منذ زمن بعيد لم يعد متوقّعاً من القمم العربية «النجاح»، وقد كفّت الشعوب العربية عن التعويل على نتائج مهمّة منها، وصار كثيرون يعتبرونها منتدى تلفزيونيا يُتوقّع منه تقديم بعض الحوادث الساخرة أو المزعجة التي تنتج أحيانا عن بلوغ بعض الزعماء من العمر عتيّاً مما يجعلهم عرضة للعثرات اللغوية والسياسية، أو عن غطرسة بعض الزعماء الأقل عمراً والذين يستغلون المشهدية الكبيرة لحصد مانشيتات الصحف، كما حصل مرّة في كلمة للرئيس السوري بشار الأسد وصف فيها باقي الزعماء العرب بـ«أشباه الرجال» في عام 2006، وفي مشادّة بين الملك عبد الله السعودي والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عام 2009.
لم تبخل القمة العربية في تونس التي افتتحت يوم أمس الأحد ببعض من هذه المفارقات الباعثة على الابتسام أو التكدّر، ولكنّها قدّمت أيضا فرصة لتحليل الوضع العربيّ واستشراف اتجاه الرياح السياسية المقبلة.
ساعد عقد القمة في تونس في تخفيف حدّة توجّهات المحور السعودي ـ الإماراتي ـ المصري ـ البحريني، لكنّه ساهم أيضاً في تخفيف الإحراجات المتوقعة لهذا الحلف نتيجة قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس والجولان، وقد دارت القمّة، في جزء كبير منها على محوري «ضبط» الهجوم الأمريكي المدعوم من المحور المذكور على أغلب الجبهات العربية، و«تلطيف» الأجواء بين هذا المحور والمتضرّرين الكثر منه.
ورغم الإعلانات المدفوعة الأجر التي تبرعت أطراف من القطاع الخاص التونسي بوضعها وبرفع صور الملك سلمان بن عبد العزيز، وتواطؤ الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط بالحديث، بشكل متساو، عن تدخلات إيران وتركيا في المنطقة العربية، وأشكال التلطّف التي قام بها الرئيس التونسي قايد الباجي السبسي لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، فقد شهدنا خروج الملك السعودي مباشرة بعد إلقاء خطابه وكلمة الرئيس التونسي، وكلمة الأمين العام للأمم المتحدة، وذلك للتملّص من سماع كلمة ممثلة الاتحاد الأوروبي التي ذكّرت بالأوضاع المأساوية في اليمن.
أشارت تحليلات عديدة إلى أن المملكتين الأردنية والمغربية لعبتا دوراً أيضاً في تخفيض حدّة الهجوم الأمريكي ـ السعودي ـ الإماراتي، وهو ما قد يفسّر ربما محاولة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مراعاة المشاعر العربية فيما يخصّ المظالم الفلسطينية، في افتراق (لفظيّ على الأقلّ) عن الموقف الإماراتي المعلن، عبر وزير خارجيتها أنور قرقاش، والداعي لـ«تحول استراتيجي» عربي تجاه التطبيع مع إسرائيل (طبعا من دون أن ننسى أن مصر ليست بحاجة أصلاً للتطبيع فلديها علاقات دبلوماسية وعسكرية وثيقة مع إسرائيل).
كان مثيراً للجدل أن يساهم المحور المذكور، بانخراطه في مشروع ترامب للمنطقة العربية، في التفتيت المركّز لمفهوم العروبة ولمعايير الإسلام، وأن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بدعوة العرب إلى التوحّد، وهي مفارقة مذهلة، لأنه بقدر ما تبدو هذه الفكرة بديهية وبسيطة ومطلوبة، بقدر ما يبدو العرب أبعد ما يكون عن الالتزام بها، اللهم إلا في تمكّنهم، حتى الآن، من حضور قمم الجامعة العربية!
بسم الله الرحمن الرحيم
صدقوني أيها القرّاء الأعزاء اذا اجزمت القول بان الجامعة العربية لم تجتمع هذه المرة الا للترويح على ترامب ونتنياهو وذلك من خلال العرض الهزلي الذي لم يكن من قبل يجد متفرجا يوليه الاهتمام .عرض لم يسمح فيه لصاحب البطولة المطلقة عن الغياب واقصد هنا نجم ساحة الخيانة العربية النجم عبد الفتاح السيسي .