اوباما هل هو تشمبرلين أم تشرتشل؟

حجم الخط
0

”تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وايران والاتفاق الامريكي الروسي على نزع السلاح الكيميائي في دمشق لن يختبرا بالاقوال الجميلة بل بالافعال. فقد تبين ان تقديرات المحللين والخبراء حتى الان مغلوطة. فأحد لم يتوقع مثلا أن تتوصل روسيا والولايات المتحدة الى تسوية على نزع السلاح الكيميائي من سورية، أو حالة الانسجام بين اوباما وروحاني.
لاوباما توجد فرصة لاثبات جدية نواياه. افعاله والتغييرات على الارض هي التي ستقرر. ما سيحصل في سورية وفي ايران، على مسؤوليته. عندها يمكننا أن نعرف اذا كان اوباما هو تشمبرلين، أو ربما هو تشرتشل. وما كنت مطالبا لان أطرح هذا التشبيه لو لم يدع وزير الخارجية الامريكي نفسه في احد المؤتمرات الصحافية التي عقدها بان ‘الاسد في ذات القائمة مع هتلر وصدام حسين’. المهزلة العراقية معروفة للجميع، وعليه فخسارة الاكثار من الكلام. الولايات المتحدة لم تخرج الى الحرب ضد صدام حسين بسبب استخدامه للسلاح الكيميائي ضد معارضيه، ولا سيما الاكراد، بل اساسا بسبب رغبتها في الدفاع عن حقول نفط الكويت التي اجتاحها صدام حسين.
نتائج المغامرة الامريكية في العراق يعرفها الجميع. وبالذات عندما خرج بوش الابن الى الحرب بسبب الوجود المزعوم لسلاح غير تقليدي في العراق، تبين الخطأ الفظيع. ليس مريحا الحديث عن هذه الحقائق، ولكن جدير ذكرها في صالح المستقبل القريب.
من الجدير العودة الى تكرار ما قاله كيسنجر في كتابه ‘الدبلوماسية’ بالنسبة لتآكل قدرة المساومة لدى الامريكيين بعد حرب الخليج الاولى في 1991: ‘موقف المساومة لدى المنتصر يتآكل مع الزمن. كل شيء لا يكون مطلوبا عندما تسود صدمة الهزيمة يصبح أصعب فأصعب على التحقق كلما مر الوقت. درس كان ينبغي على امريكا أن تستخلصه من تجربتها في العراق في نهاية حرب الخليج، في العام 1991’.
هنا ايضا يجدر بنا أن نذكر القراء بحقيقة تاريخية: الولايات المتحدة وبريطانيا ادارتا سياسة خارجية هزيلة، غبية، محملة بالمصيبة، تجاه المانيا النازية، قبل وقت طويل من بدء الحرب العالمية الثانية. فقد تجاهلت الدبلوماسية الامريكية تماما ما يحصل في اوروبا. وكانت بريطانيا تشمبرلين عمياء تماما عن رؤية أفعال هتلر ومغلقة الحس تماما تجاه اخطارات السياسيين الاجانب. وهكذا ولد اتفاق ميونخ سيئ الصيت والسمعة، الذي في اطاره باعت بريطانيا تشيكوسلوفاكيا لهتلر مقابل وعد. صورة تشمبرلين في المطار في لندن يلوح في يده بالاتفاق الذي وقعه مع هتلر ويعد بان السلام سيسود في العالم، مثال سريالي لرجل ساذج في أفضل الاحوال، او غبي تماما، في اسوأ الاحوال. هتلر 1938 كان لا يزال يخاف ائتلافا دوليا ضده ولكنه شخّص سخافة العالم الغربي واستغلها جيدا. والنهاية يعرفها الجميع.
الاتفاق مع سورية ليس سوى بداية الطريق. محظور الاستخفاف به والتقليل من قيمته.
للولايات المتحدة انجاز جميل جدا، على الاقل من ناحية الرأي العام الدولي الذي يفترض أن يقرر الشرعية للخروج في عملية، اذا ما، وعندما يخرق الاسد الاتفاق. من هذه الناحية، توجد لاوباما كل الاسباب لان يكون راضيا. فمصيره لن يتكرر مما تحقق بل مما سيحصل في سورية وفي ايران. من دون ضغط عسكري مستمر، من دون تهديد حقيقي في أن كل خروج عما اتفق عليه وتقرر سيلقى رد فعل عسكري مناسب وشامل، فان احتمالات تطبيق الاتفاق ليست كبيرة. صعب جدا التصديق بان ايران ستتراجع عن طريق التحول النووي. ويجدر بالذكر ان ليس عدد الصواريخ النووية او الكيميائية هو الذي يقرر، بل التحكم بالمعرفة وبالانتاج. عندما تكون البنية التحتية موجودة، من دون رقابة وثيقة جدا، سيكون من السهل التزود بالسلاح النووي. في المستقبل القريب سنعرف جميعنا اذا كان اوباما هو تشمبرلين آخر ام’ هو تشرتشل جديد ومصمم على تصفية التهديدات.

معاريف 6/10/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية