لندن ـ «القدس العربي»: هيمن تدهور سعر صرف الجنيه المصري على اهتمام المصريين خلال الأيام الماضية، وسرعان ما أصبح سعر الدولار الأمريكي هو الموضوع الأبرز ومحل اهتمام الجميع في أوساط المصريين، وامتد إلى العديد من الدول العربية ليتصدر اهتمام الشارع العربي أيضاً خاصة مع انتشار المخاوف بأن تتوسع الأزمة الاقتصادية في مصر إلى بعض الدول الأخرى في المنطقة.
وتصدر «الجنيه المصري» و«الدولار» قائمة الوسوم الأوسع انتشاراً في مصر والأكثر تداولاً على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر وعدة دول عربية خلال الأيام الماضية، وذلك بالتزامن مع الهبوط الحاد للجنيه أمام العملة الأمريكية، فيما سارع الكثير من النشطاء إلى استدعاء ونشر مقاطع فيديو يظهر فيها معلقون ومذيعون وإعلاميون مصريون وهم يطمئنون الناس قبل فترة وجيزة فقط بأن الجنيه لن يواصل الهبوط وإنما سيعاود الارتفاع.
وهوى الجنيه المصري يوم الأربعاء الماضي بصورة حادة مسجلاً مستوى قياسياً وتاريخياً متدنياً وغير مسبوق، حيث تجاوز الدولار الأمريكي مستوى الـ32 جنيهاً لأول مرة في المعاملات الرسمية.
وتعهدت مصر بسعر صرف مرن للعملة ودور أكبر للقطاع الخاص ومجموعة من الإصلاحات النقدية والمالية عندما اتفقت على حزمة دعم مالي بثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، وهو ما كشف عنه تقرير صدر مؤخراً عن الصندوق.
وأظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الأسبوع الماضي أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع في كانون الأول/ ديسمبر إلى 21.3 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ أواخر 2017 متجاوزا توقعات المحللين.
وتوقع بنك «غولدمان ساكس» العالمي أن يستمر تراجع الجنيه المصري ليتخطى حاجز الـ40 جنيها قريباً، وقالت مذكرة وزعها البنك على عملائه: «نعتقد أن التعديل لم يكتمل بعد، وأنه يجب أن يستمر بشكل كبير قبل استعادة توازن العرض والطلب في سوق العملات الأجنبية».
وتحول الجنيه إلى حديث الساعة في الشارع المصري على الإطلاق، وانعكس ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث كتب الاعلامي المصري المعارض أسامة جاويش معلقاً: «للتاريخ: يوم 11 يناير 2023 لما الدولار تجاوز حاجز 30 جنيه لأول مرة، السيسي تحرك بشكل عاجل وعمل حاجتين: 1- اجتماع عاجل مع مدير المخابرات ورئيس الحكومة ووزير الطيران وناقش مستقبل الطيران المدني. 2- وجه وزارة الاسكان بإنهاء تشطيبات أبراج مدينة العلمين الجديدة».
وغرد الصحافي والإعلامي غسان ياسين يقول: «ما يحدث للجنيه المصري لا يسمى هبوطاً بل هو إنهيار، قبل عام كان الدولار يساوي 15 جنيهاً واليوم تجاوز الـ32.. أوكرانيا التي تتعرض للغزو لم تخسر عملتها سوى 25 في المئة من قيمتها، بعد عشر سنوات على الإنقلاب لايملك شبه الرئيس سوى أن يقول للمصريين: بطلوا هري».
وكتب رئيس المعهد الأوروبي للعلاقات الدولية والقانون الدولي محمود رأفت مغرداً على «تويتر» بالقول: «مخطئ من يظن أن وقوع مصر سببه فشل إداري، فهو مخطط محكم يتم تنفيذه منذ عقد، ويبقى أن الأحداث جلل لكن الرجال صغار، لذا لم ينقذوا البلاد وتركوها تضيع».
وكتب الإعلامي السابق في قناة «الجزيرة» أحمد منصور: «الشعب الذي خرج عام 1954 يصفق للديكتاتورية وينادي بسقوط الديمقراطية والمتعلمين، عاش 60 عاما تحت الاستبداد وحكم العسكر، وفي 2011 كانت محاولة للتحرر، لكنه خرج في 2013 يرقص للديكتاتورية من جديد، والآن يدفع ثمن خياراته غاليا.. أقولها، ألما، وشفقة وأملا، ورغبة في الحرية، والعدالة».
وكتب الإعلامي أحمد عطوان مستذكراً أيام الرئيس الراحل محمد مرسي: «ربنا يرحم الرئيس مرسي وينتقم له من الجهلاء الذين آذوه بألسنتهم، وينتقم له من الكاذبين الذين افتروا عليه في إعلامهم، وينتقم له من المجرمين الذين ظلموه واعتقلوه وقتلوه. اللهم سلط عليهم سيف انتقامك وافضحهم واحصهم عدداً ولاتغادر منهم أحداً، واكشف الغمة عن مصر والمصريين».
ونشر أحد المغردين صورة للرئيس الراحل محمد مرسي، وكتب معلقاً عليها ومخاطباً مرسي بالقول: «كل ضحكة ضحكتها عليك ايام باسم يوسف، وكل كلمة أيدت بيها كل اللي اتقال واتعمل قبل 30 يونيو مخلياني مش عارف انام وضميري هايموتني من اللي أيدته بس بقلبي. الله يرحمك ويسامحنا ويجمعنا بيك في دار الحق. ضيعنا مستقبل عيالنا وصدقنا الزيطة الكذابة يا محمد مرسي».
وكتب أحد المعلقين ساخراً: «لو محتار تحول فلوسك دهب ولا دولار، اشتري بفلوسك عدس، العدس كان ب24 جنيه بقى ب50جنيه».
وغرد الناشط أحمد البقري: «لماذا لا يعلن السيسي ونظامه ومرتزقة الإعلام والمطبلين عن التبرع براتبهم الشهري لمدة عام دعما لمصر التعبانة التي يصفونها في خطاباتهم وبرامجهم؟! أم الشعب المطحون فقط الذي لا يجد ثمن زجاجة زيت طعام هو من سيدفع ثمن هذا الفشل وحده؟».
وعلق خليل سعيد قائلاً: «موجة التعويم الجديدة التي كسرت قيمة الجنيه المصري ستكون كارثة اقتصادية وستكون تكلفتها الإجتماعية للأسف قاسية.. لعن الله المديونية فما تجني الشعوب منها غير خراب المستقبل».
وكتب يوسف إبراهيم: «قبل البدء في بيع الأصول التي بناها المصريون بالعرق والدم.. يجب أن تجيب الحكومة عن سـؤال: هل نبيع الأصول لتسـديد الديون أم لنستكمل بناء القصور؟».
وقال مصطفى شتات في تغريدة: «المتابع للشأن المصري منذ انقلاب الخائن على الدكتور مرسي، يُدرك بما لا يدع مجالاً للشك، أن الشهيد الرئيس يأخذ براءة كل يوم من التّهم المُلفقة من قبل العسكر، فيما يُدان الخائن وزبانيته كل يوم بجريمة جديدة».
وعلق أيمن سلامة بالقول: «من الآخر ومن غير لف ودوران وبعيداً عن الأسماء والأهواء لابد أن نعرف أن الديمقراطية وتداول السلطة هما الحل الوحيد لإنقاذ البلد وهما أيضاً وراء تأييد ثورة 25 يناير ورفض 30 يونيه، ولقد أثبتت التجربة ذلك».
وعلقت خديجة حسن تقول: «الشعب المصري كله دفع ثمن أحلام الرئيس السیسي، شخص واحد لم يدفع ثمن أحلامه، وهو الرئيس شخصياً».
يشار إلى أن وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني قالت إن انخفاض قيمة الجنيه المصري سيُضعف من قدرة مصر على تحمل خدمة الديون الخارجية ويرفع من مستوى المحلية منها.
وأضافت الوكالة في تقرير صدر مؤخراً إنه على الرغم من مساهمة مرونة سعر الصرف في إعادة التوازن للحسابات الخارجية والمحافظة على احتياطيات النقد الأجنبي، فإنها في الوقت ذاته سترفع من معدلات التضخم، متوقعة مزيدا من رفع الفائدة في البنك المركزي وانخفاض الجنيه.
وارتفعت توقعات الوكالة لمخاطر عدم القدرة على سداد الديون في السنة المالية الحالية إلى 43 في المئة من 40 في المئة في السنة المالية الماضية المنتهية في 30 حزيران/يونيو 2022 وهو ما يؤكد الاتجاه المتدهور في نسبة القدرة على تحمل الديون مقابل العام السابق، الذي صنفت فيه الوكالة مصر من بين أضعف الدول القادرة على سداد الديون السيادية.