باستبعادها الخيار العسكري.. إسرائيل: نبحث عن طرق لـ “صيانة الهدوء” في غزة

حجم الخط
0

على إسرائيل أن تتطلع إلى أن يكون قطاع غزة على المدى البعيد منطقة مجردة من السلاح أمنياً، وتحكمها جهة شرعية تعترف بإسرائيل ولا تمارس العنف ضدها. في ضوء مفاهيم حماس الأساسية وموقفها من إسرائيل، واضح أن حماس لا يمكنها أن تكون شريكاً لحل سياسي، بل هي العدو الصريح لإسرائيل.
احتلال القطاع أو استقرار حماس
ثمة خياران أمام إسرائيل في مواجهة التحديات التي يمثلها قطاع غزة، وكلاهما غير جذابين: الأول، احتلال القطاع وتغيير الحكم في حملة عسكرية واسعة وعميقة، أثمانها المباشرة وغير المباشرة عالية ومنفعتها ليست واضحة، بغياب جهة ترغب وتستطيع الإمساك بدفة الحكم.
الخيار الثاني هو استقرار و”صيانة” الهدوء في إطار وقف للنار وبالتوازي مع الجهود السياسية والأمنية: الحفاظ على الردع، ومواصلة العزل السياسي لحماس ومنع جهودها لتصدير الإرهاب من القطاع وللتموضع في يهودا والسامرة، والإثقال على تعاظم قوتها، وهذا هو النهج الذي يميز السياسة الإسرائيلية. ضعف هذا الطريق ينبع من أن الهدوء الذي يعرضه سيكون دوماً مؤقتاً وهشاً. وسيسود بين جولة وجولة. سيكون التحدي تمديد مدته، وحين الصدام يجب استغلاله حتى النهاية لتعزيز الردع وإضعاف حماس وفحص إذا ما نشأت ظروف لخطوة تقربنا من الهدف الاستراتيجي الذي نتطلع إليه.
في الواقع الراهن، نجد أن التوتر الأساس الذي يتعين على إسرائيل أن تحسمه موجود في مسألة كيف يمكنها أن تضمن الهدوء وفي نفس الوقت تمنع تعاظم القوى.
هكذا نحقق هدوءاً مؤقتاً وهشاً
التسهيلات الجديدة في سياسة إسرائيل تجاه قطاع غزة ستثقل على قادة حماس حين يكون أمامهم الإغراء للدخول في مواجهة مع إسرائيل. كما أنها ستعزز في قيادة التنظيم موقف أولئك الذين يؤيدون اللجم المؤقت للأعمال ضدنا. ومع ذلك، من شأنها أن توفر للتنظيم فرصاً ومقدرات إضافية لتسريع تعاظم قوتها العسكرية، التي ستؤثر بقدر كبير على شدة وربما أيضاً على توقيت المواجهة التالية.
في ضوء ذلك، وكدرس من الأحداث القتالية، من الصواب أن يعطى وزن أكبر لمسألة تعاظم القوى في إدارة المخاطر حيال غزة. ينبغي أن يتحدد لجهاز الأمن كبح وضرب العناصر النوعية لديها كهدف مركزي لـ “المعركة التي بين المعارك” وإقامة آليات رقابة تتصدى لميل تأجيل السياقات مثل “تعاظم القوى”، التي تجري من تحت السطح برعاية الهدوء المؤدي إلى الإدمان.
في إطار ذلك، من الحيوي الإبقاء على السياسة الانتقائية في إصدار تصاريح الدخول إلى غزة للمواد الخام وللوسائل متعددة الاستخدامات والتي يمكن لحماس أن تستخدمها في جهودها للتسلح والتطور. ينبغي تبني هذا النهج كمركب أساسي في استراتيجية كبح تعاظم القوى.
بمرور أسبوع على انتهاء حملة “بزوغ الفجر”، علم يوم الأحد عن نية إسرائيل اتخاذ سلسلة من التسهيلات الجديدة في سياستها تجاه قطاع غزة، مثل توسيع التصدير من غزة والاستيراد إليها، وزيادة كمية المياه والأسمدة للزراعة التي تدخل إليه، والسماح بدخول مخارط للمصانع، وزيادة كمية تصاريح العمل في إسرائيل، وتسهيلات في مجالات أخرى.
ظاهراً، بناء أحياء جديدة في غزة لا يفترض أن يبعث قلقاً لدى جهاز الأمن، ومثله أيضاً الحلول لمشاكل الكهرباء والمياه أو الإجراءات لتحسين الزراعة. لكن السنوات التي انقضت منذ استولت حماس على الحكم في القطاع علمتنا بأن أيديها طويلة في كل شيء. يكاد لا يكون هناك شيء يدخل إلى غزة أو يخرج منها دون إرادتها، وليس هناك كالإبداعية التي تبديها في جهودها لاستخلاص المرابح من ذلك – المالية أو غيرها.
لا حاجة لأن نفسر أي استخدام يمكن لحماس أن تفعله بماكينات خراطة جديدة، وما الذي يمكن أن تنتجه من أسمدة نوعية حتى لو كتب على غلافها “للاستخدام الزراعي فقط”. فبناء أحياء جديدة في غزة قد يكون موضوعاً إنسانياً وعديم المضاعفات الأمنية فقط عندما يكون مضموناً بألا يستخدم كغطاء لإدخال معدات آلية ثقيلة ووسائل بناء مواد خام نوعية للأنفاق. وكل تلك أمور مشكوك فيها.
ليست سيناريوهات خيالية
من يعتقد أنها أنباء عابثة أو سيناريوهات خيالية فليراجع الخلاصات السنوية التي تظهر في موقع الشاباك – المخابرات. فمثلاً، يمكنه أن يقرأ في التقرير للعام 2015، سنة بعد “الجرف الصامد”: “برز هذه السنة إحباط التهرب في معبر كرم سالم، والرامي إلى التعاظم العسكري لمحافل الإرهاب في القطاع، وعلى رأسها حماس. هذه مواد ووسائل يحتاج إدخالها إلى القطاع إلى إذن خاص، فهي تستخدم ضمن أمور أخرى لإنتاج الوسائل القتالية، أو لبناء قوة حماس وتعاظم قوتها كالمحركات التي تستخدم لحفر الأنفاق والبطاريات على أنواعها وكوابل الاتصالات والصلب. في إطار الاحباطات، اعتقل نحو 70 مشاركاً، بينهم تجار، ورجال نقل وتخزين، وسائقون وموردون، ونفذ أكثر من مئة استيلاء على بضائع محظورة.
حماس لم تغير طريقها منذئذ، بل طورته منهاجياً. في الواقع الذي تحتاج فيه حماس إلى الهدوء كي تتعاظم وتعزز قواها كي تهدد إسرائيل وتمس بها، من الصواب تبني نهج حذر في كل ما يتعلق بما يزيد من قوتها.
بقلم: مئير بن شباط
معاريف 17/8/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية