خان يونس: كثيرا ما حلم الشاب الفلسطيني كرم فياض (26 عاماً) الذي يعاني إعاقة ذهنية بمنزل دافئ تقيه جدرانه برد الشتاء القارس.
برصاصة قناص إسرائيلي غادرة انطلقت بلا رحمة لتردي أحلامه الصغيرة، ارتقى على إثرها شهيداً، لدى مشاركته في مسيرة “العودة وكسر الحصار” قرب الحدود الشرقية لمدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة، في الجمعة الأخيرة من العام 2018.
كان “كرم” حريصاً على المشاركة في مسيرات “العودة” السلمية التي تطالب برفع الحصار عن غزة وعودة الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948، فهو رغم إعاقته إلا أنه كان مصرا على استعادة أرض عائلته في بلدة “كرتيا” القريبة من قطاع غزة، التي تسيطر عليها إسرائيل.
تقول والدته اعتدال فياض (64 عاماً) وقد أغرورقت عيناها بالدموع، إنّ نجلها “كان يذهب كل جمعة ليشارك في مسيرات العودة، رغم محاولات كثيرة منا لمنعه خشية على حياته أو تعرضه للإصابة، لأن الاحتلال الإسرائيلي لا يفرق بين كبير أو صغير أو معاق”.
وعن تلقيها خبر إصابته ثم استشهاده تقول الأم الثكلى: “سمعت ضجيجا خارج المنزل، وتردد اسم كرم أكثر من مرة بين الجيران، ولم يكن بمخيلتي أنه أصيب أو استُشهد حتى أخبرني أبنائي بأنه مُصاب، وعلمتُ لاحقاً أن إصابته حرجة، لتعرضه لعيار ناري في الرأس، ما أدى لاستشهاده بعد وقت قصير”.
وتساءلت والدة الشهيد كرم: “ما الذي فعله شاب مُعاق للاحتلال حتى يتم قتله بهذا الشكل؛ لم يتسبب لهم بأي ضرر هو ومن معه، ألا يعلم الاحتلال أن القانون الدولي كفل حق التظاهر وأنه لا يجوز قتل أو قمع المتظاهرين السلميين؟”.
وتقول الأم إن نجلها كان يذهب لمسيرات “العودة” بسبب ما يملكه من حس وطني ورغبة باستعادة أرضه المحتلة، وبرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.
وتوجهت برسالة للاحتلال قائلةً : “لا تقتلوا الأبرياء، ارفعوا الحصار عن غزة”؛ مطالبة العالم بالوقوف بجانب الفلسطينيين ووقف جرائم القتل الممارسة بحقهم.
كان الشهيد “كرم” يعيش مع 10 من أشقائه الذكور والإناث (بينهم 3 من ذوي الإعاقة الذهنية) هو أصغرهم سناً، داخل منزل صغير في مخيم مدينة خانيونس للاجئين الفلسطينيين (جنوب).
شقيقة الشهيد تغريد فياض (43 عاماً) تتساءل هي الأخرى عن الذنب الذي اقترفه شقيقها ليُقتل بدمٍ بارد عبر طلق ناري متفجر في رأسه.
وتقول: “كيف تجرأ الجندي الإسرائيلي على أن يطلق النار على مُعاق؟”.
وتضيف فياض أنّ “كرم” كان يحلم بمنزل جديد بدل المنزل الحالي غير الصالح للسكن، وتضيف أنه كان يعاني من البرد الشديد خلال فصل الشتاء ويتمنى أن يشعر بالدفء.
وتطالب العالم بالنظر بعين الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني الذي “يرتكب الاحتلال الإسرائيلي بحقه أبشع الجرائم”.
ومنذ نهاية مارس/ آذار الماضي، ينظم آلاف الفلسطينيين مسيرات عند حدود قطاع غزة، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948، ورفع الحصار عن قطاع غزة.
ويقمع جيش الاحتلال الإسرائيلي تلك المسيرات السلمية بعنف، ما أسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة الآلاف بجروح مختلفة. ( الأناضول)