تونس: حثت فرنسا اليوم الأربعاء تونس على تعيين رئيس جديد للوزراء وحكومة لتحل محل الحكومة التي أقالها الرئيس قيس سعيد عندما علق عمل البرلمان وتولى السلطة التنفيذية في خطوة وصفها معارضوه بالانقلاب.
وتواجه تونس أقوى اختبار حتى الآن لنظامها الديمقراطي بعد نحو عشر سنوات من الانتفاضة الشعبية التي أنهت الحكم الشمولي للبلاد. وعبرت الدول الغربية، التي سبق وأن أشادت بالانتقال السياسي في تونس، عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة.
كما حثت الولايات المتحدة سعيد على التمسك بالمبادئ الديمقراطية. ويؤكد سعيد أن خطواته تتماشى مع الدستور لكنه لم يحدد بعد خططه التالية. وقالت الرئاسة التونسية إن سعيد التقى مع قادة الأمن اليوم الأربعاء.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن وزير الخارجية جان إيف لو دريان أبلغ نظيره التونسي عثمان الجرندي بأن تعيين تونس لرئيس جديد للوزراء وحكومة على وجه السرعة أمر بالغ الأهمية.
وشملت الخطوات التي اتخذها سعيد، بدعم من الجيش، تعليق عمل البرلمان لمدة 30 يوما. واتهمه معارضوه ومنهم حزب النهضة الإسلامي، أكبر حزب في البرلمان، بالاستيلاء على السلطة.
وقال مهدي الجلاصي نقيب الصحافيين إن مراسلا أجنبيا احتجزته الشرطة لفترة وجيرة اليوم الأربعاء بينما كان يقوم بعمله في أحد أحياء العاصمة.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قالت، يوم الإثنين، إنها “تشعر بقلق بشكل خاص” من اقتحام الشرطة لمكتب قناة الجزيرة في تونس وحثت على “الاحترام التام لحرية التعبير والحقوق المدنية الأخرى”.
وجاءت الخطوات التي اتخذها الرئيس إثر احتجاجات من تونسيين ضاقوا ذرعا بالمشكلات الاقتصادية والشلل السياسي منذ انتفاضة في بلادهم كانت شرارة الربيع العربي.
وقال سعيد، الذي انتخب عام 2019 بعد أن خاض الانتخابات كمستقل، إنه تحرك لإنقاذ البلاد من الفساد ومؤامرات لزرع الفتنة.
وجاء تحركه بعد شهور من الجمود والخلافات بينه وبين رئيس الوزراء هشام المشيشي وبرلمان منقسم في الوقت الذي تنزلق فيه تونس أكثر فأكثر في أزمة اقتصادية تفاقمت بسبب واحدة من أسوأ حالات تفشي فيروس كورونا في أفريقيا.
مما قد يزيد من تعقيد الأزمة، قال القضاء إنه يجري تحقيقا مع حزب النهضة وحزب قلب تونس، ثاني أكبر حزب في البرلمان، للاشتباه في تلقيهما أموالا من الخارج خلال حملة انتخابات 2019.
وأضاف القضاء أن التحقيق بدأ قبل عشرة أيام من اتخاذ الرئيس للخطوات الأخيرة.
ونفى مسؤول كبير في حزب النهضة ارتكاب أي مخالفات. وقال رياض الشعيبي المستشار السياسي لرئيس الحزب لرويترز إن الهدف من إثارة القضية الآن هو التحريض ضد النهضة وخلق أجواء أكثر توترا.
ولم يتسن الحصول على تعليق من حزب قلب تونس.
ورغم أن حزب النهضة دعا يوم الأحد أنصاره للنزول للشوارع احتجاجا على الخطوات التي اتخذها الرئيس، فقد دعا منذ ذلك الحين للهدوء وسعى لحوار وطني للخروج من الأزمة.
ولم تكن هناك مؤشرات تذكر، اليوم الأربعاء، على أي توترات سياسية في البلاد إذ لم تخرج أي احتجاجات ولم تقع اضطرابات لكن وجودا أمنيا أكثر كثافة لوحظ في وسط العاصمة.
وظلت قوات الجيش محيطة بالبرلمان والحكومة ومحطة التلفزيون الرسمية منذ يوم الأحد.
وأمر الرئيس بالالتزام بحظر مفروض منذ فترة طويلة يمنع تجمع أكثر من ثلاثة أشخاص في الشوارع العامة لكن لم تكن هناك مؤشرات أيضا على تطبيقه إذ تحرك الناس وتجمعوا بشكل طبيعي.
كما شدد سعيد بعض القيود القائمة أصلا لمكافحة جائحة كوفيد-19 منها حظر تجول ليلي وحظر على التنقلات بين المدن.
ولم تندد منظمات المجتمع المدني، التي لعبت دورا أساسيا في المشهد السياسي منذ ثورة 2011، بخطوات الرئيس لكنها دعته للإسراع بالإعلان عن خططه وإنهاء فترة الطوارئ خلال شهر.
(رويترز)