انطلاق معركة الرئاسيات بالجزائر

حجم الخط
0

لقد تمخض الصراع المرير داخل جبهة التحرير الوطني الذي دام زهاء 8 أشهر، عن تزكية الرئيس السابق للمجلس الشعبي الوطني، السيد عمار سعيداني صاحب 63 سنة، الرجل القوي لولاية الوادي الصحراوية، بعد تزكيته من طرف اللجنة المركزية للحزب إثر اجتماع دورتها السادسة يوم الخميس 29 أوت 2013 بفندق الأوراسي بالجزائر العاصمة، للتذكير فحزب جبهة التحرير الوطني بدون أمين عام مند 31 يناير 2013 بعد الإطاحة بالأمين العام السابق السيد عبد العزيز بلخادم، في ما كان يبدو عملية تعبيد الطريق لعهدة رابعة للسيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
السيد عمار سعيداني لم يستمر في مهامه على سدة البرلمان الجزائري، لغضب الرئيس عليه آنذاك، بعد ورود اسمه في ما اسطلح على تسميتها قضية ‘العامة للامتياز الفلاحي’، حيث تبث قربه من شركة ‘الكرامة’ التي تكون استفادت كثيرا من عقود عدة، دون مقدرة العدالة الجزائرية على إثبات ذلك. و في قراءة متأنية لاجتماع اللجنة المركزية، وما نتج عنها من محصلة نستخرج نقاطا هامة، و معالم تساعدنا على فك شفرة المستقبل السياسي للجزائر المستعصية: ‘إشارة انطلاق المعركة الرئاسية بدون السيد الرئيس عبد العزيز بوتقليقة:انتخاب أمين عام للحزب الأول للسلطة الجزائرية، ينبئ ببداية انقشاع المشهد السياسي في الجزائر، بعد السؤال الذي شغل بال الجزائريين عامة والمراقبين خاصة، هل سيترشح السيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة
أم لا؟ النتائج الجلية لاجتماع اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني تبين بوضوح عدم قدرة الرئيس على الترشح و ربما حتى على إتمام عهدته، لو كان الأمر غير ذلك لما استطاع مغضوبان عليهما من طرف الرئيس، وسيما المقربين منه، من الانتصار في معركة الأمانة العامة للحزب، عودة السيد عبد العزيز بلخادم القوية ليس للمنصب نفسه، حيث يكون قد اتفق مع حليفه الجديد على تبادل التزكية، فلا يخفى على عبد العزيز بلخادم طموحه الرئاسي.
2- معركة داخل الحزب بخلفيات قضائية: تناقض القرارات القضائية الصادرة آخر الأسبوع، و السريعة أكثر من العادة، تعلم عن طبيعة المعركة المحتدمة بين أطراف فاعلة في السلطة حول موضوع الرئاسيات، و أهمية أداة الحزب في حسم نتائجها، إعلان مجلس الدولة عن عدم قانونية اجتماع اللجنة المركزية، و توصية السلطات بعدم التسريح لانعقادها، ثم القرار القضائي الجديد من طرف المحكمة الإدارية لبئر مراد رايس و الذي يرفع به الحضر السالف لحظات قبل انعقاد هذا الاجتماع، يظهر المعركة السياسية الحامية الوطيس بين أطراف فاعلة في البلاد، عنوانها الرئيس، الانتخابات الرئاسية الجزائرية.
3- أهمية منطقة الصحراء في إعادة الانتشار السياسي عند أصحاب الشأن:تكريس تقليد جديد في الحزب، و الأمر يتعلق بمواصلة تربع رجل محسوب من الصحراء الجزائرية، على الأمانة العامة للحزب، فبلخادم محسوب على ولاية الأغواط و مدينة آفلو بالأخص، و عمار سعيداني محسوب على ولاية الوادي، ويعتبر هذا لفتة جدية على الاهتمام أكثر فأكثر بالصحراء الجزائرية و بسكانها، فهي في السنوات الأخيرة، تعد الحلقة الأضعف في منظومة الاستقرار الوطني، بعد توالي فضائح سوناطراك، و الاستشعار المتنامي لدى سكان الصحراء من التهميش، فرغم البرامج الضخمة التي تكون الحكومات قد أشرفت عليها، إلا أن سوء تسييرها فرغها من نتائجها المرجوة، ثم إن تمركز الجماعات المسلحة في الجنوب الجزائري أو على حدودها الجنوبية التي تكون قد استغلت أجواء عدم الرضا لاستيعاب عناصر جديدة في صفوفها. المراقبون السياسيون لا يرون مستقبلا جديا للسيد عبد العزيز بلخادم في مسعاه السياسي، لميوله المعلنة ‘الإسلامية’، فالمؤسسة العسكرية ما زالت لا ترى بمنظور إيجابي لمثل هذا السيناريو، و لكن من يدري، ربما جاء دور المحسوبين على الصحراء لتولي رئاسة الجزائر، بعد أن مر عليها أصحاب الغرب و الشرق و الوسط.
4- الرئيس الجديد لن يكون من المقربين للرئيس الحالي: يبدو أن السجال السياسي المحتدم داخل أروقة السلطة الذي شهدناه منذ بداية العهدة الثالثة للرئيس، أو بالأحرى منذ التغيير الدستوري الأخير الذي ألغى عدد العهدات المسموح بها لرئاسة الجمهورية، قد تحول، عمدا أو صدفة، إلى صالح المناوئين لمواصلة الرئيس لمشواره الرئيسي أو أحد المقربين منه، سلسلة الفضائح’ المسربة’، والتي طالت مقربين من الرئيس، سواء فضيحة سوناطراك، أو فضائح أخرى يقال أنها مؤجلة الإعلان تؤكد هذه الملاحظة، هناك إجماع عند الملاحظين أن أخ الرئيس، السيد سعيد بوتفليقة يكون قد أعاق بتحركاته، و هيمنته على المشهد السياسي شبه الرسمي، المشروع السياسي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. تقليد قديم في دواليب السلطة الجزائرية قد ينهي الإشكال السياسي الحالي بمساومات الآخر ساعة، تقتضي تبريد المتابعات، و دفن الملاسنات بالوكالة ثمن الانتقال إلى حقبة سياسية جديدة.
5- تأجيل النظر في تعديل الدستور: هذه النقطة التي كانت في أعلى مرتبة في أجندة السلطة السياسية، تكون قد غيبت في غياهب الجدل السياسي، الضعف الواقع في صفوف فريق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ليس غريب عن هذا الواقع، التقرير الذي كان يفترض أن يسلم من لجنة سرية غير معلنة لجمع المقترحات و تحريرها و غربلتها، صارت بقدرة سياسية، خارج مجال التغطية، و يبدو أن الأمر مؤجل لما بعد الرئاسيات، حيث ستكون إرادة سياسية أخرى بالتأكيد، و لكل حدث حديث.
عبد الكريم رضا بن يخلف
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية