الآن وقد انقضى العهد القصير للرئيس المصري المنتخب الاول ورجل الاخوان المسلمين محمد مرسي، فان كل ما بقي لنا ان نتساءل: هل شهدنا هذا الاسبوع في مصر انقلابا عسكريا أم ثورة؟ ويتعلق ذلك بالطبع بمن تسألون.
من وجهة نظر الـ14 مليون متظاهر المصممين والمنظمين جدا فان الحديث عن ثورة ثانية في غضون سنتين ونصف السنة. وهم يرون أنهم هم الذين يستحقون مجدا لأنهم نجحوا في تنحية رئيس مستبد حكم سنين طويلة (مبارك) وتنحية رئيس منتخب احتال على أبناء شعبه وأخذ مصر الى مناطق جد غير مرغوب فيها، كل ذلك في وقت قصير.
إن الجيش هو الذي وجه الى مرسي يوم الاثنين انذارا لمدة 48 ساعة. وكان الجيش أمس هو الذي أتم الاجراء بعد ان رفض الرئيس الانذار في المساء السابق. وسيطر الجيش أولا على محطات الاذاعة المصرية للراديو والتلفاز المصريين. وسيطر بعد ذلك على القصر الرئاسي الذي كان يوجد الرئيس فيه وأرسل دبابات الى مركز القاهرة. والجيش هو الذي أبلغ مرسي أنه لم يعد رئيسا ومنع الرئيس وكبار مسؤولي الاخوان المسلمين من مغادرة مصر. وكان الجيش هو الذي بشر في المساء بنهاية ولاية مرسي ونصب الرئيس المؤقت. لكنكم اذا سألتم مواطنا من تشيلي أو من الارجنتين فسيُبينان لكم أن هذا انقلاب عسكري.
ومع كل ذلك يمكن ان نُعرّف ما رأيناه في مصر هذا الاسبوع بأنه مزيج خاص مؤلف من انقلاب عسكري وثورة. ويُبين الضباط أنفسهم أنهم عملوا حسب مطلب الشعب وأن حركة الاحتجاج على مرسي التي جاءت من الجمهور هي التي أملَت سير الامور، والشهادة على ذلك الالعاب النارية في ميدان التحرير على أثر اعلانه.
إن الجيش يريحه جدا ان يُعرّف الامر بأنه ثورة وهذا يجعل حياته أسهل ايضا، فهو يُسهم في صورة ان الجيش هو جيش الشعب المستمع للجماهير. وعلى نحو عام حينما يسيطر الجيش على دولة تكون لذلك رائحة غير طيبة ولا يُحجمون في الغرب ايضا عن التعبير عن موقفهم في هذه الحال، لكن الامر هنا مختلف.
إن الجيش يُسقط نظاما اسلاميا. وقد رأينا في الجزائر في كانون الاول/ديسمبر 1991 كيف ألغى الجيش انتخابات بعد ان فاز الاخوان المسلمون هناك في الانتخابات. وصفقوا آنذاك في العالم ايضا. فالسياسي صاحب اللحية يثير القلق. ونقول بالمناسبة إن ما تلا ذلك في الجزائر كان عقدا داميا مع 100 ألف قتيل. والأمل في مصر في سيناريو مختلف أقل عنفا. اهتم الفريق أول السيسي بأن يحيط نفسه بجميع التيارات السياسية والدينية تقريبا في مصر، وفيها السلطتان الدينيتان العلييان في الدولة السنية والقبطية. وأراد السيسي أن يُظهر ان الشعب يؤيد الخطوة التي خطاها الجيش، لكنه أراد ان يُبين في مقابل ذلك مبلغ عزلة الاخوان المسلمين. وينبغي ان نأمل ألا يجد الاخوان الخائبو الآمال طريقة للانتقام، فقد أثبت الماضي أنهم يعلمون كيف يؤلمون ايضا. ولا يعِد تفجر الفرح أمس في ميدان التحرير مصر بمستقبل وردي الى الآن. بعد سنة من سقوط مبارك في الحادي عشر من شباط/فبراير 2011 هتف نفس الجمهور في التحرير ‘يا طنطاوي إرحل’ مع الهتاف بشعارات معادية للجيش. وتعلم السيسي الدرس.
إن أفضل نصيحة يمكن ان توجه للسلطة الجديدة هي ان تهتم بانتخابات سريعة وحرة ونزيهة تفضي الى انتخاب مجلس شعب تشعر فيه جميع التيارات بأنها ممثلة وإلا فانه تنتظرنا تصويتات حجب ثقة اخرى في ميدان التحرير. اختير محمد البرادعي على الخصوص أمس ليخطب. وهو أحد المرشحين المعلمين لوراثة مرسي. وحقيقة ان البرادعي ليس ذا لحية لا تجعله واحدا يرعى السلام معنا. لكن مصر لم تشغل نفسها هذا الاسبوع بالسياسة الخارجية، فما يهمها اليوم في الأساس السياسة الداخلية.
بوعز بسموت
اسرائيل اليوم 4/7/2013