تكون معدومة، وإذا حدث وتمكن من تحقيق ذلك فهذا يعنى أن هناك كارثة حقيقية وخللا واضحا في التفكير والتحرك والتوجه لدى معارضي النظام، وتطبيقا عمليا حقيقيا لمقولة «هزل في موضع الجد». في المقابل فإن هذا الانتشار الواسع للمقاول والممثل المغمور على منصات التواصل الاجتماعي، ليس سوى تعبير عن غياب السياسة في مصر، وهي الحالة التي تعمقت كثيرا منذ ثورة 30 يونيو/حزيران نتيجة التضييق المتواصل على القوى السياسية الوطنية، وغلق المجال العام، وتدجين الإعلام وجعله يتحدث بلغة ومفردات واحدة، وتطويق المجتمع المدني ومحاصرة قواه الحية. هذا الغياب للسياسة دائما ما يفرز ظواهر غير طبيعية، مثل ظاهرة المقاول والممثل المغمور، التي يصعب ضبط حركاتها أو التنبؤ بخطواتها، الأمر الذي ينعكس بالسلب على استقرار الأوضاع في البلاد، مثلما حدث بشكل مفاجئ في أحداث 20 سبتمبر/أيلول الماضي. حضور السياسة إلى المشهد وفتح المجال العام ليس ترفا أو رفاهية لا تحتاجها البلاد، لكنها ضرورة من ضرورات الاستقرار، وتحصين للمجتمع من الهزات العنيفة، التي يمكن أن تحرق الأخضر واليابس، بدون سابق إنذار، وبالتالى يكون الثمن الذي يتوجب على الجميع دفعه باهظا للغاية، والتداعيات السلبية الكثيرة التي تنتج عن ذلك يصعب معالجتها في وقت قصير. أغلب الظن أن ظاهرة المقاول والممثل المغمور لن تستمر طويلا على السطح، بل ستختفي كما اختفت من قبلها ظواهر كثيرة، لكن هذا لا يعني أن ظواهر أخرى مشابهة لن تظهر في المستقبل، بل على العكس ستحدث وربما بشكل أشد تطرفا وعنفا وشذوذا، طالما استمر غياب السياسة في مصر وحضور النهج الأمني فقط في التعامل مع المشكلات والتحديات التي تواجهنا وهي لا تحصى ولا تعد».

الحلال والحرام

«بعض علماء الدين لا يختلفون كثيراً عن بعض مَن يطلق عليهم رجال الدولة، فهم كما يقول محمود خليل في «الوطن»، يدفسون أيديهم في الجيب اليمين فيخرجون لك ما يؤكد أن أمراً ما حلال، ثم يدفسون أيديهم في الجيب الشمال فيخرجون لك ما يثبت أن الأمر نفسه حرام! بعض رجال الدولة يفعلون ذلك أيضاً. حكى أحد الوزراء ذات مرة عن أول يوم له في الوزارة، فقال أن أحد كبار الموظفين دخل عليه بمذكرة تتعلق بموضوع معين ليوقع عليها. سأل الوزير الموظف: هل هذا الموضوع قانوني أم ليس قانونياً؟ فابتسم الكبير وقال له: حسب ما تريد؟ فتعجب الوزير وقال: كيف؟ فرد الراسخ في علم الدولة: هناك بنود في اللوائح والقوانين تؤكد شرعيته، عليك أن تستعين بها إذا أردت تمريره، وهناك بنود في اللوائح والقوانين تقول العكس إن أردت رفضه. منذ بضعة أيام خرج علينا الداعية السعودي عادل الكلباني، إمام المسجد النبوي السابق، يقول إن النبى محمداً، صلى الله عليه وسلم، كان يستقبل مطربات في بيته، وإن تعليم الموسيقى حلال بشرط عدم إجبار الطالب عليه. استند الداعية في فتواه إلى عدد من الأحاديث النبوية، التي تثبت صحتها. في المقابل أثار حديث المطربات اللائي يغنين في بيت النبي غضب آخرين فانطلقوا يحاججونه على مواقع التواصل الاجتماعي بأحاديث نقيضة تؤكد حرمة الغناء والمعازف وتتحدث عن مزمار الشيطان، وغير ذلك من كلام. ولأن الأحاديث المؤيدة للغناء والموسيقى وكذا المحرِّمة لها نسبها الرواة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد لجأ البعض إلى جدل موازٍ عن قوة السند ودرجة ضعف أو قوة الحديث، وهكذا. قد لا أبالغ إذا قلت إن أي موضوع جدلي في الحياة المعاصرة يمكن أن تجد في التراث ما يؤيده، إذا أردت تحليله، ويمكنك أيضاً أن تجد ما ينفيه ويعارضه إذا رغبت في تحريمه، والسر في ذلك أن رجال الدين في العصور الأولى لتشكل دولة الخلافة (وتحديداً خلال العصر الأموي والعصر العباسي الأول) كانوا يعملون في معية الخلفاء والأمراء، تماماً مثل موظفي الدولة المعاصرين، الذين يعملون في معية الوزراء والمسؤولين. نظرة واحدة من عين الخليفة أو الأمير أو همسة يهمس بها كانت كفيلة بأن يفهم رجل الدين المطلوب، فيسارع إلى تدبيج الفتوى بالشكل الذي يرضى السلطة، وهو لن يعدم حيلة في ذلك، لأن عملية الوضع أو الدس على النبي كانت على أشدها في بعض الأوقات. يكفي لكي نستدل على ذلك، أن نشير إلى أن كتاب «صحيح البخاري» اشتمل على أربعة آلاف حديث، وبالأحاديث المكررة يتجاوز رقم السبعة آلاف بقليل، تمثل على وجه التقريب نسبة 10٪ من الأحاديث التي كانت رائجة في عصره، وبعد سنين من تداول كتاب البخاري بين المسلمين، يرى البعض أنه ما زال يحتاج إلى تنقية، بسبب اعتماده على التدقيق في السند أكثر من التحليل العقلي للمتن أو المضمون، الذي يشتمل عليه في ضوء المرجعية القرآنية. هذا التناقض أساسه رجال الدين الذين لبسوا عباءة الدولة، ورجال الدولة الذين خرجوا من سيالة الموروث الفكري الذي لم يخضع للمراجعة والتدقيق فأدى إلى بناء مشهد كل حاجة وعكسها».

مصر وأمريكا والسوخوي

وإلى التصريحات الأمريكية التي حذرت مصر من الاستمرار في تنفيذ صفقة الأسلحة مع روسيا بشراء طائرات سوخوي 35، والهجوم الذي شنته في مجلة «روز اليوسف» الدكتورة فاطمة سيد أحمد ضد أمريكا ومواقفها غير المريحة نحونا، في امتلاك أحدث الأسلحة مجاملة لإسرائيل وقالت: «عانينا الكثير للحصول على مدمرات بيري البحرية وكانت تلوح واشنطن أن تكاليفها باهظة علينا، وإذا أردناها فعلينا بغلق مصنع المدرعات أم 1 – أيه 1. وأخذنا سنوات كان المشير طنطاوي يقوم خلالها برحلات مكوكية لواشنطن، حتى تم لنا الحصول عليها بنظام التأجير لمدة سنوات، ثم بعد ذلك تصير ملكنا، مع أن بيري لم تكن مدمرة حديثة، بل كانت فائض الترسانة العسكرية البحرية الأمريكية، والآن لدينا الميسترال التي تنقلنا إلى استراتيجية المياه الزرقاء العميقة، وهي أعلى الدرجات البحرية العسكرية في العالم والأكثر سيطرة. أمريكا تعلم أن مصر لا يهمها هذا التلويح الباهت القديم الجديد، بشأن المساعدات، ومن ناحية أخري سبق وطلبت مصر من أمريكا المقاتلة الحديثة أف 35، ولكنها رفضت في حين منحتها للسعودية وإسرائيل، وحجتها في هذا الشان أن السعودية ليست دولة مواجهة مع إسرائيل، وأنها اشترطت عليها الاستخدام عبر قواعد محدودة، وأن إسرائيل توجد في منطقة تحيطها كل الدول العربية، التي سبق وتعاونت بأشكال مختلفة في حرب 73، وأن هذا يحتم أن يكون لديها سلاح يفوق ما لدى الدول العربية مجتمعة، وأيضا مصر دولة مواجهة مع إسرائيل فلا يجوز لها الحصول على سلاح متقدم مثلها، حتى لو كانت بينهما اتفاقية سلام. في كل الأحوال الرئيس السيسي هذا الرجل ذو الخلفية العسكرية والتاريخ العسكري الحافل والجريء تحتاجه مصر بعقليته وتدبيره العسكري، وقدرته على اختيار القادة العسكريين القادرين على اجتياز الصعب معه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ساجد:

    صعيدي لقى كنز ، راح دفنه جمب نخله وكتب عليها ” مفيش هنا كنز..
    عَدَّى حمدان جمب النخله وضحك ضحكة شريرة وقال أكيد هنا فيه كنز .. حفَر وطلَّعه … وبعدين شال اليافطة وكتب : ” حمدان لم يأخذ الكنز!

    صعيدي زكي ومراته طلبوا قهوة في كافيتيريا بيقولها : اشربي بسرعة … قالتله : ليه؟ … قالها : لانك جاهله ومابتعرفيش تقري، مكتوب قهوة ساخنة ب 5 جنيه وقهوة باردة ب10 جنيه!

    إيه اللي بيكون مكتوب داخل أحذية الصعايدة ؟
    ورقة مكتوب عليها: أدخل الأصابع أولا!

  2. يقول ساجد:

     صعيدى عنده عربية كَحيانة  سابها قدام بيت مهجور….ليه؟؟ ! عاوزها تبقى عربية مرسيدس شبح!

    صعيدي سافر امريكا كان معاه 5000 دولار  كل ما ييجي يحجز في فندق يجده مليان .. نام في جنينه  راح جالو واحد سرقه وحلق له شعره .. صِحي
    من النوم
    لقى الفلوس اتسرقت منه، جلس يولول، بعدين بيحط إيدو علي راسه مَلَقَاش شعر راسه، قال زين، مش انا!

    صعيدى نزل مصر لقى حمولة العربية 7راكب، سافر تانى يجيب 6من البلد يركبوا معاه!

  3. يقول ساجد:

     صعيدى بنى بيت من ثلاث ادوار عمل
    عَمدان الأساسات فى الدور الثالث بيسئلوه معملتش العمدان فى الارضى ليه؟! قال ارمى فلوسى فى الارض؟!

    صعيدى اشترى كمبيوتر شال
    الماوس وحط جاموسة!

    جماعة صعايدة عملوا اجتماع يناقشوا فيه تأخرهم العلمي. قام واحد بيقول : أمريكا طلعت القمر قبلنا واحنا قاعدين؟ قام رد عليه واحد: خلاص: احنا لازم نطلع الشمس. فقالوا: احنا كدة هنسيح رد عليه: يا غبي احنا هانطلعها بالليل!

    صعيدى مفتاح عربيته ضاع ميكانيكي جه فتحهاله بطفاشه تاني يوم عمل نسخه من الطفاشه!

  4. يقول Eli Marina:

    لو هذه الاشياء التي تحصل في المنيا حصلت في دوله أوروبيه لقامت الدنيا ولم تقعد وسطرت مقالات عن الاسلاموفوبيا واليمين المتطرف الذي اعتدى على مسلم مسالم. ما سيكون رد فعلكم الان وهل من تعليق على الأقل من قبيل الإنصاف .

إشترك في قائمتنا البريدية