انتقادات لاذعة لنظام الرئيس الموريتاني ومطالب ملحّة بالتغيير

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط- «القدس العربي»: أكدت تطورات تشهدها الساحة السياسية الموريتانية هذه الأيام التوجه نحو تأسيس معارضة سياسية من فئة الشباب، ستكون بديلا عن المعارضة التقليدية التي هادنت الرئيس الغزواني منذ وصوله للسلطة أواخر عام 2019.

فقد تواصلت الانتقادات الموجهة للنظام، قبل أشهر قليلة من الانتخابات النيابية والجهوية والبلدية، وتأسست تحالفات لأطياف سياسية متنوعة.

وفي هذا الإطار، انتقد برلمانيون ونشطاء سياسيون بارزون، أمس، الأوضاع التي تعيشها موريتانيا حاليا، محذرين من “دخول موريتانيا في حالة من الانفجار بسبب ضعف أداء الحكومة وانتشار الفساد، وبسبب ما يحيط بالدولة من تهديد خارجي أبرزه الإرهاب الناشط على حدودها”.

وجاءت هذه الانتقادات خلال جلسة نقاس نظمها منسق “نداء الثامن من سبتمبر” المعارض أحمد هارون الشيخ سيديا داخل مقر المنتدى الوطني للمدافعين عن حقوق الإنسان، مؤكدا أنه “اضطر لتنظيم نشاطه في مقر المنتدى بعد أن تأكد أنه لن يحصل أبدا على ترخيص من السلطات لتنظيمه في مكان عمومي آخر”.

وفي مقدمة افتتح بها النقاش، أكد ولد الشيخ سيديا “أن الحديث في الشأن السياسي لا بد أن يبدأ بالحديث عن الأزمة الاجتماعية الحادة التي تعرفها موريتانيا حاليا، وبما وصفه “بالفجوة المهولة بين الدخل المتوسط وأسعار السلع والخدمات”، معتبرا “أن من أبلغ شي سمعه في الموضوع، هو قول إحدى أمهات الأسر الموريتانية إنه لولا أطفالهم الصغار لاستسلموا منذ وقت للأزمة، وقرروا الإضراب عن الطعام”.

وأكد ولد الشيخ سيديا “أن لديه ثلاث رسائل يود توجيهها؛ أولاها أن الوضع في موريتانيا صعب للغاية، وأن الأزمة التي تمر بها موريتانيا حاليا تتجاوز طاقة تحمّل الموريتاني العادي، كما أن الحكومة، حسب قوله، غائبة وفاسدة، مردفا “أنه لا يرى، مع كامل الأسف، ولا يتصور، الطريقة التي ستواصل بها الأسرة الموريتانية العادية معيشتها خلال الأشهر القادمة، ولا يعرف أيهما أكثر قلقا: هل هو وضع المجتمع، أم وضع الدولة التي تتدهور كل قطاعاتها ومرافقها”.

يضيف ولد الشيخ سيديا: “أما رسالتي الثانية، فهي أن نظام الرئيس الغزواني قال كلمته في كل القضايا المهمة، وكان قوله في  محاربة الفساد هو: يا أيها المفسدون، من يريد منكم الثراء فعليه بنهب أموال الشعب، وأنا لن أكافئكم إلا بالثقة التامة والمناصب العليا”.

ووصف ولد الشيخ سيديا هذا التصرف “بأنه يعتبر خيانة عظمى لأنه إعلان حرب على الموريتانيين في أرزاقهم”.

وأكد ولد الشيخ سيديا، في سياق رسالته الثالثة “أن الحلول المتاحة ليست كثيرة في الوقت الراهن، ولن تكون مرضية للجميع، لكنها موجودة وقريبة جدا وتتلخص في أمر واحد، هو أن يغادر الحكم من وصفه بـ “النظام العبثي”، الممتنع عن الإصلاح والإنجاز، والممتنع حتى عن مخاطبة الشعب ومصارحته، ليحل محله نظام جدي مصلح، يستطيع قيادة المرحلة”.

وقال: “شخصيا لا أتمنى أن تحصل هذه المغادرة إلا بواسطة انتخابات حرة نزيهة، وأن ذلك ممكن، وأنه هو الموضوع الرئيسي المطروح اليوم”.

وعن الانتخابات المقبلة قال ولد الشيخ سيديا “الانتخابات المقبلة مغامرة انتخابية”، معتبرا “أن النظام قرر تعجيلها عن أجلها القانوني، لإلهاء للناس عن الأزمة الاجتماعية، وعن حصيلته الصفرية”، مشيرا إلى “أن النظام بدأ عمليا، حملته الانتخابية، باتباع الطرق التي تمكنه من إخراج النتائج على هواه”، معتبرا “أنه من المفارقات بدء النظام لحملته وتجمعاته وسط الخريف والحر، اللذين كانا مبررهم الوحيد لتعجيلها عن موعدها”.

وقال: “خطورة الوضع، وعدم الثقة في العملية الانتخابية المقبلة، وتشتت قوى التغيير، لن يدفعنا للتخلي عن واجبنا المرحلي المتمثل في توعية الشعب الموريتاني وتنويره لتحويل هذا الوعي والسخط الشعبي العام إلى نتائج سياسية ومكتسبات وطنية”.

وتتالت بعد ذلك تدخلات لعدد من كبار الساسة، اتفقت كلها على انتقاد نظام الرئيس الغزواني، وبخاصة تدخلات كل من اللواء المتقاعد لبات ولد معيوف، والرائد السابق محمد الأمين ولد الواعر، والبرلمانية السابقة المعلومة بنت بلال، والنائب البرلماني محمد الأمين ولد سيدي مولود، وعضو مجلس الشيوخ السابق المعلومة بنت الميداح، والنائبة كاجاتا مالك جالو.

ودعا المتدخلون إلى “توعية الشعب الموريتاني حتى لا يظل منخدعا بنظام يشكل في شخوصه وسياساته امتدادا لنظام الرئيس السابق محمد ولد  عبد العزيز الذي أكد متدخلون “أنه على علاته أفضل بكثير من النظام الحالي”.

وحضر هذه الجلسة السياسية التي استمرت عدة ساعات كل من عبد السلام ولد حرمه رئيس حزب الصواب (البعثيون) ، ومحمد محمود ولد سيدي رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “الإسلاميون”.

وجاء تنظيم حلقة النقاش هذه بعد أيام من الإعلان عن تأسيس “ائتلاف دولة العدل”، وهو كيان سياسي جديد أكد القائمون عليه “أن هدفه عرض خيار بديل للشعب عن المعارضة التقليدية والموالاة، ما دفع بعض الأطراف للتكهن بشأن حظوظه في استقطاب فئة الشباب”.

وانبثق التحالف المسمى “ائتلاف دولة العدل” من انصهار عدة أحزاب متباينة المشارب والتوجهات، هي حزب الاتحاد من أجل التخطيط للبناء، وكتلة خيار الحق، وحركة “كفانا”، وحزب اتحاد قوى الشباب الموريتاني قيد التأسيس، حزب الخيار الوطني، قيد الترخيص، وحزب “موريتانيا إلى الأمام” قيد الترخيص.

ووفق بيان صادر عن التشكيل السياسي الجديد، يسعى الائتلاف لعرض بديل تاريخي عن الثنائية السياسية التقليدية، من موالاة يطبعها في الغالب “التملق والنفاق السياسي والفساد”، ومن معارضة “عجزت منذ عقود عن إحداث التغيير المنشود”.

وينوي الائتلاف، بحسب البيان، خوض الانتخابات البرلمانية والجهوية والبلدية القادمة في إطار كيان سياسي واحد “يُصغي لكل أصوات الحق الوطنية”، ويمد يد التفاهم والتعاون والمناصرة لكافة القوى الحية الجادة في البلد”.

 ويأتي هذا التشكيل السياسي الجديد بعد فترة وجيزة من توقيع الحكومة مع رؤساء وممثلي 24 حزبا سياسيا اتفاقا حول تنظيم الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية عام 2023، في خطوة حملت رسائل طمأنة للأوساط السياسية والشبابية في البلاد.

وأقر الاتفاق بين قطبي الأغلبية والمعارضة، استحداث لائحة وطنية للشباب بالتناوب بين الجنسين، تتكون مـن 11 مقعدا، على أن تتضمن مقعدين على الأقل لذوي الاحتياجات الخاصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية