انقلاب عسكري بوجه مدني وغطاء ديني

اثبت الفريق اول عبد الفتاح السيسي انه الرئيس الفعلي للبلاد، مثلما اكد ان المؤسسة العسكرية هي الوحيدة المتماسكة والقادرة على قلب نتائج صناديق الاقتراع في اي وقت، تحت عنوان ‘تلبية طموح جموع الشعب والحفاظ على مصالحه الوطنية’.
انه انقلاب عسكري بوجه مدني، وبغطاء ديني ووعد ديمقراطي، وهذا ما يفسر اشراك شيخ الازهر وبابا الاقباط في عملية اتخاذ قرار عزل الرئيس مرسي وحركة الاخوان المسلمين، والقذف بهم الى المجهول، وربما الى غياب السجون في زنزانة مجاورة لزنازين الرئيس مبارك ورهطه.
وعندما نقول انه انقلاب بوجه مدني، فإننا نقصد بذلك ان المؤسسة العسكرية اختارت رئيسا مدنيا مؤقتا وهو رئيس المحكمة الدستورية العليا، ودعت لانتخابات رئاسية وبرلمانية بعد ستة اشهر، وتشكيل لجنة من الخبراء لوضع دستور جديد.
الفريق اول السيسي لم يسر على نهج استاذه المشير حسين طنطاوي ويتزعم مجلسا عسكريا، وفضل ان يظل صانع ملوك، يجلس في مقعد القيادة دون ان يكون قائدا، تماما مثل المرشد العام للاخوان المسلمين، او المرشد الاعلى للثورة الايرانية.
‘ ‘ ‘
من المؤكد ان المؤسسة العسكرية انحازت للطرف الاقدر على جمع الملايين في ميادين مصر وشوارعها، حسب ما جاء في البيان الذي اذاعته مساء امس، ولكن من المؤكد ان حركة الاخوان المسلمين التي انتظرت تسعين عاما للوصول الى السلطة ستشعر انها الضحية، وان الرئاسة سُرقت منها، مهما اختلفنا مع هذا الطرح او اتفقنا.
انصار حركة تمرد الذين نزلوا بالملايين الى ميدان التحرير وقصر الاتحادية احتفلوا بطريقة اكبر من احتفالهم باطاحة الرئيس السابق حسني مبارك، وهذا من حقهم، فقد تحققت طموحاتهم، وجرى تلبية مطالبهم في اطاحة ‘حكم المرشد’، مثلما كانوا يهتفون طوال الايام والاسابيع الماضية.
الجيش المصري خطط لهذا اليوم جيدا، ولعله استفاد من تجربة نظيره التركي في لعب دور الحامي للدولة المدنية، ومنع المتشددين الاسلاميين من الوصول الى الحكم ولو من خلال صناديق الاقتراع، مثلما حصل لحزب الرفاه والسعادة بزعامة نجم الدين اربكان.
وعندما نقول خطط لذلك جيدا، فاننا نقصد انه ضمن ولاء ودعم مؤسسة الازهر والكنيسة القبطية، وجبهة الانقاذ المعارضة، وحركة تمرد التي تضم جيل الشباب، ووظف كل هؤلاء وانصارهم لدعم تدخله الحاسم.
السؤال الآن هو حول كيفية تسويق الفريق اول السيسي لخريطة الطريق التي طرحها على الجانب الآخر المتضرر، اي حركة الاخوان المسلمين، ثم كيف سيكون رد فعلها؟
من المؤكد ان الحركة التي تملك شعبية كبيرة لا يمكن التقليل من شأنها، خاصة في الريف المصري، وقالت مسبقا على لسان الرئيس مرسي والدكتورين محمد البلتاجي وعصام العريان، انها لن تسكت وستقاتل من اجل الدفاع عن الشرعية حتى آخر نقطة دم.
هناك جناحان في الحركة، الاول جناح الصقور الذي يمثله مرسي ومحمد البلتاجي، وجناح الحمائم الذي يضم شخصيات مثل خيرت الشاطر، وسعد الكتاتني زعيم حزب الحرية والعدالة، وان كان البعض يقول انه لا فرق بين الجناحين والمسألة مسألة تبادل ادوار فقط، وما زال من المبكر القول بان ايا من الجناحين سيغلب الآخر، لكن عندما يقول الرئيس مرسي انه سيموت واقفا حاملا كفنه على كتفه، وعندما يؤكد الدكتور البلتاجي انه سيقاتل دفاعا عن الشرعية حتى آخر نقطة دم، ويدعو انصاره الى الشهادة فإن علينا ان نتوقع الاسوأ.
‘ ‘ ‘
مصر كانت منقسمة قبل صدور بيان المؤسسة العسكرية، والآن اصبحت اكثر انقساما، ولا نستغرب او نستبعد تبادل الادوار، اي ان ينسحب المعارضون من الميادين ليحتلها المتضررون وربما بأعداد اكبر.
سابقة الجزائر تتكرر حرفيا في مصر، مع فوارق طفيفة، وهي ان المؤسسة العسكرية الجزائرية اجهضت عملية انتخابية فاز فيها اسلاميون قبل ان تعلن نتائجها، بينما اقدمت المؤسسة العسكرية المصرية على اجهاض عملية انتخابية بعد ظهور نتائجها.
شيخ الازهر قال امس ‘مصر الآن امام امرين، واشد الامرين سوءا هو سيلان دم الشعب على التراب لذلك وعملا بقانون الشرع الاسلامي القائل بان ارتكاب اخف الضررين واجب شرعي’.
نتفق مع شيخ الازهر احمد الطيب في توصيفه هذا، ولكننا لا نعتقد ان تفاؤله في محله، فأخف الضررين ربما يصبح اخطرهما او سببا في اشعال فتيل حرب اهلية.
نحن ضد سفك الدماء، وضد الاحتكام الى السلاح مهما كانت مبرراته، ولذلك نتمنى ان ترجح كفة العقل، وان يتقبل الاخوان المسلمون الامر، وان يتجرعوا كأس السم، ويستعدوا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، ويؤكدوا بذلك على سلميتهم، وحرصهم على مصر، وحقن دماء ابنائها، وان يفعلوا ما لم يفعله خصومهم، اي الاحتكام الى صناديق الاقتراع.
نبالغ في تفاؤلنا.. نعم.. نطرح طرحا ساذجا في نظر البعض.. ايضا نعم، ولكننا ننطلق من كل هذا من حبنا لمصر، وحرصنا على حقن دماء شعبها، ونحن نرى ما حدث في دول الجوار، سورية والعراق وليبيا على وجه الخصوص.
Twitter:@abdelbariatwan

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أنس:

    شعب مصر العظيم أسقط الصفقة بين أمريكا و الاخوان المسلمين و كيانات الخليج

    1. يقول عمر:

      اول المهنئين هم قادة الخليج

  2. يقول فاتح الجزائر:

    انه انقلاب بغيض وسافر سيدفع كل الشعب المصري ثمنه

  3. يقول صالح الاوراسي:

    والله ظلم كبير لحق بجماعة الاخوان…رئيس منتخب ديموقراطيا يطيح به الجيش بعد عام فقط عن انتخابه؟

  4. يقول Kamal:

    إن التاريخ يعيد نفسه نفس السيناريو الذي حدت في الجزائر يحدت في مصر .التلميذ نجيب هو الذي يستفيد من التاريخ

  5. يقول محمد ونس:

    يوليه 1952 كانت ايضا انقلاب عسكري, و25 يناير كانت انقلاب عسكري, لماذا تفترض ان 30 مايو يجب ان يكون مختلفا.
    مرسي كان اكبر كارثة من صنع الإخوان, وما سببه لهم من ضرر اكبر كثيرا من 80 عاما من الاضطهاد.

  6. يقول محمد رمزى:

    كلها كام شهر و يطلعوا علينا بمقولة يسقط حكم العسكر و سنة و يتكرر سيناريو اسقاط الرئيس مثلما حدث مع مرسى خلينا فى ثورات و اعتصامات و اثيوبيا ترتع و تفعل مابدا لها واحنا مشغولين بالانقضاض على اديمقراطية و الشرعية

  7. يقول Ahmed:

    يا سيدي حتى و لو تقبل الإخوان الأمر من يضمن لهم عدم تكرار سيناريو الإنقلاب. في هذا العالم الغريب الديمقراطية وسيلة للفصل إلا إذا كان المنتصر إسلاميا

  8. يقول sam:

    هب انهم سمعوا اقتراحك وذهبوا الى صناديق الانتخاب وفازوا~طبعا سيعمل السيسي على تزوير التتاءج~واذا قلت انه من الموءكد انهم لن ينجحوا اذ فلماذا اذايذهبوا الى صناديق الانتخاب!

  9. يقول علي:

    مثل ماتوقعت!!..إنها أمريكا ياأستاذ عبدالباري تريد تعيين خادم مطيع …ربما يكون البرادعي!!

  10. يقول hicham:

    كيف بأول رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية أن يزاح بإنقلاب عسكري فقط لأنه لم يبدي الولاء للغرب وكيف لهولأء الذين يجولون الساحات أن يعيبوا عليه عدم حل مشاكل جمة خلفها نظام مستبد لم يستطع حينها هولأء الأوغاد أن يحركوا ساكننا حين كانوا يصطفون امام المخابز ويفقدون شرفهم في الأقسام…تبا لكم؛
    مشكلة مرسي انه لا يعرف كيف يكذب

1 2 3 4 5 15

إشترك في قائمتنا البريدية